كتبت صحيفة “الأخبار”: في بلاد تقيم على فالق فراغ سياسي وانهيار مالي – اقتصادي، لا يمكن إخراج أي حادثة من سياق السير بخطى متسارعة نحو أشكال جديدة من الفوضى، على مختلف الأصعدة، ومرشّحة لأن تتضاعف يومياً، خصوصاً بعدما أصبحت الدولة «خارج الخدمة». أول من أمس، اشتعلت شاحنة محمّلة بالزّيوت في بلدة بسبينا – البترون بسبب ماس كهربائي، ولدى عمل فرق الدفاع المدني على إطفائها، «تبيّن أنّها كانت تحمل 304 مسدّسات مهرّبة ومُخفاة فوق المحرّك مع كميّة من المماشط، وأوقفت مديرية المخابرات عدداً من الأشخاص المشتبه في تورّطهم في عمليّة التّهريب» بحسب بيان لمديرية التوجيه في قيادة الجيش أمس، مشيرة إلى أن الشاحنة «وصلت على متن باخرة إلى مرفأ طرابلس، وعمل الجيش على تفتيش الشّاحنات الأخرى الّتي وصلت معها، ولم يُعثَر على أي أسلحة أو ممنوعات داخلها».وفي بيان لاحق، أعلنت مديرية التوجيه أن «مديرية المخابرات ضبطت في مرفأ طرابلس شاحنة تحمل 400 مسدس حربي مهرّب وأوقفت سائقها»، وأن «المتابعة جارية لمعرفة وجهتها وتوقيف بقية المتورّطين».
ووفق الرواية الأمنية، فإن الأسلحة المضبوطة، وهي عبارة عن مسدسات حربية تركية الصنع، «تُستخدم في التجارة وليس في أعمال إرهابية منظّمة»، و«شهدت طفرة في السوق اللبنانية منذ 4 أو 5 سنوات بسبب رخص ثمنها مقارنة بالأسلحة الأميركية والأوروبية الصنع». وبحسب المعلومات، فإن الشحنة التي صودرت أمس «تعود لتاجر سلاح فلسطيني عبر تاجر صديق له من منطقة طرابلس»، وإن الباخرة التي أتت الشاحنة على متنها من تركيا «تدور شبهات سابقة حول تهريبها بضائع وحتى مواد مخدّرة، ويملكها شخص من آل يوسف تربطه علاقات وطيدة بمسؤولين أمنيين يؤمّنون له الحماية».
وفيما أكّدت المصادر أن «السلاح المصادر هُرّب إلى لبنان للتجارة»، غير أن الكشف عن شحنات بشكل متكرر يحيل الى مشكلة أخرى كبيرة تتمثّل بالتفلّت الذي يشهده مرفأ طرابلس. ولفتت إلى أن «نسبة استيراد البضائع عبر مرفأ طرابلس زادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بذريعة انفجار مرفأ بيروت، بينما الحقيقة أن الدافع الأبرز لذلك هو التساهل والتسيّب اللذان يشهدهما هذا المرفأ، ويساهم فيهما عناصر الأجهزة الأمنية المعنيون بالكشف عمّا يدخل عبره، بعدما بات بالنسبة إليهم باباً للترزّق». وأشارت المصادر إلى أن «صدفة الحريق وحدها كشفت عن حمولة شاحنة البترون، فيما عشرات الشاحنات تدخل عبر المرفأ يومياً، من دون التأكد مما في داخلها بسبب الفساد الأمني والإداري في المرفأ».
ونبّهت المصادر إلى أن «الخطورة تكمن في أن كميات كبيرة من السلاح تدخل إلى البلد من دون أن تُعرف وجهتها. والتأكيد أن استيرادها لأغراض تجارية، لا يعني عدم دخول أسلحة بهدف القيام بأعمال أمنية منظّمة أو تخريبية. وبالتالي فإن المعالجة، تبدأ من ضبط المعابر والمرافق التي يحصل عبرها التهريب».