اسئلة عديدة باتت حول مسار الوضع اللبناني ومصير الحكومة في ظل التطورات التي سجلت وتسجل مؤخرا واستمرار اقفال منافذ المعالجات والحلول للازمات القائمة؟ ولعلّ ابرز هذه الاسئلة المطروحة:
– هل ستشكل الحكومة قريبا ام ان التجاذبات الداخلية والمداخلات الخارجية ستؤدي الى اطالة فترة الانتظار ربما الى مطلع العام المقبل؟
– ما هو مصير المبادرة الفرنسية؟
– كيف سيتمكن لبنان من الصمود في ظل استمرار الانهيار الاقتصادي والمالي الذي اخذ يطيح بمقومات البلد؟
المعلومات المتوافرة للديار في الساعات الماضية تؤكد ان لا شيء استجد على الوضع الحكومي المحاصر في دائرة الخلافات المستمرة، لا بل ان الاجتماع الاخير بين الرئيسين عون والحريري لم يكن مشجعا واظهر مزيدا من الخلاف حول مقاربة توزيع الحقائب واختيار الاسماء.
وتقول المعلومات وفق اكثر من مصدر ان الاجتماع المذكور لم يحرز اي تقدم او تغيير او خرق في جدار المراوحة والجمود الحاصلين.
وقال احد زوار بعبدا للـ”الديار” امس انه لمس خلال لقائه رئيس الجمهورية لا شيء جديدا على الوضع الحكومي، وانه ربما الاتفاق الوحيد القائم او الباقي هو اعتماد صيغة الـ18 وزيرا حتى الآن على عكس ما ردده البعض بان رئيس الجمهورية تراجع عن هذا الموضوع وعاد للتمسك بصيغة العشرين.
واضاف لكن هذا الاتفاق الساري المفعول حتى اشعار آخر يبقى محدودا في ظل استمرار الخلافات بين الرئيسين حول الاسماء وايضا بشكل او بآخر حول توزيع عدد من الحقائب.
وردا على سؤال قال المصدر ان المعلومات والاجواء التي لديه بعد زيارة بعبدا لا تفيد الى ان الحريري طرح لعون في لقائهما الاخير التشكيلة الحكومية الكاملة او 16 اسما من اصل 18، مشيرا الى انه جرى بين الرجلين كما في الاجتماعات السابقة التداول في عدد من الاسماء لعدد من الحقائب وبقيت وجهات النظر مختلفة بينهما.
واعرب المصدر عن اعتقاده بأن محاولات ستجري في الايام المقبلة من قبل غير طرف لا سيما من الرئيس بري للسعي الى حلحلة الوضع، لافتا الى ما نقل من اجواء في اليومين الماضيين عن استياء وانزعاج شديدين في عين التينة مما الت اليه الامور في الشأن الحكومي والى بيان حركة امل العالي اللهجة الذي دعا الى التأليف سريعا والاقلاع عن الحسابات الضيقة.
لكنه اضاف بأن ما جرى في الاجتماع الاخير بين عون والحريري يعكس الهوة والتباين في المواقف حول مقاربة توزيع الحقائب واختيار الاسماء بين الرجلين ويعطي انطباعا بان هناك حاجة ملحة وسريعة لكي يتقدم كل طرف بخطوة الى الامام لتضييق شقة الخلاف والتوصل الى تفاهم حول التشكيلة الحكومية.
ووفقا للمعلومات المتوافرة للديار فان الرئيس الحريري ظهر متمسكا اكثر باختيار اسماء وزراء مسيحيين لبعض الحقائب لا سيما الطاقة بعد تشدد رئيس التيار واصراره على تسمية احد مستشاريه.
وفي المقابل يصر رئيس الجمهورية على ممارسة دوره كشريك في تشكيل الحكومة وبالتالي الاتفاق على الاسماء ليس المسيحية فحسب بل ايضا اسماء اخرى.
وتفيد المعلومات ايضا انه بعد الاتصال الذي جرى بين باسيل والحريري بوساطة الموفد الفرنسي مؤخرا خلال لقائه برئيس التيار الوطني الحر عادت تطرح فكرة العمل لترتيب لقاء بين الرجلين كعنصر مهم للدفع في عملية تأليف الحكومة خصوصا ان اتصالهما يشكل بطريقة او باخرى نوعا من كسر الجليد في جدار القطيعة بينهما.
وتضيف ان مثل هذه المحاولة دونها صعوبات حتى الآن منها العوامل الداخلية والخارجية الضاغطة التي تجعل الحريري يتجنب هذا الخيار خصوصا بعد العقوبات الاميركية على باسيل لا سيما انه يأخذ بعين الاعتبار الموقف الاميركي في موضوع الحكومة على ضوء بيانات الخارجية وتصريحات السفيرة الاميركية المتشددة.
لذلك ترى المصادر ان التوجه الثاني لحلحلة الموقف هو تحسين اجواء التفاوض بين عون والحريري من خلال التدخلات التي ترتكز على تضييق الفجوة بينهما وتخفيف الشروط والشروط المضادة.
وتؤكد مصادر قريبة من الرئيس الحريري ان لا يجري اجتماعات او لقاءات مع الاطراف والاحزاب في شأن تأليف الحكومة وانه يتابع ويتشاور حول هذا الموضوع مع رئيس الجمهورية.
وردا على سؤال جددت المصادر قولها ان الحريري ليس في صدد الاعتذار وانه ماض في سعيه لتأليف الحكومة بأسرع وقت، مؤكدة على تشكيل حكومة اختصاصين غير حزبيين لانقاذ البلد تنسجم مع المبادرة الفرنسية وتحقق الاصلاحات المنشودة لتأمين الدعم والمساعدات اللازمة للبنان.
ويشار في هذا السياق الى ما تردد امس ان النائب اغوب بقرادونيان لفت خلال زيارته للرئيس عون امس الى ان الحريري لا يجتمع به او لم يبحث معه حول الموضوع الحكومي لا من قريب او من بعيد مع العلم ان كتلة الطاشناق شاركت في تسميته.
مصير المبادرة الفرنسية
السؤال الثاني المطروح في ظل انسداد افق تأليف الحكومة حتى الآن ماذا اذا انتهت المهلة الفرنسية الجديدة لأخر الشهر الجاري من دون حكومة جديدة وما هو مصير مبادرة الرئيس ماكرون؟
يقول مصدر مطلع على الموقف الفرنسي للديار ان باريس لم تعط اية اشارة خلال زيارة الموفد الرئاسي باتريك دوريل عما ستفعله بعد انقضاء هذه المهلة الا ان الاعتقاد السائد والمرجح ان لا يتخلى الرئيس الفرنسي عن مبادرته ولن ينعيها لكنه قد يلجأ الى تعديل او تغيير في الاسلوب لممارسة المزيد من الضغط على الاطراف اللبنانيين من اجل دفعهم باتجاه تأليف حكومة الانقاذ.
ويضيف المصدر ان ليس في حسابات باريس تنفيذ عقوبات مماثلة او شبيهة بالعقوبات الاميركية على شخصيات او هيئات لبنانية لكنها تملك القدرة والاوراق الضاغطة الاخرى التي ربما تؤدي غرض مبادرتها، مع العلم ان المسؤولين الفرنسيين يحذرون من استهلاك المزيد من الوقت وتأثير ذلك ليس على مسألة المساعدات فحسب بل على الوضع اللبناني، ويعتبرون ان مفتاح الحلول يبدأ بحكومة انقاذية تنفذ الاصلاحات المطلوبة.
ويعكس المنسق الخاص للامين العام للامم المتحدة في لبنان يان كوبيش موقفا مماثلا ردده امام عدد من المسؤولين والسياسيين اللبنانيين مؤخرا واخرهم امس رئيس لجنة الشؤون الخارجية النيابية ياسين جابر حيث شدد وحذر من عدم تشكيل حكومة جديدة باسرع وقت، معربا عن مخاوفه من استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والمالي وانعكاساته على اللبنانيين.
جابر لـ” الديار”
وسألت الديار النائب جابر عن اجواء اللقاء فقال ان موقف ممثل الامين العام للامم المتحدة يندرج في اطار العديد من المواقف الخارجية والداخلية المطالبة والملحة على تأليف الحكومة اليوم قبل الغد.
وردا على سؤال اخر قال “حسب المعلومات التي لدينا فان عملية التأليف ما زالت تراوح مكانها، وانه لم يحصل التحريك المطلوب للدفع باتجاه ولادة الحكومة، علما ان المطلوب ان يتقدم الاطراف بخطوات متقدمة متبادلة للخروج من المراوحة القائمة”.
وقال ” تبقى الاولوية لتشكيل الحكومة الجديدة باسرع وقت وتجاوز الحسابات الضيقة”، مشيرا الى ان المطلوب ايضا ان تتصدى حكومة تصريف الاعمال وفق نطاق عملها وصلاحياتها لمخاطر وتداعيات التدهور الحاصل ومنها اعادة جدولة الدين الداخلي وتخفيض فوائد السندات المرتفعة بسرعة نظرا للتداعيات السلبية الناجمة عن هذه المسألة وهذا امر مهم جدا.
ورأى ان لاشيء يمنع في ان تبدأ وزارة المال بتحضير الموازنة كموازنة طارئة وضرورية اذا ما طالت الازمة الحكومية، مشيرا الى حصول سابقة في هذا المجال.
وجدد الدعوة الى استدراك موضوع الدعم العشوائي الذي يستفيد منه بعض التجار على حساب المواطنين لا سيما اصحاب المداخيل المحدودة والفقراء، مطالبا بترشيد الدعم بطريقة صحيحة تؤدي الى نتائج ايجابية لصالح اللبنانيي عموما وغير الميسورين خصوصا وتخفف من الاعباء واستنزاف الاحتياط والخزينة.
تداعيات كورونا
على صعيد اخر واصلت قوى الامن الداخلي والجهات المختصة قمع وتنظيم محاضر ضبط بحق المخالفين لقرار الاقفال المعمول به متخذة اجراءات مشددة لتطبيق هذا القرار لكن الاصابات المرتفعة بالكورونا التي سجلت امس والتي فاقت الالفي اصابة (2084 اصابة و13 وفاة حسب وزارة الصحة) لا تؤشر حتى الآن الى احراز النتائج المتوخاة من القرار على صعيد تخفيض رقم الاصابات، مع العلم ان وزير الصحة حمد حسن كان اعلن انه لا يمكن الحكم او تقويم النتائج قبل بعد غد الجمعة.
وسجل عموما تطبيق قرار الاقفال بنسبة 70 بالمئة بشكل متفاوت بين المناطق.
واعلن حسن امس عن اتفاق جديد مع المستشفيات الخاصة يقضي بزيادة تعرفة المستشفيات لمستلزمات معالجة كورونا على ان تستقبل المستشفيات الخاصة مرضى كورونا وتؤمن تقديم افضل خدمات العلاج لهم، وفي المقابل تتخذ وزارة الصحة كافة القرارات القانونية بحق اي مستشفى يخل بهذا الاتفاق.
من جهة اخرى قررت رئاسة الجمهورية الغاء جميع المناسبات الوطنية المتعلقة بذكرى الاستقلال، والاكتفاء بوضع اكاليل من الزهر على اضرحة رجالات الاستقلال باسم “الجمهورية اللبنانية” نظرا للظروف الصحية الراهنة في البلاد واستنادا الى قرار الاقفال العام بسبب كورونا.