بات بحكم المؤكد أن أمد الشغور الرئاسي لن يكون قصيراً، فانتخاب رئيس جديد غير متاح قبل نهاية العام على أقل تقدير مع دخول البلاد الشهر المقبل بفترة الأعياد من جهة، ولعدم ظهور أي مؤشرات تدل عكس ذلك من جهة ثانية. والشهر المقبل أيضا سيحمل معه بدء استيفاء الرسوم الجمركية على سعر صرف دولار خمسة عشر ألف ليرة، وما سيتبعه من إرتفاع جنوني بالأسعار لن يقتصر على السلع المستوردة، بالنظر إلى تجارب سابقة بفعل الجشع وبغياب الرقابة الجدية، ناهيك عن الارتفاع المتواصل لسعر صرف الدولار بالسوق السوداء الذي وصل الى حدود 40500 ليرة.
اما جلسة المجلس النيابي المقررة الخميس شكلاً لانتخاب رئيس، فإن اتصالات تسبقها في الكواليس وبعيدا عن الأضواء بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورؤساء الكتل النيابية أو من يمثلهم، من دون توقع مدى التجاوب الذي يمكن يلاقيه مسعى بري، فيما يحضر الملف الرئاسي في النقاشات التي يجريها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في روما مع البابا فرنسيس الذي سيلتقي بدوره الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن حيث سيكون الموضوع اللبناني حاضرا في لقاءات البابا.
وقد أشار المطران بولس مطر الموجود في روما إلى أن الراعي سيلتقي اليوم قداسة البابا وأن لبنان سيكون في صلب المحادثات بين قداسته وغبطته، مضيفا في اتصال أجرته معه “الأنباء” الإلكترونية أنه لن يزيد شيئا على كلام الراعي الذي أدلى به بالأمس لأنه وضع النقاط على الحروف.
وفي سياق ما يحصل رئاسيا، نقلت مصادر سياسية عن الرئيس بري انزعاجه من طريقة تعاطي فريق سياسي له شأنه في الاستحقاق الرئاسي الذي يفترض به أن يكون اكثر جدية ومسؤولية في مقاربة هذا الملف. وحذرت المصادر في اتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية من “وجود نوايا مبيتة لإطالة أمد الفراغ الرئاسي حتى تحسين ظروف البعض وتغيير المعادلات التي قد تعزز حظوظ هؤلاء مستقبلا بالوصول الى الرئاسة، وعليه فإن هذا الاستحقاق سيبقى معلقا بانتظار تلك المتغيرات”.
بدوره اعتبر عضو تكتل الاعتدال الوطني النائب أحمد الخير أن لا شيء تغير من الجلسة الماضية حتى اليوم، لا على صعيد الكتل النيابية ولا على صعيد مسعى الرئيس بري. وقال في حديث إلى جريدة “الأنباء” الإلكترونية إن رئيس المجلس كان قام بمبادرة تم إفشالها من الافرقاء المسيحيين، واليوم ليس لدينا معطيات عن مبادرة جديدة. لكن الواضح ان هناك حواراً ثنائياً بين الكتل، وعلينا ان ننتظر إذا كان سيوصل إلى شيء من الإيجابية، ونحن كتكتل اعتدال حريصون على التحاور مع الجميع بهدف التوصل إلى نوع من القواسم المشتركة، ونعمل بهدوء ومن دون ضجيج اعلامي لأن مصلحة البلد تتطلب منا التواصل مع الجميع وبالأخص مع بعض النواب المستقلين.
وعن الانتقادات التي وجهها لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من دون ان يسميه، أوضح الخير ان تكتله على تواصل مع كل الافرقاء ومن بينهم تكتل الجمهورية القوية، معتبرا أنه لم يهاجم أحدا، “ولكن عندما تصلنا رسالة ما من أي كتلة نيابية يقتضي منا الرد عليها، ويجب علينا كلنا ان نحترم ارادة الافرقاء الآخرين، ولن نسمح لأي فريق التطاول علينا وكأنه يعطينا إرشادات. فنحن نواب عصاميون ولدينا بيئة انتخبتنا وأي انتقاص تجاهنا من الطبيعي أن نرد عليه لتوضيح موقفنا”.
وبذلك تتضح أكثر أن الصورة الرئاسية مبهمة تماماً، فيما الواضح الوحيد أن أعباء المواطنين باتت فوق كل احتمال ولا من يبالي من اهل التعطيل والتسويف.