لا تشير المعطيات السياسية حتى الساعة إلى أن جلسة الخميس المقبل لانتخاب جديد رئيس للجمهورية في لبنان ستختلف عن سابقتها، بحيث يتوقع أن يتكرر المشهد عينه بعقد دورة أولى قبل أن تفقد الدورة الثانية نصابها بقرار من فريق «حزب الله» وحلفائه.
وبينما يتمسك «حزب الله» بمرشحه المعروف، لكن غير المعلن، رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، الذي يفضله على حليفه الآخر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، تستمر الكتل المعارضة الرئيسية المتمثلة بشكل أساسي من أحزاب «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» في قرارها دعم النائب ميشال معوض والاقتراع له في الجلسة المقبلة. وتقول مصادر في «القوات» لـ«الشرق الأوسط» إن معوض «هو المرشح الرئاسي الجدي الوحيد، والمحاولات مستمرة مع مكونات المعارضة لتبني ترشيحه، والأمل بأن يلامس الخميس المقبل حدود الـ 50 صوتا»، موضحة أنها ستكرر قبل جلسة الخميس وإبانها مطالبتها رئيس البرلمان نبيه بري بالدعوة إلى جلسات انتخابية مفتوحة بما يشكل عامل ضغط على النواب لحسم موقفهم.
وكان الرئيس بري قد أكد، أمس، أن «التراجع عن فكرة الحوار لا يعني نعياً للتوافق السياسي». واعتبر، بعد استقباله، أمس، النائب السابق وليد جنبلاط، أنه «على الأطراف أن تتشاور خلال الفترة الفاصلة بين الجلسة والأخرى للوصول إلى التوافق».
أما جنبلاط فقد رأى أن «أهم شيء أن نصل إلى الاستحقاق، وأن نستعرض الأسماء». وقال: «مرشحنا ميشال معوض، لكننا لسنا فريقاً واحداً في البلد، فليتداول بأسماء، وعندها نرى قد يكون ميشال أحدهم». وأضاف: «لقد اتفقنا (مع بري) على ألّا يكون هناك مرشح تحدٍّ».
وفي حين أعلن أكثر من نائب في «التيار الوطني الحر» أن كتلته النيابية لن تبقي على خيار الورقة البيضاء التي اعتمدها فريق «حزب الله» وحلفاؤه في الجلسات الماضية، تقلّل مصادر مقربة من الحزب، من أهمية هذه الخطوة إذا أقدم عليها «التيار» مع تأكيدها أن «مرشح الحزب وحليفه الرئيسي، رئيس البرلمان نبيه بري، هو رئيس (تيار المردة) سليمان فرنجية وهو بات معروفا للخصوم والحلفاء وعلى رأسهم باسيل».
وبينما تعكس المصادر استياء الحزب من مقاربة باسيل للاستحقاق الرئاسي ورفضه دعم فرنجية، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع يعلم أن مرشح (التيار) إلى أبد الآبدين هو باسيل وأي خطوة باتجاه الاقتراع لشخصية غيره، كالنائبة ندى البستاني أو غيرها، تعني المناورة والقول إننا لسنا ضمن تجمع الـ 60 نائبا (الذين اقترعوا في الجلسات الماضية للورقة البيضاء)»، مع تأكيدها أن خيار «الحزب» وحليفته حركة «أمل» لا يزال حتى الساعة الورقة البيضاء.
وحول سبب عدم إعلان الحزب دعمه رسميا لفرنجية حتى الآن، تقول المصادر: «عندما يطلب الحزب من باسيل، دعم رئيس (المردة) هذا يعني بشكل واضح لباسيل وغيره أن مرشحنا الوحيد هو فرنجية»، رافضة القول في الوقت عينه إن الحزب يمارس الضغوط على باسيل أو أي طرف من حلفائه «بل يمارس سياسية الإقناع والدليل اللقاء الأخير الذي جمع باسيل مع أمين عام الحزب حسن نصرالله». وتضيف: «سمعنا مبررات رفض باسيل لفرنجية لكن من قال إن ما يقوله يقنع الحزب؟». وفي رد على سؤال عما سيقدم عليه الحزب في حال الوصول إلى حائط مسدود مع باسيل والى متى سوف يستمر الفراغ في موقع الرئاسة، تقول المصادر: «ليس هناك من داع للاستعجال، ونعتقد أنه من المستبعد أن يحدث خرق في ملف الرئاسة قبل نهاية السنة، كما أن الأمور مرتبطة بالظروف الداخلية والخارجية»، معتبرة أنه «من المبكر الحديث عن حائط مسدود ونعمل للتوصل إلى تفاهم وتوافق على فرنجية مع باسيل وما أمكن من النواب السنة ورئيس الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط».
وأمس اتهم النائب في «حزب الله» علي المقداد «الفريق الآخر» بالتعطيل، وقال: «الذي يعطل انتخاب رئيس الجمهورية هو من يدعم مرشحا لا ترضى عنه غالبية المجلس النيابي، ويصر على رفض الحوار للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية لا يمثل استفزازا لأحد، وطني، لا يرضخ للإملاءات الخارجية»، مضيفا: «كفى تضييعا للوقت وتأخيرا لانتخاب الرئيس، فالبلد لا يتحمل المزيد من المماطلة وتضييع الفرص». وقال: «نحن سعينا ونسعى على الدوام لتقريب وجهات النظر، وهدفنا الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي، ولا نريد أي تأثير سلبي يزيد من معاناة اللبنانيين. ونتمنى على كل المكونات اللبنانية أن تعمل للتوفيق، وليس للتفريق وإثارة الفتن خدمة لمشاريع خارجية إقليمية ودولية».
في موازاة ذلك، تستمر الكتل النيابية الأخرى على مواقفها، مع الدعوات المستمرة لانتخاب رئيس للجمهورية. وفي هذا الإطار، أكد النائب فيصل الصايغ تمسك «الاشتراكي» بترشيح النائب ميشال معوض لرئاسة الجمهورية. وقال في حديث إذاعي: «العلاقة ممتازة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط»، مشيرا إلى أن «هناك حلفا تاريخيا لكن لا أحد (يمون) على الآخر في السياسة».
من جهة أخرى انتقد النائب في حركة «أمل» هاني قبيسي الداعين لانتخاب رئيس سيادي. وقال: «الوقت حان لكي يتفاهم اللبنانيون فيما بينهم، وهذا ما طرحناه ككتلة (تنمية وتحرير) وقلنا تعالوا إلى الحوار والتلاقي لنتفق من دون أن ينتصر لبناني على آخر بل لنجعل لبنان منتصرا بكل أحزابه وتياراته بنبذ الخلافات والصراعات ولغة التوتر في الشوارع والإعلام».