بات في حكم الأكيد ان الرئيس #نجيب ميقاتي سيكون اليوم، ومعه البلد برمته، على موعد مع مفارقتين: الأولى ان الغالبية النيابية ستسمي ميقاتي ل#تشكيل الحكومة الجديدة في #تكليف هو الثالث في اقل من سنة بعد انفجار مرفأ بيروت واستقالة حكومة الرئيس حسان دياب، اذ كلّف تباعاً كل من السفير مصطفى اديب واعتذر بعد أسبوعين، ثم كلف الرئيس سعد الحريري واعتذر بعد نحو تسعة اشهر، وها هو الرئيس ميقاتي ينحو الى تجربة تكليف جديدة لا يمكن الجزم معها مسبقاً بحظوظ اختراقه “قدر التعطيل” الذي نصبه العهد وتياره في مواجهة الحريري خصوصاً. والمفارقة الثانية تتمثل في ان تكليف ميقاتي سيدخله في تجربة حكومية ثالثة له تختلف ظروفه السياسية فيها اختلافاً جذرياً تقريباً عن السابقتين اللتين خاضهما في عامي 2005 و 2011، اذ يشكل ترشيحه عملياً وسياسياً ورمزياً من بيت الوسط امس، ومن حاضنة نادي رؤساء الحكومة السابقين، دلالات معبرة وقوية ان لجهة ”المرجعية” السياسية الأقوى تمثيلا للسنة في البلاد، وان لجهة الخط السياسي والمبادئ التي اعلنها الرؤساء الأربعة أساساً لدعمهم ترشيح الرئيس ميقاتي. واذا كانت سبحة دعم ميقاتي بدأت تكرّ فور اعلان تبني ترشيحه من بيت الوسط بما يؤذن بصلابة أرضية تكليفه، فان ذلك لم يحجب السؤال الكبير الذي لا يزال يشكل علامة الشك الكبرى التي ستواكب اجراء الاستشارات النيابية الملزمة اليوم في قصر بعبدا والتي ستنتهي حتماً بصدور مرسوم تكليف ميقاتي وهو: هل تجمّع ما يكفي من معطيات ثابتة، خارجية وداخلية، تسمح بالتفاؤل بأن يكون تكليف ميقاتي نهاية مسار تعطيل تشكيل الحكومة على يد العهد وتياره مدعومين ضمناً من “#حزب الله” كما في تجربة الرئيس سعد الحريري ؟ وتالياً هل سيتمكن ميقاتي بسرعة من التكليف الى التأليف، وتاليا اختراق نمط التعطيل بقرار ضمني من العهد او قسري بفعل الضغوط الدولية والداخلية التي لن يتمكن من تحملها بعد الان، على رغم معارضة كتلة “التيار الوطني الحر” لترشيح ميقاتي واتجاهها الى تسمية السفير نواف سلام في الاستشارات او عدم تسمية احد وق تسريبات ليلية، فيما تمتنع الكتلة المسيحية الأكبر الأخرى “القوات اللبنانية” عن تسمية أي مرشح؟ الواضح من صورة توزع الاتجاهات عشية الاستشارات ان الأكثرية باتت مؤمّنة لميقاتي ولكنها لا تزال تنتظر مواقف متريثة ستصدر صباح اليوم وأبرزها موقف “حزب الله” وما اذا كان سيصوت لميقاتي ام يمتنع عن التسمية علما ان المعلومات رجحت ان يسمي ميقاتي، كما كتلة الأرمن والقومي السوري الاجتماعي وعدد من النواب المستقلين. وستؤثر صورة مجموع الأصوات على المناخ الذي أضفته عملية الترشيح بين شروط حازمة برسم العهد أعلنت في بيان رؤساء الحكومة السابقين واتجاه تيار العهد اليوم الى معارضة ترشيح ميقاتي من خلال عدم التسمية. وسيكون لهذه المناخات دورها في تبيّن الاتجاهات الحاسمة فوراً بعد التكليف اذ يبدو ميقاتي عازماً على عدم الاستغراق في الوقت لأكثر من فترة أسابيع قليلة لتأليف الحكومة والا سيتجه الى الاعتذار اسوة بالحريري. وقد بدا واضحاً ان بيان رؤساء الحكومة السابقين شكل الاطار الأساسي للحكومة التي يريد ميقاتي تأليفها بسرعة انطلاقا من معطيات سلبية ترجح استمرار العقبات من جانب العهد وتياره ولكن الرؤساء السابقين قرروا إعطاء فرصة جديدة لتشكيل حكومة .
وعلم ان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران #باسيل زار ميقاتي ليل السبت الماضي وألتقاه مطولا الى عشاء عمل كما زاره ثانية امس وأبلغه انه لن يسمي ولن يشارك في الحكومة وأن بحثاً في توزيع الحقائب اظهر تبايناً عميقاً بين ميقاتي وباسيل على وزارة الداخلية. كما ان المعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله ” حسين خليل زار ميقاتي وبحث معه في التكليف على ان تبحث تفاصيل التاليف لاحقاً. وعلم ان ميقاتي يواصل اتصالاته بكل رؤساء الكتل ويبلغهم نيته تاليف حكومة تكنوقراط من شخصيات مستقلة غير حزبية .
البيان – السقف
في أي حال اتخذ بيان رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة، وسعد الحريري وتمام سلام، بعد الجلسة التي عقدوها عصر امس في بيت الوسط دلالات بارزة لجهة تحديد السقف المرتفع والأسس التي دعموا على أساسها ترشيح ميقاتي، فشددوا على تأليف “حكومة من مستقلين غير حزبيين من أصحاب الاختصاص بعيداً عن تسلط القوى والاحزاب السياسية، تحت ذرائع أثلاث معطلة أو غيرها تدفعها الى الاستقالة، وعلى ان تكون هذه الحكومة منسجمة ومتضامنة تحظى بثقة اللبنانيين وثقة المجتمعين العربي والدولي”. كما شددوا على التزام مجموعة قواعد من ابرزها :
1- وثيقة الوفاق الوطني واستكمال تطبيقها، والدستور اللبناني بعيدا عن البدع والانتهاكات التي اصبحت تخرق الدستور اللبناني.
2- الدولة اللبنانية وممارستها لقرارها الحر ولسلطتها على كامل اراضيها ولأصول ممارسة نظامها القائم على فصل السلطات وتوازنها وتعاونها.
3- التزام الشرعيتين العربية والدولية وعلاقات لبنان الوثيقة مع اشقائه العرب واصدقائه في العالم بما يتلاءم مع مصلحته والمصالح الدائمة للبنانيين.
4- التطبيق العملي للمادة 95 من الدستور بكامل مندرجاتها، وبما تنص عليه أيضاً ومن ذلك الالتزام بقواعد الكفاءة والجدارة والاستحقاق، وكذلك في اجراء المساءلة والمحاسبة المؤسساتية .
5- استقلالية القضاء .
6- أن تتولى الحكومة العمل على البدء بتطبيق الاصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية والادارية والسياسية ومن ضمن ذلك المسارعة الى البدء بإجراء حوار وتعاون شفاف وجدِّي ومجدي مع صندوق النقد الدولي.
وعلى اساس الالتزام الكامل بهذه المبادئ والقواعد، فإننا ندعم ترشيح الرئيس نجيب ميقاتي ليتولى مهمة تأليف الحكومة “
وبدورها اعلنت “كتلة اللقاء الديموقراطي ” انها سوف تسمي اليوم في الاستشارات الرئيس ميقاتي “انسجاماً مع موقف اللقاء المطالب بضرورة إيجاد تسوية لإنتاج حكومة إنقاذ تتبنّى المبادرة الفرنسية ليكون ذلك مدخلاً حقيقياً للإصلاح عبر التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتوفير الاستقرار النقدي والمالي والاجتماعي في البلاد”.
كما قررت كتلة المستقبل المشاركة في الاستشارات وتسمية ميقاتي .
يشار إلى ان سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء سجل تراجعاً ملموساً بعد اعلان كتل عدة تأييد تكليف ميقاتي ووصل مساء الى سقف 17800 ليرة لبنانية .
في المقابل أكّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لوفد من مجلس الشيوخ الفرنسي “أن تأليف الحكومات في الوقت الراهن، وفي ظل وجود الأكثريّة النيابيّة الحاليّة التي أوصلت البلاد إلى ما هي فيه اليوم، لن يفيد بأي شيء وإنما الحل الوحيد يكمن في إعادة تكوين السلطة والذهاب مباشرة إلى انتخابات نيابيّة مبكرة من شأنها أن تفرز أكثريّة نيابيّة جديدة، ورئيس جمهوريّة جديد وحكومة بالفعل جديدة وعندها تبدأ عمليّة الإصلاح والإنقاذ” .
وبدوره اعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار #بشارة بطرس الراعي “اننا نَتطلّعُ إلى أن تجريَ الاستشاراتُ النيابيّةُ وتُسفر عن تكليفِ شخصيّةٍ وطنيّةٍ إصلاحيّةٍ يَثِقُ بها الشعبُ اللبنانيُّ المنتفِضُ والباحثُ عن التغييرِ الحقيقي، ويرتاحُ إليها المجتمعان العربيُّ والدوليُّ المعنيان بمساعدة لبنان للخروج من ضائقته المادية ومن الانهيار”.
وقال “نهيب بكل المعنيّين بموضوعِ التكليفِ والتأليفِ أن يتعاونوا ويُسهِّلوا، هذه المرّة، عمليّةَ تشكيلِ الحكومة سريعًا، فلا يُكرّروا لعبةَ الشروطِ والشروطِ المضادّةِ وبدعةَ الاجتهاداتِ الدستوريّةِ والتنازعِ على الصلاحيّات… ونطالب المسؤولين بأن يَنتهوا من تأليف الحكومةِ قبل الرابع من آب، تاريخِ تفجيرِ مرفأ بيروت. ونقول لهم: لم تُقدِّموا إلى الشعب الحقيقة، فقدِّموا إليه، على الأقلِّ، حكومة