في اللحظة الدقيقة التي ترك فيها قرار الرئيس سعد الحريري الانسحاب من العمل السياسي تداعيات كبيرة وجملة من الأسئلة، خرج رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، ليحدّد بالتفصيل عناوين رؤيته لمرحلة جديدة من “الاعتراض السلمي بالحد الأدنى”، مؤكّداً تطلّعه رغم الواقع الأسود إلى إعادة بناء لبنان، داعياً إلى بذل الجهد من أجل التغيير وصولاً إلى حلم قيام النظام اللّا- طائفي.
جنبلاط الذي رفض بشدّة إدخال لبنان في مواجهة مع العالم العربي وجعل اللبنانيين ضحية هذا الصراع، وجّه جملة رسائل محلية وخارجية، محذّراً من التمادي في تحميل لبنان ما لا يحتمله، مطالباً حزب اللّه وأمينه العام، حسن نصراللّه، بفهم خصوصية لبنان واحترامها، داعياً العرب إلى عدم التخلي عن اللبنانيين، “لأنهم ليسوا جميعاً مع إيران”. وإذ أكّد جنبلاط كذلك أولوية معالجة الواقع الاقتصادي، شدّد على أهمية إقرار موازنة مدروسة تتلاقى مع ما يطلبه صندوق النقد الدولي، وتراعي العدالة الاجتماعية عبر الضرائب على الثروة، والتصاعدية وعلى الأوقاف.
في غضون ذلك يواصل مجلس الوزراء اجتماعات ماراتونية للانتهاء من دراسة بنود الموازنة، فيما تنشغل الرئاستين الأولى والثالثة، ووزارة الخارجية، بإعداد الرد المناسب على الورقة التي حملها إلى لبنان وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح. وقد أوضح وزير الخارجية، عبداللّه بو حبيب، أنّ مسودة الرد أصبحت في عهدة الرئيسَين ميشال عون ونجيب ميقاتي، لأخذ الموافقة عليها، وما إذا تحتاج إلى بعض التعديلات قبل اعتمادها بشكلٍ رسمي، لكي ينقلها أبو حبيب إلى مجلس وزراء الخارجية العرب الذي يُعقد في الكويت مطلع الأسبوع المقبل.
مصادر مطلعة كشفت لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أنّ، “الرد اللبناني الرسمي على المبادرة الكويتية ليس بالأمر السهل، وخاصة بالنسبة للبند المتعلّق بالقرار ١٥٥٩ الذي يقضي بسحب السلاح غير الشرعي من أيدي الميليشيات، وهو ما قد يخلق مشكلة ليست في الحسبان مع حزب اللّه الذي يرفض حتى مجرد البحث بسلاحه، وبالتالي كيف يُمكن للبنان الرسمي أن يلتزم بتنفيذ هذا القرار الذي ما زال يشكل نقطةً خلافية بين اللبنانيين”. وربطت المصادر الاعتداءات المتكرّرة ضد قوات اليونيفيل في بعض القرى الحدودية بهذا الأمر، معتبرة أنّها، “بمثابة رسائل موجّهة من قِبل حزب اللّه للتحذير من مغبّة المس بسلاحه”، ولفتت إلى أنّ المسؤولة الأممية، فرونتسكا، التي التقت عون في الساعات الماضية نقلت إليه، “انزعاجاً شديداً من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من الاعتداءات المتكرّرة ضد قوات اليونيفيل، وأنّ تحقيقاً فُتح بهذا الموضوع ملمّحة إلى إمكانية إقدام غوتيرش باتّخاذ تدابير صارمة لم تكن في الحسبان، وقد تصل إلى إعادة النظر بعمل هذه القوات وانتشارها على طول الخط الأزرق”.
على خطٍ آخر، وفي موضوع التوقيع على الاتّفاق الذي يسمح باستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر إلى لبنان عبر سورية، وإمكانية زيادة ساعات التغذية في التيار الكهربائي في آذار المقبل، كما وعد بذلك وزير الطاقة وليد فياض، أشارت مصادر وزارة الطاقة عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ “المسائل اللوجستية وإصلاح الأعطال على خطوط التوتر التي تمر في محافظة درعا أُنجزت بالكامل”، لكنّها لفتت إلى أنّ، “التأخير باستجرارها إلى لبنان يعود لأسباب مادية يجب على لبنان تسديدها لوزارة الطاقة السورية التي تكفلت بإصلاح النسبة الكبيرة منها، بانتظار إصلاح باقي الأعطال فور توفّر المبالغ المطلوبة”. المصادر قدّرت قيمة الطاقة التي سيتم تأمينها من الأردن ب ٢٥٠ ميغاواط نهاراً، و١٥٠ ميغاواط ليلاً.