كتبت صحيفة “الديار”: رفعت واشنطن من وتيرة حراكها الدبلوماسي والامني لانجاز «صفقة» في غزة، وتدخلت على نحو غير مسبوق في الساعات القليلة الماضية لمنع التدهور على الجبهة الجنوبية، خوفا على امن اسرائيل من جهة، كما قالت وزارة الخارجية الاميركية، ولمنع حرب اقليمية قد تجد نفسها قد غرقت في مستنقعها على ابواب انتخابات رئاسية لا تحتاج صعوبتها الى المزيد من الازمات المعقدة حول العالم. في هذا الوقت لم تتوقف «العنتريات» الاسرائيلية الممجوجة والتي تتحدث عن اكتمال الجهوزية لشن حرب شاملة على حزب الله، من قبل بعض المسؤولين العسكريين والسياسيين، المدعومين من نسبة لا بأس بها من الراي العام الاسرائيلي الذي هاله سقوط الردع مع احتراق مستوطنات الشمال بقببها الحديدية التي باتت تقريبا خارج الخدمة، وهو امر استدعى دخول عدد كبير من جنرلات الاحتياط، وكبار الكتاب والمحليلين في كيان العدو على الخط، لتحذير رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو من السقوط في المستنقع اللبناني، ونصحوه بالقبول بمعادلة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، التهدئة في غزة مقابل التهدئة في الشمال، والا فان اسرائيل ذاهبة بعيون مفتوحة الى «الخراب» الكبير.
داخليا، وبعد ان خاب أمل «خصوم» حزب الله بما توصلت اليه التحقيقات في الهجوم على السفارة الاميركية، وخسروا «ورقة دسمة» للاستثمار السياسي، يبدو ان القوات اللبنانية قد حشرت في «زاوية» اتهامها بتعطيل الحوار المؤدي حتما الى انتخابات رئاسية، بحسب مبادرة رئيس المجلس المعلنة، فوجدت نفسها في موقع دفاعي اضطرها للرد عبر بيان، وتصريحات من مسؤوليها، وبعد جهد جهيد، قاموا بتفسير»الماء بعد جهد بالماء» ولم يقدموا اي اجابة مفيدة حول الرفض غير المنطقي للتشاور الذي يمكن ان «يحشر» رئيس المجلس النيابي نبيه بري، اذا لم يكن جادا في طروحاته!.
وفي الانتظار، يواصل وفد اللقاء الديموقراطي جولاته المكوكية دون نتائج ملموسة حتى الآن، ولم يحصل بالامس بعد لقاء النائب طوني فرنجية على اي اشارة تفيد بنية رئيس تيار المردة بالانسحاب من السباق الرئاسي. في هذا الوقت انفجرت «قنبلة» قضائية موقوتة ادت الى كف يد مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون التي اعلنت رفضها القرار الموقع من قبل النائب العام التمييزي بالانابة القاضي جمال الحجار باعتباره غير ذات صفة، ووعدت بالاستئناف يوم الاثنين.
اتصالات اميركية مكوكية
فبعد ساعات على الهجوم المسلح الذي نفذه السوري قيس فراج صباح أمس الاول في محيط السفارة الأميركية في عوكر، وبينت التحقيقات الالوية انه يعمل منفردا وليس ضمن خلية، وانه اشترى السلاح والذخيرة من امواله الخاصة لتنفيذ عملية نصرة لاهل غزة، تجاوزت الدوائر الامنية والدبلوماسية الاميركية الحدث، مشيدة بالاستجابة السريعة لمختلف الاجهزة الامنية اللبنانية، وانتقلت الى العمل الاكثر الحاحا وخطورة المتربط بارتفاع حدة التوتر على الحدود الجنوبية، واقترابها من لحظة «الانفجار». ووفقا لمصادر دبلوماسية، فان التقارير المرفوعة على عجل من عوكر الى الادارات الاميركية المختلفة وصفت الحالة بين اسرائيل وحزب الله بانها وصلت الى حالة من «الغليان» غير المسبوق والتي تذر بمخاطر غير محدودة على جانبي الحدود.
ماذا قال هوكشتاين؟
وبعد ان كشف موقع «اكسيوس» ان ادارة الرئيس الاميركي حذرت تل ابيب من اي حرب حتى لو كانت محدودة ضد لبنان، جرت اتصالات على ارفع المستويات خلال الساعات القليلة الماضية شارك فيها اكثر من مسؤول اميركي في البنتاغون، والخارجية، والبيت الابيض لمنع الانزلاق نحو وضع يصعب السيطرة عليه. وقد شارك في جزء من هذه الاتصالات المبعوث الاميركي الخاص عاموس هوكشتاين الذي ادار مروحة اتصالات مع المسؤولين الاسرائيليين واللبنانيين سعى من خلالها الى خفض منسوب التوتر والعودة الى قواعد الاشتباك المعمول بها، متحدثا عن فرصة جدية للتوصل الى تفاهمات مستدامة على الحدود المستركة مع الاقتراب من التوصل الى «صفقة في غزة»، تبدو حظوظ نجاحها مرتفعة برايه. لكنه، شدد بحسب المعلومات بان بلاده لا تريد وتعمل على منع الحرب الشاملة، لكنه شدد على ضرورة «ضبط النفس» وعدم ترك الامور تخرج عن السيطرة من الجهة اللبنانية، ومنع ما اسماه الضربات «الاستفزازية» من قبل حزب الله، حتى لو لم تبصر الهدنة في غزة النور؟!
ماذا يريد لبنان؟
ووفقا لمصادر مطلعة، فان المسؤولين اللبنانيين اعادوا التذكير بعدم الرغبة في اي تصعيد، وطالبوا بالضغط على اسرائيل لوقف التمادي في اعتداءاتها على الاراضي اللبنانية، ووقف الحرب على غزة، كي تنطلق المباحثات الجدية غير المباشرة لترتيب الاوضاع على الحدود الجنوبية. وبعد نقل «الرسائل» اللبنانية الى اسرائيل اعلن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بان الحكومة اللبنانية لا تريد اندلاع حرب واسعة وعليها الضغط على حزب الله.
تهديدات اسرائيلية
في هذا الوقت، لم تتوقف التهديدات الاسرائيلية وجديدها امس، اعلان قائد القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي استكمال الاستعدادات لشن هجوم في الشمال قائلا ان الجيش الاسرائيلي قادر على مواجهة أي مهمة ضد حزب الله.بدوره توجه رئيس «المعسكر الوطني»، الوزير في «كابينيت الحرب» الإسرائيليّ، بيني غانتس، لرؤساء بلديات شمالي إسرائيل، قائلًا: استعدوا لقتال ولأيام أكثر صعوبة يمكن أن تصل بنا إلى الحرب».
«هآرتس»: الوزراء يكذبون؟!
في المقابل، كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، امس أنّ «كابينت الحرب» يخشى حرباً شاملةً مع حزب الله، وذلك على خلاف ما وصفته بـ «هراء النصر المطلق»، في إشارة إلى مزاعم بعض المسؤولين الإسرائيليين بشأن شنّ هجوم كبير ضدّ لبنان. وأوضحت أنّ ثمة «فجوةً كبيرةً» بين التصريحات الحازمة لمسؤولين إسرائيليين يعدون بشنّ هجوم كبير على لبنان في أعقاب التصعيد في الشمال خلال الأسابيع الأخيرة، وتلك التي يتمّ الإدلاء بها في محادثات غير علنية. وأضافت أنّه خلافاً لتصريحات وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، والتي وصفتها بالجوفاء، فإنّ صنّاع السياسة يخشون حقاً رؤية إسرائيل تتدهور إلى حرب شاملة مع حزب الله.
الفوضى الشاملة
وأبدت «هآرتس» خشيةً من الحرب الشاملة مع لبنان، في وقت تتصاعد المخاوف في كيان الاحتلال بشأن الجهوزية لها، محذّرةً من أنّها تعني دماراً على نطاق غير مسبوق في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ونقلت عن مصادر وزارية قولها إنّها قد تؤدي إلى عدة أسابيع من الفوضى الشاملة.ولهذا شككت بأهمية الدعوة إلى ضربة ساحقة، ومن دون كوابح، ضدّ حزب الله، بسبب الثمن الذي ستدفعه الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
ماذا يريد «الكابينيت»؟
وكشفت الصحيفة ان الطموح المهيمن في كابينت الحرب هو بوضوح إبقاء القتال دون العتبة التي تدفع حزب الله إلى شنّ هجوم كبير، معتبرةً أنّ انتهاء المرحلة المكثّفة في رفح وتنفيذ صفقة قد يزيدان من فرص إنهاء الاحتكاك في الشمال باتفاق سياسي. ونقلت «هآرتس» عن مصدر مشارك في عمل «الكابينت»، تحذيره من الخطر المتمثّل في الانجرار إلى معركة كبيرة مع حزب الله، وقال «ان إسرائيل سبق أن رأت ما حدث عندما خاضت حرباً ضد لبنان».
الخيارات السيئة
وأمام كل ذلك، أملت الصحيفة «ألّا يتدهور كابينت الحرب ورئيس الحكومة إلى تعقيدات لا داعي لها، وقالت ان إسرائيل تواجه خياراتٍ سيئةً على جدول أعمالها، إلا أنّ أسوأها الآن، بلا شك، هو الانزلاق إلى هاوية الحرب الشاملة».
المخاوف الاميركية
ووفقا لعاموس هرئيل في الصحيفة نفسها، فان خوف الأميركيين من الحرب الإقليمية، حيث يكون لبنان مركزها، أكبر من خوفها من استمرار الحرب في غزة. فالإدارة الأميركية تريد إنزال هاتين المشكلتين بسرعة عن جدول الأعمال الدولي، قبل دخول حملة الانتخابات الرئاسية في الصيف إلى المرحلة الحاسمة، قبل الانتخابات في تشرين الثاني.فالمواجهة العسكرية، التي تشمل إيران أيضاً، قد ترفع أسعار النفط وتهدّد نية الديمقراطيين في عرض بايدن على أنه أصلح الاقتصاد في أميركا.
التحذيرات من الحرب؟
هذه السقوف المرتفعة، دفعت جنرالات الاحتياط وكبار الكتاب والمحليلين الى «رفع الصوت»، وتحذير رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو من الانجراف نحو حرب مع حزب الله ستكون نتائجها كارثية وستؤدي الى «خراب» كبير في اسرائيل، وفي هذا السياق، حذر الكاتب أوري مسغاف من عدم قدرة إسرائيل على الدخول في حرب مع حزب الله. وقال» لا تصدقوا هرتسي هليفي. نحن غير جاهزين لحرب في لبنان.
الخروج عن السيطرة و«الخراب»
وهذا ما يتفق معه محلل الشؤون العسكرية البارز في موقع «واينت» رون بن يشاي، الذي يقول إن حزب الله بات يتقن تسيير المسيّرات، والنتائج على الأرض قاسية، وإسرائيل تدرس خيار التصعيد. وبراي بن يشاي فأن الحرب ليست قدراً، بل وليدة قرار يرتبط ارتباطاً مباشراً بما يجري في قطاع غزة. عملياً، على إسرائيل أن تختار بين حرب قاسية من المتوقع أن تنتشر على كل الجبهات وبين قبول الصفقة مع حماس التي عرضها الرئيس الأميركي بايدن. خصوصا ان حزب الله سبق وأوضح بأنه في اللحظة التي يعلن فيها عن وقف نار في غزة سيوقف القتال، ولهذا يجب القبول بالصفقة او الذهاب الى «الخراب».
وفي هذا السياق، انتقد حيزي نحاما احد كبار ضباط الاحتياط، قيادة الجيش، وقال إنها منفصمة عن الواقع وعن الميدان. وأشار إلى نقص في المعدات والأسلحة لدى الجيش المستنزف داخل قطاع غزة، ولفت الى ان إدارة الحرب بهذه الطريقة، لن تؤدي لانتصار.
المواجهات جنوبا
ميدانيا، أغارت مسيرة اسرائيلية، بصاروخ موجه مستهدفة دراجة نارية في ساحة بلدة عيترون، وأفيد عن وقوع اصابات. ونعى حزب الله الشهيد على طريق القدس حسين نعمة الحوراني «بدر» مواليد عام 1988 من مدينة بنت جبيل في جنوب لبنان. كما نفذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارة مستهدفاً منطقة جبل كحيل في بلدة عيترون ملقيا صاروخين جو-ارض على المنطقة المستهدفة . ايضا، تعرضت اطراف بلدة عيتا الشعب في القطاع الاوسط لقصف مدفعي اسرائيلي مباشر. وأغار الطيران الحربي الاسرائيلي فجر امس، على بلدة وادي جيلو في قضاء صور، مستهدفا منزلا غير مأهول، ما أدى الى تدميره واشتعال النيران في عدد من المنازل المحيطة بالمكان، ومستودع لادوات التنظيف والزيوت، ما ألحق الأضرار بعشرات المنازل كتكسير الزجاج والنوافذ والتصدع، بالإضافة الى اضرار جسيمة في البنى التحتية، وبخاصة شبكتي الكهرباء والمياه. في المقابل، اعلن حزب الله انه «وفي إطار الرد على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وآخرها في عيترون، استهدف مقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت وتموضعات الجنود في محيطها بصواريخ فلق 1 وأصابها إصابة مباشرة ما أدى إلى تدمير جزء منها وإيقاع خسائر مؤكدة فيها».
هجوم السفارة الاميركية؟
في هذا الوقت، تتواصل التحقيقات مع منفذ الهجوم قيس فراج على السفارة الاميركية في عوكر، ووفقا للمعلومات، فان المهاجم استطلع السفارة عبر «غوغل»، ولم يحضر الى محيط السفارة من قبل، واستاجر الفان بـ 50 دولارا، ووصف نفسه «بالذئب المنفرد» المنتمي الى تنظيم «داعش»، واشار الى انه اشترى السلاح والذخائر من امواله الخاصة. وقد فتح هذا الهجوم ملف النازحين السوريين، خصوصا ان المنفذ مسجل على لوائح المنظمة الدولية التي تحجب المعلومات عن السلطات اللبنانية، وهذا ما يحتم زيادة الضغوط عليها لتسليم «الداتا» كاملة.
كف يد عون؟
قضائيا، قرر النائب العام التمييزي بالانابة القاضي جمال الحجار، كف يد المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون عن الملفات القضائية التي تحقق فيها. ووجه تعميما إلى الأجهزة الأمنية كافة لعدم تنفيذ اي إشارة صادرة عن القاضية عون وعدم مخابرتها بأي دعوى قديمة او جديدة، وحصر الأمر بالمحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان، وعلى الاثر اوضحت عون «ان قرار القاضي الحجار باطل ومخالف للقانون، لانه لا يحق له توقيفها عن العمل..واكدت انها ستتقدم بطعن امام مجلس شورى الدولة واصفة الحجار انه مغتصب للسلطة ولا يحق له ممارسة مهام مدعي عام التمييز. واتهمت عون الحجار بانه يريد افتعال مشكل لأنني وصلت الى مراحل متقدمة في التحقيقات المالية تطال سياسيين مهمين ولست موظفة عند النائب العام التمييزي بالانابة وهو ليس رئيسها.
مراوحة رئاسية
رئاسيا، التقى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي تيمور جنبلاط النائب طوني فرنجية في دارته في الأشرفية، وشدّد النائب بلال عبدالله على أنّ «الهدف الأساسي من تحرّك اللقاء الديموقراطي هو انجاز التسوية الداخلية اللبنانية حفاظاً على البلد..بدوره، اشار النائب طوني فرنجيّة الانفتاح على على أيّ حوار بنّاء بعيداً عن المصالح الضيّقة للبعض. ووفقا لمصادر مطلعة، لا جديد بعد في الملف الرئاسي، ولم يلمس وفد «اللقاء الديموقراطي» اي استعداد لدى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للانسحاب من السباق الرئاسي.
القوات تحاول التبرير
في هذا الوقت، اطلقت القوات اللبنانية حملة دفاعية عن موقفها بعد تحميلها مسؤولية تعطيل الحوار والانتخابات الرئاسية، واصدرت بيانا اكدت فيه انها منفتحة دائمًا على الحوار والتشاور وتقدّمت بعدّة صيغ تشاورية لإنهاء الاستعصاء الرئاسي، ولكن الفريق الممانع متمسِّك بصيغة واحدة يشكل اعتمادها نسفًا للآلية الانتخابية الواردة في الدستور، ويلغي الانتخابات وينسف نصوص الدستور لجهة التوازن بين الرئاسات عن طريق تحويل دور إحدى الرئاسات إلى دور الوصي على الرئاستين الأولى والثالثة.. وكشف النائب ملحم رياشي عن مبادرة قطرية جديدة باتجاه لبنان في الاسابيع المقبلة، مع دفع خارجي برايه نحو «الخيار الثالث»، وتحدث عن اتصالات مع النائبين علي حسن خليل وطوني فرنجية، وامل الوصول الى مخرج لبناني- لبناني، في المقابل اكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب فادي كرم، ان اللقاءات بين النائبين ملحم رياشي وعلي حسن خليل، لم تصل إلى نتيجة.