صحيح ان #مجلس #القضاء الأعلى كرس مبدئياً، في القرار الذي انتهى اليه امس في قضية تمرد القاضية #غادة عون على سلطة النائب العام التمييزي #غسان عويدات، المسلكية القانونية في التعامل مع هذه السابقة الخطيرة، ولكن التداعيات الثقيلة التي أرخاها التدخل السياسي المفرط والفاقع في هذا التطور ظلت مهيمنة على المشهد القضائي وعبره على مجمل واقع الدولة المهلهلة. لم يكن أدل على النية الثابتة في الامعان في تسييس تمرد القاضية عون وجعله عنوان رسائل وعراضات قوى من جانب تيار العهد سوى إصرار “#التيار الوطني الحر” على مواكبة القاضية عون الى قصر العدل، حيث استمع اليها مجلس القضاء الأعلى بعراضة جديدة للأنصار والموالين من جهة، ومن ثم إصرار “#تكتل لبنان القوي” لاحقا على تثبيت أبوته السياسية المباشرة لحالة التمرد القضائية التي جسدتها القاضية عون ومكاسرة القضاء من جهة ثانية. تبعاً لذلك سيكون مشروعاً تماماً ان يغدو مجلس القضاء الأعلى في الأيام المقبلة امام محك قاسٍ وحاسم ونهائي يتقرر فيه منسوب قدرته على تنفيذ القرارين اللذين اتخذهما بحق عون، وإقرانهما بسلوكيات حاسمة تعيد المهابة الكاملة الى النظام القضائي والتزام هرميته وأصوله وأعرافه. وما لم تظهر الترجمة السريعة والحازمة للإجراءات المقررة من المجلس ومن النائب العام التمييزي، فان الخلاصة المفجعة الحتمية التي ستفضي اليها هذه التجربة ستتمثل في هزيمة التمرد للقضاء كلاً، بلا زيادة او نقصان، مع كل ما تعنيه هذه الهزيمة المحتملة من تداعيات مدمرة على القضاء والسلطة القضائية المستقلة.
فعلى مدى ساعة ونيف، استمع مجلس القضاء الاعلى الى القاضية عون، واستمر اجتماع المجلس حتى الخامسة عصرا، واصدر قرارا يقضي باحالتها الى التفتيش القضائي والزامها الامتثال الى قرار مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. واعتبر المجلس “ان ما حصل فعلياً أن مجلس القضاء الأعلى، اتخذ قراراً انطلاقاً من الدور المناط به بموجب القوانين بالسهر على حسن سير القضاء وعلى كرامته واستقلاله، وقد توزع على مسارات ثلاثة هي: الطلب من النائب العام لدى محكمة التمييز، ومن رئيس هيئة التفتيش القضائي اتخاذ الإجراءات المناسبة كلٌّ ضمن نطاق اختصاصه بخصوص أداء القاضية السيّدة غادة عون، والاستماع إليها من قبل المجلس، بسبب خرقها موجب التحفظ، وعدم التزامها تنفيذ تعهداتها المتكررة أمام المجلس، وتمنّعها عن الحضور إلى النيابة العامة التمييزية، وبالنظر لمواقفها وتصرفاتها إثر صدور قرار النائب العام لدى محكمة التمييز تاريخ 15/4/2021 المتضمّن تعديل توزيع الأعمال لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، وفي ضوء مضمون أقوال القاضية السيّدة غادة عون في جلسة استماعها أمام مجلس القضاء الأعلى ، قرّر المجلس:
الطلب من هيئة التفتيش القضائي إجراء المقتضى.
الطلب من عون الإلتزام بقرار النائب العام لدى محكمة التمييز المعمول به حتى تاريخه”.
واكد المجلس “أن مسار أي تحقيق في أي ملف قضائي، سيُتابع حتى خواتيمه من قبل القضاء المختص، أياً يكن القاضي الذي يتابعه، بصرف النظر عن أي اعتبارات خارجة عن الإطار القضائي”.
ووفق أجواء المجلس فانه كرس بقراره الإحتكام إلى القانون والإمتثال الى القرارات القضائية التي تصدر عن المرجعيات القضائية وتنفيذها كل في إطار صلاحياته الممنوحة له بموجب القانون تبعا للتراتبية القضائية وضرورة إلتزام القضاة بها وعدم التداخل في الصلاحيات في الملفات المطروحة أو تلك التي ستطرح أمام القضاء، ووجوب تقيد المرؤوسين برؤسائهم. وإنطلاقا من ذلك فإن قرار النائب العام التمييزي المتعلق بتوزيع الأعمال الذي أصدره في 15 نيسان الجاري قد صدر وأصبح نافذا على أصله. ويبقى تسليم الملفات الى المحامين العامين الثلاثة في هذه النيابة العامة التي تتصل بالجرائم المالية والقتل والمخدرات الى القضاة سامي صادر وطانيوس السغبيني وسامر ليشع الذي اوكلت اليه الملفات المالية، وذلك ضمن مهلة الخمسة أيام الملحوظة في قرار القاضي عويدات، لإيداعهم إياها. ووفق المعلومات فإن النائب العام التمييزي سيلتقي القضاة الثلاثة غدا الخميس في إجتماع تنسيقي يعقده في مكتبه.
“التكتل” يحرض!
وفي ما ينطوي على نية واضحة في كسر القرار القضائي سارع “تكتل لبنان القوي” الى التحريض على رفضه من زاوية دعوة “جميع اللبنانيين للدفاع عن حقوقهم وذلك بدعمهم من يعمل على كشف المسؤولين عن التسبب بالإنهيار المالي وملاحقتهم قانونياً وإسترداد حقوق الناس من الذين حوّلوا الأموال إستنسابياً للخارج خلافاً للأخلاق وللإنتظام العام”. واعتبر “أن منع القاضي الذي يلاحق قضايا الناس من مواصلة التحقيق في الملفات المفتوحة يلامس حدّ الجرم بحق اللبنانيين ويطرح أسئلة حول السبب الكامن وراء هذه الهجمة السياسية والقضائية والإعلامية والمالية والأمنية ضد قاض يقوم بواجباته”. ولم ينس ترداد المعزوفة التي تتهم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعدم وجود قرار لديه بتشكيل حكومة في لبنان معتبرا ان “الإستمرار بتوزيع الحجج حول الثلث الضامن وحول الإختصاصيين هي أمور لا خلاف عليها وتستعمل فقط للتعمية وللقول أن هناك خلافاً على أمرٍ ليس هناك من خلاف حوله، وهذا أيضاً يؤكد عدم وجود النيّة ب#تأليف الحكومة ” .
وسط هذه الأجواء غرّد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر “تويتر” قائلا: “يبدو ان الصراع الاقليمي يشتد على لبنان الامر الذي يجعل الديكة المحليين يتقاتلون غير مبالين بسمعة المؤسسات وحرمتها. وفي هذا المجال فانه من الواجب تحصين الجيش وتحييده ودعمه مادياً ومعنوياً والخطوة الاساس تكون في وقف الدعم للتجار وتخصيص البطاقة التموينية للمواطن قبل ان يغرق الهيكل”.
مرسوم الحدود
في سياق آخر، نفت قيادة الجيش امس أن يكون الجيش أدخل تعديلاً جديداً على مقترحه المتعلق بالمفاوضات التقنية غير المباشرة ل#ترسيم الحدود البحرية، من خلال إضافة خط حدودي جديد سُمي “خط قانا”. كما عقدت لجنة الادارة والعدل جلسة برئاسة النائب جورج عدوان خصصت للمقاربة التي يجب ان تعتمد لتعديل #المرسوم 6433 المتعلق بترسيم الحدود. ونقل عدوان بعد اتصاله بوزيرة الدفاع الوطني وقائد الجيش نفيهما لوجود أي تبديل في الموقف التفاوضي اللبناني مؤكدا “ان المعلومات التي لدينا تصب في خانة دعم الوفد الوطني اللبناني بتفاوضه وبموقفه الواضح”. واوضح “ان لجنة الادارة والعدل، وفي حضور وزيرة العدل ورئيسة هيئة التشريع والاستشارات ايضا، لديها الموقف نفسه، ونحن كلجنة ادارة وعدل نقف كليا وبالاجماع، وهذا موقف وطني، خلف الوفد المفاوض ومطلبه المحق القانوني والتقني المبني على القانون وعلى معطيات علمية موثقة. وبنتيجة الحديث عن هذا الموضوع، لجنة الادارة والعدل تحمل الحكومة المستقيلة المسؤولية الكاملة لكي تجتمع فورا وتتخذ قرارا بتعديل المرسوم 6433 تحت طائلة المساءلة الدستورية بالاخلال بالواجب الوطني. نطلب منها بالحاح ان تقوم بذلك قبل فوات الاوان وضمن المهل المطلوبة، وان تتخذ كل التدابير لابلاغ الامم المتحدة بموقف لبنان والتعديلات عليه “.