اول غيث “الكباش” السياسي ـ القضائي في جريمة تفجير المرفأ تعليق التحقيقات لعشرة ايام ستكون فترة اختبار قاسية لكافة الاطراف المعنية بالصراع المفتوح على مصراعيه في مواجهة “كسرعظم” بين قوى سياسية تستخدم القضاء والمجلس النيابي لتصفية حساباتها الضيقة، بينما يخشى الكثيرون ان تكون “الحقيقة” هي الضحية الجديدة التي ستضاف الى شهداء وجرحى الانفجار. هذه النكسة القضائية اضيف اليها تعرض المسار الحكومي لانتكاسة لم تكن في الحسبان، بعدما دخل “كورونا” على خط “التعطيل” واطاح بزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. واذا كان الاحباط هو “سيد” الموقف بعد الاعلان عن اصابته “بالفيروس”، علمت “الديار” ان الفرنسيين ابدوا استعدادهم لارسال وزير الخارجية جان ايف لودريان الى بيروت في حال ادت اتصالاتهم الى احداث خرق جدي خلال الساعات القليلة المقبلة، وسط تحذيرات فرنسية من ربط الملف اللبناني بالنووي الايراني الذي قد يحتاج انجازه الى الكثير من الوقت في ظل مخاوف جدية من ان يدفع لبنان اثمانا باهظة نتيجة “الكباش” الاقليمي والدولي المفترض ان يمتد اقله الى ما بعد الانتخابات الايرانية المرتقبة بعد 6اشهر.
وقد تعززت هذه المخاوف بعد زيارة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي الى بيروت، حيث انتهت دون نتائج عملانية، وتبين من طروحاته عدم وجود اي ليونة عربية-خليجية ازاء التعامل مع الساحة اللبنانية، وانتهى اجتماع “جس النبض” في بعبدا كما بدأ، حيث تمسك الرئيس ميشال عون بمواقفه الداخلية والخارجية، فيما لم يحصل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري علششطى اي مؤشر خليجي يساعده على تقديم “تنازلات” حكومية.
وعود فرنسية “مشروطة”؟
جاء الاعلان عن الغاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زيارته الموعودة الى بيروت الاسبوع المقبل بعد اصابته “بكورونا”، ليضفي المزيد من الغموض والتعقيد على المشهد الداخلي بعدما عوّل الكثيرون على زخم الزيارة لتحريك الملف الحكومي، ووفقا لمعلومات دبلوماسية لن تتوقف الجهود الفرنسية في سبيل تحقيق الاختراق المطلوب، والبحث جار في الايليزيه عن تعويض زيارة الرئيس بتزخيم الاتصالات المباشرة مع المعنيين على الساحة اللبنانية، واذا ما لمس المسؤولون الفرنسيون ايجابية معقولة للتقدم خلال الايام القليلة المقبلة، سيقوم وزير الخارجية جان ايف لودريان بزيارة الى بيروت لوضع اللمسات الاخيرة على التفاهم الحكومي اذا ما “نضج”، مع العلم ان القناعة فرنسية باتت راسخة، بوجود رهانات داخلية وخارجية على موعد استلام الرئيس الاميركي جون بايدن مقاليد السلطة في العشرين من الشهر المقبل، قبل حصول تحرك حكومي جدي، وتعزز هذا التكهن بغياب التواصل بين باريس والادارة الاميركية الحالية لتقطيع ملف الحكومة اللبنانية في “الوقت الضائع”..
مخاوف باريس
لكن ووفقا لتلك الاوساط، عبر الفرنسيون عن خشيتهم من رهانات في غير مكانها على دخول بايدن الى البيت الابيض، لعلمهم ان حل تعقيدات الملف اللبناني لن يكون بمعزل عن السياسة الاميركية تجاه ايران، وهذا الملف قد يحتاج الى اكثر من 6اشهر كي يتحرك جديا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الايرانية في حزيران 2021وامام عدم امكانية ترشح الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني لولاية ثالثة، وفي ظل احتدام الصراع على موقع الرئاسة الايرانية، قد لا تصل الاتصالات مع واشنطن الى نتائج سريعة،فواشنطن قد لا تكون مستعدة للتفاوض مع حكومة “راحلة”، وتختار الانتظار، فيما قد يواجه روحاني معارضة داخلية “شرسة” تمنعه من تحقيق انجاز قبل الانتخابات، ولهذا لا يرغب الفرنسيون في ربط الملف اللبناني بالايراني لانهم يعرفون جيدا ان الاوضاع السيئة لا تحتمل المزيد من التاخير، والوقت ليس في صالح احد على الساحة اللبنانية، خصوصا ان الاشهر الستة ستكون حبلى بالتطورات “والمفاجآت”، حيث سيبذل اللاعبون الدوليون والاقليميون المعنيون بافشال التفاوض الاميركي ـ الايراني جهدهم للتأثير السلبي على اي احتمال للتفاهم، وهذا يضع لبنان امام الكثير من المخاطر غير المحسوبة، ولذلك يتركز المسعى الفرنسي الحالي على محاولة “سرقة” انجاز الحكومة لتجنيب الساحة اللبنانية مفاعيل “كباش” قاس سيزيد الامور سوءا، لكن المؤشرات لا تزال سلبية حتى الان.
“جس نبض” عربي!
في هذا الوقت انتهت زيارة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي الى بيروت دون نتائج عملية، بعدما ابلغه الرئيس ميشال عون موقفه الثابت من عدد من الملفات الداخلية والخارجية، ولذلك كان اعلان زكي من بعبدا استعداد الجامعة العربية لمساعدة لبنان على تجاوز ظروفه القاسية، مجرد تصريحات ديبلوماسية غير قابلة للصرف.
وفي هذا السياق، علمت “الديار” ان رئيس الجمهورية عرض مع الدبلوماسي العربي ثلاث قضايا رئيسية تتعلق بموقف لبنان من التطبيع، وترسيم الحدود البحرية، وتشكيل الحكومة العتيدة، وفهم من خلال مقاربات زكي انه جاء لـ”جس نبض” الموقف اللبناني من هذه الملفات مكلفا من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ونقل موقفا رسميا من الجامعة بوجود استعداد للعب دور لمساعدة البلاد من تجاوز الازمة الراهنة، لكنه ربط على نحو غير مباشر بين تقديم هذه المساعدات وحصول تطورات سياسية معينة على الساحة اللبنانية “تريح” دولا عربية رئيسية وفي مقدمتها دول الخليج،كي يستعيد لبنان موقعه في اولويات تلك الدول التي تصر حتى الان على عدم “التدخل”.!
عون متمسك بمواقفه
وفي هذا الاطار، كان الرئيس عون صريحا في مقاربته للشأن الداخلي والاوضاع في المنطقة، ولفت الى ان لبنان ليس في وارد “التطبيع” مع “اسرائيل” وهو آخر دولة عربية قد تقوم بذلك في ظل استمرار السياسات “الاسرائيلية” المبنية على الاعتداء على حقوق الغير، ومن هنا كان تأكيد على ان المفاوضات “المعلقة” حول ترسيم الحدود البحرية لم تكن تحمل اي “رسالة” سياسية في اطار التقارب مع “اسرائيل”، وانما خطوة لاستعادة لبنان لحقوقه النفطية والغازية، طالباً وقوف الجامعة الى جانب مطالبه المحقة.
وشدد الرئيس عون على مسؤولية الدول العربية في مساعدة لبنان على تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها؛ لأنه تحمل الكثير في سبيل القضايا العربية، وفي مقدمها قضية فلسطين.ولفت عون إلى أن الخسائر المادية المباشرة وغير المباشرة، ولا سيما منها الخسائر الاقتصادية التي تكبدها لبنان نتيجة ذلك منذ العام 2011 وحتى العام الماضي، فاقت 54 مليار دولار وفقاً لتقارير صندوق النقد الدولي.
لا حكومة دون “وحدة المعايير”
اما في الملف الحكومي، فتمسك عون بوحدة المعايير “لولادة” الحكومة الجديدة، وكان لافتا تاكيده انه لن يسمح في نهاية عهده في اقصاء اي مكون لبناني عن الحكومة، وذلك بعدما سأل زكي عن اسباب التعثر الحاصل وعن مدى الاستعداد للتجاوب مع بعض المطالب الدولية والعربية التي ستعيد لبنان الى “السكة” الصحيحة، لكن رئيس الجمهورية عاد وكرر التاكيد بأن “تشكيل الحكومة الجديدة يواجه بعض الصعوبات التي يمكن تذليلها إذا ما اعتمدت معايير واحدة في التشكيل، كي تتمكن الحكومة من مواجهة التحديات الكبرى التي تنتظرها نتيجة الأوضاع في البلاد، وتؤمن التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية”.
“انزعاج” عربي
ووفقا لاوساط دبلوماسية مطلعة، لم يرق هذا الموقف الرئاسي الحاسم للدبلوماسي العربي الذي لمس عدم الاستعداد في بعبدا لتقديم اي تنازلات داخلية سواء في ملف حزب الله، او ملف الشراكة في الحكومة، وكذلك في الموقف من تطورات المنطقة، ومن هنا جاءت تصريحاته العلنية لتعكس الانزعاج العربي حيث اشار فيها الى تعاطي المسؤولين اللبنانيين مع الازمة وكانها غير موجودة، لافتا الى ان الأزمة مركبة وفيها أوجه اقتصادية ومالية وأيضاً سياسية وغير ذلك. معبراً عن امله في أن يحصل شيء من أشكال التوافق على الخروج من الأزمة، وعلى الطريقة التي يتم بها ذلك.
وفي رد يعكس “استياء” زكي من الاجوبة التيسمعها في بعبدا قال ردا على سؤال حول سعي الجامعة لفك الحصار الاقتصادي السياسي عن لبنان: “لست متأكداً من أن استخدام مصطلح الحصار الاقتصادي والسياسي هو توصيف يعكس الوضع”، وتابع: “عندما يتفق السياسيون اللبنانيون على مخرج من هذه الأزمة، فقد يشكل الأمر إشارة واضحة للخارج، العربي أو الأجنبي، على أن هناك الجدية اللازمة والمطلوبة للخروج من الأزمة، ما يسمح له بالتعامل الجاد مع الوضع في لبنان”.
لا مؤشرات للحريري؟
تجدر الاشارة الى ان زكي زار بيت الوسط حيث استقبله الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، الذي لم يحصل على اي مؤشر خليجي جديد يسمح له بتقديم “تنازلات” في الملف الحكومي، وسمع من ضيفه مواقف عربية ثابتة ازاء الملف اللبناني، ولم يملك زكي اي اجابة واضحة على اسئلة الحريري الذي زاد اقتناعا بعدم وجود اي تغيير في الموقف العربي! بعدها، توجه زكي الى عين التينة حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ابلغه “تشاؤمه” ازاء الاوضاع الراهنة، خصوصا مع الغاء الرئيس الفرنسي زيارته الى بيروت حيث كان رئيس المجلس يعول على ما قد يحمله الزائر الفرنسي في زيارته الثالثة. ومساء التقى زكي رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب.
التحقيق “ضحية” الكباش
في هذا الوقت ترجمت نتائج المواجهة السياسية- القضائية، تعليقا من قبل المحقق العدلي القاضي فادي صوان للتحقيقات في ملف تفجير المرفا لمدة عشرة أيام، وهي المهلة القانونية التي على المحقق العدلي أن يقدم خلالها جوابه على طلب كفّ اليد عن الملف المقدم من الوزيرين السابقين غازي زعيتر وعلي حسن خليل للإرتياب المشروع وتعيين محقق آخر.وفور تقديم المحقق العدلي جوابه، ستباشر النيابة العامة مطالعتها تمهيداً لإبداء الرأي. وسيكون لأطراف الدعوى كافة بدءاً من النيابة العامة التمييزية إلى المحقق العدلي ونقابة المحامين، بوكالتها عن المدّعين المتضررين رأي في القضية.
وبموجب هذه المهلة، وفي انتظار أن تبت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار، بالمذاكرة التي تقدم بها الوزيران خليل وزعيتر، صرف صوّان النظر عن استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي كان مقرراً اليوم. ولم يحضر وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس أو وكيله القانوني إلى دائرة المحقق العدلي بسبب عدم تحديد جلسة له، في حين حضر المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا مع وكيله القانوني، الا أنه لم يتم الاستماع اليه ولم تحصل أي مواجهة بينه وبين الرائد الموقوف جوزف النداف. وبعد تداول بعض المواقع الإخبارية خبرا نقلا عن بعض الصحف حول نية مسبقة للمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا عدم حضور الجلسة، أوضحت المديرية العامة لأمن الدولة أن اللواء طوني صليبا حضر إلى قصر عدل بيروت كما كان مقررا. وكررت تمنيها عدم نشر أو تداول اية اخبار بدون التأكد من صحتها والذي من شأنه تضليل التحقيق.
“نكسة” لا “انهيار”
وفيما اكدت مصادر نيابية وجود تقصير لدى المحقق العدلي في التحقيق من خلال عدم تقديم اجابات حول من جاء بالنيترات وكيف تم تفجيرها، وانتقاله الى مرحلة اقل اهمية من خلال اتهامات سياسية، اكدت مصادر معنية بالملف، بان تعليق التحقيقات “نكسة”، لكن لن تؤدي الى انهيار الجهود لملاحقة كل المتورطين في الملف،والدليل ان القاضي صوان لم يتراجع امام الحملات السياسية والطائفية التي واجهته، وكانت تريد منه التنحي عن مهامه، لكن هذه الهجمة زادته اصرارا على استكمال ما بدأه وهو يدرك جيدا ان كل الملاحظات والاتهامات حول الاستنسابية سوف تتبدد عند استكماله للاستدعاءات في ملف التحقيق، وهو لن يغادر موقعه الا بقرار قضائي لا سياسي!
وربطاً بالتحقيقات، بدا الجيش بالتعاون مع الجمارك اللبنانية بالكشف على حوالى 700 مستوعب متروك في المرفأ منذ العام 2005. وقد تم البحث في موضوع التنسيق بين الجيش والجمارك باتصال هاتفي بين وزير المال غازي وزني وقائد الجيش جوزيف عون للكشف على المستوعبات المتروكة ومعالجتها فوراً. كما عقد اجتماع امس بين وزني ورئيس المجلس الأعلى للجمارك أسعد الطفيلي ومدير عام الجمارك بالتكليف ريمون خوري ومدير عام مرفأ بيروت بالتكليف باسم القيسي، وتم البحث في موضوع التعاون الكامل وتنسيق الخطوات السريعة مع الجيش لمعالجة موضوع المستوعبات والتأكد من سلامتها.
“اللقاح” للاغنياء!
صحيا، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1960 اصابة جديدة بكورونا و14 حالة وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية رفعت العدد الاجمالي للوفيات إلى 1248وقد رسم وزير الصحة حمد حسن الاتّجاه التصاعدي الجديد الذي سيشهده فيروس كورونا في البلاد، بعد “هدنة” استمرت نحو أسبوعين. وقال في تغريدة انه من الآن وصاعداً، يبدأ الفيروس ذروة جديدة مع عودة الاختلاط إلى ما كان عليه، مترافقاً مع موسم الإنفلونزا الذي يفترض أن يحمل أعداداً إضافية من المصابين.
من جهته، تحدث رئيس “مستشفى الحريري الحكومي الجامعي” فراس الأبيض عبر “تويتر” عن الفجوة الكبيرة بين الدول الغنية والفقيرة في الحصول على لقاح الـ “كورونا”،وأوضح أن “قد لا تتمكن الكثير من الدول الفقيرة من تطعيم اكثر من 20% من سكانها عام 2021″، مفسرا أن “السبب يعود إلى أن بعض الدول الغنية حجزت من الجرعات ما يكفي لتطعيم سكانها عدة مرات.
الاستماع لسلامة
ماليا، استمعت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي حضر الى مكتبها، بعيدا عن الاعلام،حول ملفي الهدر الحاصل في استعمال الدولارالمدعوم والقروض السكنية المدعومة من مصرف لبنان.