تبدأ اليوم، ولعدة أيام لاحقة، التحقيقات الأوروبية مع عدد من الشهود في قضية شبهات تبييض أموال قام بها، ربما، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومقربون منه في عدد من الدول الأوروبية. وبين المدعوين للتحقيق رؤساء مجالس إدارات مصارف ومسؤولون فيها للرد على جملة أسئلة أبرزها امكان حصول تحويلات من حسابات رجا سلامة الى شقيقه رياض وآخرين مقربين، لإجراء المقتضى بالربط مع عمليات قد تكون استخدمت للتبييض.
فحسابات رجا في عدد من المصارف اللبنانية هي نتيجة عمولات خاصة بعقد “فوري” الشركة التي لعبت (نظرياً) دور الوسيط بين مصرف لبنان من جهة والمصارف من جهة أخرى على صعيد تسويق الاكتتاب بأوراق مالية وسندات وديون سيادية وشهادات إيداع في البنك المركزي. إذ خرجت تلك التحويلات الى مصارف أوروبية ثم عادت منها مبالغ “حرزانة” إلى عدد من مصارف لبنان، التي كانت التحقيقات اللبنانية قد شملت عدداً منها، أبرزها: البحر المتوسط، عودة، سرادار، الاعتماد اللبناني، الموارد، وبنك مصر ولبنان.
وأكدت مصادر متابعة للقضية أنّ “حرجاً كبيراً سيقع فيه عدد من الشهود سبق وأكدوا أنهم لم يسمعوا بشركة “فوري” إلا بعد ورود اسمها في التحقيقات الأوروبية، وأنهم لا يعلمون من هو رجا سلامة بحكم السرية المصرفية، علماً بأن تلك الشركة كانت معنية، بين العامين 2002 و 2014، بتسويق الأوراق المالية لدى المصارف نفسها التي أنكر مسؤولوها معرفتهم مسبقاً بها، وكانوا أكدوا ان العمولات التي دفعوها هي لمصرف لبنان وليس للشركة المذكورة، ما يعني ان هناك شبهة اختلاس من مال عام“.
وذكّرت المصادر بأنّ لدى المحققين الأوروبيين “كل العمليات الخارجية وبالتفصيل المملّ العابر للقارات، وينقصهم فقط التحقق من تحويلات جرت بين رجا ورياض سلامة وآخرين مقربين من هذه العائلة”، علماً بأنّ المصارف المعنية سبق وأودعت كشوفات في لجنة الرقابة على المصارف بعد اشتداد الخناق عليها السنة الماضية. ومن المعلوم أن لا سرية مصرفية أمام التحقيقات الأوروبية وفقاً لمعاهدة الامم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقَّع عليها لبنان منذ العام 2009، ويفترض أن يطلب المحققون كشوفات وتحويلات سبق للقاضية الفرنسية أود بوريسي أن طلبتها في زيارتها الى لبنان الصيف الماضي، مع الإشارة إلى وجود علامات استفهام أخرى خاصة ببنك معين عن حسابات ذات صلة، وكيف انها كانت تتضاعف مبالغها في فترات قصيرة لترتفع إلى ذروتها في العام 2009، ثم تعود لتنخفض كثيراً بفعل تحويلات كما في العام 2019، قبيل اندلاع الأزمة المالية في لبنان، كما لو أنّ صاحب الحسابات كان على علم مسبق بحصول الأزمة المالية وتداعياتها الممكنة.
أما في مستجدات المطاردة السياسية – القضائية – الأمنية لأهالي ضحايا انفجار المرفأ بهدف إسكاتهم وترهيبهم وثنيهم عن الإصرار على كشف الحقيقة ومحاسبة المرتكبين في القضية، وعشية استئناف التحقيقات مع الأهالي اليوم، برز أمس احتضان آباء الضحايا وأمهاتهم وأبنائهم في بكركي، حيث التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي في باحة الصرح وليم نون وعائلته وعدداً من أهالي شهداء المرفأ مؤكداً وجوب الحرص على عدم استغلال قضيتهم في “الزواريب السياسية”، وذلك بعدما كان ندّد في قداس الأحد بعملية “توقيف عزيزنا وليم المجروح في صميم قلبه بفقدان شقيقه”، باعتبارها بيّنت أن “القضاء أصبح وسيلة للإنتقام والكيدية والحقد، والأجهزة الأمنية تلبس ثوب الممارسة البوليسية”، وسأل: “ألا يخجلون من أنفسهم الذين أمروا باعتقال هذا الشاب المناضل ودهم منزله وسجنه غير عابئين بمآسيه ومآسي عائلته وكل أهالي ضحايا المرفأ، وغير مبالين بردة الشعب؟ ثم يستدعون مناضلاً آخر بيتر بو صعب وهو شقيق شهيد آخر، فهل يوجد في العدلية قضاة مفصولون لمحاكمة أشقاء شهداء المرفأ وأهاليهم؟“.
وفي سياق ملف الشغور الرئاسي الذي جدد الراعي وضعه ضمن إطار “مخطط قيد التحضير لخلق فراغ في المناصب المارونية والمسيحية”، سجّل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مساءً جملة مواقف لافتة للانتباه جزم فيها برفض وصول أي مرشح لمحور الممانعة والثنائي الشيعي إلى سدة الرئاسة الأولى “لا سليمان فرنجية ولا غيره”، قائلاً: “بدنا نخلص من سلبطة “حزب الله” ما فينا نضل نحن والأجيال اللاحقة مربوطين بسيطرة هذا “الحزب” غير الشرعية على لبنان“.
وفي حديثه لقناة “الجديد”، لوّح جعجع بـ”إعادة النظر بكل شيء” في حال أتى رئيس جديد للجمهورية “على طبطاب حزب الله”، رافضاً الخوض بتفاصيل أكثر عن الخطوات المنوي اعتمادها في هذا السبيل، واكتفى بالقول: “هذه المرة لن نقبل سوى برئيس “متل ما لازم” يريد أن يبني الدولة ويحمي لبنان بالفعل “مش بالحكي”، إما يكون رئيساً جدّياً وإما ستكون كل خياراتنا مطروحة… و”بدنا نعيد النظر بكل تركيبة الدولة وساعتها يضل “حزب الله” وبيئته الحاضنة يحموا ظهر المقاومة متل ما بدهم وألله يوفقو مطرح ما هو“.