الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: ترقب ممزوج بالقلق… رسائل مُتداخلة تنتظر بيروت.. عيسى الى باريس… «جلسة استماع» لهيكل الخميس.. إجتماع مفصلي «للميكانيزم» الجمعة… تسوية أم تسخين؟
الديار لوغو0

الديار: ترقب ممزوج بالقلق… رسائل مُتداخلة تنتظر بيروت.. عيسى الى باريس… «جلسة استماع» لهيكل الخميس.. إجتماع مفصلي «للميكانيزم» الجمعة… تسوية أم تسخين؟

كتبت صحيفة “الديار”: يقف لبنان هذا الأسبوع عند مفترق سياسي – أمني بالغ الحساسية عنوانه: الترقّب الممزوج بالقلق. فالعين على باريس يوم الخميس، حيث يعقد اجتماع دولي مفصلي يخص دعم الجيش، فيما الأنظار تتجه الجمعة الى الناقورة، موعد ولادة «الميكانيزم2» ، في حال سارت السفن اللبنانية وفق ما تشتهيه الرياح الاميركية والاوروبية، في موازاة ما يُتداول عن نتائج اللقاء بين المبعوث الأميركي توم براك ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، حيث ناقشا ملفات المنطقة، وسط تضارب المعلومات حول اذا كان ملف لبنان قد حضر على طاولتهما.

في الحسابات اللبنانية، لا يُقرأ اجتماع باريس كحدث ديبلوماسي عابر، بل محطة اختبار جدية للمقاربات الدولية حيال بيروت، ودور الجيش، ومستقبل الترتيبات الأمنية، وصولا لما بعد نهاية ولاية «اليونيفيل» في 2026، أما اجتماع لجنة «الميكانيزم» فيحمل في طياته رسائل عملية تتجاوز صيغتها وآلياتها الاساسية، لجهة تثبيت قواعد الاشتباك، ضبط هامش الحركة، ورسم خطوط تماس جديدة على الأرض.

في الموازاة، يكتسب لقاء براك – نتانياهو أهمية استثنائية، كونه قد يشكّل حلقة الوصل بين الضغط الميداني الإسرائيلي والمسار السياسي الدولي، فنتائج هذا اللقاء ستنعكس مباشرة على سقف التصعيد أو التهدئة جنوباً، وعلى طبيعة الإشارات التي ستُرسل إلى بيروت، مع استمرار ضغط واشنطن على «تل ابيب» لمنعها عن الاقدام على خطوة متهورة قبل اتضاح الاتجاهات، مقابل ضغط عربي للإسراع في نزع فتيل الحرب وتقديم المساعدة حيث يمكن، وتندرج ضمنها زيارة رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي غدا.

من هنا بين باريس و«الميكانيزم» و«تل أبيب»، ينتظر لبنان ما يشبه «حزمة رسائل» متداخلة، قد تحدد اتجاه الأسابيع المقبلة: إما تثبيت تهدئة هشّة بضمانات دولية، أو فتح الباب أمام مرحلة أكثر سخونة، في ظل توازنات دقيقة.

اجتماع باريس

وسط هذا المشهد، تستعد العاصمة الفرنسية باريس لاستضافة اجتماع في 18 من الشهر الجاري، يشارك فيه المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس يرافقها السفير الاميركي ميشال عيسى، المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، ومستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط آن كلير لوجاندر، الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل.

في هذا الإطار، تكشف المعطيات عن أن الاجتماع المقرر منذ نحو ثلاثة أسابيع، عشية الاعلان المفترض عن «جنوب الليطاني» منطقة خالية من السلاح، سيشكل «جلسة استماع» لقائد الجيش العماد رودولف هيكل، الذي سيحمل معه تقريرين انجزتهما اليرزة خلال الساعات الماضية:

– الاول يتضمن شرحا فصلا مدعوما بالوثائق والافلام والاحصاءات، حول المهام التي نفذها الجيش في رقعة عملياته، عبارة عن خلاصة التقارير التي عرضت امام الحكومة، وهو ما عاينه وفد من الديبلوماسيين المعتمدين في لبنان على الارض، مؤكدا ان الخطة انجزت بالكامل وفقا للمرسوم لها، باستثناء المناطق التي تحتلها «اسرائيل».

– الثاني يتناول حاجات الجيش اللبناني، لاستكمال خطة حصر السلاح على كامل الأراضي اللبنانية، ويتضمن لوائح مفصلة بالمعدات والتجهيزات اللوجستية والموارد المالية المطلوبة، لتنفيذ المهام المطلوبة، والتي تفوق قدرته الفعلية نظرا لتعددها وتشعبها، من ملف الجنوب، الى ضبط الحدود اللبنانية – السورية، مرورا بمهمة نزع السلاح غير الشرعي المنتشر في مختلف المناطق اللبنانية.

مصادر مواكبة اشارت في هذا السياق إلى تسجيل تحول إيجابي ملموس في الموقف الأميركي، معتبرة أن ذلك يشكل مؤشرا مشجعا، يقابله أيضا تحول في الموقف السعودي، الذي كان يرفض سابقا البحث في أي دعم للجيش أو إعادة الإعمار قبل التزام لبنان الكامل، حيث بات مستعدا للاستماع والنقاش، مع التشديد في الوقت نفسه على أن الرياض لن تلتزم بأي قرار نهائي، قبل تلمس مؤشرات حسية وملموسة على الأرض، مضيفة أن هذا التحول لا يعني الإفراج عن الدعم، إذ لا مساعدات ما لم يلتزم لبنان بتنفيذ ما هو مطلوب منه، علما أن لبنان يبدي حاليا التزاما واضحا، إلا أن نقطة التحول الأساسية تبقى في اجتماع لجنة «الميكانيزم» يوم الجمعة، ونجاحه في احداث الخرق المطلوب.

في هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة أنه تمت إعادة جدولة زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى واشنطن، بعد تذليل جميع العراقيل التي أدت إلى إلغائها في المرة السابقة، دون تحديد موعدها، لافتة إلى أن هذا التطور جاء نتيجة جهود حثيثة قادها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، عبر سلسلة اتصالات واسعة شملت مستويات رفيعة جداً، نافية الحديث عن تزامن زيارة قائد الجيش مع زيارة محتملة لرئيس الجمهورية إلى واشنطن، اذ أن رئاسة الجمهورية لا تزال بانتظار أن يوجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعوة رسمية إلى الرئيس جوزاف عون، كما كان قد وعد بذلك علناً أمام وسائل الإعلام.

يشار الى انه في اطار التحضيرات الجارية لاجتماع باريس، استقبل الرئيس عون العماد هيكل وزوده بتوجيهاته بالنسبة الى المواضيع التي ستبحث خلال الاجتماع، كما استمع منه الى نتائج الجولة التي قام بها رؤساء البعثات الديبلوماسية الى جنوب الليطاني.

«الميكانيزم 2»

وليس بعيدا، يأتي اجتماع «الميكانيزم» المرتقب يوم الجمعة في توقيت بالغ الدقّة، ليشكل محطة مفصلية في مسار «إدارة التوتر»، و إعادة صياغة قواعد الاشتباك غير المعلنة بين الاطراف، تحت مظلّة دولية مباشرة، على ما تشير مصادر ديبلوماسية مواكبة، معتبرة ان هذا الاجتماع يندرج في سياق ضغط سياسي – أمني متصاعد تقوده عواصم القرار، بهدف منع الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة، من دون الذهاب في المقابل إلى تسوية شاملة، من ضمن مقاربتين: الاولى فرنسية يتولاها جان ايف لودريان، والثانية اميركية تعمل عليها مورغان اورتاغوس.

ووفقا للمصادر فان جدول الاعمال سيركز بشكل واضح على آلية التبليغ والتحقق، سرعة المعالجة وهو ما تسعى الجهات الراعية إلى تحويله من إطار شكلي إلى أداة ضبط فعالة، كما سيطرح دور الجيش اللبناني بوصفه الطرف الضامن على الأرض، لجهة توسيع هامش انتشاره جنوب الليطاني ، وتعزيز قدراته اللوجستية، تمهيدا لمرحلة ما بعد «اليونيفيل»، خصوصا مع اعلان المنطقة خالية من السلاح.

المصادر التي دعت الى عدم تجاوز ما يحمله الاجتماع من رسائل سياسية مبطنة تتخطى الجانب العسكري التقني، اكدت وجود مسعى جدي لتثبيت «خطوط حمراء» جديدة، تضبط وتحد من هامش المبادرة الميدانية، بما ينسجم مع الرؤية الأميركية ـ الأوروبية لمرحلة التهدئة، خاتمة بان اجتماع الجمعة ينظر إليه كمقياس لمدى قابلية لبنان للتكيف مع المبادرات الدولية، أكثر منه مجرد لقاء تنسيقي. فنتائجه ستحدد إذا كانت لجنة «الميكانيزم» ستبقى أداة إدارة أزمة مؤقتة، أم ستتحول إلى ركيزة دائمة في بنية الترتيبات الأمنية المقبلة، في لحظة لا تحتمل الخطأ ولا تحتمل التأجيل.

توتر الميدان

في المقابل تبقى التطورات الميدانية مصدر القلق الاكبر، مع عودة عمليات الاغتيال والتوغل، التي وصلت امس الى جدرا – سبلين الشوفية، مستخدمة صاروخ «ايه.جي.ام 114» المعروف باسم صاروخ «نينجا»، الذي لا يحتوي على جسم متفجر، سبق ان استعمل في غارة استهدفت سيارة في منطقة الكحالة، تزامنا مع رسائل اعلامية وسياسية، تضع لبنان امام خطر الانزلاق الى مواجهة التي يريدها، وسط معلومات متزايدة عن اتجاه اسرائيلي الى رفع وتيرة القصف جنوبا في الايام المقبلة، في ظل رفض «تل ابيب» تقديم أي تعهدات بوقف اعمالها العدائية، في اطار استخدامها الضغط الميداني كاداة لتحسين شروط التفاوض، وفرض وقائع على الارض.

ففي وقت تكثر فيه المخاوف من تجديد «اسرائيل» حربها على لبنان، رفعت «تل ابيب» من منسوب الضغط على لبنان، على مسافة أسبوعَين من انتهاء المرحلة الاولى من خطة الجيش لحصر السلاح، اذ رغم الحركة الديبلوماسية والاتصالات الجارية لمنع التصعيد، إلاّ أنّ الإعلام الإسرائيلي يواصل في انتهاج سياسة التهويل، وبأن الحرب على لبنان أصبحت حتمية في جولتها الثانية.

في هذا الإطار، نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن ديبلوماسيين قولهم ان اجتماع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو والموفد الاميركي توم برّاك ، «أسفر عن اتفاق لمواصلة الحوار بشأن لبنان»، فيما اعتبرت صحيفة «هآرتس» أن «الجيش الإسرائيلي يرى أن وتيرة عمل الجيش اللبناني ضد حزب الله، أقل من وتيرة إعادة بناء الحزب لنفسه»، لافتة إلى أن «الجيش الإسرائيلي يفهم أن الجيش اللبناني يواجه تحديات في الوصول لمخازن السلاح التابعة لحزب الله في المناطق الشيعية»، اذ بحسب الصحيفة فإنّ «التقديرات الإسرائيلية أن حزب الله لن ينزع سلاحه، لكنه لم يعد بمقدوره تنفيذ عمليات اقتحام واسعة لإسرائيل»، مضيفة أن «الجيش الإسرائيلي يدعي أن حركة حماس هي الأخرى تعمل في لبنان، وتسعى لإعادة التموضع وبناء قدراتها».

وبحسب مصادر ديبلوماسية، فإن هذه السياسة ستستمر، وهي تحظى بغطاء اميركي ضمني وغير معلن، فاذا كانت واشنطن لا تمانع الضربات الموضوعية وتبررها، الا انها تصر على ان تبقى مضبوطة ومحدودة في مكانها وزمانها، خاصة في غزة، في وقت أكد مسؤول في البيت الأبيض لمراسل «شمس» أن الولايات المتحدة «تدعم جهود «إسرائيل» للقضاء على التهديد الذي تُشكّله حماس وحزب الله»، وقال المسؤول «نظراً لفشل الجهود الديبلوماسية في نزع سلاح حزب الله في لبنان، وإذا رفض التراجع، يُعتبر العمل العسكري ضروريا، إذ يُشكّل خطرا مباشرا على «إسرائيل» وعلى الاستقرار الإقليمي»، مضيفا ان «القضية الأساسية تكمن في نفوذ إيران في المنطقة، ولن يتحقق سلام دائم في «إسرائيل» ولبنان وغزة، إلا بتفكيك الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.»

رئيس الوزراء المصري

على الصعيد السياسي، يتوقع ان يصل الى بيروت الخميس رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، في زيارة تستمر ليومين، وتكتسب اهمية بارزة من حيث التوقيت والشكل والمضمون، اذ تأتي بعد ساعات من اجتماع باريس، وعشية اجتماع لجنة الميكانيزم، وسط معلومات عن تفعيل السفير الاميركي ميشال عيسى لاتصالاته بسفراء «خماسية باريس» في بيروت.

مصدر مطلع، وضع الزيارة في سياق المسعى المتجدد لوقف التصعيد وسحب فتيل أي انفجار، خصوصا في ظل المخاوف الاقليمية والدولية من ان يؤدي أي تصعيد في لبنان الى اجهاض وقف اطلاق النار في غزة. وفي هذا الاطار كشفت المعلومات ان مسؤولا اميركيا رفيعا زار القاهرة خلال الايام الماضية، حيث عقد سلسلة من اللقاءات تناولت الوضع اللبناني، والتقدم الذي احرزته «الوساطة المصرية»، بعد نجاح ديبلوماسيتها في التواصل المباشر مع حارة حريك، مشيرا الى ان «زيارة رئيس المخابرات اللواء حسن رشاد كانت أمنية، ووزير الخارجية عبد العاطي ديبلوماسية، أما الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء فسياسية بامتياز».

رحال في عين التينة

والى الملفات الداخلية، وعشية دعوة البرلمان لجلسة عامة في ساحة النجمة الخميس، زار كبير مستشاري رئيس الجمهورية العميد اندريه رحال مقر الرئاسة الثانية، حيث التقى رئيس المجلس في اطار الزيارات التنسيقية الدورية التي يقوم بها، لمناقشة ومتابعة كافة الملفات السياسية والمؤسساتية، على ما تشير مصادر متابعة، مؤكدة ان اللقاء تطرق الى سلسلة من المواضيع ابرزها: مصير الجلسة النيابية العامة، زيارة قائد الجيش الى فرنسا، واجتماع لجنة «الميكانيزم»، الذي سيحمل اليه رئيس الوفد اللبناني السفير سيمون كرم، المسلمات اللبنانية التي اتفق عليها بين الرؤساء الثلاثة.

وتتابع المصادر الى ان النقاش تطرق ايضا الى ملف الانتخابات النيابية، حيث يحكى عن مبادرة لرئاسة الجمهورية بهدف اخراج الملف من عنق زجاجة التعطيل، وسط تأكيد الطرفين على ضرورة اجرائها ضمن المهل الدستورية المحددة.

مصادر نيابية كشفت انه في حال تعطيل جلسة الخميس، وهو المرجح مع اصرار المقاطعين على موقفهم، فسيكون انعقاد المجلس مؤجلا على الاقل لمدة شهر، قبل العودة إلى أي جلسات أخرى، ما يعني الوصول إلى مرحلة استنفاد الوقت، في ظل غياب أي قرار في شأن الاستحقاق النيابي، متخوفة من «وجود اتفاق ضمني بين الأطراف المعنية لتحقيق هذا الهدف».

تحركات كبيرة

وفي ظلّ استمرار الأزمة المعيشية وتآكل القدرة الشرائية، يعود ملف الرواتب والاجور إلى الواجهة، وسط مطالب متزايدة بإقرار حلول عادلة تضمن الحدّ الأدنى من الاستقرار الاجتماعي، حيث تحذر اوساط مطلبية من خطورة المماطلة في معالجة هذا الملف، مشيرة إلى أنه «من الآن وحتى رأس السنة ستكون هناك تحركات ضاغطة نتيجة تجاهل المطالب»، لافتة إلى «وجود تنسيق مع روابط القطاع العام تحضيراً لتحركات تحذيرية في المرحلة المقبلة»، معربة عن أملها في أن «تستدرك الحكومة هذا الملف قبل الوصول إلى تحركات لا يرغبون بالقيام بها».

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *