إذا صح الكلام عن حلحلة إيجابية في ملف ما، وسط تفاقم التأزم الداخلي منذراً بتصعيد خطير على وقع تطورات استدعاء رئيس حزب #القوات اللبنانية #سمير جعجع للاستماع إلى افادته صباح اليوم في فرع التحقيق في مديرية مخابرات الجيش حول احداث الطيونة وعين الرمانة وقضية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، فإن الحلحلة الوحيدة سجّلت في تعليق “يوم الغضب” النقابي الذي كان قطاع النقل والاتحاد العمالي العام يزمعان تنفيذه اليوم إلى اشعار اخر. أما ملف المواجهات السياسية – القضائية فظل متوهجاً ومنذراً بتفاقم التوترات لا سيما في موضوع استدعاء جعجع بحيث سجلت الساعات الأربع والعشرون الأخيرة تصاعد الاستنفارات القانونية الاعتراضية والتعبئة الحزبية والسياسية إلى ذروتها قبيل الموعد الذي حدد لحضور جعجع إلى اليرزة، فيما بات من المؤكد انه من غير الوارد ان يحضر جعجع لموانع دفع بها وكلاؤه قانونيا إلى المرجع القضائي المختص. ولكن العامل اللافت والطارئ الذي اخترق مشهد التأزيم تمثل في التحرك العاجل الذي قام به البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي بجولة على الرؤساء الثلاثة بما عكس في ذاته الطابع الاستثنائي لخطورة دوافع هذا التحرك. ومع ان البطريرك تعمد اظهار تفاؤل واسع بالتوصل إلى حل “سياسي دستوري” يخرج الوضع من إختناقاته، لم يتضح تحديداً ما الذي ركز عليه أكثر سواء في موضوع جعجع الذي بدا محورياً في مبادرة الراعي إلى التحرك نحو الرؤساء او في موضوع التحقيق العدلي ومعاودة جلسات مجلس الوزراء، علما ان موضوع جعجع بدا الملف الاشد سخونة في التحرك.
ذلك ان استدعاء جعجع للاستماع إليه أمام مخابرات الجيش اليوم، تقدم إلى واجهة الحدث الداخلي. وإذ بات بحكم المؤكد ألا يلبيّ جعجع الدعوة لاسباب سياسية وقانونية تشوبها، تقدم وكلاؤه بواسطة المحامية إيليان فخري بمذكرة إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي يظهرون فيها “بالحيثيات القانونية والوقائع الميدانية والمخالفات القانونية الجسيمة أن تبليغ الدكتور جعجع غير قانوني”. كما تقدم وكلاء عدد من الموقوفين بطلب تنحي عقيقي والذي رفض تسجيل طلب التنحي الأمر الذي يعد مخالفا للأصول القانونية مما دفع بوكلاء هؤلاء الموقوفين بطلب رد القاضي أمام محكمة استئناف بيروت التي ستنظر بالطلب خلال الأيام المقبلة.
وبرزت استعدادات لتحركات احتجاجية عبر دعوات إلى تظاهرة سيارة من بكركي إلى معراب اليوم “ضد استدعاء الضحية لا المعتدي وتضامنا مع رئيس القوات”. وأفادت معلومات بأن الطرق من كازينو لبنان وحريصا وبكركي وصولاً إلى معراب قد تقفل صباح اليوم من قبل محتجين على استدعاء جعجع. كما دعت القوات اللبنانية في بشري إلى الاقفال العام اليوم تضامنا مع ابن المدينة رئيس حزب القوات سمير جعجع تحت شعار ”رفضا للظلم”.
تسوية الراعي – بري؟
في غضون ذلك، حمل #البطريرك الراعي قضية استدعاء جعجع وجال بها على عين التينة فالسرايا فبعبدا، رافضا الاستنسابية وسياسة الكيل بمكيالين في حوادث الطيونة. واتخذت زيارة الراعي لرئيس مجلس النواب #نبيه بري دلالة خاصة اذ أقام الرئيس بري مأدبة غداء على شرفه واتسم اللقاء بدفء وتوافق تام في الآراء حول سبل الخروج من المآزق القائمة بالانطلاق من مخرج عبر مجلس النواب لقضية التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت. ويبدو ان الراعي ابلغ إلى بري موافقته على ان يعمد مجلس النواب إلى الادعاء على النواب والوزراء السابقين المدعى عليهم من المحقق العدلي بإحالتهم على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء فيما يبقى المحقق العدلي في مهمته لملاحقة الاخرين، وهذا أساساً موقف بري. وذكر انه وعد الراعي بإمكان طرحه في جلسة الخميس للمجلس. وهذا الحل يضع البيطار امام احتمال رفضه، والتمسك بصلاحياته، واعتبار ملاحقة النواب من صلاحياته حصراً. كما اثار الراعي مع بري تسييس القضاء في إشارته إلى طلب استدعاء جعجع. وأوضح الراعي ان “لدى الرئيس بري اقتراحات وحلول مهمة وسأعمل مع المراجع عليها لأن الوضع لا يمكنه الاستمرار على النحو نفسه فيما لبنان وشعبه يموتان والمؤسسات تتحلل”. وأضاف: “نريد أن يكون القضاء حراً ومستقلاً لا قضاءً مسيّراً تحت الضغط الحزبي والطائفي”. واكد انه “يستهجن استدعاء جعجع لان هناك أشخاصا تابعين لحزب هو مسؤول عنه”.
وأشار الراعي من بعبدا إلى “سعادته وفرحه داخليا بوجود حلول، واعتقد انها ستنفذ، وعندها بإمكاننا ان نخرج رويدا رويدا من المأساة التي نعيشها اكانت تعطيل الحكومة، او نتائج الاحداث الأخيرة المؤلمة او غيرها من المشاكل التي يعيشها الناس على كل المستويات”. وأضاف: “ان زيارتي ليست قضائية بل هي زيارة إلى المعنيين مباشرة بالعمل السياسي، لأؤكد ان السياسة يجب ان تسبق الاحداث لا ان تلحق بها. العمل السياسي هو عبر استباق الاحداث وإيجاد طريقة لمعالجتها قبل ان تتفاقم”. وقال انه تكلم مع رئيس الجمهورية عن الحل الذي تم الاتفاق عليه مع الرئيسين بري وميقاتي، “وانا مقتنع به، انطلاقا من الدستور، والرئيس عون رحب بهذا الحل كونه دستوريا. ولست الآن مخولاً لأكشف عنه، وعلينا ان ننتظر المسؤولين لتنفيذه. ويجب ان يحصل ذلك في أسرع وقت ممكن، وآمل ان يكون ذلك غدا”.
وسئل عن تحرك مناصري “القوات اللبنانية” اليوم في معراب، وهل من محاولة لاحتواء هذا الموضوع؟ فأجاب: “يجب ان يحصل ذلك. انا كنت غائبا عن بكركي منذ الصباح، وحين اعود سأجري الاتصالات اللازمة”.
مواقف من الاستدعاء
وسجلت امس مواقف سياسية من استدعاء جعجع، كان ابرزها للرئيس سعد الحريري الذي عبر حسابه على “تويتر” قائلا “الاعلان عن تبليغ الدكتور سمير جعجع لصقاً للمثول امام مديرية المخابرات، يقع ايضاً في خانة العبثية ويستدعي البلاد إلى مزيد من الانقسام وتوظيف ادارات الدولة في خدمة سياسات الانتقام، والمطلوب تبليغ كافة المعنيين، شفاهة او لصقاً، بوجوب المثول أمام مقتضيات المصلحة الوطنية وعدم التفريط بما تبقى من مقومات السلم الاهلي”.
من جانبه، كتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر “تويتر”: “من اجل تحقيق شفاف وعادل ومن اجل عدالة شاملة بعيدا عن الانتقائية ومن اجل اعطاء بعض من الامل للمواطن الذي لا دخل له في صراع المحاور المحلية من الافضل توقيف جميع مطلقي النار في حادثة الطيوًنة دون تمييز ووقف هذا السجال السياسي العقيم والمدمر”.
أما رئيس حزب الكتائب سامي الجميل فقال”موقف حزب الكتائب لجهة وجوب تحصين استقلالية القضاء وعدم الانصياع للابتزاز الأمني والسياسي الذي يتعرض له لبنان موقف ثابت وواضح ومستمر. أمّا فيما خص المحكمة العسكرية فقد طالب حزب الكتائب مراراً وتكراراً بحلّ هذه المحكمة الاستثنائية، وتقدم باقتراح لتعديل قانون القضاء العسكري وحصر صلاحياته بالعسكريين، بسبب الانتقائية التي يتعامل بها القضاء العسكري مع المدنيين وعدم احترامه لشروط الملاحقة والمحاكمة العادلة وقيامه باستدعاءات وتوقيفات موجّهة.”
اللجان ترد
على صعيد أخر توهجت المنازلة الجارية بين رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره “الوطني الحر” من جهة ومعظم الكتل النيابية من جهة حول تعديلات قانون الانتخاب. فقد صوتت اللجان المشتركة، على رد ردّ رئيس الجمهورية لقانون الانتخاب وتعديلاته، فأبقت، على موعد اجراء الانتخابات مع شطب عبارة “27 اذار” وترك تحديد التوقيت للهيئة العامة او لمرسوم يصدر في مجلس الوزراء. كما صوتت اللجان على إبقاء القانون كما أُقر في الهيئة العامة لناحية تصويت المغتربين لـ128 نائباً. واذ ألغت اللجان عبارة “المزمع إجراؤها بتاريخ 27 اذار ” الواردة في الفقرة الثالثة من المادة 35 الجديدة” وذلك لمخالفتها القانون لان تاريخ اجراء الانتخابات يعود إلى السلطة التنفيذية ويصدر في مرسوم لوزارة الداخلية، اعتبرت مصادر متابعة ان اسقاط التاريخ يمكن ان يشكل مقدمة لتسوية تقضي بتأجيل الانتخابات إلى 15 ايار في مقابل عدم اجراء اي تعديل في انتخاب المغتربين. وفي سياق الجلسة اعتبر نواب كتلة التنمية والتحرير عدم عرض قانون الإنتخاب على مجلس الوزراء قبل رده إلى المجلس النيابي مخالفة دستورية من رئيس الجمهورية كما أيدهم في ذلك نواب “المستقبل”. وشهدت الجلسة مواجهة حادة على الأثر اذ تولى النائب ابرهيم كنعان الرد على مطالعات عدد من النواب واتهامهم رئيس الجمهورية بمخالفة الدستور. وسأل كنعان “كيف يخالف الدستور الرئيس المتمسك باجراء الانتخابات في مواعيدها القانونية وبالحفاظ على الحقوق الدستورية للناخبين، انطلاقاً من المهل الواردة في القانون المقر في العام 2017، والتي لا يجوز تعديلها في اللحظة الأخيرة، لما يشكّل ذلك من ضرب لاستقرار التشريع ويحرم اللبنانيين من حقوقهم”. وعلم أن سجالاً حصل بين كنعان والنائب علي حسن خليل في هذا المجال.