بعد تراجع الآمال بإمكانية فك عقدة الحكومة، واستئناف انعقاد جلسات مجلس الوزراء هذا الأسبوع، وقبل ساعات من اللقاء المرتقب بين رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، والبابا فرنسيس في الفاتيكان، واجتماعات الملف النووي في فيينا، سجّل الدولار الأميركي رقماً قياسياً في الارتفاع على حساب تراجع الليرة اللبنانية، ما عكس ارتفاعاً في أسعار المحروقات وأسعار المواد الغذائية بما يعزّز الاعتقاد أنّ لبنان مقبل على كارثة اجتماعية كبيرة قد لا تنفع معها كل المسكّنات التي يعمل الوزراء في الحكومة على إشاعتها من خلال الاجتماعات الماراتونية، واللجان المنبثقة عنها، التي تُعقد في السراي الحكومي، لأنّ كل الاجتماعات التي لا تصدر بعدها قرارات من مجلس الوزراء لا قيمة لها، وتبقى حبراً على ورق.
مصادر حكومية لفتت عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى الاجتماعات المتواصلة التي تعقدها اللجان الوزارية في السراي الحكومي، ومناقشة كل الملفات المتعلقة بالأزمة الاقتصادية والمعيشية، وإعداد ملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي والبطاقة التمويلية، وأنّها قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال، مشيرةً إلى أنّ الأمور متوقفةً عند انعقاد جلسات الحكومة، والتي جرى تعطيلها على خلفية الخلافات حول التحقيقات القضائية المتعلقة بانفجار المرفأ وأحداث الطيونة وغيرها.
المصادر أعربت عن انزعاجها من عدم اجتماع الحكومة في ظل الأزمة الخانقة التي يعيشها اللبنانيّون من دون أن تتمكّن الحكومة من إيجاد الحلول لهذه الأزمة المتفاقمة يوماً بعد يوم، معتبرةً أنّ النوايا صادقة لدى رئيس الحكومة والوزراء لمعالجة الأزمة، لكن الخلاف السياسي يحول دون تحقيق هذه الغاية مع الأسف، آملةً أن تساعد الاتصالات التي يجريها ميقاتي مع أصدقاء لبنان في تسريع الحل للأزمة، فالنيّة موجودة والمهم فك الكباش السياسي الذي يجمّد عمل الحكومة.
في هذا السياق، رأى عضو كتلة المستقبل، النائب عاصم عراجي، أنّ لا شيء تغيّر، على عكس ما أبلغنا الرئيس ميقاتي بأنّه سيدعو إلى جلسةٍ لمجلس الوزراء قريباً، ولم يتضح شيء بعد، ما يعني أنّ المواقف على حالها، وهو ما يدعوه إلى عدم التفاؤل كما قال، لأنّ شروط الثنائي الشيعي بخصوص القاضي طارق بيطار ما زالت على حالها، لذلك تحوّلت الحكومة إلى ما يشبه حكومة تصريف أعمال، ولا توجد جدّية في عملها، مستبعداً وصول الأمور إلى الاستقالة بعد التمنّي الأميركي والفرنسي على ميقاتي بذلك تخوفاً من الفراغ.
عراجي حذّر من وصول البلد إلى مكانٍ خطيرٍ جداً على الوضعَين الصحي والاجتماعي، فالناس تعيش في كابوس. فعندما يصل سعر صفيحة المازوت إلى 325 ألف ليرة، كيف يمكن للناس أن تؤمّن الدفء لعيالهم وأطفالهم، داعياً إلى استقرار سياسي، والعمل على تحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة، مستغرباً كيف أنّ بلداً مثل لبنان لديه كل مقوّمات الصمود وينهار بهذه السرعة، وكل ذلك بسبب التدخل في شؤون غيرنا.
وفيما عاد الحديث عن مواعيد لإطلاق البطاقة التمويلية، كشف الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، في حديثٍ مع “الأنباء” الإلكترونية أنّه لا يوجد تمويل للبطاقة التمويلية، وأنّه لا يحق للحكومة التصرّف بالأموال المقرّرة من صندوق النقد، لأنّها ستذهب، بحسب رأيه، إلى جيوب التجار، وأنّ هذا المبلغ لا يكفي إلّا لشهرين أو ثلاثة، فالعملية ليست سوى عملية حرق لهذا المبلغ بانتظار المفاوضات مع صندوق النقد.
ورأى أنّ الحكومة أمام خيارين: إمّا إعطاء الناس الأموال اللّازمة لتأمين صمودهم ومواجهة الأزمة، أو الذهاب إلى ضرب الاحتكار والتطبيقات في السوق السوداء، وإرغام التجار على القبض بالبطاقة المصرفية.
وقال: “هيك ما بيمشي الحال، فالحكومة ليست قادرة أن تتخطى بعض التفاصيل بسبب التعقيدات السياسية التي تنعكس على الوضع الاقتصادي، والمواطن يدفع الثمن، فالبلد لا يُدار من دون حكومة. فمنذ استقالة حكومة حسان دياب قبل سنة ونصف لم يعقد مجلس الوزراء إلّا ثلاثة اجتماعات، مع العلم أنّ الحكومة، بموجب الدستور، هي المسؤولة عن السياسة العامة للدولة”، متخوفاً من رفع سعر صفيحة البنزين إلى ضعف ما هي عليه، لأنّ المؤشّر على ذلك أنّها كانت تساوي ضعفَي صفيحة المازوت قبل تفاقم الأزمة.