ماذا سيقول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حين يستضيفه في الإليزيه الجمعة المقبل؟ هل سيجرؤ على مصارحته بأنّ القضاء العدلي ممنوع من كشف الحقيقة في جريمة انفجار المرفأ؟ هل سيكتفي بالقول له “أنا حزين” لانتهاك استقلالية القضاء وتهديد المحقق العدلي، كما اكتفى بإبداء “حزنه” إزاء مشهد انتهاك الصهاريج الإيرانية السيادة اللبنانية؟ الأرجح أنّ ميقاتي سيسقط في امتحان “البكالوريا الفرنسية” هذا العام، لعدم قدرته على مجاراة منهجها الجديد الذي أدرج انفجار المرفأ في كتاب مستحدث لمادة التاريخ والجغرافيا.
لم يكن إخباراً إعلامياً عابراً ما كشفه الصحافي إدمون ساسين أمس عن إيصال “حزب الله” رسالة تهديد إلى القاضي طارق بيطار مفادها: “واصلة معنا منك للمنخار، رح نمشي معك للآخر بالمسار القانوني وإذا ما مشي الحال رح نقبعك”، بل هو يرتقي إلى مصاف “الإخبار الأمني” بعدما وضعته مصادر قضائية في خانة “تهديد صريح يضع المحقق العدلي في خطر حقيقي، ما يستوجب تحركاً فورياً للالتفاف حوله قضائياً وشعبياً وتعزيز حمايته أمنياً، خصوصاً وأنّ رسالة التهديد التي أوصلها مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا عبر طرف ثالث إلى القاضي بيطار عبّرت بوضوح عن نيتها في عدم توفير أي وسيلة لـ”تطييره”.
وفي هذا المجال كشفت معلومات موثوقة عن تشكيل “غرفة عمليات” بين القوى المتضررة من مسار تحقيقات القاضي بيطار وقد بدأ أعضاؤها العمل والتحضير للإطاحة به والدفع نحو تنحيته عن متابعة ملف انفجار المرفأ وهذا ما قصده صفا بقوله: “بدنا نقبعو بالطرق القانونية… وإلا”.
وفي حين بدا صمت “حزب الله” إزاء ما كُشف عن مضمون رسالة تهديد المحقق العدلي، تأكيداً أكثر منه نفياً لمحتواها، أكدت المعلومات المتوافرة أنّ الرسالة وصلت إلى القاضي بيطار بعيد زيارة قام بها صفا إلى قصر العدل، حيث التقى كلاً من رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، وهو ما أثار حفيظة أوساط قضائية مستقلة اعتبرت أنّ “التدخل بشؤون القضاء بلغ ذروته مع هذه الزيارة بصورة فجة ومهينة لأعضاء السلك القضائي”.
وإذ أفادت المعلومات أنّ بعض الوزراء السابقين المدعى عليهم يُعدّ العدة القانونية لتقديم دعوى أمام محكمة التمييز الجزائية ضد القاضي بيطار لطلب تنحيته أو رد الملف ونقله من عهدته أو مخاصمة الدولة، جاء جواب المحقق العدلي أمس بتأكيد مزيد من العزم على استكمال خطواته واستدعاءاته، وذلك من خلال تحديده 30 الجاري موعد انعقاد جلسة استماع إلى الوزير السابق علي حسن خليل، والأول من تشرين الأول للاستماع إلى الوزيرين السابقين غازي زعيتر ونهاد المشنوق بصفتهم مدعى عليهم في القضية.
وتوازياً، أكدت مصادر مطلعة أنّ موضوع توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون على مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، بغية تجنب إمكانية سقوط الحصانات عن النواب في الدورة العادية المقبلة للمجلس “لا يزال قيد الدرس ولم يُحسم بعد”، لافتةً إلى أنّ اتخاذ قرار بهذا الخصوص لا بد وأن يسبقه تشاور مشترك بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فضلاً عن التشاور كذلك مع رئيس مجلس الوزراء لأنّ صدور المرسوم يتم بالاتفاق معه. وبناءً عليه، رجحت المصادر أن تتكثف المشاورات حيال الحاجة إلى فتح دورة استثنائية من عدمه بعد عودة ميقاتي من باريس وقبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل.