حالات الهلع مستمرة لدى المواطنين جرّاء الصفيح المتحرّك الذي يعيشون عليه. قلق دائم مع انتشار مشاهد الدمار على إثر الزلازل التي تضرب منطقة الشرق الأوسط وتتكرّر، ولبنان طبعاً ليس بمنأى عنها. وأمس شعر عدد من سكّان منطقة الشمال بهزّة أرضية خفيفة لم تتعدَّ قوّتها الـ4 درجات، وجاءت بعد الهزّة القوية التي شعر بها سكّان مختلف المناطق اللبنانية قبل يومين، ما تسبّب بحالة من الذعر والقلق، وطرح تساؤلات عن مدى طول هذه الأزمة الجيولوجية، وموعد العودة إلى الاستقرار.
الباحث والأستاذ المحاضر في الجيولوجيا وعلم الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور طوني نمر قال “إن هذه الحالة التي نعيشها على إثر زلزال تركيا وسوريا لا بد لها أن تنتهي مع مرور الوقت، لكن لا موعد محدّداً لذلك، بل عندما يتم الانتهاء من تنفيس الأرض”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، طمأن نمر إلى أن “سيناريوهات تركيا وسوريا مستبعدة في لبنان في الوقت الحالي، لكن من الممكن أن تتكرّر الهزّات التي نشهدها بقوّة أقل أو أكثر”.
بالتوازي مع الصفيح المتحرّك جيولوجياً، فإن الصفيح اللبناني ساخن على أرض من البراكين التي انفجرت أو تستعد للانفجار مع تقدّم الوقت. الدولار انفجر وبات بلا سقف، والأسعار في الأسواق تلحقه وتحلّق، فيما حمم الشارع بدأت بالظهور، ومنسوب الحماوة يرتفع يومياً، توازياً مع ارتفاع منسوب الخشية من تفلت أمني واسع يهدّد السلم الأهلي.
لكن وعلى خطٍ آخر، ورغم حماوة المشهد الاقتصادي والاجتماعي، فإن المشهد السياسي راكد وبارد، وكأن ترف الوقت موجود. لا جديد في استحقاق الانتخابات الرئاسية، والمشهد على حاله دون تبدّل رغم المبادرات الكثيرة التي أطلقت، وآخرها من كليمنصو، مما يؤشّر إلى غياب النوايا الجدّية لإنجاز الاستحقاق، وقد يكون البطء الحاصل مردّه انتظار الخارج، وبالأخص إيران، في هذه اللحظة الإقليمية والدولية الحرجة.
وبعدما أُفشل انعقاد مجلس النواب لتشريع الضرورة، عاد الحديث عن جلسة حكومية جديدة من المحتمل أن يعقدها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، يكون على جدولها ملفات حياتية ضرورية. إلّا أن هذه الجلسات من شأنها أن تعمّق الشرخ أكثر بين التيار الوطني الحر وحزب الله، علماً أن مقرّبين من الطرفين بدأوا بنعي اتفاق مار مخايل الذي يجمع بينهما.
مصادر متابعة للشأن لفتت عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “الاتفاق بين التيار والحزب في حالة من الغيبوبة، وعلى مشارف الموت، وهذا ما يصرّح به مقرّبون من الطرفين، وتم التداول بمعلومات مفادها أن النائب جبران باسيل بات يبحث عن تحالفات جديدة بعيداً عن الحزب، بانتظار الأيام والأسابيع المقبلة التي تؤكّد أو تنفي، مع العلم أن علاقات رئيس التيار السياسية ليست بالجيدة، والمهمة صعبة أمامه”.
بالعودة إلى الجلسة الحكومية المحتملة، فإن لا عزم فعلياً على عقدها بشكل رسمي، ووفق ما أشار النائب السابق علي درويش، فإن “موضوع الدعوة إلى جلسة مجلس وزراء يعود إلى ميقاتي الذي لم يحدّد ذلك بعد، مع ضرورة الذكر أن ثمّة ملفات حياتية ومعيشية ملحّة”.
وتطرّق درويش في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية إلى ملف التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ولفت إلى أنه “في حال لم يُقر الموضوع في مجلس النواب، يُصبح المعبر الإلزامي وزير الداخلية أو مجلس الوزراء، والبحث جار في الأروقة عن صيغ لتخريج الملف، لكن أياً منها ليس نهائياً بعد”.
إذاً، يواصل اللبنانيون انتظار أي جديد يلوح في الأفق داخلياً وخارجياً، إلّا أن المعطيات لا تشي بأي إيجابية، والمشهد يدعو اكثر من أي وقت مضى إلى إيجاد الحلول السياسية، وإلّا فالأسوأ بالانتظار.