لم يطرأ على الملف الحكومي أي تطور ايجابي يؤشر الى امكانية تجاوز العقبات التي برزت مؤخرا وأعاقت مسار التأليف. وتتطلع الاوساط المسؤولة الى زيارة الموفد الفرنسي مستشار الرئيس لشؤون الشرق الادنى وشمالي افريقيا باتريك دوريا الذي ينتظر ان يجري اليوم محادثات مع رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة بالاضافة لرئيس الحكومة المكلف وعدد من القيادات السياسية، وذلك لمتابعة الوضع اللبناني عن كثب لا سيما مسار تأليف الحكومة المتعثر وسبل الدفع به الى الامام من اجل حسم الملف الحكومي باسرع وقت ممكن قبل انعقاد مؤتمر دعم لبنان المنوي عقده في باريس بمبادرة من الرئيس ايمانويل ماكرون في اواخر هذا الشهر.
وقد وصل الموفد الفرنسي مساء الى بيروت واجتمع مع السفيرة الفرنسية الذي عرض معها نتائج بعض اللقاءات التي اجرتها مؤخرا ومسار تأليف الحكومة.
ومساء زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يرافقه النائب هادي ابو الحسن والوزير السابق غازي العريضي عين التينة والتقى الرئيس نبيه بري بحضور معاونه السياسي النائب علي حسن خليل.
وسيمكث الموفد الرئاسي الفرنسي في بيروت الى يوم غد الجمعة ليعود الى باريس من اجل اطلاع الرئيس ماكرون على نتائج مهمته خصوصا في شأن تأليف الحكومة.
وقبل ساعات من وصوله قال مصدر سياسي بارز لـ«الديار» ان المراوحة في عملية تأليف الحكومة لا تزال هي السائدة في ظل غياب الحلول للعقد التي تواجه التأليف.
واوضح ان هناك عقدتين اساسيتين:
1- حسم حقيبتان او ثلاث كان جرى الاتفاق على توزيعها ثم اختلف الرئيسان على كيفية اسقاط الاسماء عليها.
2- من او كيف تتم تسمية الوزراء المسيحيين لبعض الوزرارات المهمة والاساسية والحساسة مثل الداخلية والطاقة.
وتتهم مصادر في التيار الوطني الحر الرئيس الحريري بأنه يحاول التمسك بأن يكون شريكاً حاسماً في تسمية وزير الداخلية المسيحي باعتبار ان هناك علاقة مهمة بين هذه الوزارة ورئيس الحكومة وهي حقيبة حساسة يفترض ان يكون هناك تناغما بينها وبين رئاسة الوزراء.
وتشير الى ان الحريري يريد التدخل ايضا في تسمية وزراء مسيحيين لوزارات اخرى مثل وزارة الطاقة.
اما اوساط الرئيس المكلف فتلتزم الصمت وترفض التعليق على مثل هذه المعلومات، ملمحة الى الشكوى من تعامل التيار بصورة او بأخرى مع عملية التأليف وتوزيع وتسمية عدد من الوزارات وفق المنطق القديم الذي تجاوزته التطورات منذ اشهر.
وبحسب المصدر السياسي فإن الخلاف يطاول تسمية وزارة الطاقة نظرا لاهميتها ليس كونها وزارة وازنة فحسب بل لحجم المساعدات التي يفترض ان تكون من حصتها ولدورها المتعاظم في المستقبل اضافة الى ارتباط ملف الاصلاحات ومكافحة الفساد بها بشكل واضح لا سيما في ملف الكهرباء.
ويضيف المصدر ان رئيس الجمهورية يعتبر ان مرور الحكومة وكسبها ثقة المجلس يحتاج الى تأييد ودعم نيابي وبالتالي الأخذ بالاعتبار لهذا العنصر وافساح المجال للكتل المؤيدة والمشاركة فيها تسمية وزراء الاختصاص المحسوبين عليها، وانه لا يجوز تجاهل رأيها في هذا الموضوع، كما ان الرئيس عون انطلاقا من الدستور هو شريك اساسي في عملية تأليف الحكومة وحسم اختيار الاسماء.
ويشارك المصدر ما قاله نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي امس بأن هناك اتفاقاً ما زال ساري المفعول حتى الآن على عدد الوزراء وهو 18 وزيرا وكذلك على توزيع الحقائب على الطوائف، وهذا ما يبقي الباب مفتوحا، اما احراز التقدم وتجاوز العثرات التي تواجه ولادة الحكومة اذا ما تعزز الحوار وتحسنت النوايا، بالاضافة الى دور الموفد الفرنسي الذي يعول عليه في حلحلة الامور.
وقبل ساعات من وصوله قال مصدر مطلع وعلى تماس مباشر مع المبادرة الفرنسية لـ«الديار» امس ان الموفد الرئاسي الفرنسي له دور مهم في المبادرة وتفاصيلها لانه متابع لها ولكل جوانبها بما فيها موضوع الملف الحكومي.
واضاف ان زيارته اليوم للبنان ليست مجرد اطلالة عادية لتسجيل حضور المبادرة الفرنسية بل لتأكيد استمرارها وحيويتها رغم الظروف الاخيرة اكان في فرنسا او في لبنان. وبالتالي فإن ايفاد الرئيس ماكرون له في هذا الوقت بالذات هو اولا يعكس رغبته في التأكيد على استمرار المضي بالمبادرة الفرنسية تجاه لبنان من جهة وحث المسؤولين اللبنانيين على الاسراع في تأليف الحكومة والعمل في الوقت نفسه ومساعدتهم في لملمة الوضع اللبناني والتفاهم وتوحيد مواقفهم لا سيما للاسراع في تأليف حكومة تنجز الاصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار وخلق المناخ الملائم لتأمين الدعم والمساعدات للبنان.
وحول النتائج المرتقبة للزيارة قال المصدر «ننتظر ما سيفعله الموفد الرئاسي وما سيكون عليه الوضع على ضوء سلسلة اللقاءات التي سيجريها في الساعات المقبلة. علينا ألا نبالغ بالتوقعات او نقلل من اهمية هذه الزيارة. لكن المؤكد ان وجوده في لبنان هو امر ايجابي ومساعد بحد ذاته في العمل على حلحلة الوضع والدفع باتجاه تحقيق التقدم في الملف الحكومي لانجازه سريعا».
مفاوضات ترسيم الحدود
على صعيد آخر لم تحرز المفاوضات غير المباشرة حول ترسيم الحدود البحرية التي عقدت جولتها الرابعة امس بين الوفدين اللبناني والاسرائيلي في الناقورة برعاية الامم المتحدة ووساطة الادارة الاميركية اي تقدم. وتقرر عقد الجولة الخامسة في 2 كانون الاول المقبل.
وقال مصدر مطلع ان مسار هذه المفاوضات صعب ومعقد للغاية ولا يؤشر الى نتائج ملموسة حتى الآن بسبب مناورة الوفد الاسرائيلي في مواجهة ثبات الموقف اللبناني.
واشار في هذا المجال ان الوفد اللبناني جدد موقفه بالتمسك وعدم التنازل عن اي مطلب سبق واكد عليه في الجولات الماضية اكان لجهة مساحة الـ2290 كلم2 ام لجهة نقطة الانطلاق بترسيم الحدود، بينما يحاول الوفد الاسرائيلي المناورة والمماطلة على اساس ان المفاوضات انطلقت من مساحة الـ860 كلم2 وانه غير مخول في البحث بمساحة اخرى.
وقال المصدر ايضا ان الوفد اللبناني عرض مزيدا من الوثائق والاتفاقات والقوانين الدولية وقانون البحار لتعزيز موقفه بينما لم يعط الوفد الاسرائيلي شيئا بالنسبة لمطالب لبنان.
وحرصت الخارجية الاميركية على اصدار بيان مع المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش ذكرت فيه ان الوفدان اللبناني والاسرائيلي اجريا «محادثات مثمرة حول ترسيم الحدود البحرية بواسطة الولايات المتحدة واستضافة مكتب المنسق الخاص للامم المتحدة لشؤون لبنان. وما زلنا نأمل ان تؤدي هذه المفاوضات الى حل طال انتظاره».
كورونا والاجراءات الجديدة
من جهة اخرى تواصلت الاستعدادات للبدء بتنفيذ القرارات والاجراءات الجديدة التي اقرها مجلس الدفاع الاعلى اول امس والتي يبدأ تنفيذها بعد غد السبت بالاقفال العام مع استثناءات واسعة تشمل المطار والمرافىء وعمل المصانع الجزئي وعدد من الشركات والقطاعات بما فيها القطاع المصرفي.
وترأس رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب امس اجتماعا امنيا موسعا جرى فيه البحث في كيفية تطبيق قرار الاقفال والتشدد في الاجراءات وحسن سيرها. وناقش المجتمعون تقديم اقتراح قانون يرمي الى تشديد العقوبة على غير الملتزمين بوضع الكمامة واعتبارها جنحة تدون في السجل العدلي.
وقال وزير الصحة حمد حسن خلال استقبال طائرتين قطريتين تحملان مستشفيين ميدانيين مع 500 سرير لكل منهما لمعالجة مصابي كورونا: نعمل على تأمين أسرة عناية فائقة اضافية، ونأمل تعامل الشعب اللبناني في المرحلة الراهنة بمسؤولية. ويبقى السلوك والالتزام بالاجراءات هو الاساس ونعول على مجتمعنا. وسنرفع جهوزية المستشفيات، وهناك خطوات مسؤولة مطلوبة من المستشفيات الخاصة.
ومن المقرر وضع المستشفيين الميدانيين القطريين في طرابلس وصور.
واعلن السفير القطري عن طائرتين اخريين ستصلان اليوم تحملان معدات طبية.
وكان وزير الداخلية محمد فهمي قال ان الوزارة ستتشدد قدر الامكان في تطبيق قرار مجلس الدفاع الاعلى، لكن ما لم يحصل تعاون على الارض بين الدولة والمواطن فان نسبة تطبيقه ربما لن تتعدى الـ70 بالمئة.
واعلنت وزارة الصحة امس تسجيل 1922 اصابة كورونا ووفاة 14 ما رفع العدد التراكمي للاصابات منذ 12 شباط الماضي الى 98829.