كتبت صحيفة “نداء الوطن”: ربما نجح الرئيس نبيه برّي أمس، في تأمين النصاب لانعقاد الجلسة التشريعية، لكن نجاحه هذا لم يتحقق إلا عبر ممارسة سياسية أقرب إلى الابتزاز الموصوف لبعض النواب. غير أن الأخطر من مجرّد تأمين النصاب، هو أن رئيس مجلس النواب لا يقيم وزنًا لا للدستور، ولا للنظام الداخلي للمجلس، ولا لحقوق النواب، ولا لصلاحيات الحكومة، ولا حتى لإرادة الشعب اللبناني، بمن فيهم المغتربون.
إن سلوك الرئيس برّي لم يعد مجرّد مخالفة إجرائية عابرة، بل بدأ يرتقي إلى مستوى انقلاب على النظام البرلماني والديمقراطية، من خلال تعطيل عمل المجلس والتحكّم بمسار التشريع وفق حسابات سياسية ضيقة.
منع تحويل البرلمان إلى رهينة
تقول مصادر لـ «نداء الوطن» اختار بري أن يكون عائقًا أمام اقتراحات القوانين ومشاريعها، محتجزًا إيّاها في أدراجه بلا أي مسوّغ دستوري أو قانوني. وبهذا الأداء، يصادر برّي حق النائب في التشريع، وحق الحكومة في اقتراح القوانين أو تعديلها، معطّلًا أحكام المادة 18 من الدستور اللبناني.
وتلفت المصادر إلى أنه أمام هذا الخلل الدستوري الفادح، فإن المرجع المخول معالجته وبحسب المادة 49 من الدستور، هو رئيس الجمهورية الساهر على احترام الدستور. وبموجبه يملك صلاحيات تتيح له مراقبة عمل مجلس النواب. وأمام هذه المخالفات الجسيمة والمتكرّرة، يصبح من المشروع، بل من الواجب، اتخاذ إجراءات ردعية لتصويب المسار، وحماية الدستور، ومنع تحويل البرلمان إلى رهينة في يد رئيسه.
الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي قاطعها تكتل الجمهورية القوية وكتلة الكتائب وكتلة تحالف التغيير وبعض المستقلين استدعت ردًا من رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان، من داخل مجلس النواب أعلن فيه أن تكتل الجمهورية القوية لا يقاطع التشريع ومجلس النواب، إنما الممارسة الخاطئة التي تجرى في المجلس، وقال: «ما نقوم به هو لعدم تعطيل عمل الحكومة التي نحن جزء منها وحرصًا على العهد وسنتصدى بكل ما أوتينا من قوة لأي رهان على تطيير الانتخابات النيابية».
وأقر المجلس في جلسته أمس 7 مشاريع قوانين محالة من الحكومة أبرزها اتفاقية قرض مع البنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع المساعدة الطارئة للبنان من أجل إعادة إعمار البنى التحتية جراء الحرب. كما أقر عددًا من الاتفاقيات، إضافة إلى القانون الذي أعاده رئيس الجمهورية والمتعلق بتنظيم القضاء العدلي ومشروع الإدارة المتكاملة للنفايات.
حصرية السلاح
من انقلاب ساحة النجمة إلى انفراج مبدئي ومشروط رشح عن الاجتماع التحضيري الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس وأفضى إلى اتفاق لعقد مؤتمر في شباط المقبل يهدف إلى دعم الجيش اللبناني من دون تحديد مكان انعقاده.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية باسكال كونفافرو إن محادثات الخميس التي حضرها ممثلون عن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية وقائد الجيش اللبناني رودولف هيكل ركزت على كيفية إظهار إحراز تقدم ملموس في ما يتعلق بنزع سلاح «حزب الله» ووضع اللمسات الأخيرة على خارطة طريق لتمكين آلية لنزع سلاح «الحزب».
وفي بيانها، أفادت الخارجية الفرنسية بأن هدفها في لبنان تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وهو يشمل نزع سلاح «حزب الله»، مضيفةً أنه «إذا كانت هناك حاجة لتأخير الموعد النهائي لنزع سلاحه، فسنناقش الأمر مع أطراف الاتفاق».
وفي السياق، التقى قائد الجيش رودولف هيكل في باريس نظيره الفرنسي فابيان ماندون، حيث تم التشديد على الهدف المشترك في الحفاظ على الاستقرار والسلام الدائم واحترام سيادة لبنان.
مصدر دبلوماسي قال لـ «نداء الوطن» إن «الاجتماع الرباعي في باريس شكّل مناسبة لعرض تفصيلي وشامل لحاجات الجيش اللبناني انطلاقًا من رؤية واضحة تعتبر أن تمكين المؤسسة العسكرية هو الشرط الأول لتمكين الدولة من بسط سيادتها على كامل أراضيها».
وقدّم الجانب اللبناني عرضًا دقيقًا لنقص العديد والعتاد والتجهيزات، وللأعباء المتزايدة التي يتحملها الجيش في ظل تعدد المهام واتساع رقعة الانتشار، وسط أزمة مالية خانقة تحدّ من قدرته على الاستمرار بالوتيرة نفسها من دون دعم خارجي منظم ومستدام.
ولفت المصدر إلى أن «ممثلي واشنطن وباريس والرياض شددوا خلال الاجتماع على موقف موحد لا لبس فيه، يقوم على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، باعتباره الركيزة الأساسية لأي استقرار مستدام وأي دعم دولي طويل الأمد. وقد أُبلغ الجانب اللبناني بوضوح أن هذا المبدأ بات شرطًا عمليًا ستُقاس على أساسه الخطوات المقبلة».
وفي هذا الإطار، جرى التطرق إلى عقد مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني، حيث تم تحديد موعد مبدئي في شباط المقبل، على أن يبقى هذا الموعد مرتبطًا بشكل مباشر بمدى تحقيق خطوات عملية وجدية على صعيد نزع السلاح غير الشرعي وحصره بيد الدولة. وأكد المصدر أن «الدول الثلاث أرادت من هذا الربط توجيه رسالة واضحة مفادها أن الدعم لن يكون مفتوحًا أو غير مشروط، بل سيأتي نتيجة مسار إصلاحي وأمني ملموس على الأرض».
وأشار المصدر الدبلوماسي إلى أن «المساعدات المرتقبة، سواء المالية أو اللوجستية، ستُربط بشكل صارم بالإنجازات الميدانية التي يحققها الجيش، وبمدى مساهمتها الفعلية في بسط سلطة الدولة على جميع الأراضي اللبنانية».
«الميكانيزم»… اختبار حقيقي
توازيًا، تكتسب الجلسة الثانية للجنة «الميكانيزم» بحضور السفير سيمون كرم الذي يترأس الوفد اللبناني داخل اللجنة، أهمية كونها تشكّل محطة للانتقال من اختبار النيات إلى اختبار القدرة على الالتزام. ففي الاجتماع الأول جرى تثبيت الإطار العام، أما اليوم فتوضع الملفات الخلافية على الطاولة، من تطبيق اتفاق 27 تشرين الثاني 2024، إلى آليات تنفيذ القرار 1701، وصولًا إلى مسألة حصر السلاح جنوب الليطاني وانتشار الجيش اللبناني.
وعلقت مصادر بالقول: «حضور السفير سيمون كرم لا يعبّر فقط عن تمثيل رسمي للدولة اللبنانية، بل عن اختبار حقيقي لمدى استقلالية القرار التفاوضي، وحدود السقوف السياسية المفروضة عليه، وما إذا كان لبنان قادرًا على التفاوض كدولة ذات سيادة».
وفي السياق، أعلن الصحافي باراك رافيد، أن إسرائيل سترفع مستوى مشاركتها في المحادثات المباشرة مع لبنان. إذ سيشارك نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، يوسي درازنين، في اجتماع اليوم. وكان يوري ريسنك من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي قد شارك في اجتماع «الميكانيزم» الاول بحضور السفير كرم. وأشار رافيد إلى أن الاجتماع سيركز رسميًا على التعاون الاقتصادي على طول الحدود، لكنه يهدف بشكل غير رسمي إلى محاولة منع استئناف الحرب.
مدبولي في بيروت
على خطّ الحراك الدبلوماسي، وصل رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أمس إلى بيروت في زيارة رسمية تستمر ليومين، يلتقي في خلالها الرؤساء الثلاثة لاستكمال البحث في المساعي الجارية لمنع أي تصعيد إسرائيلي واسع ضد لبنان. وتأتي زيارة مدبولي على وقع الجهود التي تبذلها مصر على كل المستويات مع كل الأطراف الدولية والإقليمية المعنية، والاتصالات التي تجريها مع إسرائيل وإيران والولايات المتحدة لتجنيب لبنان تصعيدًا عسكريًا إسرائيليًا محتملاً.
البيطار يعود خالي الوفاض
قضائيًا، عُلم بأن مالك سفينة روسوس إيغور غريشوشكين الموقوف في بلغاريا رفض الإدلاء بإفادته أمام المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، ولم يجب على أي سؤال، على أن يعود البيطار إلى بيروت اليوم.
وزارة الإعلام اللبنانية