كتبت صحيفة “الديار”: لم تحمل التطورات الميدانية والمواقف السياسية الداخلية في عطلة الفصح جديدا، الجنوب على اشتعاله، اما التباين الواضح في المواقف بين حزب الله وخصومه في الداخل ازاء الوضع في الجنوب وكذلك الموقف من الانتخابات الرئاسية، فقد تظهرت من خلال اطلالات البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الكنسية، ورد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الامير قبلان على مواقفه.
في هذا الوقت، لم تتبدد مخاطر التصعيد جنوبا بعد، بل تزداد الامور تعقيدا ربطا بالتعثر المستمر على طاولة المفاوضات بشان الهدنة في غزة. اللافت في الساعات الماضية كان توسيع قوات الاحتلال مروحة اعتداءاتها، من خلال رفع منسوب القصف الجوي على الجبهة السورية، بدءا بحلب ثم استهداف القنصلية الايرانية، ومنزل السفير الايراني في دمشق، كما زادت من زخم غاراتها على اكثر من موقع في الجنوب، وكثفت من عمليات الاغتيال خلال الايام القليلة الماضية.
محاول الاستدراج؟
هذا التصعيد، محاولة مكشوفة لاستدراج حزب الله الى نسق جديد في الحرب، لا يبدو انه في وارد الانزلاق اليه، كما تقول اوساط مقربة من حزب الله، حيث تتحرك المقاومة وفق اجندة محسوبة بدقة ولا ترغب في «حرق المراحل» او السماح باستدراجها الى «لعبة» دموية يريدها العدو مسرحا للبناء عليها دبلوماسيا في خضم النقاشات حول كيفية العودة الى تطبيق الـ1701 حيث لم تنقطع الاتصالات بين الجانب الاميركي واللبناني حيال «اليوم التالي» لوقف الحرب، في ظل محاولات اسرائيلية لتفخيخ «مصطلح» التطبيق التدريجي للقرار، كما يسوق له الاميركيون، للابقاء على زمام المبادرة بين يديهم للتدخل عسكريا جنوبا، اذا حصل خرق للتفاهم الجديد، وهو امر مرفوض جملة وتفصيلا من الجانب اللبناني الرسمي وكذلك من قبل المقاومة.
ووفقا لمصادر مطلعة، فان ما تعرضه الولايات المتحدة هو تطبيق القرار 1701،»بالتدرج» وهو ما يسعى إليه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لقطع الطريق على توسعة الحرب، ووفقا لزوار السفيرة الاميركية ليزا جونسون فانه مجرد الاعلان عن الهدنة في غزة سيتحرك هوكشتاين مجددا بين لبنان وإسرائيل لإيجاد مساحة سياسية مشتركة لضمان تنفيذه بشكل تدريجي، بزيادة عديد وعتاد الجيش اللبناني الذي سيلقى كل الدعم على المستويات كافة، وبمؤازرة قوات الطوارئ الدولية لإعادة الهدوء إلى الحدود اللبنانية – الإسرائيلية. وكان هوكشتاين قد عرض صيغة أولية قوبلت بتسجيل عدد من الملاحظات والاستفسارات. ثم جاء بصيغة معدّلة، أكثر واقعية من الأولى ويمكن التأسيس عليها.
«تسريبات» اسرائيلية
بدورها سربت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية ما قالت انه هدف إسرائيل مع لبنان، وهو خلق واقع جديد في الجليل يتيح عودة السكان أو معظمهم على الأقل. وبما انه ليس هناك اي إمكانية لهزيمة وسحق حزب الله في حرب شاملة اليوم، فالنهاية التي قد تتعايش معها إسرائيل هي تطبيق جزئي لقرار مجلس الأمن 1701 .
حق التحرك عسكريا!
ونقلت عن مصادر امنية تاكيدها ان حرب الاستنزاف تخلق لإسرائيل فرصة لفرض قسم آخر من القرار على حزب الله، اي الانسحاب إلى ما وراء الليطاني أو على الأقل إلى 15 كيلومتراً وراء مدى نار مضادات الدروع. ولفت الى انه ثمة محاولات للوصول إلى توافق مع الولايات المتحدة وفرنسا، ومع ألمانيا وبريطانيا والحكومة اللبنانية كي يكون حزب الله ملزماً بالانسحاب إلى مسافة متفق عليها، ويستلم الجيش اللبناني وقوة اليونيفيل الدولية المواقع على الحدود. لكن ما تسعى اليه اسرائيل هو الحصول على ضمانة من القوى الغربية بأن يكون لها الحق بالهجوم في أي وقت وعلى كل هدف لحزب الله فيه خرق للتفاهمات. بمعنى الإبقاء على المنطقة المتفق عليها «نظيفة من كل وجود للحزب!؟
الاوهام الاسرائيلية
هذا المقترح الاسرائيلي، وصفته مصادر مقربة من حزب الله بانه مجرد «اوهام» لن تبصر النور، ولن تجد من يقبل بها على الجانب اللبناني، خصوصا المقاومة التي لن تمنح اسرائيل اي مقاربة تسمح لها بالاعتداء على الاراضي اللبنانية كيفما تشاء، ولفتت الى ان اسرائيل تتخبط ويبدو انها تعيش «احلام اليقظة»، وهي تدرك ان موازين القوى لا تسمح لها بفرض او املاء اي شروط.
وفي هذا السياق، رأى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ان الصّبر في مواجهة هذا العدوّ مع عدم الإنجرار إلى حيث الأسلوب الذي يُريده ويختاره لنا في المواجهة هو طريقنا إلى تحقيق النّصر.
الانقضاض في وقته
وقال «نحن نتصرّف بمنتهى الحكمة والرؤية الواضحة ونعرِف حجم إمكانات العدوّ وقدرته على التصرّف بإمكاناته، ونُحضّر له ما يجعلنا في مأمنٍ من أن ينال منّا ويمنعنا من أن نحقّق هدفنا في الضغط عليه ووقف عدوانه وسيتوقف العدو عن هذا العدوان… وعندما يحين وقت الإنقضاض الذي يوصلنا إلى هدفنا بأيسر سبيل وبأقل كلفة وأسرع طريق، لن نتردد في أن نحسم خيارنا في المواجهة التي تُسقط العدوّ وتمنعه من تحقيق أهدافه في المعركة».
استعدادات للحرب الشاملة
وفي سياق، القلق من اندلاع حرب على الجبهة الشمالية، طالب رئيس هيئة الطوارئ الوطنية في وزارة الأمن الإسرائيلية، العميد يورام لاريدو، الحكومة الإسرائيلية بزيادة مخزونها الطوارئ من نواتج التقطير والمواد الأولية الأساسية للأغذية والأعلاف والمعدات الطبية، من خلال استثمار 2 مليار شيكل (نحو 550 مليون دولار)، استعداداً لحرب شاملة مع حزب الله.
حرب باهظة الثمن
وتوقّع لاريدو أن تكون أي حربٍ مع حزب الله «باهظة التكلفة»، مشيراً إلى أنّ الضربات الصاروخية ضد «إسرائيلي ستتضاعف وستصل إلى نحو 5000 قذيفة وصاروخ يطلق من لبنان نحو «إسرائيل. وأوضح أنّ إطلاق الصواريخ سيؤثّر بشكل كبير في سلاسل التوريد في «إسرائيل»، مضيفاً أنّه «عندما تشتعل النيران في أول سفينة قبالة سواحل إسرائيل، ستفقد السفن الأخرى الدافع للمجيء إلينا مع العلم أنّ 99% من جميع البضائع تصل إلينا عن طريق البحر.
انقطاع مرتقب في الكهرباء
بدوره، توقّع مدير قسم الطوارئ والاستمرارية الوظيفية في شركة إدارة شبكة كهرباء «نوغا» الإسرائيلية، بار كوهين، بأن تعيش «إسرائيل» انقطاعات كهرباء، بسبب حرب مع الشمال، مضيفاً أنّه «لا أحد يعرف كيف يلتزم باستمرارية الطاقة. كما شدد على أنّ التأثير الفوري للحرب في الشمال سيكون على إمدادات الغاز الطبيعي، إذ يتمّ إنتاج ما يقرب من 70% من الكهرباء في «إسرائيل» على أساس توفّر الغاز.
توقف منصات الغاز
وأكّد أنّه فور اندلاع الحرب ستتوقف منصات الغاز الطبيعي الثلاث التي يتم إنتاج الكهرباء على أساسها، وستنتج الكهرباء من خلال الاعتماد على الوقود البديل، وهذا الأمر سيلحق ضرراً كبيراً في أنظمة إنتاج الكهرباء وتوزيعها من خلال الشبكات، سواء نتيجة إطلاق الصواريخ أو اندلاع الحرائق أو تضرر الأعمدة والمحولات.وفي وقتٍ سابق،أوصى مدير شركة «نوغا» التي تدير قطاع الكهرباء في «إسرائيل»، شاؤول غولدشتين المستوطنين الإسرائيليين باقتناء بطاريات شحن للهواتف الخلوية ، بالإضافة إلى تخزين الغاز المنزلي، وإبقاء خزان السيارات ممتلئ بالوقود.جاءت التوصيات خلال مقابلة أجراها مدير الشركة مع القناة «12» الإسرائيلية، الذي توقّع سيناريو سيئاً في حال ضرب حزب الله محطات توليد الكهرباء في إسرائيل.
تحذيرات اميركية – فرنسية
وعلى وقع توسع المواجهات في الجنوب وامتدادها الى سوريا، حذّر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه من أن أي مواجهة بين حزب الله وإسرائيل ستجعل كل الأطراف خاسرة، فيما اعربت الولايات المتحدة رغبتها في التوصل إلى حل ديبلوماسي لتجنيب جنوب لبنان أي صراع طويل بحسب ما أكدت وزارة الدفاع الأميركية، التي قالت إن أميركا لا تُريد أن يتوسّع الصراع ولا أي صراع إقليمي.
وتاتي هذه التاكيدات الاميركية عقب اطلق وزير الحرب الاسرائيلي يواف غالانت تهديدا جديدا لحزب الله قال فيه «أينما كان حزب الله نذهب، وينطبق هذا على بيروت وبعلبك وصور وصيدا والنبطيّة وكامل القطاع، وينطبق أيضاً على أماكن أبعد بكثير، مثل دمشق وغيرها، حيثما نحتاج إلى التحرّك… سنتحرّك» واعداً بدفع ثمن أي عمل يخرج من لبنان من خلال زيادة وتيرة الحملة وتوسيعها، كاشفاً انه قال هذا الكلام هذا الأسبوع في واشنطن لوزير الدفاع لويد أوستن، وللمبعوث الخاصّ آموس هوكشتاين وآخرين.
النفاق الاميركي-الفرنسي؟
لكن هذا النفاق الاميركي – الفرنسي، كذبته الوقائع من خلال الاعلان عن رزمة اسلحة جديدة لاسرائيل باتت كافية بحسب مسؤولين اسرائيليين لشن حرب على لبنان، وذكرت مجلة لاكروا الفرنسية أنه بالإضافة إلى الإمداد بمقاتلات إف-35، فإن المساعدات الأميركية الجديدة لاسرائيل تشمل أيضا القذائف والقنابل التي تستهلك بوتيرة متسارعة منذ اندلاع الحرب على غزة.ونقلت عن مصدر عسكري فرنسي قوله إن الإسرائيليين كان لديهم مخزون يكفي لمدة شهر فقط، قبل ان تتدفق المساعدات الجديدة!واكد تقرير نشرته الصحيفة الفرنسية أن الولايات المتحدة وألمانيا تعدان المصدر الرئيسي للأسلحة التي تصل إلى إسرائيل، في حين أعلنت دول أخرى وقف إرسالها أسلحة لتل أبيب بعد اندلاع الحرب على غزة، عكس فرنسا التي ترفض اتخاذ مثل هذه الخطوة.
رسالة الراعي ورد قبلان
وكان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، قد تطرق في رسالة الفصح، إلى الوضع في الجنوب وإلى تعطيل الاستحقاق الرئاسي والنزوح السوري، وأكد وجوب ألا يتحول الجنوب من أرض وشعب إلى ورقة يستبيحها البعض على مذبح قضايا الآخرين وفي قواميس حروب الآخرين. فجنوب لبنان بل كل أرض لبنان هي لكل اللبنانيين الذين يقررون سوياً ومعاً مستقبل وطنهم وسلامه وأمنه ومتى يحارب، ولأجل من يحارب. فندعو اللبنانيين إلى كلمة سواء تعلن وقف الحرب فوراً ومن دون إبطاء، والالتزام بالقرارات الدولية ذات الصلة، لا سيما القرار 1701، وتحييد الجنوب عن آلة القتل الاسرائيلية وإعلاء مفاهيم السلام والقيامة على سواها من المفاهيم المغلوطة. وفي موضوع الانتخابات الرئاسية، حمّل الراعي رئيس مجلس النواب نبيه بري، مسؤولية عدم انتخاب رئيس… كما انتقد المجتمع الأوروبي الذي يطالب بدمج السوريين، فيما هو يقفل حدوده بوجههم.
لا ازمة مسيحية – اسلامية؟!
وفيما، امتنع رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الرد على البطريرك الراعي، وأوضحت مصادر عين التينة أن الرئيس بري لن يسمح بأن تتحوّل الأزمة الرئاسية إلى شيعية مسيحية… وتولى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الرد على البطريرك الراعي، معتبراً «أن الحرب حرب مصالح لبنان الوطنية لأننا قوم لا نعمل بالارتزاق ولا نتلقى الأوامر من أحد، وما تقوم به المقاومة وأهل الجنوب دفاع استراتيجي حتى لا يشرب نتنياهو الشاي في قصر بعبدا»، وختم: «للتاريخ أقول بحق: لبنان هبة المقاومة، لولا المقاومة لم يبق من لبنان إلا مستوطنات تجترها أنياب الصهيونية»…
مصير وثيقة بكركي؟
في هذا الوقت، تراجع منسوب التفاؤل بخروج نتائج ايجابية قريبا عن وثيقة بكركي خصوصا بعد هجوم للمعارضة على التيار الوطني الحر، فقد رات مصادر معارضة، أن الدافع الرئيسي لقبول رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المشاركة في الإجتماعات والعودة إلى عباءة بكركي هو تعويم نفسه واستعادة شعبيته المسيحية بعدما تآكلت واسترجاع ثقله المسيحي وطالبته بان يكون علنا ضد سلاح حزب الله كي يثبت مصداقيته؟!
إنطلاقا من هذا الواقع، تبدي أوساط معارضة عدم اقتناعها بمشاركة التيار في اجتماعات بكركي وعدم جدواها ونتائجها. وتعتبر أن التيار يحاول أن يستفيد من مشاركته للحصول على مشروعية مسيحية وعلى غطاء بكركي وغسل الوضعية السياسية التي فرضتها عليه العقوبات الأميركية.
ولفتت الى ان اي لقاء سيكون دون جدوى ، إذا كان اللقاء لتعويم فريق سياسي مثل النائب جبران باسيل الذي لا يتذكّر حقوق المسيحيين إلا عندما يكون مأزوماً ومحشوراً، وعليه أن يفكّ تحالفه مع حزب الله ويُعلن التزامه بمجموعة ثوابت لا عودة عنها، أما إذا كان يريد المناورة والاستعراض فلا ضرورة لأي لقاء.
الحركة السياحية جيدة جدا!
في هذا الوقت، شهدت المناطق اللبنانية البعيدة عن الحرب الدائرة في الجنوب حركة نشطة سياحيا، واكد رئيس نقابة المطاعم والمقاهي والملاهي طوني الرامي ان حجوزات المطاعم في الاعياد تعتبر جيدة جدا،اما بالنسبة للحجوزات بين العيدين فإنها تعتبر بمثابة بروفا لموسم الصيف، وقال «ان حركة اللبنانيين القادمين من الخليج واوروبا في تطور لافت، حيث يتوقع ان تزداد وتيرة وصول اللبنانيين العاملين في الخليج مع اقتراب عيد الفطر خصوصا ان شركة الميدل ايست زادت عدد رحلاتها من باريس ودبي ولندن والرياض». من جهته، اعتبر رئيس نقابة مكاتب السفر والسياحة جان عبود ان حركة السفر جيدة ومن المتوقع ان تصبح جيدة جدا كلما اقتربنا من عيد الفطر، خصوصا ان الحجوزات جيدة هذا العام رغم ما يعانيه الجنوب وبعض المناطق اللبنانية بعد ان وصلت نسبة حجوزات السفر الى ٩٠ في المئة و١٠٠في المئة في الاسبوع المقبل.