وصل الى الهيئة العامة لمجلس النواب، أمس، اقتراح قانون تمديد مفاعيل القانون 200/2020 المتعلق برفع السرية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان، بعد إحالته من لجنة الإدارة والعدل، في انتظار أن يضعه رئيس المجلس على جدول أعمال أول جلسة نيابية. في غضون ذلك، نقابة موظفي مصرف لبنان مستمرة في رفض تسليم “داتا” حول حسابات الموظفين إلى شركة التدقيق الجنائي التي لا تزال، أيضاً، تنتظر ردّ المصرف على تتضمّن أسئلة وجّهتها إليه حول هذه الحسابات، قبل أن تحدّد قرارها بمباشرة التدقيق من عدمه
أنهت لجنة الإدارة والعدل، برئاسة النائب جورج عدوان، أمس، درس تمديد العمل بالقانون الرقم 200/2020 المتعلق برفع السرية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان وسائر المؤسسات العامة لمصلحة شركة التدقيق الجنائي “ألفاريز آند مارسال”. القانون الذي تقدّم به عدوان وكتلة “الجمهورية القوية” عام 2020 حدّد مهلة عام واحد لرفع السرية، فيما أُبقيت المهلة مفتوحة في الاقتراح الجديد الى حين الانتهاء من التدقيق. وجاء الاقتراح الذي أقرّته لجنة المال والموازنة الأسبوع الماضي في مادة واحدة تنصّ على أنه “يمدد العمل بالقانون الرقم 200/2020 المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد الرقم 51 بتاريخ 31/12/2020 الى حين انتهاء أعمال التدقيق الجنائي المشار إليه في القانون المذكور، ولغايات إتمامه فقط”. إلا أن اللجنة أضافت أمس تعديلاً أساسياً بشملها رفع السرية عن “الحسابات المصرفية العائدة للموظفين في مصرف لبنان مع كل العمليات التي سُجلت في هذه الحسابات” كما قال عدوان. كما شملت الاطلاع على محاضر المجلس المركزي في المصرف، لقطع الطريق على مبرّر “البيانات الشخصية” الذي تذرّعت به نقابة موظفي مصرف لبنان لعدم التجاوب مع مطالب شركة التدقيق، في بيان أصدرته قبل أسبوعين.
وفيما كانت وزارة العدل في صدد إعداد اقتراح قانون لمعاقبة كل من يعرقل التدقيق الجنائي أو لا يتجاوب معه، أشار عدوان الى أن “المادة 371 من قانون العقوبات تنصّ على معاقبة كل موظف يستخدم سلطته أو نفوذه لإعاقة تطبيق القانون بالحبس. وبالتالي لا حاجة إلى أي قانون جديد، علماً بأن تاريخ رفع السرية المصرفية عن الحسابات أبقي مفتوحاً”.
عملياً، مع خروج قانون تمديد مهلة رفع السرية المصرفية وشموله حسابات الموظفين من لجنة الإدارة والعدل، وتحويله الى الهيئة العامة، بات لزاماً وضعه على جدول أعمال أول جلسة نيابية لإقراره، لكي تعاود شركة التدقيق عملها. وعلمت “الأخبار” أن “ألفاريز” تنتظر أن يبصر القانون النور لمتابعة عملها بعد تأمين الغطاء القانوني له، وهي لا تزال تنتظر أجوبة مصرف لبنان على لائحة المعلومات (information request list) التي طلبتها ولم تحصل عليها بعد. فيما تعزو مصادر المصرف المركزي التأخير إلى “إصابة كل أعضاء اللجنة المكلفة بهذا العمل بفيروس كورونا”!
مصادر مطّلعة تؤكد أن “ألفاريز” تنتظر الرد على لائحة المعلومات المطلوبة لتبني موقفها النهائي من المضيّ في التدقيق. إذ إن هذه اللائحة تخوّلها معرفة ما إذا كانت الداتا المطلوبة من سلامة متطابقة مع طلباتها أو لا، قبل مجيء الوفد الممثل للشركة الى لبنان ومعاينته الداتا التي زوّد سلامة حواسيب وزارة المال بها قبل يوم واحد من انتهاء مهلة القانون 200 بتاريخ 29/12/2021. النقطة الأهم، هنا، تكمن في ما إذا كانت نقابة الموظفين في مصرف لبنان ومن يضعها في واجهة العرقلة، أي سلامة نفسه على الأرجح، ستتعاون مع شركة التدقيق بعد صدور القانون وزيادة التعديل الخاص بهم، أو أنها ستكمل تذرّعها بحماية القانون للبيانات الشخصية لتتهرب من الكشف عن هذه الحسابات. وفيما أشارت معلومات من النقابة إلى أن حاكم مصرف لبنان أحال هذا “الجدل” الى دائرة الشؤون القانونية لإبداء رأيها، نفى مدير الشؤون القانونية في المصرف بيار كنعان لـ”الأخبار” أن يكون قد كُلِّف بمهمة مماثلة، مؤكداً أنه لم يتسلّم أي طلب يتعلق بحسابات الموظفين.
وسبق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن رفض تزويد “ألفاريز” بالداتا المطلوبة قبل عام 2016، قبل أن يعود ويخضع لهذا الطلب.
لماذا 2016؟ يجيب الوزير السابق منصور بطيش بأن “مسوّدة التقرير التقييمي المشترك بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي FSAP، الصادرة في نيسان 2016 استناداً الى حسابات مصرف لبنان كما كانت بتاريخ 31/12/2015، تشير الى أن صافي احتياطات مصرف لبنان بعد تنزيل موجودات الذهب التي كانت تساوي 9.8 مليارات دولار آنذاك، كان سلبياً بقيمة 4.7 مليارات دولار. وهذا يعني أن صافي احتياطي مصرف لبنان من عملات أجنبية من دون احتساب قيمة الذهب، كان سلبياً بمبلغ 14.5 مليار دولار (4.7 زائد 9.8)، وأن حاكمية مصرف لبنان غطّت هذه الخسارة حينذاك من أموال الناس المودعة في المصارف. وعوضاً عن الشروع في تصحيح الوضع، نفّذ سلامة، عام 2016، الهندسات المالية لتغطية السماوات بالقباوات ولتأجيل انكشاف الوضع وانفجاره. وتراكمت هذه الخسائر لتصبح اليوم 65 مليار دولار”.