كتبت “الانباء” تقول:اعادت باريس لنفسها بريق مبادرتها تجاه لبنان. ويصرّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن يكون عرّاب الملف اللبناني، وقد أقدم على ذلك منذ تكثيف الضغوط لتشكيل الحكومة، وصولاً إلى تهنئة نفسه بتشكيلها بعيد الإعلان عنها، واستكمل ذلك بخطوة استقبال الرئيس نجيب ميقاتي، الذي افتتح ولايته الحكومية بزيارة باريس بحثاً عن دعم معنوي وسياسي واقتصادي. لكن الشق الأخير مرتبط بإنجاز الإصلاحات وفق ما قال الرئيس الفرنسي، ووفق ما تؤكّد عليه كل القوى الدولية. وفيما يحضّر ميقاتي لزيارات خارجية، ولا سيّما إلى الدول العربية والخليجية يعود إلى لبنان من فرنسا وعلى عاتق حكومته ملفات كثيرة.
مصادر سياسية اعتبرت عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية أنّ، “أول الملفات هو التطورات الحاصلة بقضية تفجير مرفأ بيروت، والتي تتحول إلى واقع إنقسامي سياسي وشعبي وقضائي وطائفي كبير، خصوصاً أنّ قوى متعددة بدأت تتعاطى مع هذا الملف الأساسي والحساس بناءً على مقاربات وحسابات انتخابية. وقد يصل الأمر إلى حدود الانقسام المسيحي- المسلم حول قضية تمسّ اللبنانيين جمعياً، وتعني البلد لناحية وجوده، كما سيكون الملف ضاغطاً على الحكومة.
وأمّا ثاني الملفات فهو ما استجد بموضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، والتي على ما يبدو أنّها معلقة بانتظار مفاوضات إقليمية ودولية واسعة في ظل المزايدات الداخلية التي أدت إلى عرقلة الملف بشكل كامل بسبب الحسابات السياسية المتضاربة.
بالتزامن مع عرقلة مفاوضات الترسيم، برز ملف استيراد لبنان للنفط المصري، وكأنّ هناك تقاطعاً دولياً على توفير موارد نفطية جديدة مقابل تأجيل البت بالترسيم، والبدء بعمليات التنقيب. وفي الموازاة وصلت قوافل النفط الإيراني إلى لبنان على إيقاع الاستمرار الإسرائيلي بالتنقيب والتحضير لبدء عمليات الاستخراج. سيكون هذا الملف داهماً أمام ميقاتي، وقد يحرجه، لا سيّما أنّ الوفد العسكري المفاوض يطالب بتعديل مرسوم ترسيم الحدود، وتوسيعها من 860 كلم مربع إلى 2,290 كلم مربع، فيما ميقاتي يتمسّك بالمرسوم القديم، والذي قدّمته حكومته.
وتابعت المصادر: “ثالث الملفات الداهمة هي خطة الكهرباء، والتي يقول ميقاتي في أوساطه إنّه يركّز بشكلٍ كبير على إنجازها بالتعاون مع شركات دولية”، إلّا أن مصادر أخرى تستبعد إمكانية نجاحه بذلك، خصوصاً أنّ المدخل الأساسي لإصلاح قطاع الكهرباء هو تشكيل الهيئة الناظمة، والتي لم يتم الإشارة إليها في البيان الوزاري، وهناك رفض ثابت لدى التيار الوطني الحرّ لها.
هذه الملفات ستكون الحاضر الأكبر على طاولة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، وهي قابلة لتفجيره في أي لحظة ما لم يتم تدارك آلية التعاطي مع كل هذه الاستحقاقات، كما تؤكد المصادر.
بالتزامن، جاء بيان شركة كهرباء لبنان تشاؤمي في عزّ الأجواء التفاؤلية للحكومة الجديدة، محذّرةً من عتمة شاملة في آخر شهر أيلول الجاري، إلّا إذا تمّ إعطاء الشركة سلفة خزينة جديدة لشراء الفيول.
وتعقيباً على طلب سلفة خزينة، ذكر عضو لجنة الطاقة والأشغال النيابية، النائب محمد خواجة، أنّ “المجلس النيابي خارج دورة الانعقاد العادي، ولا دورة استثنائية في الوقت الراهن، وبالتالي لا يمكن إقرار أي سلفة خزينة، ولن يعود المجلس إلى الانعقاد قبل 15 تشرين الأول المقبل”.
وحول الحلول البديلة، لفت خواجة إلى أنّ، “الفيول العراقي قد يؤمّن ما بين 4 إلى 5 ساعات من التغذية الكهربائية، حسب ما أعلن وزير الطاقة السابق ريمون غجر، الأمر الذي قد يمنع العتمة الشاملة، إلّا أنّه يبقى حلاً مؤقتاً في حين أن القطاع يحتاج إلى حلول جذرية”.
وفي هذا السياق، شدّد خواجة على وجوب، “إدراج ملف الكهرباء على طاولة الحكومة الجديدة، والتوجّه نحو بناء معامل جديدة تعمل على الغاز. فشركة “سيمنز” عرضت بناء معامل وتوفير الكيلواط بقيمة 7.1 سنت، في حين أنّ الكيلواط الحالي يكلّف مؤسّسة كهرباء لبنان 24 سنتا لإنتاجه، وبالتالي سنشهد انخفاضاً في الفاتورة، وزيادة في ساعات التغذية، وسيستغني المواطنون عن المولدات الخاصة، في حال تم اللجوء إلى هذا الحل”.
إلّا أنّ الفيول العراقي لا يبدو أنّه يشكّل حتى حلاً عاجلاً، لا سيّما وأنّ الشحنة الأولى تم إفراغها ولم يتغيّر شيء بالتغذية الكهربائية. وفي هذا السياق، جاء سؤال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، قائلاً: “أين أصبح النفط العراقي، ومن هي الشركات المكلفة باستبداله بالفيول من أجل انتاج الكهرباء في المصانع اللبنانية. غريبٌ هذا التعتيم على هذا الموضوع. قد يكون من المفيد للأمن العام اللبناني أن يرسل وحداته الخاصة للبحث عن مصير الشاحنات بين الأنبار ودير الزور”.