كتبت صحيفة “البناء”: أقر مجلس النواب الأميركي قانون موازنة الدفاع الأميركية بتوافق الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وقد تضمن القانون فصلاً خاصاً عن العقوبات على سورية المفروضة بموجب القانون المعروف بقانون قيصر، لكن النص الذي تم إقراره وتضمنه قانون موازنة الدفاع الأميركية، لا يتضمن إلغاء العقوبات بالشكل الذي كان يتمناه الحكم الجديد في سورية، ومن كان يسعى داخل أميركا أو خارجها لتمريره، حيث نص القانون على إخضاع الحكم الجديد إلى مراقبة مشددة على ثلاثة مستويات، الأول هو جدّية مغادرة معسكر التنظيمات الإرهابية ودرجة الانخراط في الحرب على تنظيم داعش بعدما انضمّ الحكم الجديد إلى تحالف محاربة داعش الذي تقوده واشنطن، والثاني هو درجة النجاح بضمان أمن الأقليات خصوصاً بعد مجازر الساحل والسويداء، وإثبات الأهلية للحكم في بلد متعدد طائفياً وعرقياً، والثالث هو إثبات القدرة على ضمان أمن دول الجوار السوري عبر الحدود السورية وخصوصاً أمن «إسرائيل»، والتوصل إلى تفاهمات مع هذه الدول وخصوصاً «إسرائيل» لتحقيق الاستقرار عبر الحدود، ونص القانون على أن تجديد العمل برفع العقوبات يتحقق كل ستة شهور بموجب تقارير يجب أن يقدّمها البيت الأبيض للكونغرس حول درجة أداء الحكم الجديد في سورية في المسارات الثلاثة طيلة أربع سنوات، ترفع بنهايتها العقوبات نهائياً إذا التزم الحكم الجديد بالشروط المطلوبة.
بالتزامن مع صدور القانون كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يعلن تراجع لمسار التفاوض مع سورية، وتضاؤل فرص التوصل إلى اتفاق، بينما يستعدّ نتنياهو للسفر إلى واشنطن، ويقوم بإعداد ملفاته وبينها مسارات التفاوض مع سورية، التي يحمل مسؤولية التراجع على مسارها للمبعوث الأميركي توماس برّاك الذي وصفه بالسفير التركي، انطلاقاً من مفهوم نتنياهو لمستقبل سورية بعيداً عن النفوذ التركي، ومنع تركيا من إقامة أي منشآت عسكرية نوعية في سورية، وإبقاء الأجواء السورية مباحة للطيران الإسرائيلي.
واشنطن التي تستعد للبدء بترجمة مفهومها الجديد للأمن القومي الذي يقوم على التراجع من الانخراط في التزامات دولية كانت عنوان الاستراتيجيات السابقة، نحو اعتبار القارة الأميركية المدى الحيويّ للأمن القومي الأميركي الجديد، وكانت أولى الترجمات ما شهدته سواحل فنزويلا من تصعيد عسكري أميركي تمثل باحتجاز ناقلة نفط فنزويلية، ما أثار مناخات من التوتر في المنطقة، وقلقاً من تطور الأمور نحو عمل عسكري أميركي كبير يستهدف فنزويلا التي يتحدث قادتها وعلى رأسهم الرئيس نيكولاس مادورو عن الاستعداد لمواجهة أسوأ الاحتمالات.
في لبنان، والاعتداءات الإسرائيلية متواصلة، حطت رحال جولة السفير الأميركي ميشال عيسى برفقة مجموعة العمل الأميركية لأجل لبنان في عين التينة واستمعت كما قال السفير الأميركي بعد اللقاء إلى رؤية رئيس مجلس النواب نبيه بري، داعياً إلى عدم الحكم على مسار التفاوض من الجلسة الأولى، مؤكداً مواصلة واشنطن دعم الجيش اللبناني.
في لبنان أيضا كشف ممثل نقابة المحامين في لجنة وضع مشروع قانون الفجوة المالية علي زبيب عن فضيحة تمثلت بإرسال المشروع من دون عرضه على اللجنة ودون الأخذ بالملاحظات التي وضعها لضمان حقوق المودعين، وقال زبيب «تم عقد عدد من الاجتماعات خلال شهري أيلول وتشرين الأول وقد أبديت موقفي الإعتراضي الواضح تجاه عدد من الأفكار والبنود في الصياغات الأولية، وخاصة التي تمس بحقوق المودعين، على سبيل المثال لا الحصر التفرقة بين المودعين واستثناء صناديق النقابات ورد الودائع الكبيرة بصيغة سندات لمدة طويلة جداً دون أي فوائد ودون الضمانة الكافية للسداد، والضريبة الاستثنائية دون المحاسبة وغيرها، كما كان لي دور في إدخال تعديلات تهدف لحماية المودعين»، وأضاف «توقفت عن المشاركة في الاجتماعات وعلقت عضويتي في اللجنة منذ حوالي الشهر أي في أول أسبوع من تشرين الثاني، بانتظار استلامي النسخة النهائية للتعليق عليها، وقد اكتشفت مؤخرا أن مسودة النسخة الأخيرة قد أصبحت في عهدة حاكم المصرف المركزي ووزير المال بمشاركة من قبل رئيس الحكومة ووزير الاقتصاد من أجل إصدار نسخة جاهزة لتقديمها إلى الحكومة، دون إطلاعي عليها، مما شكل إقصاء واضحاً لدوري ومواقفي التي كانت صارمة وتقنية في الوقت ذاته، مع العلم بأن النسخة المسرّبة غير النهائية قد تضمنت عدداً كبيراً من البنود التي أبديت اعتراضي عليها».
وفيما تعجّ الساحة الداخلية بالوفود الدبلوماسية الأميركية والأوروبية والعربية حاملة الرسائل والنصائح للدولة اللبنانية، حطّ رئيس مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان إدوارد غبريال وعدد من أعضاء الكونغرس في لبنان للإطلاع عن كثب من المرجعيات الرئاسية والقيادات السياسية على حقيقة الوضع في لبنان ولنقل الأجواء إلى الإدارة الأميركية في واشنطن.
وزار الوفد برفقة السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، في عين التينة، وخلال اللقاء، وبحسب معلومات صحافية، قال عيسى لبرّي «إنّ هدف الزيارة هو الاستماع إليك، للمساعدة في معالجة الملفات، لا سيما أن بعض المعطيات تُفهم بشكل خاطئ حول الوضع اللبناني، ولذلك يفضل الاستماع إليك مباشرة تفادياً للأخبار المغلوطة».
ولفت عيسى بعد انتهاء اللقاء إلى أن «»إسرائيل» تفرّق بين المفاوضات مع الحكومة اللبنانية وحربها ضدّ حزب الله وما يحصل هو محاولة للتوصل إلى حل». وأكد أنّ «المساعدات للجيش اللبناني مستمرة»، مشيراً إلى أنّ «زيارة قائد الجيش إلى واشنطن ستحصل ولكن لا موعد محدداً، ولهيكل رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية من الأفضل أن تكون مباشرة»، واعتبر أن «على حزب الله ان يقوم بواجباته وهو يعرفها».
وأفادت قناة «الجديد»، بأنّ «الوفد الأميركي المتمثل بمجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان، حمل رسالة تحذيرية في زيارته إلى بيروت مفادها أنّ لبنان سيخسر الاهتمام الأميركي في حال لم يقم بما هو مطلوب منه، من حصر السلاح إلى إقرار الإصلاحات الاقتصادية قبل نهاية العام الحالي».
ولفتت إلى أن «الوفد حمل إنذاراً اقتصادياً إصلاحياً لإقرار القوانين الإصلاحية، وإلا خسارة الدعم الأميركي في أكثر من مجال، ومن ضمنها القروض الأربعة المقدّمة من البنك الدولي والتي تبلغ قيمتها نحو مليار دولار».
ولفتت أوساط دبلوماسية مطلعة على جولات المسؤولين الأميركيين إلى بيروت لـ»البناء» إلى أنّ «الأميركيين مهتمون جداً بلبنان على كافة الصعد لا سيما الوضع على الحدود الجنوبية ويريدون إنهاء الصراع وعدم تكرار الحرب الأخيرة بين لبنان و»إسرائيل» ويعملون على تغليب لغة الدبلوماسية على لغة الحرب لمنح فرصة لإعادة الاستقرار والازدهار والاستثمارات في لبنان وإسرائيل والمنطقة»، لذلك فإنّ «الاهتمام الأميركي سيتفاعل مطلع العام وستكون هناك خطوات عملية على هذه الصعد، ولبنان أمام فرصة تاريخية للخروج من مستنقع أزماته، وبحال لم يستجب للمطالب فإنه سيفقد الاهتمام الأميركي وستتدهور الأوضاع أكثر على كافة المستويات».
وزار وفد منظمة «أميركان تاسك فورس فور ليبانون» ATFL برئاسة إدوارد غابريال رئيس حزب القوات سمير جعجع، في معراب. وبعد اللقاء الذي دام ساعة ونصف الساعة وصف غابريال الاجتماع بالمثمر، حيث تمّ البحث «مطولاً في نظرة واشنطن إلى لبنان وإلى التحديات التي تواجه العلاقة مع الولايات المتحدة، ليس على مستوى الإدارة الأميركية وحسب بل على مستوى الكونغرس». كما سيلتقي الوفد رئيس الحكومة نواف سلام وقائد الجيش العماد ردولف هيكل.
في موازاة ذلك، واصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان جولته على القيادات اللبنانيّة، والتقى في ساحة النجمة نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بوصعب وتمّت مناقشة الأوضاع الراهنة والتهديدات الإسرائيلية المستمرة وإمكانية إيجاد حلول جدّية لتفادي التصعيد. وفي قصر الصنوبر اجتمع مع النائبين ميشال معوض وفؤاد مخزومي. وإذ أفيدَ بأنه «رحب خلال لقاءاته في لبنان بتكليف سيمون كرم للمشاركة في اجتماع «الميكانيزم» إلا انه أكد أنّ الدول المراقبة لا ترى أنّ ذلك كافٍ من أجل إبعاد شبح التصعيد عن لبنان والمطلوب نزع سلاح حزب الله».
ووفق معلومات «البناء» فإنّ «لودريان شدّد خلال جولته على المسؤولين اللبنانين على ثلاثة ملفات: الأول مسألة معالجة سلاح حزب الله وتطبيق القرار 1701 واتفاق 27 تشرين الثاني من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، والثاني استكمال الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تمهّد الطريق لمؤتمر الدعم المالي الدولي الذي تسعى فرنسا لعقده في باريس والذي لم تنضج ظروفه بعد، والنقطة الثالثة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها مع ضرورة الاتفاق على قانون الانتخاب ويسعى الفرنسيون وفق المعلومات أن تقدم الحكومة اللبنانية خطوات حثيثة على صعيد الملفات الثلاثة قبل الاجتماع المزمع عقده في باريس الذي يضمّ إلى جانب ممثل لبنان، فرنسا والولايات المتحدة والسعودية».
على صعيد آخر، بعد انتهاء جلسة لجنة المال والموازنة، دعا عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي حسن خليل خلال مؤتمر صحافي مشترك مع النائب حسن فضل الله في مجلس النواب، الحكومة إلى أن «تقوم بما هو مطلوب منها لجهة إصدار القرار المنظِّم لإعادة الترميم والإعمار، وهذا الأمر تأخّر، ومع الأسف وُضع على جدول أعمال مجلس الوزراء مرّتين. ونأمل في الجلسة المقبلة أن يتم إقراره ليعرف كلّ الناس حقوقهم وواجباتهم».
بدوره قال فضل الله: «صحيح أن من مسؤولية الحكومة أن توفر الاعتمادات الضرورية لإعادة الإعمار، ولكن المجلس النيابي اليوم أطلق عملياً الخطوة الأولى الميدانية لورشة إعادة الإعمار، وإنْ كان بمبالغ أولية تشمل قضايا محورية للمواطن، سواء بالإيواء أو بالترميم الإنشائيّ أو بالقضايا المُلحة، ولكن بالتأكيد هذه تبلسم بعض الجراح».
وأضاف: «أثبتنا اليوم ومن داخل الموازنة ودون أن نمسّ بتوازن هذه الموازنة، أنه لدينا قدرة على أن نقول للمواطن اللبناني المتضرر، إنّ هناك مَن يقف إلى جانبه، وإنه غير متروك، وإنّ هذه القضية هي محورية بالنسبة لنا، وموقفنا ككتلتين من كلّ الموازنة مبنيّ على مقاربتها لهذه القضية الوطنية التي تحمل عنوان إعادة الإعمار وتثبيت أبناء الجنوب في أرضهم، خصوصاً في القرى المواجهة للمستوطنات الشمالية، والتي يريد العدوّ أن يحوّلها إلى منطقة عازلة».
إلى ذلك، واصل وزير الخارجية يوسف رجي، «بهلواناته الدبلوماسية» على حدّ وصف أكثر من دبلوماسي لبناني سابق، وأعلن اعتذاره عن عدم قبول الدعوة لزيارة طهران راهناً في ظلّ الظروف الحالية. وأوضح أنّ اعتذاره عن تلبية الدعوة لا يعني رفضاً للنقاش، إنما الأجواء المؤاتية غير متوفرة.
وجدّد رجي دعوة عراقجي لعقد لقاء في دولة ثالثة محايدة يتم التوافق عليها، معرباً عن كامل الاستعداد لإرساء عهٍد جديد من العلاقات البنّاءة بين لبنان وإيران شريطة أن تكون قائمة حصراً على الاحترام المتبادل والمطلق لاستقلال وسيادة كلّ بلد وعدم التدخل في شؤونه الداخلية بأي شكلٍ من الأشكال وتحت أي ذريعة كانت. وتساءل أحد الدبلوماسيين السابقين: هل إيران أصبحت عدواً بنظر الوزير القواتي لكي يرفض زيارتها أو الاجتماع مع وزير خارجيتها على أرض إيرانيّة؟ ولماذا يصرّ رجي على التصرف كوزير قواتي وفي حكومة «القوات» لا كوزير لبنانيّ وفي الحكومة اللبنانية؟ ورأى الدبلوماسي السابق أن رجي يبتدع سوابق غير مألوفة في تاريخ الدبلوماسية في لبنان والعلاقات الدولية.
على صعيد العلاقة اللبنانية – السورية، أشار نائب رئيس الحكومة طارق متري، في تصريح تلفزيوني إلى أنّ «الاجتماع الثالث للجنة المشتركة بين لبنان وسورية حول التعاون القضائي لمعالجة السجناء السوريين في لبنان انعقد في دمشق، ولم يكن هناك أيّ أمر استثنائي في الاجتماع، وكان غنياً بالأفكار».
وأعلن أنه «تمّ الاتفاق على أن يضع الجانب السوري ملاحظاته بشأن مسودة لبنانية، ونحن سوف نعدّلها في ضوء هذه الملاحظات، وأثق بأنه في الاجتماع المقبل سيكون هناك تقدم»، وشدّد متري على أنه يجب رفع العقبة بشأن السجناء عبر التعاون بين البلدين، مؤكداً «أننا نبحث عن سند قانوني لحل هذه المسألة».
وسجّلت قضية إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه تطوّرات جديدة، حيث عقدت لجنة المتابعة الرسمية للقضية مؤتمراً صحافياً في نقابة الصحافة في بيروت بحضور حشدٍ من الشخصيات السياسية والقانونية والإعلامية.
وكشف خلاله مقرّر اللجنة القاضي حسن الشامي أن العديد من فحوصات الحمض النووي أُجريت في أهمّ مختبرات العالم، وأثبتت جميعها أنّ العيّنات لا تعود للإمام الصدر ولا للشيخ محمد يعقوب ولا للصحافي عباس بدر الدين، ما يؤكد أنّ المطالبة بتحرير الإمام ورفيقيه هي مطلب حق.
وأشار الشامي إلى أنّ اللجنة زارت ليبيا ست مرات، كما زارها الليبيون مرات عديدة، موضحاً أنه جرى لقاء قضاة النيابة العامة وشهود ومشتبه بهم في دول ثالثة. وكشف أنه تمّ لقاء كلّ أركان النظام السابق باستثناء عبد السلام جلود، لافتاً إلى أنّ أغلب من جرى التواصل معهم رفضوا الإفصاح عن معلومات تقود إلى معرفة مكان وجود الإمام ورفيقيه، لأنهم لا يريدون إدانة معمر القذافي.
بدوره كشف نجل الإمام صدر الدين الصدر، أن جميع المعطيات والمعلومات والتحقيقات تقاطعت على نفي فرضية الاغتيال الفوريّ التي جرى تداولها لأهداف معروفة، وأشار الصدر إلى أنّ المتابعات والتحقيقات والمعلومات المتقاطعة أكدت انتقال الإمام من مكان احتجاز إلى آخر حتّى عام 2011 على الأقل.
وانتقد الصدرُ الإفراجَ عن هنيبعل القذافي، معتبراً أنّ هذا الإفراج ليس إلا انعكاس بارز للخلل في سير العدالة، وأضاف: هذا الإفراج هو صفقة سياسية مشبوهة، فيما قضية الإمام الصدر وأخويه فوق كلّ المساومات والصفقات، رافضاً من جهة ثانية الحديث عن فرض تطبيع اقتصادي أو إعلامي أو حتّى دبلوماسي مع ليبيا، متسائلاً عن الصمت الحكومي في لبنان وعن استقبال رئيس الحكومة لهنيبعل القذافي وهو مُخلًى سبيله.
وزارة الإعلام اللبنانية