كتبت صحيفة “الديار” تقول: عادت الازمة بين القطاع المصرفي والقضاء الى “نقطة الصفر”، فاعلنت جميعة المصارف استئناف الاضراب ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل، فانهارت الليرة الى مستوى قياسي جديد وحلق الدولار ليلامس الـ 90 الفا. في الامن “العيون” شاخصة اليوم الى مخيم عين الحلوة حيث تعمل اكثر من جهة امنية وسياسية على منع انفجار عسكري وامني يهدد الوضع الهش في ظل عمليات استنفار متبادلة بين حركة فتح ومجموعات “اسلامية” في المخيم. سياسيا، وفي ظل انسداد الافق، لجات بكركي الى الصلاة عن نية لبنان اليوم، فيما لم تشهد الساعات القليلة الماضية جديدا حيال الاستحقاق الرئاسي، فالجميع ادلى بدلوه علنا وفي السر بعد انتقال “الثنائي الشيعي” من مرحلة التبني الضمني الى مرحلة التبني العلني لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. دخلت البلاد في مرحلة جوجلة الافكار والنيات، وكذلك في حرب الشائعات، الكثير من عمليات “جس النبض” تجري بين القوى السياسية بعيدا عن الاضواء، الرياض تواصل عبر اعلامها توجيه الرسائل السلبية حيال ترشيح فرنجية، القوى السياسية المحلية التي تقف تحت “المظلة” السعودية تترقب بحذر تدرج مواقف المملكة وتخشى من “مناورة” رفع السقوف مع بدايات التفاوض وتتحرى صحة المعلومات عن تحرك خارجي مرتقب لفرنجية يشمل المملكة، فيما يحكى الكثير عن تواصل سعودي مرتقب مع التيار الوطني الحر، دون دلائل حسية على ذلك. اما “محركات” حركة امل وحزب الله فتعمل بفعالية وجدية لمواكبة الانتقال الى مرحلة تبني فرنجية علنا، بانتظار الوقت المناسب لاطلاق المرحلة الثالثة الذي يعمل على الاعداد لها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
تهدئة نصرالله “ومحركات” بري
وفي هذا السياق، لم يمنح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله “خصومه” في الداخل والخارج الفرصة لرفع سقف السجالات السياسية حول ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وتجنب في خطابه بالامس الرد على كل ما سيق بعد خطابه الاول من كلام حول الملف، وذلك افساحا في المجال امام حركة الاتصالات السياسية التي انطلقت بزخم لتعزيز فرص دعم وصول فرنجية الى بعبدا. واذا كانت “الرسائل” السعودية الاعلامية العالية السقف قد تكررت بالامس عبر “كاريكاتور” نشرته صحيفة الشرق الاوسط “يزعم” ان موقف حزب الله قد اقفل الطريق امام الاستحقاق الرئاسي، فان “الابواب” لم تقفل بعد امام حوار لم ينقطع مع الرياض من خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يفترض ان يلتقي خلال الساعات المقبلة السفير السعودي الوليد البخاري لمناقشة خلفية المواقف السعودية المنقولة بالتواتر وليس رسميا، مع العلم ان خطوط التواصل لا تزال مفتوحة بين الجانبين منذ اللقاء الاخير الذي جمع البخاري بالنائب علي حسن خليل. وكان لافتا بالامس زيارة الوزير السابق غازي العريضي الى عين التينة حيث تصدر “الطبق” الرئاسي اللقاء مع بري، ووفقا للمعلومات، حمل العريضي اسئلة من جنبلاط حيال توقيت اعلان تبني ترشيح فرنجية، وطبيعة المرحلة المقبلة، كما نقل رسائل من جنبلاط، خصوصا اجواء لقاءات وفد “الاشتراكي” الذي زار الرياض مؤخرا. وفي وقت لاحق التقى بري وزير الاعلام زياد مكاري، وابلغه دعما صريحا وجديا لترشيح فرنجية، وجرى نقاش الخطوات المرتقبة من قبل زعيم تيار المردة.
استراتيجية “عين التينة”؟
وفيما تكثر الاسئلة حيال اسباب انتقال “الثنائي” الى مرحلة العلنية في تبني ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية. تدور الاسئلة حول ما اذا كان حزب الله وحركة امل يلامسان الاكثرية لايصال زعيم المردة الى قصر بعبدا. وفي “البوانتاج” ثمة رهان على نواب اللقاء الديموقراطي وعددا من النواب المستقلين ومن النواب السنة الذين يدورون في فلك الرئيس سعد الحريري، والرهان ايضا على تسجيل اختراق في صفوف تكتل لبنان القوي برئاسة باسيل يتجاوز نواب حزب الطاشناق ونائب عكار محمد يحيى إلى آخرين ممن كانوا في عداد مؤيدي بري لرئاسة المجلس بخلاف رغبة باسيل! وعلم ان بري سيتخذ قراره بتوجيه الدعوة للنواب لعقد جلسة لانتخاب الرئيس، من عدمه، بعد الانتهاء من مروحة الاتصالات الحالية، وهو يتريّث إفساحاً في المجال أمام توسيع مروحة التأييد النيابي لفرنجية، ليكون في وسعه أن يضمن له تصويت عدد لا بأس به من النواب، حتى لو لم تصل الى 65 صوتا المطلوبة للفوز في الدورة الثانية. ويشرف الرئيس بري شخصياً على الاتصال بالنواب، ويتولى النقاشات معهم ويراهن على الوصول الى 61 نائباً، وهو لن يتردد في تحديد موعد لانعقاد الجلسة فور ضمانه تأييد هذا العدد الذي يُفترض أن يفوق عدد مؤيدي النائب ميشال معوض. ووفقا لمصادر نيابية، فان هذا الرقم سيؤدي الى احراج “المعارضة” المنقسمة على نفسها والتي لن تتمكن من مجاراة رئيس تيار المردة في تأمينها تأييدا لمنافسه؛ نظراً الى أن أصواتها ما زالت مشتتة، فيما الانقسام حاضر بقوة بين النواب “التغييريين”. وهو يريد ايضا إحراجها في حال اضطرت إلى مقاطعة الجلسة، وهو يريد ان يسجل عليها سابقة في هذا المجال، بعدما كالت الاتهامات “للثنائي” وحلفائه باستخدام الانسحاب من جلسات الانتخاب بهدف تعطيل الاستحقاق الدستوري.
رهانات متعارضة
ووفقا للمعلومات، ستشهد الساعات المقبلة تزخيما للاتصالات الداخلية مع اكثر من فريق سياسي، وفي مقدمته التيار الوطني الحر الذي روجت مصادره لاحتمال حصول لقاء بين النائب جبران باسيل والسفير البخاري، ولم يتم تاكيد هذه المعلومة بعد، ولكنها تستخدم حتى الآن في اطار “البازار” المفتوح “ومحاولة” استدراج العروض في الملف الرئاسي. مصادر “الثنائي” تصر على ان فرص فرنجية لا تزال كبيرة على عكس ما يروج له البعض، وهي ترى ان “المعركة” لا تزال في بدايتها، ومن المبكر الذهاب الى استنتاجات قبل أوانها. في هذا الوقت، لم يعد لدى القوات اللبنانية الا الرهان على صمود الموقف السعودي الرافض لفرنجية بعد الفشل في توحيد موقف “جبهة المعارضة “من أجل الخروج بخطاب موحد رافض لترشيح فرنجية، والتوافق على اسم المرشح الثالث، ولهذا تكتفي راهنا بالتاكيد ان موقفها من انتخاب قائد الجيش جوزاف عون لم يتغير في انتظار تبلور مواقف الأطراف الخارجية. تجدر الاشارة الى ان جعجع لا يزال يرفض على نحو قاطع لقاء باسيل على الرغم من ابداء الاخير استعداده للبحث في الاتفاق على دعم مرشح ثالث للرئاسة، وهذا ما أبلغه جعجع لراعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم الذي يتنقل بين القيادات المارونية، في محاولة لتوحيد موقفها من الاستحقاق الرئاسي.
نصرالله: لا للخضوع ولا للياس
وقد اكتفى السيد نصر الله بالتاكيد أن أبواب الحل للأزمة في لبنان موجودة، داعياً إلى عدم الاستسلام والخضوع للشروط الدولية. وقال في الذكرى الثلاثين لتأسيس مدارس المهدي، إن المطلوب منّا الاستسلام ولا تتوقعوا منّا استسلاماً وانصياعاً وخضوعاً، مشدداً على وجوب “عدم اليأس لأن نتيجة اليأس الاستسلام. ورأى نصر الله أن أبواب الحل موجودة، مؤكداً أنه لا يجب أن نستسلم للشروط الدولية والإقليمية والذين استلسموا لم ينجوا. وفي الملف التربوي، حثّ نصر الله المعلمين والأساتذة في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية على مواصلة العام الدراسي وعدم العودة إلى الإضراب، مطالباً الحكومة بتنفيذ ما قدّمته لهم. ولفت نصر الله إلى إصرار بعض المدارس على الخاصة على الرّبح الوفير، معرباً عن تقديره أنها تريد زيادة الأقساط لتحسين رواتب المعلمين، لكن هل يمكن ألا نربح هاتين السنتين أو نربح بشكل معقول ومتواضع.
بكركي تلجأ الى الصلاة
وفي ظل انسداد الافق على الارض لجأت بكركي الى السماء، ودعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي إلى “يوم صوم وصلاة اليوم على نية لبنان وشعبه”، مناشداً “الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لإنقاذ الوطن، ممّا يتخبط فيه من مشاكل على الصعد كافة”. وقد شدّد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على ضرورة احترام المناصفة بين اللبنانيين، معتبراً أنّ “لبنان لن يكون لبنان إلا بهذه المناصفة. كما شدّد، في كلمةٍ أمام وفد نادي الشرق لحوار الحضارات، على “ضرورة المساواة في المواطنة على قاعدة العيش المشترك وتطبيق اتفاق الطائف الذي وضع للحفاظ على تنوع الكيان اللبناني.
اضراب المصارف
في هذا الوقت، عادت الازمة المصرفية-القضائية الى المربع الاول، بعد صدور قرار قضائي بالزام “بنك ميد” بتسديد وديعة مالية بالدولار لاحد المودعين بالدولار “فريش” لا عبر شيك مصرفي، وعلى الرغم من محاولات رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ثنيها عن التصعيد، اصرت جمعية المصارف على اعلان الاضراب بدءا من يوم الثلاثاء المقبل، باعتبار ان وعود السرايا الحكومية ذهبت “ادراج الرياح”، واولى مفاعيل القرار صعود جنوني لسعر الدولار الذي لامس ال90 الفا. وفي بيان بررت جمعية المصارف العودة إلى الإضراب بوجوب تصحيح الخلل في بعض القرارات القضائية التعسّفية حيالها، وقالت إنّه “إزاء ما رأت فيه خطوة أولى بالاتجاه الصحيح من قبل حضرة المدعي العام التمييزي، أعربت عن إيجابيتها الحذرة آملة أن تتبعها خطوات أخرى بالاتجاه نفسه، تستعيد فيها القرارات القضائية ما عُرف عنها سابقاً من عدالة وكفاءة وحياد ومساواة. واعتبرت، في بيان، أنّ “المصارف محقّة في موقفها الحذر، إذ صدرت خلال الأيام القليلة الماضية قرارات قضائية تعسفية جديدة، عادت تكيل بمكيالين، فتلزم المصارف بقبول تسديد الديون العائدة لها بالعملة الأجنبية بذمة المقترضين بشيك مسحوب على مصرف لبنان أو بالليرة اللبنانية على أساس سعر صرف 1500 ليرة للدولار الواحد فيما تلزم المصارف بتسديد أو بتحويل الودائع بالعملة الأجنبية نقداً وبالعملة نفسها ولمصلحة بعض المودعين على حساب المودعين الآخرين…
لا اقفال “للاي تي أم”
واعتبر البيان أنّ “المصارف لم تترك وسيلة قضائية للمطالبة بتصحيح الخلل إلا وسلكتها، إنما دون جدوى. وخلصت جمعية المصارف الى القول “إزاء ما تقدّم، وحيث إن الوضع بلغ من الخطورة بمكان لم يعد يكفي معه لفت النظر والاعتراض والإنذار، بل أصبح من الضرورة الملحّة أن تتحمّل السلطات الرسمية من تنفيذية ونقدية وقضائية وتشريعية مسؤوليتها بإيجاد حلّ شامل لأزمة نظامية عبر إصدار قواعد عامة ملزمة للجميع لا تقتصر على مصارف معيّنة ولا حتى على جميع المصارف، بل تشمل كل القطاع المالي وتمسّ أيضاً المودعين، فإنّ جمعية مصارف لبنان تجد نفسها مكرهة على العودة إلى الإضراب مطالبة باتخاذ التدابير القانونية السريعة لوضع حدّ لهذا الخلل في اعتماد معايير متناقضة في إصدار بعض الأحكام التي تستنزف ما بقي من أموال تعود لجميع المودعين وليس لبعضهم على حساب الآخرين، ولمعالجة هذه الأزمة بشكل عقلاني وعادل ونهائي، تتحمّل فيه الدولة بصورة خاصة مسؤوليتها في هذا المجال. ووفقا للمعلومات، ستبقى ماكينات “الايه تي ام” مفتوحة وستزودها المصارف بالنقود كالمعتاد.
امن المخيمات؟
على الصعيد الامني تتجه الانظار اليوم الى صيدا حيث يفترض ان يعقد اليوم اجتماع في مكتب التنظيم الشعبي الناصري، لمحاولة تطويق ذيول الاشتباكات الاخيرة في مخيم عين الحلوة في ظل استنفار مسلح متبادل بين حركة فتح وعدة تنظيمات اسلامية بقيادة “عصبة الانصار”. وتتخوف مصادر امنية من تصعيد يخرج عن السيطرة على خلفية قتل العنصر في حركة فتح محمود زبيدات، على يد خالد علاء الدين المنتمي الى عصبة الانصار التي ترفض تسليمه الى القوى الامنية اللبنانية. ووفقا للمعلومات، اللقاء اليوم الذي عمل على تنظيمه النائب اسامة سعد سيكون مفصليا، فحركة فتح لم تلغ حالة الاستنفار بعد ، ونشرت مئات العناصر المسلحة، وتهدد بالقيام بحملة عسكرية ضد المجموعات الاسلامية المسلحة في الاحياء التي يسيطرون عليها في الطوارئ، وحطين، والصفصاف، والمنشية. وفيما يستنفر عناصر الجيش على مداخل المخيم، وتتحرك استخباراته على الارض، ثمة مخاوف من عدم نجاح الاتصالات لاخراج الحلول المقترحة الى التنفيذ، ما سيؤدي الى انفجار واسع قد يكون مقدمة لاهتزاز امني تقف وراءه جهات خارجية مشبوهة تعمل على رفع منسوب التوتر الامني في سياق اغراق البلاد في الفوضى من “بوابة” المخيمات الفلسطينية، لاغراض سياسية ليس اقلها ايجاد مخارج رئاسية على “الساخن”.
“تطبيع” في اليرزة ؟
وفي اطار وضع التفاهم على تنظيم العلاقة بين وزارة الدفاع وقيادة الجيش والذي رعاه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي امس الاول، استقبل وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم في مكتبه في اليرزة ، قائد الجيش العماد جوزاف عون، وجرى البحث في اوضاع المؤسسة العسكرية والوضع الامني العام في البلاد، كما تناول اللقاء ملفات عديدة وما يمكن القيام به من اجراءات وخطوات لما فيه مصلحة المؤسّسة العسكريّة. وكان توافق على اهمية التعاون في هذه الظروف الصعبة التي تفرض على العسكريين اعباء وتحديات مادية يومية. ووفقا للمعلومات، فان تطبيع العلاقة بين الرجلين سيخضع الى الاختبار خلال الفترة المقبلة، ويبقى السؤال الاساسي حول مدى نجاح هذه “المصالحة” مع ارتفاع حرارة الاستحقاق الرئاسي، والهجوم الممنهج من قبل التيار الوطني الحر على قائد الجيش، في محاولة مكشوفة لتقليل حظوظه في الوصول الى بعبدا..