في بلد منهار غارق بـ”شبر” أمطار، وفي جمهورية تعصف بها إحدى اكبر الازمات الاقتصادية – المالية التي عرفها العالم في التاريخ الحديث، بات مجرّد التواصل بين المسؤولين الممسكين بمقاليد الحكم، حدثا بحد ذاته! نعم، العيون ترصد زيارة يفترض ان يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا، للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعد نحو 21 يوما على آخر اجتماع ضمّهما. والانكى، ان اللقاء المفترض، لن يخرج منه الدخان الحكومي الابيض الذي يعلن انطلاق مرحلة انتشال لبنان من جحيم ازماته – اللّهم اذا كانت التركيبة الحكومية تلاقي طموحات الناس والمجتمع الدولي، لا مفصّلةَ على قياس اهل الحكم واحزابه.
زيارة مرتقبة؟
فيما لا حركة ظاهرة على الضفة الحكومية، ووسط صمت يطبق على بيت الوسط، أعلن عضو تكتل لبنان القوي النائب ألان عون اول امس السبت ان “من المتوقع أن يزور الرئيس الحريري، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الساعات الـ48 المقبلة”، مضيفا “سيطرح تصورا لعون عن شكل الحكومة على أن يتم استكمال التشاور في الأسماء بين الرئيسين في ما بعدها”. واضاف في حديث تلفزيوني “ارادة المكونات الاساسية في تشكيل الحكومة لا يمكن تغييبها ورئيس الحمهورية هو شريك أساسي في تسمية الوزراء”. وتابع: لا محاصصة حقائب في الحكومة المقبلة لكنها يجب أن تشكل ضمن عملية تشاركية. واشار الى ان “على الحكومة المقبلة أن تأتي بذهنية وأداء مختلفين عن السابق لإنقاذ اللبنانيين”. وعن العلاقة بين التيار الوطني الحر وكتلة المستقبل، اوضح عون ان العلاقة عادية ولا يوجد اي توتر لكن يوجد جفاء، متوقعا ان تعود العلاقة كما كانت.
حملة على الحريري
في الموازاة، لفت عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار في حديث اذاعي الى ان “من الممكن أن يتوجه الحريري الى قصر بعبدا لتقديم المسودة في أية لحظة”. وإذ أمل أن “تقدر كل الأطراف السياسية صعوبة الوضع الذي يمر به البلد”، أكد أن “المعيار الأساسي الذي يعمل عليه الحريري لتشكيل الحكومة هو المبادرة الفرنسية، آخذا في الاعتبار التوزيع الطائفي في لبنان”. ولفت الى أن “الحريري وعد بمصارحة اللبنانيين في أية لحظة، وبالتالي فهذا الامر سيحصل إلا أننا نتمنى أن يكون في الاتجاه الإيجابي عبر الإعلان عن التشكيلة الحكومية”. غير ان الحجار اكد ان هناك “حملة لتحميل الرئيس المكلف مسؤولية التأخير في إصدار مراسيم تشكيل الحكومة وهذا الامر غير صحيح”.
الآتي أصعب
وفيما معطيات الخارج والداخل، لا توحي بفرج قريب محليا، جدّد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، التنبيه من الأخطر الآتي. فقد قال في سيامة الخوراسقف شربل عبدالله مطرانا جديدا لابرشية صور “أمام هذا الواقع الأليم والمتردي يوما بعد يوم بسبب فقدان الوعي والضمير لدى المسؤولين السياسيين، أنت مدعو لتضع إمكانات الأبرشية، إلى جانب البطريركية والأبرشيات الأخرى والرهبانيات والمنظمات الإنسانية والخيرية، في مسيرة تنسيق خدمة المحبة الإجتماعية المعروفة بالكرمة، بحيث تشمل كل الأراضي اللبنانية، وشعارها: أن لا تموت عائلة من الجوع، أو تشعر بأنها متروكة. إن الأيام الآتية ستكون أصعب مما هي اليوم بسبب الممارسة السياسية المدانة. غير أن رجاءنا بالله وعنايته يبقى أقوى”.
من جهته قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة في عظة الاحد امس: العالم فقد ثقته بلبنان بسبب فسادهم الذي جعلوه قانونا، ومحاسبة تهربوا منها ودفنوها، فأزهر الظلم ويبست العدالة. سقوا كل روافد الدولة من ماء فسادهم، فأقحل الوطن لعدم توافر نبع عذب يروي عطشه إلى الحقيقة والعدالة والإزدهار. فإلى متى ستمعنون الطعن في خاصرة وطنكم، بخنجر عدم ولائكم له، واستهتاركم بواجباتكم تجاهه؟ لم يبق إلا أشلاء وطن، وما نحن بحاجة إليه هو تحرير ما تبقى من الوطن من قبضة السياسيين، وسوء إدارتهم، وقلة إحساسهم بالمسؤولية وبفداحة الوضع الذي أوصلونا إليه”.
الدواء كالرغيف
من جانبه، وعن ترشيد الدعم الدوائي، قال وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن “نحن كوزارة صحة نؤكد ونشدد على ان الدواء كالرغيف لا يمكن فصلهم ويجب ان يبقى الدعم قائما ونطالب ما امكن بتحييد القطاع الصحي خصوصا القطاع الدوائي عن رفع الدعم.
وأضاف، “في 12 كانون اول الجاري سنطلق عملية تتبع للادوية من المصدر الى المريض لانه في المرحلة المقبلة حتى بترشيد دعم الدواء يجب وجود آلية مراقبة لكل من يحاول الاستثمار في المكان الخطأ، ابتداء من المستورد حتى الصيدلي حتى يصل الدواء لكل مواطن بحاجة إليه”.
اللبنانيون يغرقون
على اي حال، جزءٌ كبير مما سيعيشه اللبنانيون في الايام المقبلة، معيشيا، ستتحدد معالمه خلال الاجتماع الذي سيعقد اليوم الإثنين في السراي ويضمّ إلى الرئيس حسان دياب المجلس المركزي لمصرف لبنان، للبحث في موضوع الدعم وإيجاد مقترحات عملية. لكن في انتظار ما سيحمله اليهم الاجتماع المرتقب، والذي بطبيعة الحال لن يكون حاسما في ظل تقاذف كرة النار هذه، بين حكومة تصريف الاعمال، والقوى السياسية، والمركزي، غرق اللبنانيون اليوم مجددا في المستنقعات وبرك المياه التي طافت بها الطرق لاسيما في منطقة ساحل المتن وطرابلس جراء كمية الامطار والبرد الكبيرة التي انهمرت قبل الظهر، وذلك غداة اجتماع المجلس الاعلى للدفاع الذي اوعز بتنظيف وفتح الاقنية ومجاري المياه على الطرق.
الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق : الحريري اليوم في بعبدا لتقديم تشكيلة الـ 18 وزيراً؟ الراعي: ألا يشعر المسؤولون في لبنان بالخجل ؟