لم تحمل أخبار باريس أمس ما يُثلج الصدور حول موضوع التأليف الحكومي والخطوات التي يمكن الادارة الفرنسية ان تتخذها في شأن مبادرتها لحل الازمة اللبنانية، فاتّضَح انّ الاجتماعات الفرنسية والاميركية التي شهدها قصر الاليزيه، تأسيساً على ما عاد به الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل من زيارته لبيروت، لم تتخذ أي خطوات عملية، بل أصدرت الخارجية الاميركية بياناً قالت فيه انّ الوزير مايك بومبيو بحث مع المسؤولين الفرنسيين في ما سمّاه “تأثير حزب الله ”الخبيث” في لبنان، والجهود التي تقوم بها واشنطن في اتجاه تشكيل حكومة استقرار وإصلاحات في لبنان”. وفيما لم يصدر أيّ بيان فرنسي يتضمن موقفاً سلبياً من “حزب الله”، أشارت فرنسا إلى أنها وافقت على استقبال بومبيو بِطَلب منه “وفي شفافية كاملة مع فريق الرئيس (الأميركي) المنتخب جو بايدن”، في وقت تدعو الحكومة الفرنسية إلى إعادة بناء العلاقة عبر ضفّتَي الأطلسي في مناسبة تبديل الإدارة الأميركية. وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي لوكالة “فرانس برس”: “كان من الطبيعي ومن اللائق تجاه المؤسسات الأميركية، أن يتم استقباله”، لأنّ ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب تستمر حتى 20 كانون الثاني المقبل.
في باريس عقد اللقاء المنتظر بين وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو ونظيره الفرنسي جان ايف لودريان للمرة الاولى في إحدى قاعات القصر الرئاسي في الإليزيه، قبل ان ينتقلا معاً الى مكتب رئيس الجمهورية ايمانويل ماكرون حيث التقاهما وجرى عرض لمُجمل التطورات المتصلة بالأزمات الدولية في مختلف القارات، ولا سيما منها الوضع في لبنان في ضوء زيارة موفد ماكرون لبيروت باتريك دوريل العائد توّاً الى العاصمة الفرنسية، والذي شارك في اجتماع خلية الازمة قبَيل وصول الضيف الاميركي الى الاليزيه.
الخارجية الاميركية
وفي معلومات رسمية وزّعتها الخارجية الاميركية، قالت انّ بومبيو بحث مع نظيره الفرنسي في “تأثير حزب الله “الخبيث” في لبنان، والجهود التي تقوم بها واشنطن في اتجاه تشكيل حكومة استقرار وإصلاحات في لبنان”.
وشدّد الطرفان على “أهمية التحالف عبر الأطلسي”، وأكدا “هدفهما المشترك في وحدة الناتو”. كذلك شدّدا على أهمية المصالحة السياسية في ليبيا ضمن إطار عملية سياسية بقيادة الأمم المتحدة. وناقش بومبيو “التحالف القوي في مواجهة النشاط الخبيث للحزب الشيوعي الصيني في أوروبا وانتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانغ”. وشدّد بومبيو ولودريان على “جهودهما المشتركة في مجال الديموقراطية والأمن والازدهار في منطقة الساحل”.
لقاء سري
وبعد أسبوعٍ على آخر اجتماع مُعلن عنه بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري الاثنين الماضي، كشفت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ لقاء جديداً جمعهما بعد ظهر امس في قصر بعبدا بقيَ بعيداً من الاعلام، على رغم نفي دوائر بعبدا والصمت المطبق في “بيت الوسط”.
وافادت معلومات انّ اللقاء لم يقدّم أو يؤخّر في مجرى عملية التأليف التي بقيت تحت تأثير الشروط والشروط المضادة، وأنه على رغم من حجم الضغوط الخارجية، ولا سيما منها الفرنسية، فإنّ أيّاً من المعنيين لم يَحِد عن تصلبه قيد أنملة لا على مستوى توزيع الحقائب ولا على مستوى الاسماء.
وفي هذا السياق دعا المكتب السياسي لحركة “أمل”، إلى “الإسراع في تأليف الحكومة وعدم الوقوف أمام الحسابات الضيقة التي تؤدي إلى مزيد من التأخير وتنعكس مزيداً من فقدان الثقة في المستقبل، وإطلاق تصحيح المسار المتدهور اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، والتزام مضمون الورقة الإصلاحية التي عبّرت عنها المبادرة الفرنسية”. وشدّد، في بيان إثر اجتماعه الدوري، على “أهمية الأخذ بما أقرّ في موازنة عام 2020 لجهة تفعيل دور ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي والنيابات العامة، وحقّها ومسؤوليتها في التدقيق في كلّ أدوار الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة وإنفاقها المالي، وإجراء تدقيق شفاف ومسؤول وتحديد الثغرات وإصدار الإتهامات والإحالة إلى القضاء المختص، والذي عليه أن يثبت للناس مصداقيته واستقلاليته بعيداً من أي خوف أو مراعاة”.
باسيل
وأعلن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، في مقابلة مُتلفزة، أنه يترك “الحياة السياسية إذا ثبتت عليّ أي تهمة فساد، فدولة كبيرة مثل أميركا تُمسك بكل حوالة مال في العالم، ألا تستطيع أن تكشف كل شيء؟”. وأشار إلى أنه “أوّل من كشف حساباته إلى الرأي العام اللبناني”.
وتابع: “أقول للأميركي بصوت عال: أعطني ما يحفظ أمن لبنان واستقراره وقوته وعدم الاعتداء عليه، فأذهب “على رأس السطح وليس عالسكت” وأقول لـ”حزب الله” بالمباشر معه، ثم أخبر اللبنانيين انّ ثمن قطع العلاقة هذا ما يأتي به للبنان: إلتزام أميركي ودولي بتقوية لبنان وإعادة أرضه وإعادة النازحين، وأن تصبح لدينا دولة قادرة بالتوازن العسكري الاستراتيجي على ان تواجه، فهذا أمر أضعه على طاولة التفاوض “مع حزب الله” والداخل اللبناني… وأيّ برنامج فعلي، وليس فقط وعوداً، هو أمر يطرح”.
وعن قول السفيرة الاميركية انّ النائب باسيل وعد بفك التحالف مع ”حزب الله” بشروط، رأى “انها محاولة فاشلة لدق إسفين… واذا اردنا فك التحالف نفعل ذلك بإرادتنا ووفق المصلحة اللبنانية، وليس بإرادة خارجية تكون نتيجتها العبث بالسلم الاهلي”.
أمّا عن الملف الحكومي، فقال باسيل: “إنّ اتهامنا بعرقلة الحكومة نغمة قديمة، واكرر أننا حتى اللحظة لم نطلب إلّا المعيار الواحد ولم نطرح أي مطلب أو شرط. إنّ سبب عدم تأليف الحكومة حتى الآن هو الوعود المُعطاة للداخل غير المتناسبة مع الوعود المعطاة للخارج، وعند جمعهما بهذا الشكل لا يركب “البازل”.
لقاء وهبة وشيا
الى ذلك، وكما كان مقرراً، عقد لقاء أمس بين وزير الخارجية شربل وهبه والسفيرة الاميركية دوروثي شيا في مكتبه في وسط بيروت، وأدرَجَته وزارة الخارجية أمس في إطار اللقاءات الدورية التي يعقدها وهبة مع السفراء المعتمدين، وتم البحث في العلاقات الثنائية وتعزيزها. وأكدت شيا دعم بلادها وتأييدها للبنان في مجالات عدة، بالاضافة الى مسألة المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية وموضوع عودة النازحين السوريين الى بلادهم ومرحلة الانتقال من الادارة الحالية الى الادارة الجديدة في الولايات المتحدة.
وقالت المعلومات الرسمية “انّ الجانبين استعرضا الازمات الاقليمية، ولا سيما منها ما يحصل في ناغورني كاراباخ وفي الصحراء الغربية أخيراً، بالاضافة الى ما اتخذته الادارة الاميركية من إجراءات بحقّ بعض اللبنانيين، ومن بينهم نواب ووزراء سابقون ورئيس كتلة نيابية وازنة”.
وقد تمنّى وهبة “ان تتمكن السلطات اللبنانية والقضائية من الوصول الى اي معلومات او مستندات ارتكزت عليها الادارة الاميركية في اتخاذها لتلك الاجراءات، وذلك في إطار الاصلاحات التى وعدت بها وتعزيزاً للشفافية في العمل العام”.
سلس وإيجابي
وعلمت “الجمهورية” انّ اجواء من التعاون سادت اللقاء الذي وصفته مصادر مطلعة بأنه “كان سلساً وايجابياً ولطيفاً”، عَبّرت خلاله السفيرة الاميركية عن ثوابت بلادها تجاه ما يجري في لبنان، وانّ اي تبديل في الادارة الاميركية، اذا وصلَ بايدن الى البيت الابيض، لن يغيّر في الثوابت الاميركية تجاه الوضع في لبنان، وخصوصاً لجهة الدعم الذي تقدمه للجيش اللبناني وتجاه وحدة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله”.
وقالت المصادر “انّ السفيرة شيا، وبعدما أجرت ووهبة استعراضاً لجديد الازمات في المنطقة وتقويماً لتطوراتها، عبّرت عن ارتياح بلادها الى سَير المفاوضات الجارية في الناقورة من أجل ترسيم الحدود البحرية، ونَوّهت بجدية المفاوضين اللبنانيين والإسرائيليين، ووعدت الوزير وهبة بنقل طلبه الحصول على الملفات والوثائق التي تدين مَن طاوَلتهم العقوبات من الوزراء السابقين الثلاثة الى إدارتها في واشنطن ضماناً للشفافية التي تحرص الادارة الاميركية عليها”. ورَدّ وهبه مؤكداً “رغبة لبنان في اعتماد هذه الوثائق متى توافرت في محاسبة المخالفين امام القضاء اللبناني. ولذلك أصرّ على الحصول على هذه المعلومات من الادارة الاميركية المعنية تسليم هذه الوثائق الى القضاء اللبناني، إن كان هناك من إشكال يحول دون تسليمها الى وزارة الخارجية أو اي مرجع اداري او سياسي لبناني”.
التعزية بالمعلّم
من جهة ثانية، أوفد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة في حكومة تصريف الاعمال رمزي مشرفية، ممثّلاً عنه في مراسم تشييع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السوري وليد المعلّم، الذي وافَته المنية فجر أمس. وأبرقَ الى الرئيس السوري بشار الأسد معزّياً برئيس الديبلوماسية السورية، ومنوّهاً بالدور “الذي أدّاه في مسيرته داخل سوريا وخارجها”، متمنياً ”عودة السلام الى سوريا لينعم الشعب السوري الشقيق مجدداً بالازدهار الذي يستحقه”.
وقدّم مشرفية، خلال مراسم تشييع المعلّم، واجب التعزية إلى الأسد ممثّلاً بوزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزّام، وعدد من المسؤولين السوريين. وشكر عزّام، بإسم الأسد، لعون مشاركته ممثلاً بمشرفية في مراسم التشييع.
بري
من جهته، أبرقَ بري الى كلّ من الأسد ورئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس، معزّياً بالمعلّم، معتبراً أنّ “الموت غَيّب صوتاً عربياً ما نَطق إلّا للحق، وأوقَفَ قلباً ما نَبضَ إلّا للعرب والعروبة حتى الرمق الأخير”. وكان بري قد زار المجلس الدستوري، وقدّم التصريح عن الذمة المالية الى رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب، وذلك عملاً بقانون “الاثراء غير المشروع”.
منظمة حقوق الانسان
وعلى صعيد التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي حصل في 4 آب الماضي، أصدرت المنظمة العالمية لحقوق الانسان والحركة القانونية العالمية تقريراً، في وقت سيعقد مجلس الامن جلسة للبحث في أوضاع لبنان وتركيا. وأكدت المنظمة “ضرورة تشكيل لجنة مهمة مستقلة لتقصّي الحقائق فوراً، للتحقيق في أسس وأسباب الانفجار الهائل الذي حصل في بيروت، والذي أدى الى مقتل أكثر من 200 شخص وجرح 7 آلاف”.
وقالت المديرة القانونية التنفيذية في المنظمة انطونيا مولفاي: “لا يمكن تحقيق العدالة اذا بقي التحقيق في أيدي السلطات اللبنانية”. ورأت أنّه “لا يوجد أي سبب لأن يثق الضحايا وعائلاتهم في نظام تَشوبه العيوب، كما تَصفه الأمم المتحدة”.
نهاية لبنان
وعلى الصعيدين المالي والاقتصادي، كان لافتاً أمس قول وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني انّ “تأجيل الإصلاحات قد يعني نهاية لبنان”، محمّلاً الطبقة السياسية مسؤولية ما يجري.
وقال وزني لصحيفة “ذا ناشونال”: “إنّ اتِّباع سياسة البطء هذه تعني الموت للشعب اللبناني. ستكون حتماً النهاية”. وأكّد انه يؤيّد مبادرة الرئيس الفرنسي “الذي تَعهّد بتقديم دعم مالي دولي للبنان مقابل إصلاحات تكافح الفساد. ولكن يبقى على السياسيين تنفيذها بكاملها”. وأوضح أنّ استقالة الحكومة علّقت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة اقتصادية إنقاذية، غير أنّ “الاتصالات” مستمرة. وأضاف: “تم دفع أكثر من نصف اللبنانيين نحو الفقر، وأصبح 40 في المئة منهم عاطلين عن العمل. ويتوقّع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 25 في المئة هذه السنة”.
ورداً على سؤال، قال وزني: “أولاً، يجب ألّا ننسى أننا نمر في أزمة مصرفية وأنّ الناس لا يستطيعون استرداد ودائعهم. من المهم جداً أن نعرف أين ذهبت الأموال. ثانياً، سيكشف التدقيق الخسائر الحقيقية للبنك المركزي والقطاع المصرفي، كما أنّ تحديد حجم هذه الخسائر سيسمح عندها لصانعي القرار اتخاذ القرارات المناسبة في شأنها”.
وأقرّ وزني بأنّ “الثقة فُقدت في القطاع المصرفي. وهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في تاريخ لبنان. علينا أن نتذكر أنه حتى خلال الحرب الأهلية التي امتدت من العام 1975 حتى العام 1990، استمرت المصارف في العمل طبيعياً. أمّا اليوم، فلا يمكن للمودعين سحب أموالهم وتم تعليق المعاملات المالية الى الخارج. لذلك، انّ القطاع بكامله مشلول”.
كورونا
وعلى صعيد كورونا، أعلنت وزارة الصحّة العامّة في تقريرها اليومي أمس تسجيل 1016 إصابة جديدة (1006 محلية و10 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 106446. ولفتت الوزارة إلى تسجيل “10 حالات وفاة جديدة.