لا صوت يعلو فوق أصوات اللبنانيين الذين يئنون تحت وطأة اوزار الازمات المتراكمة فوق رؤوسهم من دون ان يجد اي منها سبيلا الى الحل، لا بل يبشرهم المسؤولون بالمزيد. مزيد من رفع الدعم او ترشيده لا فرق. مزيد من غلاء السلع الحياتية الضرورية من المواد الاستهلاكية الى المحروقات فالدواء.
لقاء بعبدا
وعلى وقع هذا الغليان المعيشي – الاجتماعي الذي قد ينفجر في اي لحظة، عقد اللقاء الثاني هذا الاسبوع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري في قصر بعبدا، في الرابعة والنصف. وأعلن الحريري بعد اللقاء: “تشرفت اليوم بلقاء رئيس الجمهورية وقدمت له تشكيلة كاملة من 18 وزيرا على أساس الاختصاص والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي. وقد وعدني فخامة الرئيس انه سيدرس التشكيلة وسنعود للقاء في جو إيجابي. واملي كبير ان نتمكن من تشكيل الحكومة بسرعة لوقف الانهيار الاقتصادي ومعاناة اللبنانيين واعادة اعمار بيروت والثقة والامل للبنانيين، عبر تحقيق الإصلاحات المتفق عليها ضمن المبادرة الفرنسية”.
وردا على أسئلة الصحافيين، اكتفى الرئيس الحريري بالقول “ان شاء الله الأجواء إيجابية”.
إشارة الى أن الرئيس الحريري حمل معه الى القصر الجمهوري مظروفين ووضعهما امام رئيس الجمهورية.
معلومات بعبدا
وافادت دوائر بعبدا ان عون تسلم التشكيلة من الحريري ، وعرض معه لاتصالات الساعات الأخيرة التي كان اجراها رئيس الحكومة المكلف على هذا الصعيد.
في المقابل سلم الرئيس عون الرئيس المكلف طرحا حكوميا متكاملا يتضمن توزيعا للحقائب على أساس مبادئ واضحة.
واتفق رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف على دراسة الاقتراحات المقدمة ومتابعة التشاور لمعالجة الفروقات بين هذه الطروحات.
الاجواء رمادية
ونقلت مراسلة الشرق تيريز قسيس صعب عن مصادر سياسية متابعة ان مرحلة تشكيل الحكومة قطعت شوطا مهما واساسيا،إلا أنها لم تبد تفاؤلا كبيرا بإعلان الحكومة هذا الاسبوع.
وقالت الأجواء رمادية ومتارجحة، وهي تستند إلى نجاح المساعي الخارجية لاسيما الفرنسية القائمة خصوصا وان اقنية الاتصالات والمشاورات كانت مفتوحة بين باريس وبعبدا، وباريس وبيت الوسط، عبر خلية الازمة التي شكلها الرئيس ايمانويل ماكرون.
ورأت أن خطوة الحريري لفك الجمود على خط التأليف جاءت بناء لتدخل فرنسي وإقليمية مباشر، لأن باريس ترى ان غياب وجود حكومة خلال زيارة الرئيس ماكرون لبنان خلال الأسابيع المقبلة، قد يطيح بكل المساعي الأوروبية والدولية لمساعدة لبنان للخروج من ازمته الاقتصادية، كما يعرقل كل منحى ام مسعى اقتصادي لانقاذ الوضع المتردي والنهار اقتصاديا.
المصادر ذاتها اكدت ان الرئيس عون أدخل بعض التعديلات والملاحظات على التشكيلة التي قدمها الحريري، وأضاف بعض التفاصيل المتعلقة بنظرته لشكل الحكومة كما للاسماء والحقائب المطروحة.
وقالت ان اللقاء اليوم تخطى مشكلة الثلث المعطل، كما المداورة، واتصالات الساعات المقبلة مرهونة باستمرار المساعي القائمة لانجاح اعلان الحكومة قبل الاعياد.
ضغط على عون؟
ووسط الاجواء الملبدة، اشتعلت مجددا جبهة بعبدا – عين التينة من خلال مقدمات نشرات اخبار المحطات التابعة للموقعين. وفي السياق، اعتبر عضو تكتل لبنان القوي النائب سليم عون، ان التوتر المستجد “يهدف في توقيته الى الضغط على رئيس الجمهورية وتكبيله كي يقبل بما هو غير مقبول من شروط لتأليف الحكومة”.
نحو الاضراب
في الانتظار، وفي حين يكثر الحديث عن ترشيد للدعم على بعض السلع ورفعه عن البعض الآخر، لا تبدو هذه الخطوات ستمرّ بسلاسة على الارض. في السياق، دعا الاتحاد العمالي العام إلى إضراب عام على الأراضي اللبنانية كافة الأربعاء 16 الجاري “كبداية لأوسع تحرّكات سيشهدها البلد ضد رفع الدعم.”
دعم الدواء
وليس بعيدا، أعلن وزير الصحة حمد حسن ان ترشيد الدعم يجب ان يكون بشكل مدروس مع عدم المس بأدوية الامراض المزمنة والمستعصية، موضحاً ان رفع الدعم لن يمس كل الادوية وذلك من أجل الطبقة الفقيرة أما الطبقة الميسورة فسيكون امامها خيارات.وشدد على وجوب تشجيع الصناعة المحلية والتصدير بحيث يمكن تطوير الصناعات وتعويض حجم الدولار للاستيراد عبر الدولار للتصدير. ولفت الى ضرورة ترشيد استعمال الدواء وعدم استخدامه بشكل عشوائي.
رفع دعم جزئي
من جهته، كشف نقيب الصيادلة غسان الأمين أن “الأدوية التي يتناولها المواطن يومياً، كأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية وغيرها، لن يطالها رفع الدعم، أما الأدوية المتبقية، فقد يجري احتساب دولارها 3900 ليرة بدل 1500، فيما أدوية الـOTC التي تؤخذ من دون وصفة طبيب، فإما تنضم إلى لائحة الأدوية العادية بسعر دولار 3900 ليرة، ما يعني ارتفاع سعرها 150%، أو يُرفع عنها الدعم كلياً، وعندها، تلعب المنافسة دورها في خفض الأسعار، وقد يتوجه المواطن نحو أدوية أقل سعراً”. ولفت في تصريح إلى أن “كلّ الأدوية التي تدخل لبنان مسجلة لدى وزارة الصحة، واستبدال الدواء المرتفع السعر بآخر أقل كلفةً لن يضر بصحة المواطن”. وأشار الأمين إلى أن “كلفة استيراد الدواء تقدّر سنوياً بمليار دولار، والخطة المذكورة قد تخفّض الكلفة إلى 800 مليون دولار أو 775 مليونا، لكن الحل الأنسب التوجه نحو حكومة جديدة، إذ ان مختلف القرارات التي ستتخذ في الملف ستكون موجعة”.
الخبز
في الموازاة، أعلن نقيب الأفران والمخابز علي ابراهيم أن “رغيف الخبز خط أحمر ولا أزمة في رغيف الخبز العربي”.وأشار إلى أن أي “تفكير في رفع الدعم سيؤدي الى خطوات تصعيدية”. وقال: الـ”كرواسان” وخبز الـ”هامبرغر” والـ”باغيت” وغيرها… لم تكن مدعومة أساساً، والأفران كانت تحصّل منها أرباحاً 100%، ولا يوجد مسؤول لديه الجرأة على رفع الدعم عن ربطة الخبز”.