من دون سابق انذار، اشتعل مخيم “عين الحلوة” للاجئين الفلسطينيين في منطقة صيدا جنوب لبنان في الساعات الماضية، ليتقدم بذلك الملف الأمني على الملف النقدي، الذي يتحرك هو الآخر على صفيح ساخن، مع انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منتصف الليل.
ومع تصدر هذين الملفين واجهة الاهتمامات اللبنانية والخارجية، تراجع تلقائيا البحث بالملف الرئاسي، الذي قذفه اصلا المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان حتى شهر ايلول المقبل، والذي يسعى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بقذفه ابعد، وبالتحديد لما بعد كانون الثاني المقبل، موعد انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون، لاعتباره انه ومع مغادرته اليرزة تتراجع حظوظه الرئاسية وتحترق ورقته.
استنفار لاستيعاب تطورات “عين الحلوة”
وبالعودة الى “عين الحلوة”، فقد شهد المخيم مواجهات عنيفة بين حركة “فتح” ومجموعات إسلامية متشددة. وقالت مصادر فلسطينية رسمية من داخل المخيم ان “التوتر بدأ يوم السبت مع تعرض مجموعة من الاسلاميين لاطلاق نار من قبل احد عناصر “فتح”، الذي قتل شقيقه قبل 4 اشهر من قبل احد الاسلاميين، وقد صودف تواجده في منطقة كانوا يمرون فيها فما كان منه الا ان اطلق النار باتجاههم، ما ادى لمقتل احدهم واصابة آخرين”.
واشارت المصادر في تصريح لـ “الديار” الى ان “محاولات كثيرة لضبط الاوضاع فشلت، خاصة بعد مقتل قائد الامن الوطني في صيدا العميد في حركة “فتح” ابو اشرف العرموشي مع 3 من مرافقيه، اثر تعرضهم لكمين مسلح في حي البساتين داخل المخيم ، ما ادى لاستنفار حركة “فتح” عسكريا، واشتعال المواجهات في اكثر من محور، استُخدمت خلالها قذائف صاروخية واسلحة رشاشة”.
واضاف المصدر ان “فتح حاولت حصر الاشتباكات في موقع محدد، لكن المجموعات الاسلامية عملت على توسعتها، وقد دخل اكثر من طرف على خط التهدئة، وبخاصة حركة “أمل”، وقد طالبت “فتح” بأن يتضمن اي حل تسليم قتلة العرموشي ومرافقيه”.
واستهجن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي هذه التطورات، واعتبر “إن توقيت الاشتباكات في عين الحلوة، في الظرف الاقليمي والدولي الراهن مشبوه، ويندرج في سياق المحاولات المتكررة لاستخدام الساحة اللبنانية، لتصفية الحسابات الخارجية على حساب لبنان واللبنانيين. كما أن تزامن هذه الاشتباكات مع الجهود التي تبذلها مصر لوقف الخلافات الفلسطينية- الفلسطينية، هو في سياق الرسائل التي تستخدم الساحة اللبنانية منطلقا لها”.
الرئاسة الفلسطينية: تجاوز لكلّ الخطوط الحمراء وعبث بالأمن اللبناني وأمن المخيم
هذا، واعلنت الرئاسة الفلسطينية إن “ما حدث من مجزرة بشعة واغتيال غادر وإرهابي لمناضلين من قوات الأمن الوطني أثناء أدائهم واجباتهم الوطنية في الحفاظ على صون الأمن والأمان لشعبنا في مخيم عين الحلوة، والسهر على أمن الجوار اللبناني، هي تجاوز لكل الخطوط الحمراء وعبث بالأمن اللبناني وأمن المخيم من قبل مجموعات إرهابية متطرفة، دأبت منذ سنوات العمل على إدخال المخيم في تنفيذ أجندات هدفها النيل من الاستقرار الذي يشهده المخيم، إن هذا الأمر غير مسموح به ولن يمر دون محاسبة مرتكبي هذه المجزرة”.
وأكدت الرئاسة الفلسطينية في بيان لها، “أن أمن المخيمات خط أحمر ومن غير المسموح لأي كان ترويع أبناء شعبنا والعبث بأمنهم. إننا ندعم ما تقوم به الحكومة اللبنانية من أجل فرض النظام والقانون، ونؤكد حرصنا الشديد على سيادة لبنان، بما يشمل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والحفاظ على الأمن والقانون”.
ولفتت الى اننا “عملنا طوال السنوات الماضية وبجـهد كبـير للحفاظ على استتباب الأمن والاستقرار وبالتنسيق مع الدولة اللبنانية وأجهزتها الرسمية والأمنية، وسنبقى على هذا الطريق للحفاظ على أمن وسيادة لبنان وحماية أبناء شعبنا في المخيمات وتحت سيادة القانون والأمن اللـبنانيـين”.
المنصوري يستلم دفة قيادة “المركزي”
ولم تستطع التطورات الأمنية حجب الاهتمام عن المصرف المركزي، الذي سيشهد اليوم عملية تسلم وتسليم بين رياض سلامة، الذي امسك بمقود القيادة ?? عاما على التوالي، وبين نائبه الاول وسيم منصوري، الذي ورغم كل ما حكي واشيع، سيستلم صلاحياته ومهامه على مضض. وتقول المعلومات ان نواب الحاكم سيُبقون على”صيرفة”، وستدعمهم حكومة تصريف الاعمال بالمال.
وقالت مصادر معنية بالملف لـ “الديار” ان “تسلم منصوري الحاكمية حُسم، وان كانت مرجعيته السياسية المتمثلة برئيس المجلس النيابي نبيه بري غير راضية تماما عن ذلك، لكنها حشرت في الزاوية بعدما سدت الابواب الاخرى بوجهها”، واشارت الى ان “هناك اجراءات ستتخذ لمنع تفلت سعر الصرف فور تسلم منصوري، لكن التفلت سيحصل عاجلا او آجلا، وسنكون على موعد مع ارتفاع لا يمكن تحديده لسعر الصرف خلال اسبوع على ابعد تقدير، باعتبار انه سيتم وقف صيرفة للشركات اولا وللافراد بعدها، ما سيكون له انعكاسات كبيرة على سعر الصرف”.
واوضحت المصادر ان “التفاهم الذي حصل هو على ان يستخدم منصوري الاحتياطي الالزامي لتأمين رواتب موظفي القطاع العام حصرا”.
الرئاسة الى ما بعد كانون الثاني
وفي حال بقي الوضعان النقدي والأمني ممسوكين ولو بحدود دنيا، يُنتظر ان يتم تأجيل البت بالملف الرئاسي أقله حتى كانون الثاني المقبل، موعد انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون. إذ تقول مصادر معنية بالشأن الرئاسي أنه “اذا كان لودريان قد قذف الملف الرئاسي حتى أيلول، فان باسيل قدفه حتى كانون الثاني، لاعتباره أنه في حال انتهت ولاية جوزاف عون، فذلك سيؤدي لاعدام حظوظه الرئاسية، ويحرق ورقته بعد ورقة رئيس “تيار المردة ” سليمان فرنجية، وهو ما يعمل لاجله باسيل ويضع كل خططه واستراتيجياته على هذا الاساس”.
وتضيف المصادر لـ “الديار “بات واضحا أن باسيل طرح اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة لهذا الغرض، أي لكسب المزيد من الوقت وإطالة أمد الشغور الرئاسي، لعلمه بأن “الثنائي الشيعي” مستحيل أن يسير باللامركزية المالية، وبالتالي فهو بذلك يحرّف الانظار عن الملف الرئاسي، ويفتح النقاش بملف آخر سجلي يعي انه من دون افق”.
الراعي يصعد
في هذا الوقت، وفي تصعيد غير مسبوق، قال البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظته امس، ان “النازحين السوريين يحتلون البلاد بدعم من الاسرة الدولية، ونحن مغفّلون، وهم متناسون ارضهم ووطنهم وتاريخهم وثقافتهم؟”.