كتبت صحيفة “الديار”: صمدت حماس، وتبدلت معادلات الشرق الاوسط، حتى لو سقطت الهدنة واستانف نتنياهو حرب الابادة والتهجير، لن يحقق اية نتائج ميدانية او تبدلات في المسار العسكري، والشيء الوحيد القادر على انجازه هو المزيد من القتل والدمار فقط، هذا النهج الاسرائيلي الوحشي بدا يقابل بردود فعل شعبية رافضة وغاضبة في الولايات المتحدة وتحديدا في اوساط بعض النخب داخل الحزب الديموقراطي الذين يقودون التظاهرات المتعاطفة مع الفلسطينيين امام البيت الابيض ومعهم الاميركيون العرب والجاليات الاسلامية، وهؤلاء امنوا وصول بايدن الى رئاسة اميركا ويهددون اليوم بعدم انتخابه لولاية ثانية ومنع وصول الديموقراطيين الى البيت الابيض، واشارت اخر الاستطلاعات الى تدني شعبية بايدن الى 36٪، فيما بلغت نسبة المعارضين لسياساته الشرق اوسطية الى 64 ٪، وهذا ما ادى الى تبدل في الموقف الاميركي وتبني تمديد الهدنة في غزة وصولا الى وقف النار، رغم ان كل المسؤولين الاميركيين حضروا الى تل ابيب بداية الحرب وقادوا المعارك وهم اول من طرحوا سحق حماس، هذا التوجه الاميركي الجديد نوعا ما، يعارضه بشدة مسؤول الموساد المتواجد في قطر المتمسك باستئناف العملية العسكرية.
وفي معلومات مؤكدة، ان اتصالات مباشرة تجري في قطر بين معاوني وزير الخارجية الاميركي بلينكن ومسؤول الموساد الاسرائيلي ووزير الخارجية القطري وبشكل غير مباشر مع مسؤولي حماس، ووضعت مسودة اتفاق لمناقشتها، واولى بنودها وقف اطلاق النار، لكن المسؤول الاسرائيلي ما زال يعارض الامر، وقام وزير الخارجية القطري بوضع المسؤولين العرب في تفاصيلها وربما عرضها ايضا على وزير الخارجية الايراني، هذه المعلومات لم تنفها مصادر فلسطينية في بيروت لكنها رفضت التعليق، علما ان السلطات القطرية عززت اجراءات الحماية حول مقرات مسؤولي حماس وكذلك اثناء تنقلاتهم في الدوحة بعد ان رفضت الاستجابة لطلب اميركي اسرائيلي بابعاد بعض مسؤولي حماس عن اراضيها.
وحسب مصادر فلسطينية في بيروت، فان اسرائيل ستقبل عاجلا ام اجلا بوقف اطلاق النار، لان السيطرة الكاملة على غزة والقضاء على قادتها يتطلب اعواما وحرب استنزاف طويلة، وسها عن بال نتنياهو ان حماس تمثل 80٪ من الشعب الفلسطيني حاليا، وهي الاقوى في الضفة والقطاع باعتراف نبيل ابو ردينة مستشار محمود عباس، وحماس تمثل حالة مقاومة متجذرة في الشعب الفلسطيني لايمكن الغائها، وهذا يتطلب الاسراع بالتفتيش عن مخارج وحلول سياسية متوازنة، وقد بدا درس مرحلة ما بعد نتنياهو وليس مرحلة ما بعد حماس.
وتضيف المصادر الفلسطينية في بيروت، الكيان الاسرائيلي مطوق بسلسلة من الازمات الكبرى اهمها الازمة المالية، وكشف البنك المركزي الاسرائيلي، ان تكاليف الحرب الاجمالية وصلت الى 198 مليار شيكل، اي ما يعادل 63 مليار دولار، وحجم التكاليف التي قسمت على انفاق دفاعي وصل الى 107 مليار شيكل ما يعادل 28,8مليار دولار، كما يعاني كيان الاحتلال من هجرة اكثر من 100 الف مستوطن من شمال فلسطين المحتلة الى الداخل، واكثر من 300 الف مستوطن من غلاف غزة الى ايلات وتل ابيب وهؤلاء يرفضون العودة بعد طوفان الاقصى.
وقف الملاحة في البحر الاحمر
وفي المعلومات من قيادات فلسطينية، ان قيادة محور المقاومة تقود المعركة بكفاءة، ووجهت رسالة واضحة للاميركيين عبر الالتزام بالهدنة ليس في غزة فقط بل من لبنان واليمن والعراق وسوريا ووقف الغارات على القواعد الاميركية في البلدين، هذه الرسالة الايجابية قابلها في نفس التوقيت رسالة ثانية بسقوف عالية فحواها، اذا تم استئناف القتال في غزة فان «بيكار» الحرب سيتوسع وصولا الى وقف الملاحة الدولية في البحر الاحمر واغلاق باب المندب وضرب ناقلات النفط وانتشار الفوضى في هذه المنطقة، مع تسريبات، بان قراصنة صوماليين هم من اعترضوا بعض السفن التجارية الدولية وسيطروا عليها، وربما تدحرجت الامور الى الفوضى الشاملة ووقف العمل بالطريق الهندي الى ايلات الذي اعلن عنه بايدن في الاجتماع الاخير في نيودلهي، وصولا الى وقف الطموحات السعودية بـ «اكسبو 30» و وتحويل المنطقة الى فيتنام ثانية.
تبادل الاسرى
وفي المعلومات ايضا من القيادات نفسها، ان حماس والفصائل الفلسطينية نجحوا في ادارة معركة الاسرى بكفاءة عالية و كسب التعاطف العالمي معهم، وتحديدا في الشارعين الاميركي والاوروبي، بعد احاديث الاسرى المدنيين الاسرائيليين عن المعاملة الجيدة والاخلاقية والانسانية التي تلقوها من مقاتلي حماس خلال فترة اسرهم وحصولهم على «لبن العصفور» رغم اوضاع المسلحين الصعبة، حتى ان الاسرى ارتبطوا بصداقات مع المقاتلين اذهلت العالم، بينما قام جنود العدو بممارسات دنيئة ترفضها كل المواثيق الدولية.
وحسب القيادات الفلسطينية، راهن الاميركيون والفرنسيون والاسرائيليون على عدم قدرة حماس على الالتزام بشروط الهدنة بعد 45 يوما من الحرب المجنونة و امكانية فقدان الاتصال بالاسرى وعدم وجود لوائح دقيقة بالاسماء والاعداد، وجاءت عملية التبادل لتدحض كل التحليلات الاسرائيلية والاميركية والدولية، وتؤكد على القدرة العالية لقيادات حماس في التحكم بكل تفاصيل الملف وادارة المفاوضات وصولا الى اطلاق الاسرى المدنيين من شمال غزة وتحديدا من المناطق التي اعلنت اسرائيل السيطرة عليها، حتى ان اسرائيل طالبت باضافة بند على ملف تبادل الاسرى يقضي باعادة حماس الوثائق والاسلحة والاجهزة والتقنيات التي استولت عليها في طوفان الاقصى وعدم نقلها الى دولة اخرى وتحديدا ايران، مقابل الافراج عن المزيد من الاسرى الفلسطينيين، هذا الامر لم يتم التوصل الى الاتفاق بشانه رغم الخوف الاسرائيلي من كمية المعلومات التي حصلت عليها حماس من غلاف غزة ومن كبار الضباط الاسرى.
وحسب القيادات الفلسطينية، حماس مستعدة لصفقة تبادل شاملة «الكل مقابل الكل» تطال العسكريين والاجانب، مقابل الافراج عن اسرى فلسطينيين وعربا وامميين واسلاميين في مقدمهم مروان البرغوتي واحمد سعدات والعشرات من القيادات الذين وجهوا عشرات الضربات لجيش العدو، وهذا يفرض وقفا شاملا لاطلاق النار كون الامر يتطلب مباحثات مضنية، لكن حكومة العدو تدرس امكانية توجيه ضربة ثانية للفلسطينيين لتحقيق مكاسب تجعل حماس تتنازل عن بعض شروطها.
زيارة لودريان استطلاعية
اما في الموضوع اللبناني، فان البعض وللاسف ما زال يتعاطى مع الاحداث بمنطق ما قبل 7 تشرين وانتصار غزة، وحسب مصادر بارزة في بيروت، فان فرنسا ما قبل 7 تشرين لبنانيا ليست كما بعدها مطلقا، وستدفع ثمن موقفها المنحاز الى اسرائيل ولن يتم تسليفها اي ورقة بعد الان، وكما جاء لودريان سيذهب خالي الوفاض والزيارة استطلاعية رئاسيا وانسانية عمليا، وحسب معلومات مؤكدة، طلب لودريان مساعدة لبنانية لتامين لقاء له مع قيادات من حماس في بيروت للبحث في ملف الاسرى الفرنسيين وامكانية اطلاق سراحهم، وهل حماس ادرجت في مطالبها الافراج عن المعتقل اللبناني جورج ابراهيم عبدالله مقابل الافراج عن الاسرى الفرنسيين، هذا الملف سياخذ حيزا من النقاشات والوقت، والموفد الفرنسي يدرك جيدا ان الملف الرئاسي عاد الى نقطة الصفر بعد احداث غزة ودخلت عليه عوامل جديدة لكنه ينتظر لقاء محمد رعد اليوم، بعد ان التقى بري وميقاتي والبطريرك مار بشارة بطرس الراعي و»الجنبلاطين» وقائد الجيش وجعجع وسليمان فرنجية وحضهم على الاسراع بانتخاب الرئيس وان يكون لبنان حاضرا للترتيبات الجديدة في المنطقة والا فانه سيفقد دوره كليا، وتبين من خلال اللقاءات ان الضيف الفرنسي لا يحمل اية مبادرات جديدة ولم يتم طرح اي اسم رئاسي.
جنبلاط وانتخاب الرئيس
في المقابل، واصل الر ئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط جولاته الجبلية على كبار مشايخ الطائفة الدرزية مطلقا المزيد من المواقف الداعية للهدوء ووحدة الصف في مواجهة اسرائيل، كما واصل اطلاق المزيد من المواقف الايجابية تجاه حزب الله وكان اخرها مع تلفزيون «ثورة تي _ ف « الذي اجرى المقابلة الاولى منذ تأسيسه مع قيادي غير محسوب على التغيريين، بمشاركة ناشطين من لبنان وواشنطن وقال جنبلاط «حزب الله عناصره لبنانيون وساهموا في حماية الجنوب في مواجهة اسرائيل، مع القوات الدولية معنويا والجيش اللبناني الذي يمارس دوره على اكمل وجه، لكن اهل الجنوب يعرفون الاسرائيلي جيدا وعاشوا ممارساته واعتداءاته، ويعتقدون ان حزب الله يحميهم، امس سقط 5 شهداء واكثر من 80 شهيدا في مواجهة اسرائيل، عناصر حزب الله ليسوا غرباء عن البلد، يواجهون الاعتداءات، لكن للاسف هناك اناس يرفضون ويعيشون في عالم اخر» وعن معادلة الجيش والشعب والمقاومة قال جنبلاط «نحن مشاركون في حكومة بيانها الوزاري يتضمن معادلة الجيش والشعب والمقاومة، ونحن مشاركون على هذا الاساس»، وابدى تخوفه على الكيان اللبناني متسائلا «اين اصبح العراق وسوريا» لم يبق الا مصر «الله يعينها» ودول الخليج موجودة، مشيدا بدور الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز الذي قطع النفط عن اميركا خلال حرب تشرين واشار الى ان بعض الادبيات غير مناسبة امام «الهول» الذي يجري في فلسطين، وهو اكبر من لبنان والدول العربية، وسأل «السيادة على معبر رفح للمصريين لكن القرار عمليا لساترفليد، واستطرد «ليس عندنا اي خيار الا خيار تحصين بلدنا من خلال الحوار الداخلي، والانتهاء من الازمة المستعصية الرئاسية، ولننتخب اي كان للحفاظ على الحد الادنى من الوجود؟ اي كان؟ هل من المعقول ان نبقى حتى الان من دون تمديد لقائد الجيش الحالي، ولا نستطيع الاتفاق على التمديد لان البعض في الداخل لايريد ذلك لحسابات انتخابية اذا بقي هناك انتخابات». ووصف حماس بانها ثورة فلسطينية وانتقد الدور الفرنسي «المنصاع الى الناتو والاميركيين، وباتت سياساتها لاتقدم ولاتؤخر» مؤكدا على استحالة حل الدولتين.
مجلس الوزراء
استكمل الرئيس نجيب ميقاتي زياراته الخارجية إلى الإمارات العربية المتحدة، بعد ان اجل مجلس الوزراء البنود الخلافية واولها التمديد لقائد الجيش وقال ميقاتي: «بعد بكير، بعد في وقت» كما تم تأجيل بند إعادة هيكلة المصارف وسط تباينات واسعة بين الوزراء مما اثار غضب نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، واجل البند المتعلق ايضا بوزارة الاتصالات، فيما اقرت الحكومة التعويض على المتضررين في الجنوب من الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة وعلى المعلمين.