كتبت صحيفة “النهار”: طبقا لما أوردته “النهار” امس، حسم “لا قرار” المجلس الدستوري كحصيلة نهائية قانونية في طلب الطعن المقدم من “التيار الوطني الحر” في قانون التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، مصير استمرار القيادة العسكرية في واقعها القانوني الممدد له من دون حصول خضة جديدة كان من شأنها، في حال قبول الطعن، ان تستعيد المخاوف التي سبقت التمديد لجهة تمدد الفراغ الى رأس القيادة العسكرية. وبدا واضحا ان الـ”لا قرار” الذي افضت اليه المهلة القانونية للمجلس الدستوري لبت الطعن وإصدار قراره فيه، كان نتيجة انقسام الـ”نص بنص” بين أعضاء المجلس حيال مسألة بالغة الدقة والحرج استعادت الانقسام في ظل ظروف يعجز المجلس الدستوري عن مواجهتها بقرارات حاسمة قبولا او رفضا فيكون عدم التوصل الى قرار ضمن المهلة مخرجاً قانونياً بطبيعة الحال، لكنه يعكس واقع تركيبة واتجاهات ومكونات المجلس أيضا. واما ما لا يمكن تجاهله مع نتيجة تكريس التمديد وتثبيته لقائد الجيش خصوصا وتحديدا، فهو الانتكاسة الجديدة والإضافية التي مني بها “التيار الوطني الحر” في معركته المفتوحة مع العماد جوزف عون علما ان هذه الانتكاسة، او الضربة المعنوية القاسية الجديدة لـ”التيار”، ستتمدد تبعاتها وتداعياتها الى الحلقة الحالية من صراع وزير الدفاع موريس سليم مع قائد الجيش في ظل انهاء القيادة العسكرية عقد المحامي ناجي البستاني مع وزارة الدفاع وترددات هذا الاجراء في تردي العلاقة الى الذروة بين الوزير والقائد.
اذن بعد انتهاء المهلة القانونية تمخضت اجتماعات المجلس الدستوري عن عدم صدور قرار في اليوم الاخير من المهلة المتاحة وهي 15 يوما من تاريخ تبلغه تقرير المقرر مبديا بذلك موقفه من الطعن المقدم من عشرة نواب في “التيار الوطني الحر”في مقدمهم رئيسه النائب جبران باسيل بقانون التمديد للقادة الامنيين لمدة سنة تبدأ من تاريخ انتهاء ولايتهم العسكرية. وقد شمل التمديد لسنة العماد جوزف عون والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان. وأشار المحضر المنظم بوقائع الاجتماع الذي حصلت “النهار” عليه، الى ان المجلس الذي اجتمع امس برئاسة رئيسه القاضي طنوس مشلب وحضور جميع الاعضاء “تابع المناقشة والتداول حتى الساعة الاولى من بعد الظهر من دون التوصل الى قرار فجرى تنظيم هذا المحضر بالوقائع التي تفضي الى اعتبار هذا القانون نافذا، لعدم توفر اصوات أكثرية اعضاء المجلس، وهي سبعة اعضاء من اصل عشرة اعضاء بمن فيهم رئيس المجلس، تخول إصدار قرار بقبول الطعن او رده لعدم تأمين الاصوات في أي من الاتجاهين”. ووفق المحضر ،كما اكد رئيس المجلس لاحقا فان “المجتمعين لم يروا ضرورة لوقف تنفيذ مفعول القانون الذي طلبته الجهة الطاعنة”.
“انتفاضة” ؟
غير ان المشهد الداخلي لم يقتصر على ترقب قرار المجلس الدستوري في هذه القضية الدقيقة والحرجة فحسب، بل بدا لافتا ارتسام معالم “انتفاضة” واسعة ودفعة واحدة لقطاعات اقتصادية من المستوردين والتجار والهيئات الاقتصادية رفضا لضريبة الدعم التي اقرت ضمن الموازنة بعد اللغط الذي ساد إبان جلسات مناقشة الموازنة، حيال إختفاء البند المتعلق بهذه الضريبة عن النص النهائي لمشروع موازنة 2024 المحول إلى الهيئة العامة لمناقشته، والسرعة في إعادة طرحه والموافقة عليه، فيما أسر عدد من النواب بأنهم لم يسمعوا به سابقا.
ولم يلبث الإعتراض الهامس أن تحول صباح أمس إلى أزمة محروقات قد تعود باللبنانيين إلى زمن الإذلال والطوابير الذي إختبروه بمرارة لسنوات خلت، والخوف من تمدد الإعتراض إلى تجار المواد الغذائية والإستهلاكية ومستوردي الادوية لتعود دوامة الإستغلال والإحتكار تقبض على عنق الناس من جديد.
هذه “الانتفاضة” تجند لها أولا تجمّع شركات استيراد المشتقات النفطية الذي أوقف تسليم المحروقات وعقد رئيسه مارون شماس مؤتمرا صحافيا لشرح خلفيات القرار معلنا ان “قرار الإقفال ليس سهلاً وهذا هو الحلّ الأخير بالنّسبة إلينا رغم أنّه ليس محبّباً” واعتبر ان قانون الضريبة الذي صدر “لا يُمكن تطبيقه ولا نريد أن نضرب هذا القطاع ولا يمكن معاقبة الشركات الملتزمة بالقوانين”. وردًّا على سؤال عمّا إذا كان تسليم المحروقات سيتوقّف، قال: الجواب في مجلس النواب. ودعا الى “مُحاسبة المهرّبين بدل الملتزمين بالقانون” . وسرعان ما تصاعدت المواقف المماثلة من قطاعات أخرى كنقابة موزٌعي الغاز ونقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات في لبنان ونقابة مستوردي المواد الغذائية . وساندت الهيئات الاقتصادية اللبنانية هذا الاتجاه بإصدار بيان بعد اجتماع طارئ بحثت خلاله موضوع فرض ضريبة على الشركات التي تعاطت في موضوع الدعم، فأعلنت معارضتها هذه الضريبة “كونها غير عادلة ومجحفة بحق كل المؤسسات الشرعية التي تعاطت بشفافية وطبّقت كل مندرجات آلية الدعم التي أقرّتها الحكومة ووزارة الاقتصاد والتجارة بهذا الشأن”.
كاميرون في بيروت
اما في المشهد السياسي فلا جديد برز في التطورات المتصلة بتحرك سفراء دول المجموعة الخماسية غداة زيارتهم لرئيس مجلس النواب نبيه بري، علما ان السفير السعودي وليد بخاري غادر بيروت امس الى الرياض للتشاور مع المسؤولين المعنيين بالملف اللبناني. ويزور بيروت اليوم لساعات وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ضمن جولة له على المنطقة تتصل بجهود بلاده لوقف الحرب في غزة وطرح رؤية بريطانية للحل السياسي القائم على الاعتراف بالدولة الفلسطينية .
اما على صعيد الوضع الميداني في الجنوب فتواصلت الغارات الإسرائيلية امس على العديد من اطراف البلدات الحدودية وشن الطيران الحربي عصرا غارة على بلدة بيت ليف كما اطلقت مسيرة معادية 3 صواريخ باتجاه أحد المنازل في بلدة بليدا، مما أدى إلى اشتعاله. وافيد لاحقا عن استشهاد مواطن من آل حمود في الغارة الاسرائيلية التي استهدفت منزلاً في بلدة بيت ليف. وقصفت المدفعية الاسرائيلية أطراف بلدة علما الشعب ويارين والضهيرة، كما استهدفت بلدة محيبيب، فيما القيت قنابل مضيئة في اجواء بلدة ميس الجبل. واعلن الجيش الإسرائيلي ان “طائراتنا شنت غارات على بنى تحتية عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان”. وكانت صافرات الإنذار دوت صباحا في بلدات في الجليل الأعلى تحسّباً لتسلل مسيّرة من جنوب لبنان إلى شمال إسرائيل. ومساء استهدفت مسيرة إسرائيلية ساحة بلدة بليدا حيث أصيبت سيارة للاسعاف للدفاع المدني في “جمعية الرسالة الإسلامية” ونجا المسعفون الذين كانوا داخلها .
في المقابل، اعلن “حزب الله” انه استهدف تجمعاً للجنود الإسرائيليين في تلة الطيحات بالأسلحة الصاروخية واستهدف ايضا التجهيزات التجسسيّة بموقع حانيتا بالأسلحة المناسبة واستهدف تجمعاً للجنود في محيط ثكنة ميتات واستهدف دبابة “ميركافا في موقع بياض بليدا كما اعلن استهدافه مبنى يتموضع بداخله جنود الجيش الإسرائيلي في مستعمرة المطلة. واعلن الجيش الإسرائيلي سقوط قذائف من لبنان على مناطق مفتوحة قرب المنارة وكفار يوفال في الجليل الأعلى من دون وقوع إصابات.