مع ان العامل الإيجابي شبه الوحيد الذي يتكرر تأكيده عند محطات خارجية وداخلية متعاقبة يتمثل في ان #الازمة اللبنانية لا تزال تجد مكانا بارزا لها في اهتمامات المجتمع الدولي، الذي وان كان موقفه السوداوي المتشائم حيال الطبقة الحاكمة بات إجماعياً، فان الخطير ان يغدو لبنان مهددا في علاقاته بالدول الصديقة والشقيقة على يد مسؤولين بأنفسهم. وهذا ما حصل امس مع موقف غريب ومستهجن لوزير الخارجية اثار الخشية من ان يفتح الباب على تدهور خطير في علاقات لبنان بالدول الخليجية ولا سيما منها السعودية والامارات.
العامل الإيجابي أولا برز من خلال المعلومات التي أفادت ان ملف #الازمة الحكومية في لبنان لم يغب عن المشاورات التي اجراها امس الرئيسان الفرنسي ايمانويل #ماكرون والمصري عبد الفتاح #السيسي على هامش انعقاد #منتدى باريس للبحث في الأوضاع المالية للسودان. وعلى رغم أولوية البحث في وقف الحرب الإسرائيلية على #غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، فان المعطيات تفيد ان جانباً من الاهتمامات المشتركة الفرنسية المصرية خصص للبنان الامر الذي يمكن ان يتبين بعده بعض المعطيات الجديدة في التواصل مع بعض الجهات اللبنانية خصوصا ان الاستعدادات الجارية على الصعيد الأوروبي الواسع في شأن انجاز اطار العقوبات الأوروبية على شخصيات لبنانية تجري بجدية وثبات.
المستوى الاخر من الاهتمام برز أيضا في الزيارة التي قامت بها نائبة وزير الخارجية الإيطالي #مارينا سيريني للبنان في الأيام الثلاثة الماضية والتي لخصت نتيجتها بقولها “إيطاليا باقية الى جانبكم”. المسؤولة الإيطالية التي خصت “النهار” بحديث عن انطباعاتها اعتبرت ان زيارتها “تشكل دليلا ملموسا على قرب إيطاليا من الشعب اللبناني والمؤسسات اللبنانية والتزام إيطاليا بذل ما في وسعها للتخفيف من معاناة السكان مع ضرورة ان تتحمل الطبقة الحاكمة اللبنانية مسؤوليتها وتتخذ الإجراءات اللازمة لكبح الازمة ” ولاستمرار الدعم الخارجي للبنان. ولم تخفِ سيريني انها أكدت لجميع المسؤولين السياسيين الذين التقتهم “ضرورة ان يتخطى القادة اللبنانيون حالة الجمود والمماطلة السائدة وان يشرعوا دون مزيد من التأخير في تشكيل حكومة قادرة على تبني الإصلاحات الهيكلية التي طال انتظارها لتجنب الانهيار”.
واكد رئيس الجمهورية #ميشال عون لنائبة وزير الخارجية الإيطالي التي زارته امس “ان تشكيل حكومة جديدة له الاولوية حالياً في عملنا السياسي على رغم العقبات التي تواجه هذه المسألة من داخل وخارج، لكننا لن نوفر اي جهد للوصول الى هذا الهدف وتشكيل حكومة تكون من اولى مهامها تحقيق الاصلاحات المطلوبة واستكمال مكافحة الفساد الذي يعاني منه لبنان، اضافة الى التدقيق المالي الجنائي الذي يشكل المدخل الحقيقي لهذه الإصلاحات”. وشدد على ضرورة دعم الدول الصديقة للبنان، وفي مقدمها ايطاليا، في سعيه لاستعادة الاموال التي هُرّبت الى الخارج ولاسيما الى مصارف اوروبية.
وهبة والسلاح والدواعش !
لكن ما اثار الاستغراب الواسع لدى أوساط مراقبة تمثل في مواقف وصفت بانها نافرة لوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال #شربل وهبة من سلاح “#حزب الله” خصوصا ان وهبة يستعد لزيارة الفاتيكان في العشرين من أيار الحالي. وقالت هذه الأوساط انه لو لم يكن وهبة وزيرا للخارجية في حكومة مستقيلة لكان واجباً المطالبة باستقالته. وقد اعلن وهبة في حديث تلفزيوني “ان الفرنسيين لم يأتوا على ذكر سلاح حزب الله وان سلاح الحزب هو سلاح يتحمل مسؤوليته حزب الله، لا شك أن لبنان يتحمّل هذه المسؤولية ولكن ليس القرار قرار الدولة اللبنانية”. وأضاف “عندما كانت اسرائيل تحتل الأراضي اللبنانية تَجنَّد عناصر الحزب للدفاع عن سيادة لبنان”.
وعن مبرّر بقاء سلاح “حزب الله” اليوم قال وهبة “انظروا ماذا يحصل في غزة فهل حصل مثله في لبنان؟ فإذا كان هذا السلاح رادعا للعدو الإسرائيلي فلن أمسّ به لأنه بالنسبة الينا بوليصة تأمين”مضيفاً “اننا الآن امام معضلة انهيار اقتصادي ام انهيار السيادة واحتلال الأراضي اللبنانية، وبين الإثنتين أختار كرامتي والحفاظ على سيادتي، أما الاقتصاد فيذهب ويعود”.
اما الامر الخطير الاخر فكان في موقف مسيء الى علاقات لبنان مع الدول الخليجية. فلدى سؤال وهبة بأننا اليوم اصبحنا في مرحلة ثانية، أجاب ساخراً :”في المرحلة الثانية جاء الدواعش وقد أتت بهم دول أهل المحبة والصداقة والأخوة فدول المحبة جلبت لنا الدولة الاسلامية وزرعوها لنا في سهل نينوى والأنبار وتدمر.”
وقد نقلت مصادر ديبلوماسية ليلا استياء خليجيا من تصريحات وهبه قد تدفع باتجاه اتخاذ اجراءات بحق لبنان تتدرج من طلب اعتذار علني الى سحب ديبلوماسيين من بيروت…
مواقف للحريري
اما في المشهد السياسي المتسم بشلل مستمر حيال الازمة الحكومية ، فغابت أي معطيات من شأنها ان تحمل جديدا في التصدي للانسداد . كما ان ما تردد عن احتمال تحرك وساطة جديدة لرئيس مجلس النواب نبيه بري بدا انه يفتقر الى الدقة. ولفت في هذا السياق اعلان الامين العام لتيار “المستقبل” احمد #الحريري امس ان الامور حكوميا “لا تزال على حالها” . وعما يشاع عن اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري شدد على “أن الرئيس المكلف كان واضحا ولم يصدر عنه اي شيء، وان كل ما صدر عبارة عن تسريبات اعلامية، وستكون له مواقف واضحة في المرحلة المقبلة بما فيها مصلحة البلد وهموم الناس مع دراسته لكل الخطوات والخيارات للوصول الى القرار الصحيح”.
وبدوره رأى المكتب السياسي في حركة “امل” انه “حان الوقت للتراجع عن السقوف العالية والمطالب الضيقة الافق من أجل مصلحة اللبنانيين، وإنجاز تشكيل #الحكومة للنهوض بورشة إستدراك الانهيار الشامل، والقيام بالاصلاحات المطلوبة كي لا يكون مصير لبنان ورقة في مهب ريح ما يُرسم للمنطقة”.
وفي اطار التحركات التضامنية مع الفلسطينيين في مواجهة الة الحرب والدمار الإسرائيلية برزت خشية من افتعال ارباكات داخلية من خلال عودة التعرض لدول خليجية وعربية معينة . وصدر امس عن تيار “المستقبل” بيان حذر فيه من توجيه جهة مجهولة دعوة للتجمع امام سفارة الامارات العربية المتحدة في الرملة البيضاء، تحت عنوان “التطبيع خيانة… معاً في مواجهة الانظمة المطبعة”. واعتبر التيار “إنّ اقل ما يمكن ان يقال بالدعوة الى التجمع امام السفارة الاماراتية، انها دعوة مشبوهة ترمي الى تعميق الخلاف بين لبنان واشقائه العرب” . واعلن ”ان كل دعوة استفزازية للسفارات العربية ستواجه بدعوة مقابلة من التيار، لان زمن المتاجرة بقضية فلسطين قد انتهى، وزمن التطاول على العرب باسم فلسطين لن يتكرر”.
في سياق آخر تُواصل واشنطن مطاردتها “حزب الله” مالياً. ونشر امس الحساب الرسمي لبرنامج “مكافآت من اجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأميركية صورة لمحمد إبرهيم بزي عبر “تويتر”. وعلّقت على الصورة بالقول “يستخدم محمد إبرهيم بزي انشطته التجارية الدولية لتوفير الملايين من الدولارات لحزب الله اللبناني. إذا كانت لديك معلومات عن شبكاته المالية، راسلنا عبر سكنال أو تلغرام أو واتساب على الرقم 0012022941037 فقد يمكنك الحصول على مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار