كتبت صحيفة “الأخبار” تقول: بعيداً عن الشعارات الممجوجة حول سلاح المقاومة و«الاحتلال الإيراني»، فإن الحرب الضروس بين سعد الحريري وكل حلفائه السابقين تكاد تكون العنوان الأبرز للمعركة الانتخابية التي تزداد استعاراً، على وقع تدخّل سعودي لم يعد خافياً، وهدفه الأبرز رفع نسبة المشاركة السنّية في الانتخابات.
يريد الحريري إشهار سلاح المقاطعة (مع استثناءات تكفل له حيازة نواة كتلة نيابية في البرلمان المقبل) تجديداً للمبايعة الشعبية له زعيماً للطائفة، ويريدها «حلفاؤه»، من فؤاد السنيورة إلى سمير جعجع وليس انتهاءً بوليد جنبلاط، بالتناغم مع الأوامر السعودية، عقاباً له على التسوية الرئاسية وعدم مواجهة حزب الله، وصولاً ربما إلى إنهاء الحريرية السياسية وتقاسم تركتها. بهذا المعنى، وإذا لم يطرأ ما يجبر الحريري على الانتظام ضمن الأوامر السعودية، فإن المعركة بالنسبة إليه ليست أقل من معركة وجود، يكون بعدها أو لا يكون.
في العلن، لا يزال الحريري ملتزماً أمر الانسحاب من الانتخابات خشية غضب الرياض. لكنه، في الواقع، قد يكون أكثر الفاعلين في دوائر كثيرة اليوم، مع ارتفاع وتيرة حركة المستشارين والمنسقين والكوادر المعروفين بولائهم الشديد له في عدد من الدوائر للتأكيد على ضرورة المقاطعة. في المقابل، زادت حركة السفير السعودي وليد البخاري، وبدا تأثيره واضحاً في خطبة عيد الفطر لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي حذّر من «خطورة الامتناع عن المشاركة في الانتخابات ومن خطورة انتخاب الفاسدين»، معتبراً أنّ «الانتخابات هي الفرصة المتوافرة أمامنا لتحقيق التغيير». وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة أن دعوة دريان جاءت بناءً على طلب البخاري، بعدما كانت دار الفتوى قد التزمت الحياد الانتخابي طوال الفترة الماضية.
البخاري وجعجع والسنيورة يخوضون معركة منع المقاطعة السنية
سريعاً، جاء رد تيار المستقبل عبر المنسّق العام للإعلام في التيار عبد السلام موسى الذي غرّد قائلاً: «ترى قيادات وشخصيات عدة أن عدم المشاركة في الانتخابات يؤدي الى تسليم حزب الله زمام الأمور في البلاد، ونحن نرى مع قطاع واسع من المواطنين في كل المناطق أن المشاركة ستؤدي الى تأمين غطاء شرعي لحزب الله يبحث عنه في صناديق الاقتراع».
دعوة المفتي تزامنت مع فتح هواء القنوات السعودية أمام شخصيات تولّت الهجوم على الحريري، واستكملت الصحف السعودية الحملة أمس، إذ رأت صحيفة «عكاظ» أن «ما قام به الحريري ليس انقلاباً بوجه القوى السياسية بقدر ما كان ارتداداً على الطائفة السنية».
مصادر بارزة عزت الانفعال في وجه الحريري إلى عدد من المؤشرات، ولا سيما في «بيروت الثانية»، تؤكد الاستياء الشعبي الكبير من المملكة وتعاملها مع الطائفة السنية وتفضيلها سمير جعجع على «زعيم السنّة الأول». فيما لم يلحظ العاملون في دائرة السنيورة أيّ تقدم شعبي للأخير رغم بدء إنفاق المال الانتخابي. و«حتى الذين يعملون في الماكينة يفعلون ذلك بهدف تحقيق مكسب مادي، لا تجاوباً مع الموقف السعودي». وهو «ما دفع البخاري إلى التدخّل مباشرة». وبحسب المعلومات، فقد أوصل السفير السعودي، عبر أصدقاء ومعارف، رسائل للحريري بالدعوة علناً إلى الاقتراع بكثافة، الأمر الذي لم يستجب له الأخير بعد، فيما يجري التداول في معلومات عن «خطوات عملانية يوم الانتخابات كمنع فتح مراكز الاقتراع أو افتعال مشاكل أمنية في مناطق معروفة بولائها للحريري». كما استبعدت مصادره أن يُصدر موقفاً علنياً قبل موعد الاقتراع يدعو فيه إلى المشاركة.