فيما مؤامرة هدم الوطن تمضي من دون هوادة بإرادة وقيادة بعض المسؤولين في البلاد وعنها، يسير توازيا مسلسل الانهيارات المعيشية في حلقة جديدة كل يوم، في ما يبدو مخططا له لإغراق من تبقى من اللبنانيين الشرفاء الطامحين الى اعادة بناء الوطن على اسس اصلاحية، في سبحة هموم لا تنقطع تثنيهم عن مجرد التفكير بالهم الوطني الكبير، وتتيح لأصحاب المخططات الخبيثة تنفيذ مشروعهم الجهنمي بهدوء.
من يراقب تدرّج المشهد اللبناني، لا يمكن الا ان يلاحظ سيناريو توزيع الادوار السياسي ومراكمة الازمات بطريقة منسّقة لا تترك مجالا للمواطن للتفكير بغير توفير لقمة العيش والدواء والمحروقات والبحث عن كيفية تأمين كهرباء بديلة عن تيار الدولة والمولدات الخاصة التي اضطرها التقنين القاسي البالغ 22 ساعة في اليوم الى اعتماد التقنين بدورها لتتعطل مسيرة الحياة اليومية العملية والتعليمية والانظمة التشغيلية كلها وصولا الى لحظة اعلان وفاة الدولة، وربما هذا المطلوب!
المس بالاحتياطي مجددا!
كان يوم امس معيشيا ماليا بامتياز. فاقتراب لبنان من العتمة الشاملة، مع عدم فتح مصرف لبنان اعتمادات لمؤسسة كهرباء لبنان حفاظا منه على احتياطياته وهي اموال الناس وودائعهم، من جهة، وبدء اصحاب المولدات تقنينا قاسيا في ساعات التغذية بعدما باتوا عاجزين عن ايجاد المحروقات لموتوراتهم او قُطع الصيانة لها، الا على سعر صرف السوق السوداء، من جهة ثانية، قرر اصحاب الشأن التحرك واتخذوا قرارا باستخدام هذا الاحتياطي.
انفراجة موقتة
فقد أرسل وزير المال في حكومة تصريف الأعمال كتابا إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول تبلغه الموافقة الاستثنائية من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب لتغطية سلفة الخزينة للكهرباء بالعملة الأجنبية لزوم مؤسسة كهرباء لبنان لشراء المحروقات وللتفضل بالعمل على تنفيذ ما ورد في الموافقة الاستثنائية المذكورة والتي سبق لوزارة المال أن وافقت عليها وأرسلتها».
وكان الوزير ارسل كتاباً إلى رئاسة مجلس الوزراء، لطلب استصدار الموافقة الاستثنائية بعدما وافق رئيس الجمهورية على استصدارها فوقعها دياب وبالتالي فإن أزمة الكهرباء الى انفراج موقت.
حواط يطمئن
الى ذلك، وغداة تنبيهات اوجيرو من مساوئ انقطاع التيار على عمل المؤسسة وتزويد المواطنين بخدمات الانترنت، طمأن وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال طلال حواط ان «رغم الازمة التي يمر فيها لبنان، الا ان قطاع الاتصالات لن ينقطع طالما ان مصرف لبنان يؤمن الاعتمادات اللازمة لشراء الفيول».
الكابيتال كونترول
ماليا ايضا، وبعد طول انتظار أُقر اخيرا في لجنة المال مشروع قانون الكابيتال كونترول. فإثر اجتماعها برئاسة النائب إبراهيم كنعان، لمتابعة درس إقتراح القانون الرامي إلى وضع ضوابط إستثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية.
البنك الدولي
ليس بعيدا من الشأن المالي، اكد نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج الذي جال على الرؤساء امس ان البنك الدولي كان دائما الى جانب لبنان وسيبقى الى جانبه ولن يتركه، مشيرا الى الالتزام بدفع القرض المخصص لشبكة الأمان الاجتماعي وقيمته 265 مليون دولار، مع إمكانية إضافة 300 مليون دولار لدعم الفئات المهمشة. وأثار الرئيس عون إمكانية إعادة هيكلة القروض المعطاة من البنك الدولي للبنان والتي لم تستعمل بعد وذلك حسب الاولويات الطارئة، فأبدى بلحاج تجاوبا مع الرغبة الرئاسية.
تقنين المولدات
وفي الشق المعيشي المأسوي ايضا، بدأ اصحاب المولدات صباحا تقنين التغذية بالتيار. وأكد رئيس تجمّع أصحاب المولدات الخاصة عبدو سعادة أن «لا خيار أمامنا سوى التقنين»، لافتاً الى أن «لا قدرة لأصحاب المولدات على التحمّل بعدما وصلت ساعات القطع الى عشرين في النهار، الأمر الذي يؤثر عليهم من ناحية تأمين قطع الغيار والصيانة المُسعّرة بحسب السوق السوداء، فضلاً عن شح مادة المازوت وإضطرارهم الى شرائها أيضاً من السوق السوداء بـ38 ألف ليرة». وقال «فليؤمّنوا لنا 6 الى 7 ساعات قطع والمازوت بالسعر الرسمي عندها نعدل عن فكرة التقنين».
اتصالات في الظل
كل هذه التطورات الخطيرة، التي تترافق وشحّ حاد في المحروقات والدواء والمستلزمات الطبية والحليب، تحصل فيما لا حركة ظاهرة على ضفة تشكيل الحكومة، الا ان اتصالات تدور في الكواليس لمحاولة ردم الهوة بين بعبدا وبيت الوسط، يشارك فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري وبكركي وحزب الله.
بيانات عنترية
وفيما رأى المكتب السياسي لحركة امل ان المسؤولين عن تشكيل الحكومة العتيدة يتبارون في خطابات وبيانات (عنترية) وشعبوية لا تحقق حتى مصالحهم ولا اهدافهم، وبالتأكيد تغيب عنها مصلحة الوطن الذي وصل حد الانهيار وآخر الدرك، قال معاون بري النائب علي حسن خليل من مجلس النواب اثر اقرار الكابيتال كونترول ان «كل هذه القوانين وكل الذي يجري اليوم لا يمكن ان يؤدي الى الغاية المرجوة منه من دون ان يكون هناك اطلاق لمسألة تشكيل الحكومة الجديدة التي تشكل نقطة وقاعدة الارتكاز للمشروع الاصلاحي الكامل المطلوب منها في المرحلة المقبلة».
ازمة التصدير
من جهة ثانية، عقد امس إجتماع في وزارة الخارجية والمغتربين لمعالجة منع إدخال المنتجات الزراعية اللبنانية الى دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا المملكة العربية السعودية ووضعها موضع التنفيذ. وخلص الإجتماع إلى ضرورة متابعة الإجراءات التي تجريها وزارة الداخلية والبلديات إضافة الى وضع توصيات تقنية امنية تم تفصيلها.
القائد عند السفير
وليس بعيدا، سجلت امس زيارة لافتة لقائد الجيش العماد جوزيف عون الى السفير السعودي في لبنان وليد البخاري في منزله في اليرزة، حيث عقدا اجتماعا لم يكشف النقاب عن مضمونه.