تطورات عديدة بدت لكثيرين مفاجئة شهدها ملفا تشكيل الحكومة والتحقيق بانفجار مرفأ بيروت يوم أمس. اذ وبعد ايام من مشهد سوداوي طغى على عملية التأليف وحديث عن عودة الامور الى نقطة الصفر، رصدت في الساعات الماضية ايجابيات عديدة دفعت البعض للحديث عن امكانية ولادة الحكومة نهاية الاسبوع، فيما تمسك البعض الآخر بشكوكه انطلاقا من التجارب السابقة المريرة حيث كان يتم الترويج لانتهاء المخاض الحكومي قبل ان يتضح انه لا يزال في بداياته!
مرحلة جديدة من التوقيفات
اما على خط التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، كشفت مصادر مطلعة على مسار الملف ان المحقق العدلي القاضي طارق البيطار افتتح مرحلة جديدة من التوقيفات بعد قراره يوم امس توقيف عضو المجلس الاعلى السابق للجمارك هاني الحاج شحادة، بعد استجوابه لساعات بحضور وكيله نقيب المحامين السابق انطوان قليموس وفرقاء الدعوى. واوضحت المصادر لـ “الديار” ان شحادة هو من المدعى عليهم بالملف الذي استمع اليه البيطار امس على ان يستكمل الاستماع لمدعى عليهم آخرين خلال الاسبوع الحالي والاسبوع المقبل. مضيفة:”الاشخاص غير المشمولين بالحصانات سيأتون بمواعيد استجوابهم ومن غير المستبعد ان تشملهم موجة التوقيفات الجديدة في حال ثبت انهم كانوا في موقع مسؤولية وكانوا يعلمون بوجود النيترات ولم يحركوا ساكنا. اما بخصوص الاشخاص المدعى عليهم الذين لديهم حصانة، تؤكد المصادر ان القاضي البيطار لديه خياراته للتعامل معهم وهي تختلف ما اذا كانوا سيحضرون جلسات استجوابهم او سيقاطعوها.
وبالتوازي، اطلق رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الذكرى الـ43 لتغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه سلسلة مواقف حازمة بملف المرفأ، فطالب بالعدالة وانزال القصاص العادل”، مضيفا:” نحن كنا أول من مد يد العون إلى أهالي الشهداء، وأكدنا ان لا حصانة فوق رأس أي متورط والحصانة فقط للقضاء والشهداء والعدالة وتعاونا وسنتعاون مع القضاء إلى أقصى الحدود ولم نقل يوما أننا ضد رفع الحصانات وجل ما طالبنا به هو تطبيق القانون والدستور، لكن للأسف هناك من تعود في لبنان الاستثمار على القضايا المحقة لأهداف انتخابية رخيصة وربما تنفيذا لأجندات مشبوهة”. وأكد ان “المسار للوصول إلى الحقيقة واضح هو معرفة من أدخل السفينة ولمن تعود شحنة النيترات ومن سمح بابقائها كل هذه المدة. وقال: “المطلوب من المحقق العدالي طارق البيطار تطبيق القوانين بدءا من الدستور. ” وتوجه إليه “اسمع صوت العدالة، من دون إستنسابية وإن لم تقم بذلك فويل لقاضٍ في الأرض من قاضٍ في السماء”.
اتفاق على وزيرة العدل
بالعودة للملف الحكومي، تقاطعت المواقف والتسريبات يوم امس على حصول خروقات اساسية في عملية التشكيل. وقالت مصادر مطلعة لـ “الديار” انه جرى التوافق بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف على اسم القاضية ريتا كرم لوزارة العدل، فيما يتم التداول باسم قاض آخر غير محسوب على اي من القوى السياسية لوزارة الداخلية على ان يتسلم وزير محسوب على عون وزارة الشؤون الاجتماعية وآخر محسوب على ميقاتي وزارة الاقتصاد بالتوازي مع التفاهم على مروان أبو فاضل كنائب لرئيس الحكومة.
وكان النائب جميل السيد أعلن بعد لقائه عون ان “النقاط العالقة المتبقّية باتت على وشك الحلّ، إذا صفت النيّات وتوقّفت المداخلات وراء الستار وممّن هُم غير معنيّين بالتشكيل ويشنّون حملات غير لائقة على رئاسة الجمهورية”.
من جهته، دعا الرئيس بري إلى “المبادرة فورا إلى بند وحيد هو تنحية الخلافات مهما كانت اسبابها والاسراع في تشكيل حكومة هذا الاسبوع، جدول أولويتها تحرير اللبنانيين من طوابير الذل وتفعيل عمل القضاء والاجهزة الأمنية والرقابية لمكافحة الفساد وتجار السوق السوداء واجراء الانتخابات النيابية في موعدها”.
وأشار تكتل “لبنان القوي” في بيان اثر اجتماعه الدوري إلكترونيا برئاسة النائب جبران باسيل، أنه “لا مبرر للتأخير بعد التسهيلات الكبيرة التي قدمها رئيس الجمهورية ميشال عون، وفي ضوء الإيجابيات التي يظهرها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي والتعاون القائم بينهما للاتفاق على تشكيلة تحترم الميثاق والدستور وتكون قادرة على وقف الانهيار واستنهاض الاقتصاد”.
الا ان مصادر سياسية نبهت من المبالغة في التفاؤل، داعية في تصريح لـ “الديار” الى “اخذ العبر من التجارب السابقة منذ استقالة الرئيس حسان دياب حتى يومنا هذا، بحيث كنا ننام على انجاز التشكيلة ونصحو على عودة الامور الى المربع الاول”.
الباخرة الاولى نهاية الاسبوع؟
وفيما تواصلت يوم امس معاناة اللبنانيين في الطوابير على المحطات من دون ان ترشح اي بوادر لحلول قريبة، اشار رئيس” تكتل نواب بعلبك الهرمل” النائب حسين الحاج حسن الى ان “حزب الله بصدد استقدام المحروقات إلى لبنان من ايران وتفاصيل هذا الأمر عند قيادة الحزب لا سيما الأمين العام السيد حسن نصر الله، وذلك بهدف التخفيف من معاناة الناس وكسر الإحتكار و الحصار”.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الديار” ان الباخرة الاولى المحملة بالمازوت والتي قطعت قناة السويس باتت في البحر الابيض المتوسط ومن المتوقع ان تفرغ حمولتها نهاية الاسبوع الحالي.مضيفة:”حزب الله سيعلن قريبا عن مكان التفريغ والتفاصيل الاخرى، علما ان الباخرة الثانية المحملة بالبنزين تركت الشواطىء الايرانية في وقت يتم العمل على تعبئة الباخرة الثالثة بالمازوت”.
توزيع ادوية مجانا
اما على صعيد ملف الدواء، أعلن المكتب الاعلامي لوزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن امس أنه بناء على إشارة النائب العام الإستئنافي في البقاع القاضي منيف بركات سيصار الى توزيع المصادرات من أدوية و حليب أطفال على المستوصفات ومراكز الرعاية الصحية التابعة للوزارة على أن توزع على المواطنين وفق الأصول بشكل مجاني.
من جهته، طالب رئيس الجمهوريّة ميشال عون ، الأجهزة العسكريّة والأمنيّة والقضائيّة، بـ”التعاطي بشفافيّة مع المواطنين في ما خصّ نتائج المداهمات الّتي تقوم بها القوى العسكريّة والأمنيّة لمستودعات الأدوية و المواد الغذائية و محطات المحروقات ، والّتي تزايدت خلال الأيّام الماضية”.
وشدّد على أنّ “من حقّ اللبنانيّين، من أجل استعادة ثقتهم بالدولة وبأجهزتها ومؤسّساتها كافّة، أن يعرفوا مَن هم المتّهمون الفعليّون باحتكار الأدوية وحليب الأطفال و المستلزمات الطبية وتخزينها، لبيعها بسعر أعلى وحرمان المحتاجين منها. كما من حقّهم أن يعرفوا مَن هم أولئك الّذين خزّنوا المحروقات ولأجل أيّ غاية، وما هي الإجراءات الّتي اتُخذت في حقّهم، وهل أوقفوا وأودعوا السجن، أم تواروا عن الأنظار، أو حظيوا بحماية من جهات أو مرجعيّات أمّنت لهم التفلّت من العدالة؟”.
كذلك، طالب الرئيس عون بـ “إعلام المواطنين عن مصير المواد المصادرة”، مشيرًا إلى أنّه “ما لم يحصل اللبنانيّون على أجوبة واضحة لهذه التساؤلات المشروعة، ستبقى علامات الاستفهام تجول في خواطرهم وتزيد من معاناتهم، وتتلاشى يومًا بعد يوم الثقة الّتي يُفترض أن تقوم بينهم وبين دولتهم بأجهزتها كافّة، وذلك كي يتعاون الجميع من أجل مكافحة الاحتكار والمحتكرين، والجهات الّتي تقف وراءهم وتسهّل لهم الاستمرار في ممارساتهم الّتي تخلو من أيّ حسّ وطني أو إنساني؛ خصوصًا في ظلّ الأوضاع المعيشيّة الصعبة الّتي يمرّ بها اللبنانيّون”.
أكّد “أنّه من جهته، لن يتردّد في وضع كلّ الحقائق أمام الرأي العام، كي لا يقع أسير الشائعات والأخبار الكاذبة، وكي يعرف حقيقة من يُمعن في الممارسات اللاأخلاقيّة واللاإنسانيّة ومن يحمي هؤلاء المرتكبين، لأنّ ذلك وجه آخر من وجوه عمليّة مكافحة الفساد الّتي لن تتوقّف مهما اشتدّت الضغوط وتنوّعت الابتزازات، علمًا أنّ مسؤوليّة القضاء في ملاحقة المحتكرين والفاسدين والمرتكبين، أساسيّة وضرورية لينالوا الجزاء الّذي يستحقّون”.