دخل تكليف الرئيس سعد الحريري يومه الحادي والأربعين، ولا مؤشرات الى تَمكّن الحكومة الموعودة من سلوك طريق التفاهم عليها بينه وبين الشريك في تأليفها رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون.
وفي ظلّ هذا الجو، دخل لبنان في شهر كانون الأول، وهو كما هو معلوم شهر يغلب عليه طابع العطلة والأعياد، التي ضاعت أصلاً في المعاناة التي يكابدها اللبنانيون، الذين صاروا محرومين حتى من الشعور ببهجة العيد، فهل تحصل معجزة تقود الرئيسين عون والحريري الى جادة التفاهم، فيفرجان عن الحكومة، ويقدّمانها كهدية تزرع لدى اللبنانيين بعضاً من الأمل بقلب صفحة المعاناة وفتح صفحة الإنقاذ الموعود؟
خيبة وإحباط وأيام صعبة
حتى الآن، لا توضيحات من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف حول المانع الحقيقي لتفاهمهما، وحول ما يوجِب استمرار التخبّط في الملف الحكومي، الذي بات يمثّل مصدر خيبة في كل الدوائر الدولية المهتمة بلبنان، والفرنسية منها على وجه الخصوص، ومصدر إحباط كلّي لجميع اللبنانيين الذين بات يجمعهم أمر وحيد، هو الخوف من أيام صعبة مُقبلين عليها، تمهّد لها سياسة صمّ الآذان المتّبعة على حلبة التأليف، عن تحذيرات خبراء الاقتصاد والمال من الداخل والخارج بأنّ باب النهاية الكارثية يوشِك أن يفتح على مصراعيه، ويُفقد لبنان واللبنانيين حتى قدرة الانحناء أمام نسمات هوائية، فكيف اذا كانت رياحاً وعواصف هوجاء تهبّ عليهم؟!
وما عدا لقاءات متتالية بين شريكي التأليف، أصابت اللبنانيين بملل من دورانها حول نفسها بلا أي طائل، لم يقدّم المعنيون بهذا الملف عنصراً مقنعاً او سبباً موجباً وموضوعياً، يبرّر هذا العبث الذي يُقارَب فيه تأليف الحكومة منذ تكليف الحريري تشكيلها في 22 تشرين الاول الماضي، او يعكس امتلاك هؤلاء المعنيين إرادة مشتركة للنظر إلى احتضار البلد أو للإصغاء إلى صرخات الجائعين، أو للاستفادة من فرصة الإنقاذ التي أتاحتها المبادرة الفرنسية، وتحصين البلد بما يجعله قادراً على امتصاص الصدمات أيّاً كان حجمها وايّاً كان مصدرها، بعيداً من الشعارات الشعبوية والألاعيب الصبيانيّة التي أغرقت البلد، على كلّ تفصيل مهمّاً كان أو تافهاً. وأيضا بعيداً من أيّ مقامرة تدفع بتأليف الحكومة الإنقاذية من تأجيل الى تأجيل!
الشريكان: لا تراجع!
صورة التأليف جامدة هنا، والمتحرّك فقط هو أجواء التشنّج الممتدة من القصر الجمهوري الى “بيت الوسط”، بالتوازي مع احتقان متورّم بين تيار “المستقبل” و”التيار الوطني الحر”. وتسريبات من هنا وهناك بأنّ لا مجال لتراجع أيّ من شريكي التأليف أمام الآخر حول أيّ تفصيل مرتبط بالحكومة الجديدة، فلكل منهما معاييره، التي يبدو أنّها صاغت لدى كلّ منهما ثابتة مفادها “أنّ التراجع والتسليم بمنطق الآخر، معناه الانتحار أو الغاء الذات”!
وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ هذا الإنسداد، بات مسلّماً به لدى غالبية القوى السياسية بانّه محكم الإقفال بعقليتين متصادمتين على حلبة التأليف، ليس ما يجمع بينهما حتى الآن، وذهبتا الى الحدّ الأقصى في تصلّبهما وباتتا أسيرتين له. وعلى ما تقول مصادر سياسيّة مطّلعة على الخلفيات المانعة لتفاهم الرئيسين على الحكومة، فإنّ “العناد هو الحاكم لكلّ هذا المسار، والقشور والسطحيات هي جوهر المشكلة، ولا ترى انّ البلد على وشك أن يفلت من ايدي الجميع. ومع الأسف، كل ذلك يدفع لبنان الى الدخول في حال فراغ وشلل في السلطة الإجرائية اشهراً طويلة”.
لقاء تفاهم ام صدام؟
تبعاً لذلك، يتسارع الحديث في مختلف الاوساط السياسيّة عن استئناف وشيك لمسلسل اللقاءات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، إلاّ أنّ الاجواء السابقة للقاء المفترض بينهما في الساعات المقبلة، تنعى سلفاً امكانية تلاقيهما حول نقاط مشتركة، بل وتقدّمه كموقعة صداميّة، تُنذر بارتدادات سلبية، تفتح بدورها المشهد الحكومي على فصول جديدة من الخلاف والصراع لا يُعرف مداها.
فأوساط الطرفين متفقة على انّ الحريري سيقدّم مسودة حكومية الى الرئيس عون، وجزمت اوساط الرئيس المكلّف، انّ الثابت لدى الحريري هو الحكومة الاختصاصية اللاسياسية واللاحزبية التي يحتاجها لبنان في هذه المرحلة، لتشكّل العامل الاساس للإنقاذ، وتمتلك القدرة على استعادة الثقة الداخلية والخارجية بلبنان، وتكون قادرة بثقة على التعاون مع المجتمع الدولي، في ما يحقق مصلحة لبنان وفتح باب المساعدات الضرورية التي يحتاجها انقاذ الاقتصاد واعادة اعمار بيروت”.
في المقابل، اكّدت اوساط قريبة من رئيس الجمهورية لـ”الجمهورية”، انّ عون سيرفض اي مسودة حكومية يقدّمها الحريري من دون التشاور معه، اياً كانت الاسماء التي تتضمنها. ذلك انّ هناك معايير يُفترض ان تكون موحّدة، ويجب ان تراعى بالكامل في عملية تأليف الحكومة.
واستغربت الاوساط إمعان البعض باللجوء الى عملية تمويه حقيقة ما يجري، والهروب الى الامام، بمحاولة زجّ اسم رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل واتهامه بالتدخّل في تأليف الحكومة، لافتة الى انّ باسيل سبق ان اكّد الثقة بموقف رئيس الجمهورية وبما يقرّره، وعلى اساس ذلك يقرّر التيار المشاركة في الحكومة او عدمها. وكان المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية قد اصدر امس بياناً مقتضباً جاء فيه: “التشكيل يتمّ بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ولا دور لأي طرف ثالث فيه”.
ماذا في المسودة؟
ووسط التكتم الذي يحيط المسودة الحكومية، التي قيل إنّ الحريري قد انجز وضعها تمهيداً لتقديمها لرئيس الجمهورية، تتداول الاوساط السياسية بمعلومات غير مؤكّدة، حول انّ هذه المسودة لا تتضمن ثلثاً معطلاً لأي طرف، وهي مستندة بشكل اساسي على المسودة التي وضعت خلال تأليف حكومة مصطفى اديب قبل اعتذاره، حيث تتضمن مجموعة من الاسماء التي تتمتع باختصاصات نوعية وكفاءات مشهودة، ويفترض الحريري ان تحظى بموافقة كل الاطراف عليها.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإنّ من بين الاسماء المتداولة كلاً من: جو صدي – وزارة الطاقة ( يؤيّده الفرنسيون)، كارول خوزاني – وزارة العدل، لينن طحينة – وزارة الثقافة، سليم ميشال اده، شارل الحاج، يوسف خليل – وزارة المال، واضيف اليه اسم وائل الزين، فراس الابيض – وزارة الصحة، عباس الحلبي – وزارة التربية، العميد المتقاعد جميل الجميل – وزارة الدفاع، العميد جان سلوم او العميد نقولا الهبر – وزارة الداخلية (حتى الآن لم يبرز اي اتفاق بين عون والحريري على الاسم، فرئيس الجمهورية يرغب بإسناد الداخلية الى العميد سلوم، فيما يرغب الحريري بإسنادها الى العميد الهبر).
ايجابية .. ولكن!
على أنّ اللافت للانتباه عشية اللقاء، انّه خلافاً للاجواء السلبية الطاغية على المشهد الحكومي، أوحى الحريري بأنّ الأمور ليست سلبية.
وفي هذا الاطار، علمت “الجمهوريّة” انّ الحريري اجرى في الايام الاخيرة حركة اتصالات مكثفة مع جهات سياسية مختلفة، من بينها اتصال اجراه برئيس مجلس النواب نبيه بري، معزياً بوفاة خاله. وكان هذا الاتصال مناسبة للحديث عن ملف التأليف، حيث استفسر بري الحريري عما بلغته اتصالات التأليف، فردّ بالقول ما مفاده “انّ الامور منيحة”. وتقول مصادر المعلومات، انّ بري تمنّى له التوفيق، علماً انّ رئيس المجلس يحث على التعجيل في تشكيل الحكومة، لأنّ حالة البلد ”صارت بالويل”.
حضور فرنسي
وتأتي هذه الحركة المتصلة بالشأن الحكومي، عشية انعقاد مؤتمر الدعم الدولي والإنساني، الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم غد الاربعاء، وسط تأكيدات فرنسية بأنّ لبنان لن ينال منه دعماً مالياً، بل اقصى ما يمكن ان يحصل عليه هو تأمين بعض مستلزمات هذا الدعم على الصعيدين الدوائي والغذائي.
وفي السياق نفسه، اكّدت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية، أنّ باريس ما زالت تأمل في تحقيق خرق ايجابي على صعيد تأليف حكومة سعد الحريري في المدى المنظور، وهي في هذا السبيل بصدد تفعيل حضورها اكثر، وذلك استكمالاً لرسالة الرئيس ماكرون الى الرئيس ميشال عون قبل أيّام قليلة.
وإذ لفتت المصادر الى أنّ الإيليزيه يعبّر عن غضب شديد من المنحى التعطيلي الذي يُفتعل امام تشكيل حكومة في لبنان، بما يزيد من الوضع الصعب الذي يعانيه هذا البلد، الذي يضعه الرئيس الفرنسي في صدارة أولويّاته، وهو يتطلّع الى استجابة المسؤولين في لبنان لمضمون رسالة الرئيس ماكرون، والتعجيل في تشكيل حكومة بمهمة محدّدة بوضع لبنان على سكة الاصلاح والإنفراج وانعاش وضعه الخطير.
وعما اذا تعرّض ماكرون لخيبة جديدة من المسؤولين اللبنانيين، لفتت المصادر الديبلوماسية من باريس، الى “انّ المسؤولين في الايليزية وفي الـ” كي دورسي” مشمئزون من لعبة تضييع الوقت التي تُمارس في لبنان، ومن الطبيعي مع استمرار هذه اللعبة اللامسؤولة أن تنتقل باريس الى مرحلة اقسى توازيها”.
واشنطن: لماذا تتأخرون؟
في هذا الوقت، تحدثت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية”، عن استياء اميركي من التأخّر في تشكيل حكومة في لبنان، تبدأ في اتخاذ الخطوات الاصلاحية الضرورية والملحّة التي يطالب بها المجتمع الدولي، وهو ما جرى ابلاغه عبر القنوات الديبلوماسية الى العديد من المسؤولين والشخصيات اللبنانية، مع طرح اسئلة واستفسارات حول الاسباب التي تمنع ولادة الحكومة حتى الآن.
وقالت مصادر مطلعة على الموقف الاميركي لـ”الجمهورية”، انّ واشنطن تنظر بقلق بالغ الى الوضع في لبنان، وكانت لها رسالة واضحة عبر وزير خارجيتها مايك بومبيو، وكذلك عبر السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا، بأنّ الولايات المتحدة الاميركية تتطلع الى تشكيل حكومة لبنانية تكون ملتزمة وقادرة على تطبيق الاصلاحات لمعالجة الوضع الاقتصادي الصعب، وتلبّي متطلبات اللبنانيين وفي مقدّمها وضع حدّ للفساد المستشري، الّا انّ ذلك لم يلقَ استجابة من المسؤولين في لبنان حتى الآن، ويُخشى أن يكون ذلك مؤشراً لعدم وجود رغبة جدّية في إجراء هذه الاصلاحات.
وعمّا يقال عن انّ الولايات المتحدة تلعب دوراً معطلاً في تشكيل الحكومة، قالت المصادر المطلعة: “الولايات المتحدة تعتبر تشكيل الحكومة شأناً لبنانياً داخلياً، وترغب في أن ترى حكومة فاعلة مستقلة، تُجري اصلاحات وتكافح الفساد، والكلّ يعلمون انّ تعطيل الحكومة داخلي، ولكن ثمة اطرافاً تهرب الى الامام بإلقاء مسؤولية التعطيل على واشنطن او غيرها، لإثارة الغبار حول دورها التعطيلي”.
ورداً على سؤال عمّا اذا كانت الولايات المتحدة ستمارس ضغطاً معيناً للتعجيل في تشكيل الحكومة، قالت المصادر: “انّ واشنطن تعتبر انّ على اللبنانيين ان يشكّلوا حكومة تعبّر عن طموحات الشعب اللبناني، واجراء الاصلاحات الهيكلية التي يطالب بها اللبنانيون في انتفاضة 17 تشرين الاول من العام الماضي”.
وعمّا اذا كانت هناك دفعة جديدة من العقوبات، قالت المصادر: “انّ لدى الادارة الاميركية برنامج عقوبات واسعاً ومكتملاً، وبناء عليه فإنّ توجّه الادارة الاميركية لمحاسبة السياسيّين الفاسدين في لبنان سيستمر ولن يتوقف، والدفعة الجديدة من العقوبات قد لا يتأخّر الوقت على صدورها”.
مأزق الاحتياطي والدعم
بعدما تردّد انّ رئيس الجمهورية طلب من حاكم مصرف لبنان في خلال زيارة الأخير الى قصر بعبدا، الاستمرار في دعم المواد الاساسية، دخل امس مجلس النواب على خط الأزمة. فقد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لجان المال والموازنة، الادارة والعدل، الاقتصاد الوطني والتخطيط، الصحة العامة، العمل والشؤون الاجتماعية الى جلسة مشتركة قبل ظهر غد الاربعاء لدرس موضوع الدعم والاحتياطي الالزامي.
من خلال تسارُع التطورات، وبعدما تبيّن أنّ المجلس المركزي في مصرف لبنان يميل الى رفض المسّ بالاحتياطي الالزامي، تكشفت الحاجة الى تدخّل سياسي لمواكبة هذا الملف، خصوصاً انّ حاكم المركزي سبق وأعلن انّه لا يرغب في تحمّل مسؤولية قرار بهذه الدقة والخطورة.
وفي المعطيات، انّ دعوة بري سوف تُلزم الكتل النيابية بدراسة الموضوع، لتحديد موقفها. وستكون القوى السياسية بلا شك مُحرجة في هذا الملف، لأنّها في أي خيار ستتخذه، ستتعرّض لانتقادات ولموجة رفض. ومن المفيد التذكير انّ الخيارات المتاحة محدّدة، وكلها مريرة وموجعة، ويمكن حصرها بأربعة خيارات:
اولاً- الاستمرار في الدعم مع التوصية بتقليص لوائح المواد المدعومة.
ثانياً- خفض تدريجي للدعم من خلال تغيير نسب هذا الدعم من 1500 ليرة للدولار، الى 3900 ، في مرحلة اولى ومن ثمّ وقف الدعم.
ثالثاً- تغيير جذري في الدعم وتحويله الى دعم مباشر للمحتاجين من خلال بطاقات تموينية أو تمويلية.
رابعاً- وقف الدعم فوراً، ومنع المسّ بالاحتياطي تحت أي ظرف.
وفي المعطيات، انّ القوى السياسية لن تجرؤ ولن تُقدم على وقف الدعم نهائياً، كذلك لن تجرؤ على التشجيع على تبذير ما تبقى من ودائع، وبالتالي، هناك ترجيحات تشير الى مواقف رمادية سيتمّ اعتمادها، على طريقة “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”.
التدقيق
وفي سياق متصل، لفتت الانتباه امس، أنّ رئاسة الجمهورية احالت الى رئاسة مجلس الوزراء نصّ القرار الذي صدر عن مجلس النواب في شأن “اخضاع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة بالتوازي للتدقيق الجنائي، من دون أي عائق او تذرّع بسرية مصرفية او خلافها”.
ولوحظ في الاحالة الرئاسية، “انّ رئاسة الجمهورية طلبت المبادرة الى اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية في موضوع التدقيق المحاسبي المركّز على حسابات مصرف لبنان والجهات ذات الصلة، وفقاً لقرار مجلس الوزراء الرقم 3 تاريخ 26/3/2020. فيما لم تأتِ الاحالة على ذكر سائر الوزارات والمؤسسات والقطاعات الواردة في القرار الصادر عن مجلس النواب.
وعلمت “الجمهورية”، انّ لدى رئاسة الحكومة جملة ملاحظات على القرار في شكله ودستوريته، وقد تطلب احالته الى هيئة الاستشارات والتشريع. ولكن ما هو اهم يمكن ترجمته بالسياسة.
وفي الوقت عينه، ردّت مصادر نيابية على ملاحظات رئاسة الحكومة بالقول، انّ من صلاحية مجلس النواب اصدار قرارات تُرفع الى كل من رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة عملاً بمواد واضحة في النظام الداخلي لمجلس النواب.
ضغوط على البنك المركزي
توازياً، سجلت أمس حملة في صحف أميركية وفرنسية على مصرف لبنان، وقالت “وول ستريت جورنال” أن المسؤولين الأميركيين وغيرهم من الدبلوماسيين والمسؤولين الغربيين عن إنفاذ القانون المالي يمارسون ضغوطاً على البنك المركزي اللبناني كجزء من حملة دولية لتهميش “حزب الله” المدعوم من إيران ومواجهة الفساد وتخفيف الأزمات الإقتصادية والسياسية في لبنان.
ونقلت عن مسؤولين غربيين أن واشنطن وحلفاءها يطالبون منذ شهور بإجراء تدقيق جنائي في البنك المركزي إعتقاداً منهم أنه قد يكشف عن أدلة على غسل أموال وفساد، وروابط لكبار المسؤولين اللبنانيين بـ”حزب الله” ، بما في ذلك في البنك المركزي.
وأضافت الصحيفة الأميركية أن الضغط على البنك المركزي، بما في ذلك التهديد بفرض عقوبات محتملة، وفقاً لمسؤولين غربيين، هو خطوة نادرة تحتفظ بها الولايات المتحدة عادة لخصوم ألداء مثل كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا.
وقالت إن واشنطن وحلفاءها يستفيدون من حاجة بيروت الماسة للتمويل الطارئ، ويطالبون بالفحص على أمل إلقاء الضوء على عمليات البنك المركزي الطويلة الغامضة.
وأضافت إن أصحاب النفوذ في المجالات السياسية والإقتصادية في لبنان عرقلوا حتى الآن الجهود الدولية لإخضاع البنك المركزي لمراجعة شاملة.
ونقلت عن مسؤولين غربيين “إن مِن بين الذين يعرقلون جهود التدقيق محافظ البنك المركزي منذ فترة طويلة ومسؤولون حكوميون مرتبطون بـ”حزب الله”، مما يجعلهم أهدافاً محتملة للعقوبات من الولايات المتحدة وحلفائها”.
وذكّرت بأنه خلال رحلة إلى بيروت في آب، أوضح وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل مخاوف الولايات المتحدة. وقال للصحافيين “هناك كثير من التركيز على البنك المركزي والحاجة إلى مراجعة البنك المركزي حتى نتمكن من فهم ما يحدث بالضبط هناك.”
وعلى رغم أن الصحيفة ذكرت أن الحاكم رياض سلامة رفض مراراً مزاعم التورط في الفساد وتسهيل عمليات مالية لـ”حزب الله”، وأن البنك المركزي كان هدفاً للإحتجاجات، نقلت عن مسؤولين أميركيين إن البنك المركزي “كان له دور محوري في تمويل جماعة “حزب الله”، بما في ذلك الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها”.
وأضافت أن “الأدلة التي تغذي هذه المخاوف هي سجلات البنك المركزي – التي راجعت صحيفة وول ستريت جورنال نسخاً منها – تُظهر أنها سمحت لحسابات “حزب الله” المعروفة في أحد البنوك اللبنانية الخاصة بالعمل حتى بعد أن طلبت الولايات المتحدة إغلاقها”.
الترسيم
من جهة ثانية، أُعلن امس عن تأجيل الجولة الجديدة من المفاوضات غير المباشرة حول ترسيم الحدود البحرية، التي كانت مقرّرة غداً الاربعاء، ولكن من دون ان يتمّ تحديد موعد لانعقادها.
ونقلت وسائل اعلام اسرائيلية عمن سمّته “مصدراً اميركياً رسمياً يلعب دوراً في المفاوضات” قوله: “انّ الطاقم الاميركي الذي يلعب دوراً بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، قرّر التركيز حالياً على القيام بجولات مكوكية بين الجانبين لتمهيد الطريق الى الجولة المقبلة”.
وكان لبنان قد تبلّغ بالوسائل الديبلوماسية تمنياً اميركياً بتأجيل جلسة المفاوضات، بناء لرغبة الوسيط الاميركي السفير جون دو روشيه. وقد تبلّغ لبنان خلال عطلة نهاية الاسبوع من السفارة الاميركية في بيروت برغبة السفير دو روشيه بالقيام بجولة على كبار المسؤولين اللبنانيين للتعرف اليهم ومناقشة ما آلت اليه المفاوضات، نتيجة ما يسمّيه الجانب الاميركي بـ “المواقف المتصلبة” للطرفين وتمسك لبنان بموقفه من الخط المقترح لترسيم الحدود البحرية.
وعلمت “الجمهورية”، انّ دوروشيه سيحضر الى بيروت في الثاني من الشهر الجاري، في الموعد الذي كان مقرراً لاستئناف الجولة الخامسة من المفاوضات، وقد أُعدّ له برنامج الزيارة الذي يبدأ بلقاء مع رئيس الجمهورية، على ان تشمل الجولة مسؤولين حكوميين وعسكريين.