الازمة الحكومية المستعصية الى اين؟ والكارثة الوبائية المتدحرجة الى اين؟ والى اين لبنان ومصير اللبنانيين في ظل أسوأ ظروف ووقائع عرفها لبنان في تاريخه؟
شهر كامل مر منذ الاجتماع الرابع عشر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والذي اخفق في استيلاد الحكومة الجديدة وعلق مسار التأليف على مراوحة قاتلة ولم يحصل أي تطور إيجابي بعد من شأنه ان يعيد احياء سكة المشاورات المتصلة بهذا الاستحقاق، بل ان مجريات الازمة انزلقت بها من التعطيل المتعمد الذي لم يعد يحتاج الى اثباتات الى معادلة كباش قاتل لا تتحمله البلاد في أي شكل يراد من خلالها فرض خيارات تؤدي اما الى كسر اجراء دستوري تمثل بتكليف الحريري في 22 تشرين الأول بأكثرية نيابية موصوفة، واما فرض تشكيلة حكومية تتجاوز الأصول الدستورية بكثير وتلامس ترتيب وضع انتقالي كامل لما تبقى من ولاية العهد وضمانات بسيطرة فريق معروف على الثلث المعطل، والا بقي التعطيل السيف المصلت مع الكوارث والأزمات المتدحرجة على الجميع. يطل الأسبوع الجديد بهذا المنحى التشاؤمي الذي يذهب معه مطلعون على مجريات الازمة الحكومية الى حدود التخوف الجدي من ان تكون أبواب الحل واحتمالاته قد أوصدت تماما بعدما ذهب الفريق النافخ في مسار التعطيل بعيدا جدا في تحويل التباينات والخلافات على التشكيلة الحكومية التي قدمها الرئيس الحريري قبل شهر الى الرئيس عون الى اشتباك شخصي وسياسي وحتى طائفي لو قيض له النجاح في بعض محاولاته لاستدراج هذا الاشتباك. ولعل الأشد خطورة من التباينات الحادة التي برزت في الأيام الأخيرة عبر تجدد السجالات الحادة بين بعبدا وبيت الوسط في رأي المطلعين انفسهم تمثل في النبرة العدائية التي تجددت في بيان المجلس السياسي لـ”التيار الوطني الحر” السبت الماضي علما ان رئاسة التيار لم تجد حرجا في الهجوم المتجدد على الحريري بما اسقط فورا مزاعم البيان الذي كانت أصدرته بعبدا قبل يوم واحد ونفت فيه تدخل النائب جبران باسيل في عملية تشكيل الحكومة. ولكن رئاسة التيار توجهت الى الحريري بكلام من نوع ان “زمن الوصاية الخارجية قد انتهى” فيما تناست او تجاهلت او تعامت عن الجانب الأساسي من الازمات التي يعانيها لبنان بسبب تحالف التيار والعهد مع “حزب الله” في سياسات محورية كرست الوصاية الإيرانية مباشرة ومداورة على لبنان بما كلفه ويكلفه افدح الاكلاف والأثمان. ومع ذلك فان افق الازمة لا يزال مقفلا بسبب تعنت العهد وتياره علنا والدعم الضمني لتعنتهما من الحزب ضمنا فيما سائر القوى السياسية تلوذ بالتفرج او بتسجيل مواقف ظرفية لا تقدم ولا تؤخر شيئا في مسار الازمة.
تساؤلات الراعي
ولكن ما يتعين إبرازه بقوة في هذا السياق ان الموقف الأبرز الذي يسجل من هذا الواقع المخيف الذي يتهدد لبنان باوخم التداعيات فهو للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي لم يتراجع قيد انملة عن ضغطه التصاعدي على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف من اجل استعجال تشكيل الحكومة. وكان جديده امس ان اطلق “صلية” من التساؤلات الكبيرة من العيار المصيري في اتجاه المسؤولين مكررا مرات ومرات هذه التساؤلات في معرض تحميل السلطة مسؤولية الكارثة الكبيرة. من نماذج هذه التساؤلات :” كيف يمكن الإمعان في المواقف السياسية المتحجرة الهدامة للدولة كيانا ومؤسسات دستورية؟ بأي ضمير وطني، وبأي مبرر، وبأي نوع من سلطان وحق، وبتكليف من من؟ ونسأل المعنيين لماذا لا تؤلفون حكومة والشعب يصرخ من الوجع، ويجوع من الفقر ويموت من المرض؟ لماذا لا تؤلفون حكومة والمستشفيات تضيق بالمصابين، والمستوصفات والصيدليات تفتقر إلى الأدوية، والمتاجر تعْوزها المواد الغذائية؟ لماذا لا تؤلفون حكومة والأزمة النقدية والاقتصادية بلغت أوجها، والإقتصاد يتلاشى والإنتاج الزراعي يتلف؟… لماذا لا تؤلفون حكومة والحدود سائبة والتهريب جار على حساب لبنان والسيادة منقوصة والاستقلال معلق والفساد مستشر؟ لماذا لا تؤلفون حكومة والبطالة عن العمل وحالة الفقر فاقتا نصف الشعب؟ …لماذا لا تؤلفون حكومة والبلاد دخلت مدار الانهيار النهائي؟ ألا تخافون الله والناس ومحكمة الضمير والتاريخ؟ هل من عاقل يصدق أن الخلاف هو في تفسير مادة من الدستور واضحة وضوح الشمس؟ أيها المسؤولون، الدستور وضع للتطبيق لا للسجال، وليكون مصدر إتفاق لا مصدر خلاف. أمام التحديات المصيرية، ترخص التضحيات الشكلية، ويكفي أن تكون النية سليمة”.
جنبلاط
كما كانت لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مواقف من الازمتين الوبائية والسياسية في لقاء حواري إلكتروني اجراه مساء امس مع الاغتراب فاعلن ان المبادرة الفرنسية افشلت لان الحكومة التي طالبت بها فرنسا لم تتشكل والقوى المهيمنة أي “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” لم يأتها الضوء الأخضر لتشكيل الحكومة وكرر “أقول للحريري ان هذه القوى تتحكم بكل شيء” واكد ان هناك وصاية إيرانية على لبنان والسؤال للجمهورية الإسلامية هل تعترف بالكيان اللبناني ؟ ورفض مساواة الحزب التقدمي بغيره من الأحزاب ضمن شعار كلن يعني كلن قائلا فليفتحوا ملفاتي وملف وزارة المهجرين لكن نطالب بقضاء عادل ومن يطالب غيري بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت ؟ جميعهم لا يريدون التحقيق لانه سيدين النظام السوري”. وقال انه لن يتدخل والحزب بالمتاجرة السياسية المتعلقة بلقاح كورونا وسننتظر الدولة وسنلجأ الى المستشفى لأخذ اللقاح .
منصة اللقاحات
وسط هذه الأجواء لم تتبدل المعطيات القاتمة والضاغطة لازمة انتشار كورونا وسلالاتها المتحورة في لبنان فيما تبدأ السلطات الصحية الرسمية والهيئات الطبية والاستشفائية اليوم الاستعدادات لتلقي لبنان دفعات اللقاحات ابتداء من الأسبوع الأول من شباط . ومن المقرر ان يعقد وزير الصحة حسن حمد الذي تعافى من إصابته بكورونا اجتماعا موسعا بعد ظهر اليوم لمجمل نقابات القطاع الصحي. وسيقدم حسن غدا الخطة العملية لتلقي دفعات اللقاحات وتوزيعها على مختلف المناطق ومخطط عمليات التلقيح الى اللجنة الوزارية لإجراءات مكافحة كورونا لاقرارها علما ان الخطوة الأولى في هذا السياق ستكون عبر اطلاق منصة الكترونية للجمهور لتسجيل اسماء الراغبين في تلقي اللقاح وفق برنامج أولويات ستلحظه الخطة.
وأعلن نقيب الأطباء شرف أبو شرف أنه سيتم تنظيم اجتماعات للأطباء اليوم وغدا مع رئيس اللجنة الوطنية لقاح كورونا عبد الرحمن البزري لشرح كيفية التعاطي مع لقاح فايزر وإعطائه للمواطنين. وقال “سيتم أيضًا تدريب الممرضات والممرضين في المستشفيات حيث سيُحفظ اللقاح بالتنسيق مع نقابة الممرضات. وحتى الآن هناك حوالى 200 طبيب سجلوا أسماءهم للمساهمة في عملية التطعيم”.
وسجلت وزارة الصحة امس 3010 إصابات بكورونا و50 حالة وفاة . وفيما اعلنت قوى الأمن الداخلي استمرارها في التشدد في ضبط مخالفات قرار التعبئة العامة، في كل المناطق اللبنانية سجلت مجموعة خروقات لقرار التعبئة في عطلة نهاية الأسبوع .