كتبت صحيفة “الديار”: في الوقت الذي يستعد فيه اللبنانيون للأعياد وهم يخشون جولة حرب اسرائيلية جديدة تطيح كل مشاريعهم، بدا واضحا في الأيام القليلة الماضية تراجع حدة الخروقات والعمليات الاسرائيلية في الداخل اللبناني بالتوازي مع تعيين رئيس مدني لوفد لبنان في لجنة «الميكانيزم».
اذ وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإن «تل أبيب أوصلت رسالتها بعد ساعات من أول اجتماع للجنة «المطعمة» من خلال سلسلة من الاستهدافات جنوبا، ومفادها أن انطلاق التفاوض السياسي لا يعني وقف الغارات، لكنها في الوقت عينه ترى نفسها ملزمة بالخضوع للضغوط الاميركية التي تقول باعطاء فرصة للمفاوضات وعدم التصويب عليها بالنار».
وتشير المصادر في حديث لـ «الديار» الى أن «المسؤولين اللبنانيين أُبلغوا بمهلة تنتهي مطلع العام لحسم مصير سلاح حزب الله شمالي الليطاني، بحيث إنه اذا لم تكن هناك خطوات عملية في مجال حصر هذا السلاح فإنه سيكون هناك ضوء أخضر جديد لتل أبيب لاستكمال عملية القضاء على الجناح العسكري للحزب».
سلام: طريقتي مختلفة عن عون
وخلال مشاركته في جلسة في «منتدى الدوحة»، شدد رئيس الحكومة نواف سلام على أنّه «كان على إسرائيل أن تنسحب قبل 10 أشهر من كل الأراضي التي احتلتها لكنها لم تفعل»، لافتا الى أنه لا يعتقد أن هناك ضرورة أمنية لبقاء القوات الإسرائيلية في النقاط التي احتلتها بالجنوب. وفيما أوضح أن الإصلاحات هي إحدى ركيزتي حكومته إضافة إلى استعادة سيادة الدولة وحصر السلاح بيدها، أشار إلى أنّ الانتهاكات الإسرائيلية مستمرة بصورة شبه يومية. وقال: «أنا والرئيس جوزاف عون نريد الاصلاحات وحصر السلاح لكننا نملك طرقًا مختلفة ومتوافقون في الوجهة نفسها».
جنبلاط: لا لتفاوض تحت النار
وبعد فترة من الانكفاء، تحرك الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يوم أمس الأحد باتجاه عين التينة حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وقال بعد اللقاء:»نحن مع تعزيز الجيش ومع الاجراءات التي يقوم بها في جنوب الليطاني في ما يتعلق بحصر السلاح وسيادة الدولة على أرض الجنوب ومن ثم تعميم الامر على كامل الاراضي اللبنانية». وأضاف: «لا نقبل أن يكون التفاوض تحت النار، وسيمون كرم مفاوض محنك، ونحن نفاوض تحت شعار الانسحاب ووقف النار».
واذ أكد التمسك بالهدنة لفت الى أن «ظروف الهدنة بين الماضي واليوم اختلفت، فالتطور السياسي العسكري والالكتروني اطاح كل شيء، ولكن هناك مبادئ عامة نتمسك بها هي الارض والسيادة». وأشار جنبلاط الى ان «الجيش اللبناني يريد مساعدات، ونحن بحاجة الى المزيد من الجنود في الجنوب وعلى الحدود مع سوريا خصوصا، لأن الجنوب سيكون خالٍيا من القوة الدولية».
من جهته، وخلال احتفال تأبيني في بلدة برج رحال، شدد النائب علي خريس على أن «مسؤولية لجنة الميكانيزم التي تجتمع في الناقورة محددة بوقف الإعتداءات الإسرائيلية على بلدنا، ومسؤوليتها الضغط على العدو للانسحاب من أرضنا وأن تسعى بكل جهد لاستعادة الأسرى اللبنانيين في السجون، وترسيم الحدود الواضحة لا أكثر من ذلك، كما أكّد الرئيس نبيه بري، وقال: «لا للتطبيع».
هجوم جعجع
في هذا الوقت، شنّ رئيسُ حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال ترؤسه المؤتمر العام الأول للحزب الذي حمل عنوان «قوات نحو المستقبل» حملة عنيفة على الرؤساء الثلاثة من خلال رسالة مفتوحة وجهها اليهم، فتوجه لرئيسي الجمهورية والحكومة قائلا «أن لا سبباً أو مبرِّراً للتأخير الحاصل في حلّ الأجنحة العسكريّة والأمنيّة لحزبِ الله، بعدَ قرارَي مجلس الوزراء في 5 و7 آب المنصرم». واذ شدد على أنه لا يتحدث من موقع الخصومة او المنافسة بل من موقع اللُّبنانيّ «الضنينِ» على بلاده ومستقبل أجياله، اعتبر أن المطلوب «إعلانٌ سياسيّ واضح يتكرّرُ كلّ يوم، في العلن والاجتماعات المغلقة، لتتبعُه خطوات سياسيّة وإداريّة واضحة لوضع هذه الأصول الفاجرة عند حدّها».
وتوجه لعون وسلام قائلا إنّ «رمي كرة النار هذه في حضن الجيش وحده لا يجوز؛ فمع عمل الجيش، هناك عمل سياسيّ، تصميم سياسيّ واضح وحاسم تجاه كلّ من يرفض تنفيذ قرارات الحكومة في 5 و7 آب. فليس من المنطق بمكان الطلب من الجيش الاهتمام ببعض الفروع، بالوقت الذي تصدح فيه الأصول علنا ويوميا، برفضها لقرارات الدولة، وباستمرارها في إعادة تأهيل بنيانها العسكريّ والأمني ، وتسايرونها على الرغم من كل ذلك بتمييع خطابكم السياسي، بدلا من ان تكونوا واضحين صريحين حاسمين معها، وتلزمونها أنتم بتبنّي خطاب القسم والبيان الوزاري للحكومة بشكل واضح وصريح».
وخصّ جعجع الرئيس بري بجزء كبير من خطابه، فقال له: «لطالما تخاطَبنا بصراحة واحترام، لكنّ ما تقوم به بما يتعلّق بقانون الانتخاب تخطّى كلَّ حدود. ارحم المجلس النيابيّ والحكومة واللُّبنانيين جميعاً بتوقّفِكَ عن التعطيل، من خلال إحالة كلّ ما له علاقة بقانون الانتخاب إلى الهيئة العامّة في أسرع وقت لتتّخذ القرار المناسب».
ردود على جعجع
واستغربت مصادر وزارية «اللغة عالية النبرة» التي اعتمدها جعجع خلال مؤتمره، معتبرة أنه «بدل أن يلاقي الخطوة الكبيرة التي أقدم عليها الرؤساء الـ 3 بسيرهم بمفاوض مدني، وهو ما كان يريده جعجع ويسعى اليه، قرر مهاجمة الرئيسين عون وسلام ومطالبتهما بخطوات أكبر بملف حصرية السلاح». وأضافت المصادر لـ «الديار»:»يُدرك جعجع وسواه أن الرئيسين عون وسلام يسيران في حقل من الألغام وقد نجحا الى حد بعيد في تجنيب البلد لغما يطيحنا جميعا.. فبدل اللجوء الى خطابات باتت مكشوفة أنها لشد العصب الانتخابي قبل نحو 5 أشهر على موعد الانتخابات النيابية، الأجدى به اعتماد خطاب لتهدئة النفوس في مرحلة قد تكون الاخطر في تاريخ لبنان الحديث».
كذلك رد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على جعجع فقال:»بين دعوة قداسة البابا اللبنانيين قبل ايّام للسلام والعيش معًا وبين تهديد السيّد جعجع بقطع الرؤوس والتخلّص من البقايا والرواسب»، أيها المسيحيون أيها اللبنانيون ماذا تختارون؟!»
أما النائب طوني فرنجيه فتوجه لجعجع دون ان يسميه بالقول: «خلصنا مزايدات وادعاءات… ربما أكثر ما يغضب الحكيم أن العهد الحالي يُعيد بناء الدولة التي أرهقتها الانقسامات والمزايدات التي كان أحد أبطالها، وأن سياسة هذا العهد تثبت يوماً بعد يوم فعاليتها بهذه الظروف الدقيقة».
وتابع فرنجية: «الشعب قرف من الخطابات الرنانة التي لم تجلب إلا الهلاك، كفاكم الادعاء أن ما وصلنا اليه هو نتيجة نضالكم إلا إذا كنتم…».
وزارة الإعلام اللبنانية