الرئيسية / صحف ومقالات / نداء الوطن:المجتمع الدولي يتدخّل ويراهن على الإنتخابات..العماد عون يحذّر: الجيش هو الرادع للفوضى
نداء الوطن

نداء الوطن:المجتمع الدولي يتدخّل ويراهن على الإنتخابات..العماد عون يحذّر: الجيش هو الرادع للفوضى

انتهت سكرة اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري لتبدأ فكرة البحث عن حكومة جديدة وعن رئيس لها. وعادت “حليمة” قصر بعبدا إلى عاداتها القديمة: رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيدعو النواب إلى الإستشارات الملزمة لتسمية رئيس جديد يكلَّف تشكيل الحكومة ولكنّه يدرس الوقت المناسب للموعد ويستطلع المواقف على قاعدة الإتفاق على الإسم وربما التشكيلة قبل الدعوة.

لا مجال للمناورة اليوم. ولا مجال للعودة إلى تجربة مماثلة لتجربة تسمية الرئيس حسان دياب ولا لحكومة تشبه حكومته. العالم كله قلبه على لبنان يمدّ يده إليه لمنعه من السقوط بينما الممسكون بالسلطة لا يزالون يمارسون لعبة تضييع الوقت والفرص على قاعدة عليّ وعلى أعدائي ياربّ وليسقط الهيكل فوق رؤوس الجميع.

وفي ظل هذا الضياع لدى هذه السلطة وبينما كان رئيس الجمهورية يطمئن الى القدرة على الخروج من الأزمة من دون أن يقول كيف، كان قائد الجيش العماد جوزاف عون يحذر خلال جولة على المراكز العسكرية في البقاع بعد يومين على جولة رئيس الأركان اللواء الركن أمين العرم وبالتزامن مع جولة لوزيرة الدفاع زينة عكر على مقرات عسكرية في كسروان وجبيل، من مخاطر المرحلة المقبلة ومن الإنهيار ويدعو العسكريين إلى الصمود.

قال العماد عون: “لن نسمح لأحد بزعزعة الاستقرار ولا العودة إلى الماضي. بفضلكم يشعر المواطنون بأمان وأنا فخور بكم… المجتمع الدولي يراهن على الجيش اللبناني لأنه العمود الفقري للبنان وعامل استقراره. الأمن خط أحمر، والجيش لن يسمح بالعبث بأمن منطقة بعلبك ولا أي منطقة أخرى مهما كانت الأثمان والتضحيات… يبدو أن الوضع يزداد سوءاً، والأمور آيلة إلى التصعيد لأننا أمام مصير سياسي واجتماعي مأزوم. مسؤوليتنا كبيرة في هذه المرحلة وتنتظرنا تحديات كثيرة… لا وطن من دون جيش ولا استقرار أو أمن من دون وجودكم وتضحياتكم. شعبنا يثق بنا وكذلك المجتمع الدولي، والجميع يعلم أن المؤسسة العسكرية هي الوحيدة التي لا تزال فاعلة. الجيش هو الرادع للفوضى…ما نعيشه اليوم هو أزمة مرحلية وستمر، سنجتازها بفضل إرادتكم وعزيمتكم”.

الملاحظ في كلام العماد عون تركيزه على دور الجيش وعلى أنه أمل الشعب والضامن للإستقرار، وعلى دعم المجتمع الدولي له. هذا المجتمع الدولي بدوره كان حاضرا أمس في هذه الأزمة مراهنا على الجيش لاجتياز المرحلة الصعبة التي تتطلب معونة وتدخلاً دوليين.

فالأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط والأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس توافقا على أن الوضع في لبنان يتجه “من سيّئ إلى أسوأ”. وأعرب ابو الغيط عن أمله في أن يتمكّن المجتمع الدولي من مساعدة اللبنانيين على عبور الأزمة التي تعدّ الأخطر منذ نهاية الحرب الأهلية.

بدوره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وصف إعلان استقالة الحريري بأنه تطور آخر مخيّب للآمال بالنسبة إلى الشعب اللبناني. وقال في بيان: “إنه لمن الحاسم أن يتم تشكيل حكومة ملتزمة وقادرة على تنفيذ إصلاحات ذات أولوية على الفور. وينبغي أن تبدأ الحكومة أيضاً بالتحضير للانتخابات البرلمانية للعام 2022، والتي يجب إجراؤها في موعدها وبطريقة حرة وعادلة”.

امّا فرنسا عبر وزارة الخارجية، فأشارت إلى عمق المأزق وحمّلت القادة اللبنانيين مسؤولية زج البلد فيه عمداً ودعت إلى الإستشارات بسرعة وإلى تشكيل حكومة اختصاصيين للخروج من هذا التعطيل المنظم وغير المقبول، وهي تحضّر لمؤتمر دعم لبنان في 4 آب ذكرى تفجير مرفأ بيروت الأولى.

الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل طالب باستشارات من دون تأخير. وذكّر اللبنانيين بأن توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي يبقى ضرورياً لإنقاذ البلاد من الانهيار المالي، مؤكداً ان استقرار لبنان وازدهاره أساسيان للمنطقة ككل ولأوروبا.

المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا دعت الى التحرّك سريعاً لضمان تكليف رئيس وزراء جديد، بما يتماشى مع الاستحقاقات الدستورية، والى تأليف حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات الضرورية لوضع لبنان على طريق التعافي قبيل إجراء الانتخابات في العام 2022 التي يجب أن تتسم بالحرية والنزاهة”. واعتبرت أن “لبنان يواجه أزمة غير مسبوقة” وأكدت أن “الأمم المتحدة ستظل الى جانب لبنان خلال هذه المرحلة الصعبة”.

قراءة المواقف الدولية تشير إلى قرار بمنع لبنان من السقوط على قاعدة أعطنا خبزنا كفاف يومنا اقتصادياً، وعلى أساس أن يبقى الجيش متماسكاً وضابطاً للوحدة ومانعاً للإنهيار الشامل وخارج إطار المتهمين بالتسبب بالأزمة، وكل ذلك لتقطيع هذه المرحلة في ظل رهان على أن تجرى الإنتخابات النيابية في موعدها حتى تكون بداية لمرحلة التغيير الحقيقي وإعادة بناء المؤسسات وصولاً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وتجاه هذا الإهتمام الدولي يبرز الإهمال المحلي بحيث أن الطرقات المقفلة في أكثر من منطقة تعكس حقيقة الطرقات السياسية المقفلة على الحل. فالعقدة التي اعتبر العهد أنها حُلّت باعتذار الرئيس سعد الحريري ستتوالد منها عقد كثيرة أقلّها عجزه وحليفه “حزب الله” عن تسمية أي رئيس جديد للحكومة وبالتالي عن تشكيل أي حكومة وعن ضبط الأمن والشوارع والتدهور الكبير المتسارع نحو الإرتطام الكبير إلا إذا وجدوا أنفسهم مضطرين لتقديم تنازلات عبر الإتفاق على تسمية رئيس يحظى بتوافق دولي ومن ضمنه سعودي وعلى حكومة تتمكن من أن تعبر الأزمة بانتظار الإنتخابات النيابية. ولكن هل يمكن الوصول بأمان إلى هذه الإنتخابات؟ أم أن الأرض ستهتز في أكثر من منطقة بطرق مفتعلة ومشبوهة.

ما حصل أمس في جبل محسن في المواجهة مع الجيش واستمرار التوتر ليلاً يترك أكثر من علامة استفهام حول خطورة الأمر ويطرح أسئلة عما إذا كانت هناك أفخاخ تحضّر لزج الجيش فيها من أجل تعطيل دوره وإسقاط الرهان المحلي والدولي عليه.

 

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *