كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: بينما تواصل عقارب الاستحقاق الرئاسي دورانها باتجاه “ساعة الحسم” في التوجهات والمواقف مع دنوّ لحظة الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بدأ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يعدّ العدة الوزارية لإدارة دفة البلاد في مرحلة الشغور بعد نهاية العهد، لا سيما وأنه كان من أوائل الذين توقعوا علناً استعصاء الولادة الرئاسية في موعدها الدستوري المحدد، فبادر بالأمس إلى إعادة “تزييت” محركات حكومته تحسّباً لدخولها مدار الفراغ الرئاسي، عبر ترؤسه اجتماعاً “كامل النصاب” لأعضاء مجلس الوزراء في السراي الكبير تباحث في جدول أعمال سيادي ومالي واقتصادي “كامل الدسم”، بدءاً من الترسيم البحري مروراً بالتعرفة الجمركية، ووصولاً إلى التعرفة الكهربائية.
وإذ حرصت أوساط رئاسة الحكومة على نزع عباءة “مجلس الوزراء” عن الاجتماع، بدليل عدم انعقاده في القاعة العامة إنما في قاعة جانبية، وضعت مصادر وزارية المشهد في خانة “تقطيع الوقت وملء الفراغ”، سواءً من خلال “ديوانية السراي” التي خصصت للتصريف الحكومي أمس، أو من خلال “صبحية بعبدا” التي ستخصص للتأليف الحكومي اليوم، مشيرةً إلى أنّ “مشاركة الوزراء العونيين بفاعلية في نقاشات وقرارات اجتماع السراي تؤكد أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون مصمم على عدم إخلاء الساحة الحكومية لميقاتي بل يعتزم أن يكون شريكاً مضارباً له في التصريف كما في التأليف حتى نهاية العهد“.
ونقلت المصادر أنّ الاجتماع الوزاري الذي ترأسه ميقاتي “قارب جملة بنود حيوية، فقرر في ما يتصل بملف الدولار الجمركي ترك مسألة تحديد تسعيرته النهائية إلى وزير المالية وحاكم مصرف لبنان على أن لا تقلّ عن 20 ألف ليرة، مع الإبقاء على هامش زيادة التسعيرة مفتوحاً وبشكل تصاعدي لتبلغ سعر “صيرفة” في مراحل لاحقة، أما في ما خصّ تسعيرة الكهرباء فساد نقاش حول ضرورة رفع التعرفة لتأمين الكهرباء غير أنّ وزراء الثنائي الشيعي رفضوا أي بحث في زيادة التعرفة قبل زيادة التغذية، مع إعادة تأكيد رئيس حكومة تصريف الأعمال استعداده لتكليف وفد وزاري وتقني زيارة طهران لمناقشة عرض هبة الفيول في حال تبينت جدّيته ومطابقته لمواصفات المعامل اللبنانية”. وفي ملف الترسيم، تم التطرق إلى “الأجواء الضبابية” التي تخيّم على مسار الوساطة الأميركية، فكان تأكيد على وجوب انتظار ما سيحمله آموس هوكشتاين من جواب إسرائيلي على الطرح اللبناني لاتضاح الصورة أكثر، وسط قناعة بدت طاغية على المجتمعين مفادها بأنّ “كل الاحتمالات لا تزال مطروحة ولا شيء محسوماً بعد“.
واليوم يزور ميقاتي قصر بعبدا عند الساعة التاسعة صباحاً لوضع رئيس الجمهورية في أجواء مقررات اجتماع السراي الحكومي، لا سيما في ما يتعلق بقضية الدولار الجمركي، وملف النازحين السوريين خصوصاً في ضوء النقاش الحاد الذي حصل خلال الاجتماع حول التضارب الحاصل في صلاحية متابعة الملف بين وزيري المهجرين والشؤون الاجتماعية، وأكدت المصادر أنّ اجتماع بعبدا سيستعرض كذلك بشكل رئيسي ملف التأليف، لافتةً إلى أنّ ميقاتي لن يحمل معه أي صيغة وزارية جديدة إلى بعبدا إنما سيستكمل النقاش مع عون حول ملاحظاته على الصيغة القديمة التي سبق أن قدمها إليه مع تجديد استعداده لإدخال بعض التعديلات عليها.
وأمس، برزت المناشدة التي وجهها رئيس الجمهورية إلى الجسم القضائي لكي ينتفض في وجه “أصحاب النفوذ”، متطرقاً في رسالته إلى القضاة بشكل خاص إلى قضيتي ملاحقة حاكم المصرف المركزي وانفجار المرفأ، وهو ما عاد وأكد عليه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في بيان تكتل “لبنان القوي” مساءً، مع التصويب بشكل مبطّن على الثنائي الشيعي في مسألة عرقلة تحقيقات المحقق العدلي في جريمة 4 آب، الأمر الذي وضعته أوساط مراقبة في خانة سعي باسيل إلى زجّ القضاء في بازار “الابتزاز الرئاسي” لدفع “حزب الله” إلى مجاراته في أجندته وأهدافه الرئاسية، سواءً في ما يتعلق بالملف الحكومي أو في كيفية مقاربة مرحلة الشغور الرئاسي، لا سيما وأنّه توعّد في بيان تكتله بأنّ السماح لحكومة مستقيلة بأن تقوم مقام رئيس الجمهورية في حال عدم انتخاب رئيس جديد في المهلة الدستورية “سيفتح باباً للفوضى الدستورية وربما أكثر، وسيطلق عرفاً قد يجرّ الى أعراف جديدة” في إشارة إلى احتمال المطالبة ببقاء عون في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته حتى تاريخ انتخاب رئيس جديد للجمهورية.