منذ احداث الطيونة – عين الرمانة قبل شهر وثلاثة أيام تماماً، وحزب “#القوات اللبنانية ” ورئيسه #سمير جعجع في قلب الإعصار السياسي الذي تفجّر عقب تلك الأحداث الدامية التي كادت تعيد كوابيس الفتنة والحرب إلى المعادلة اللبنانية. معارك حادة سياسية وإعلامية دارت منذ ذاك المنقلب على ضفاف التحقيقات القضائية والمواجهة التي واكبتها ولا سيما بين “القوات” و”حزب الله”. ووسط مفارقات الازمات الداخلية اشتدّ أيضاً أوار الصراع الداخلي وبين “القوات” “والحزب” عقب تفجر عاصفة المقاطعة الخليجية للبنان بفعل “النقطة” التي طفحت بها كأس الدول الخليجية بتصريح وزير الاعلام جورج قرداحي.
تبعاً لذلك كان لا بد من الوقوف عند مواقف وتوجهات رئيس حزب “القوات” سمير جعجع من خلال محاورته من وفد من أسرة “النهار” زاره أمس في معراب عند مشارف مرحلة محفوفة بكل التحفز للانتخابات التي يبدو واضحاً ان جعجع وحزب “القوات” يبديان ثقة متعاظمة في الرهان عليها كمحطة تغيير مفصلية انتخابياً وسياسياً ووطنياً.
داحضاً كلّ الأقاويل التي تصوّره في خانة “صاحب مخازن أسلحة وفرق عسكريّة” يشدد جعجع مجددا على ان لا تنظيم عسكرياً لدى القوات، لكنه يلفت إلى انه “منذ بدأ “حزب الله” يلاحظ أنّ كلّ الأحزاب ضعفت وتخلّت عن مواجهته، وبقي هناك “القوات” فحسب، بات يعتبر أنّه في حال أزيحت “القوات”، فلن يبقى هناك أحد. أما إذا بقيت سيتكوكبون حولها مع تشكيل نواة مقاومة في مكانٍ ما”. من هنا، يرسم جعجع خطوط تماس المعركة السياسية مع “حزب الله” الذي حاول، وفق مقاربته، تحميل مسؤولية أحداث عين الرمانة إلى “القوات” محاولاً عزلها لضرب آخر موقع مقاوم فعلي في لبنان. لكن “النتيجة أتت عكسيّة”.
ويراهن جعجع على استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة كسلاحٍ ثقيل يضعه في وجه الأكثرية الحاكمة الحالية. ويعتبر أنّ “الأوضاع وصلت إلى حدود لم يعد باستطاعة أحد الهروب من المواجهة السياسية. كلّ الناس تريد الذهاب إلى حلول. أتى الرئيس نجيب ميقاتي ولا أحد يشكّ في نواياه الحسنة أو بمعرفته بالأشياء، لكنّه لم يستطع التقدّم خطوة واحدة إلى الأمام. كان ميقاتي ليجمع مجلس الوزراء لو أن باستطاعته ذلك. لكن “حزب الله” يعطّل الأكثرية الحكومية. صحيح أن الأزمة فيها سيئات، لكنّ ايجابيتها تكمن في سقوط الأقنعة”. وينتقي عنوان المعركة الانتخابية التي سيخوضها في الدورة الانتخابية المرتقبة، بعبارة “الخلاص”، مؤكّداً أنّه “ليس من أصحاب النظريات الكبيرة. وهناك شعار نعمل عليه للحملة الانتخابية. لا بدّ من الانطلاق من نقطة بناء الدولة. ومن الضروري البدء في العمل كرجال دولة وتشكيل حكومة تباشر في اتخاذ قرارات جديّة. الخطوة الأساسية في انتزاع الأكثرية النيابية بما يضمن عدم تحكّم “حزب الله” بتشكيل الحكومات. بدّن يعملوا مشاكل، يعملوا مشاكل. لا بدّ من مواجهة سياسية واضحة المعالم”.
بريطانيا والكويت
بالعودة إلى المشهد الداخلي العام وفيما يسود التخبط المستمر الواقع الحكومي، برز تطوران أمنيان خارجيان رسما مزيداً من ظلال الشك على الوضع اللبناني. التطور الأول تمثل بنصيحة بريطانيا لرعاياها في تحديث جديد صدر أمس بعدم السفر إلى لبنان باستثناء السفر الضروري. وقالت في بيان إن “وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية تنصح بوقف كل السفر إلى لبنان باستثناء السفر الضروري وباستثناء تلك المناطق التي تنصح وزارة الخارجية بعدم السفر إليها.”
اما التطور الثاني فتمثل في ما أوردته صحيفة “القبس” الكويتية من أن جهاز أمن الدولة في الكويت وضع أسماء 100 وافد من جنسيات مختلفة على قوائم الممنوعين من تجديد إقاماتهم في البلاد عند انتهائها، وبالتالي يتوجب عليهم وأسرهم المغادرة فور انتهاء إقاماتهم. وكشفت مصادر أمنية مطلعة إن الغالبية العظمى من الممنوعين من تجديد إقاماتهم يحملون الجنسية اللبنانية، وأوضحت أن بعض هؤلاء الوافدين اللبنانيين يشتبه في انتمائهم أو انتماء أقاربهم من الدرجة الأولى أو الثانية لحزب الله”وان امن الكويت خط احمر.
وسط هذه الأجواء يتوقع ان يزور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعبدا في الساعات المقبلة، للبحث في مخرج لأزمتي مجلس الوزراء وتوتر العلاقات مع الخليج.
وفيما تكثفت التوقعات المتصلة بمحاولات لمقايضة بين استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي وتنحية المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار لإحياء الحكومة، بادر الرئيس ميقاتي إلى نفي ذلك معلناً ان لا رابط بين استئناف جلسات مجلس الوزراء وملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت واكد “أن خارطة الحل التي وضعها منذ اليوم الاول هي الاساس وخلاصتها، أن لا تدخل سياسيا على الاطلاق في عمل القضاء، ولا رابط بين استئناف جلسات مجلس الوزراء وملف التحقيق القضائي في انفجار مرفأ بيروت، فاقتضى التوضيح”.
وفي وقت سجلت زيارة قام بها ميقاتي إلى عين التينة، أفيد ان عنوانها اقتصر على ”البطاقة التمويلية”، أفادت معلومات ان لقاءً بعيداً من الأضواء عقد بين ميقاتي ورئيس ”تيار المردة” سليمان فرنجية لم يؤد إلى أي جديد في شأن استقالة قرداحي.
وفي موقف علني جديد له جدد ميقاتي “دعوة جميع الاطراف المشاركة في الحكومة، إلى التعاون لاعادة عجلة العمل الحكومي إلى الدوران الكامل وفق خارطة الطريق التي حددتها منذ اليوم الأول وصون علاقات لبنان مع دول العالم لا سيما الاشقاء في دول الخليج”. وأعلن “في موازاة العمل على بلسمة جروح بيروت التي اصابها الانفجار المدمّر في الرابع من آب 2020، فان الاولوية تبقى لجلاء ملابسات هذه الجريمة الفظيعة وكشف تفاصيلها والضالعين فيها، وبلسمة جروح المفجوعين. وفي هذا الإطار، أجدد دعوة الجميع إلى ابعاد هذا الملف عن السياسة وحصره في اطاره القضائي الصرف واعتماد الاصول الدستورية في معالجته”.
أوغلو في بيروت
على صعيد آخر، جال وزير الخارجية التركية مولود جاويش اوغلو على المسؤولين حاملا دعوة إلى ميقاتي لزيارة تركيا ودعما تركيا للاقتصاد اللبناني واستعداداً للتدخل في رأب الصدع بين بيروت والخليج.
وقال الوزير التركي “أتيت لتأكيد دعم تركيا للبنان، ودعوة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لزيارة تركيا واجراء التحضيرات الاولية للزيارة”. وقال: “تناولنا كيفية تطوير السياحة ومجالات الطاقة والوجهة الاولى للشعب اللبناني هي تركيا ومعروفة محبة الشعب التركي للبنان. وتناولنا المواضيع الاقليمية ونحن البلدان الاكثر تأثرا بالازمة السورية. ويجب الا يضطر الشعب اللبناني الشقيق إلى دفع ثمن المساومات الاقليمية ونحن نريد تطوير علاقاتنا الثنائية. وشدد على “دعم الحكومة لاجراء الانتخابات النيابية العامة في موعدها”، وقال: ”لطالما اعطينا اهمية لسيادة واستقلال وامان لبنان وقدمنا الدعم اللازم بعد انفجاري بيروت وعكار وندعم الجيش والقوى الامنية من اجل استقرار وامن لبنان”. وتمنى اوغلو ان ”يتم حل ازمة الخليج عبر الاحترام المتبادل والمناقشات والطرق الدبلوماسية، ونحن جاهزون للقيام بدورنا في هذا الموضوع”.
عون وشيا
على صعيد اخر وفي إطار التعاون العسكري اللبناني – الاميركي تسلم أمس الجيش اللبناني 6 طوافات عسكرية من نوع (MD-53OF)، مقدمة من الولايات المتحدة الأميركية، في إطار برنامج المساعدات الأميركية، في قاعدة حامات الجوية في حضور قائد الجيش العماد جوزف عون والسفيرة الاميركية دوروثي شيا التي اشارت في كلمة ألقتها في حفل التسليم إلى أن هذه المساعدة العسكرية تؤكد الروابط المتينة بين الولايات المتحدة ولبنان، والشراكة القائمة على مصالح البلدين الصديقين. ولفتت إلى أنّ بلادها ستواصل تقديم المساعدات للمؤسسة العسكرية في المرحلة المقبلة مع تخصيص مبلغ 67 مليون دولار إضافي لها، مؤكدة أن هذه المساعدات تستند إلى تطوير التدريب، وتوفير التجهيزات والتقنيات العسكرية العالية للحفاظ على أمن لبنان واستقراره، منوهةً بكفاءة الجيش اللبناني والطيارين اللبنانيين. وألقى العماد عون كلمة اعتبر فيها أنّ هذه المناسبة تجدد مسيرة التعاون الفاعل والصداقة بين الجيش اللبناني والولايات المتحدة الأميركية، ولقد لمس خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية إجماعاً على استمرار دعم الجيش، لأن تحصينه يوازي تحصين لبنان، ولأن صموده في مواجهة هذه المرحلة الدقيقة يعزز الاستقرار، ويحافظ على وحدة لبنان ويمنع انزلاقه إلى الفتنة أو الحرب الأهلية مجدداً. وشكر الدول الصديقة والشقيقة على استمرار دعم الجيش، مشيراً إلى أن هذه الدول تسعى إلى إيجاد صيغة قانونية تتيح تقديم المساعدة بما يتلاءم مع حاجات العسكريين الضرورية والملحة.