بدأ وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن زيارته الرسمية إلى العاصمة الإيطالية روما بترؤس وفد لبنان إلى الاجتماع التقييمي الإقليمي الرابع لدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا حول تمكين القدرات، لا سيّما إمكانات المرأة، في مسار التنمية الاقتصادية المستدامة. وتنظّم اللقاء منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) بالتعاون مع وكالة التنمية الايطالية للتعاون الدولي. وشاركت وفود من الأردن ومصر وفلسطين والمغرب وتونس والجزائر، الى مديرة الوكالة الايطالية للتعاون الدولي لورا فريغانتي، والمشرفة على البرنامج في يونيدو مونيكا كاركو. مع العلم أن مشاركة الوزير الحاج حسن تلبية لدعوة المدير العام للمنظمة الدولية لي يونغ.
ضمّ الوفد اللبناني القائم بالأعمال في السفارة اللبنانية كريم خليل، المدير العام للوزارة داني جدعون ومستشار الوزير المهندس محمد الخنسا والمستشار الاعلامي في الوزارة جوزيف المتني والمسؤول عن برامج التواصل مع يونيدو في الوزارة المهندس بيار عمران. كما شارك الممثل الاقليمي للمنظمة في لبنان كريستيانو باسيني.
الوزير الحاج حسن
وألقى الوزير الحاج حسن كلمة جاء فيها: “يشرّفني ويسعدني أن ألبّي دعوة سعادة المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية ( يونيدو ) السيد لي يونغ للمشاركة في الاجتماع التقييمي الاقليمي الرابع Steering committee meeting لدول الشرق الأوسط وشمال افريقيا( MENA REGION ) حول تمكين القدرات ولا سيما المرأة في مسار التنمية الصناعية المستدامة.
أنوّه أيضاً بالحكومة الايطالية الصديقة ووكالة التنمية الايطالية للتعاون الدولي التي ينعقد هذا الاجتماع بالتعاون بينها وبين يونيدو. أحيّي الوفود المشاركة من مصر والاردن وفلسطين ولبنان والمغرب وتونس. أرى أن وجودنا هنا اليوم يدلّ على تمسّكنا بالحوار والتواصل والانفتاح لما فيه خير شعوبنا ومجتمعاتنا. قبل أقلّ من شهر، احتفل سكّان الأرض بيوم المرأة العالمي. وفي لبنان، احتفلت وزارة الصناعة أيضاً مع يونيدو في هذه المناسبة بتكريم المرأة اللبنانية المثابرة والرائدة في مجال الأعمال. اغتنمت الفرصة حينها وأجدّدها الآن لتوجيه تحيّة اكبار واجلال لأمّهاتنا وشقيقاتنا وزوجاتنا وبناتنا، وإلى كلّ امرأة بكت وتقهقرت وتألّمت باستشهاد ابن أو زوج أو شقيق أو حبيب لها في صفوف الجيش اللبناني والمقاومة الباسلة ضدّ العدوّ الاسرائيلي أو بمقاتلة الفكر التكفيري الظالم والمتوحّش الذي يقتل ويشرّد ويغزو من دون تفرقة بين جنس أو عرق أو دين. نحن نعي تماماً في لبنان دور المرأة المركزي والمحوري في المجتمع، حيث المرأة اللبنانية متقدّمة جداً على صعيد الدور والمكانة والنشاط. وهي قطعت أشواطاً كثيرة في مجالات الحرية الفردية والسياسية والقانونية والادارية والتملّك والمساواة والعمل في ظروف قد تكون في بعض الأحيان أفضل من الظروف التي تواجه الرجل.
في لبنان، ومع تأليف الحكومة الجديدة في شهر كانون الأول الماضي، تمّ استحداث وزارة لشؤون المرأة. وهذه خطوة تصبّ في إطار التوجّهات الرسمية النيابية والحكومية والمجتمع المدني الهادفة إلى تصحيح أي مكامن خلل لا زالت تؤثّر سلباً على تطوّر المرأة. يبقى العمل إذاً على صعيدين: الأول سنّ التشريعات الجديدة لتكريس الكوتا النسائية في المجلس النيابي وفي الحكومة والثاني على صعيد التنشئة الاجتماعية المترافقة. وفي هذا المجال، فإننا نرحّب بأي مشاريع تعاون مستقبلية من أجل تثبيت مكانة المرأة في المجتمع اللبناني واشراكها في البرامج التنموية المستدامة، وذلك بالتعاون والتنسيق بين وزارة الصناعة ويونيدو والحكومة الايطالية والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية.
لقد برهنت المرأة اللبنانية عن قدرات فائقة في مجال العلم والتكنولوجيا والابداع والخدمات والسياحة والمصارف والصناعة، وغيرها من وظائف وأدوار في القطاعين العام والخاص. وفي احتفال تكريم المرأة اللبنانية الرائدة، نوّه سعادة السفير الايطالي في لبنان ماسيمو ماروتي بتضحيات المرأة اللبنانية الكبيرة من أجل النهضة والاستقرار والحداثة. وهذا الأمر ينعكس ايجاباً على الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان.
يبقى أن أؤكّد على موقفي بأنه يجب ألا يأخذ أي دور اقتصادي أو هدف مرحلي أو طموح مستقبلي دور المرأة الأساسي في الأسرة، والتربية، والرعاية، وتنشئة عائلاتنا وأبنائنا والسهر عليهم وعلى مستقبلهم. هذا الدور الأساسي والمحوري هو الذي يشكّل الثروة ويبني المجتمع. وهو يكمّل دورها والأهداف التي رسمتها لنفسها والتي تطمح إليها على صعيد تمكينها اقتصادياً. فما النفع من تحقيق المرأة ذاتها في ظلّ عائلة مفكّكة ومجتمع متداع؟ هنا يأتي التفاهم بين الرجل والمرأة، في ظلّ رعاية الدولة، على ايجاد الصيغة الملائمة أو العقد الاجتماعي الضروري لتأمين هذه المعادلة والتوفيق بين عناصرها.
الحضور الكريم،
في ظلّ الأزمات الاقتصادية المتفاقمة في أنحاء العالم، ولا سيّما في لبنان ودول منطقتنا المضطربة أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، يبقى التحدّي الأكبر أمام المرأة هو ايجاد فرصة عمل. وهو التحدي نفسه الذي يواجهه الرجل. ويتحدّث المجتمع الدولي عن ارسال مساعدات إلى لبنان مقابل تأمين فرص عمل للنازحين السوريين. فكيف للبنان أن يمتثل لهذا الطلب وهو عاجز عن توظيف اللبنانيين أنفسهم؟ هذه هي المعضلة التي تواجه الرجل والمرأة في لبنان على السواء.
إننا إذ نشكر المجتمع الدولي على مساعداته للبنان وهي ليست بمقدار الالتزامات التي قدّمها لا بل لا تشكّل إلا نحو 10% ممّا تعهّد به، نطالب بأن تأخذ هذه المساعدات منحى جديداً يقوم على دعم مسار اقتصادي لبناني عام يتمثّل بحلقة مترابطة بين فتح الأسواق الخارجية أمام تصدير المنتجات اللبنانية تمهيداً لايجاد بيئة حاضنة للاستثمار ومضاعفة الانتاج وتأمين فرص العمل.
إن الهدف الرئيسي الذي نعمل عليه حالياً هو رفع الصادرات الى مختلف الدول العربية والاوروبية وتركيا والصين واميركا اللاتينية وتخفيض الواردات منها لتخفيف المخاطر الجاثمة على الاقتصاد الوطني، وبالتالي تخفيض العجز في الميزان التجاري.
وأدعو يونيدو والدول الاوروبية الصديقة إلى مساعدتنا بالمبادرة إلى إزالة العوائق التجارية المتمثلة خصوصاً بشهادة المنشأ وهي غير مرتبطة بالمواصفات والمعايير، لأن المنتجات اللبنانية تتمتّع بالجودة العالية وتنافس حالياً في الأسواق العالمية بفضل هذه الجودة.
الوضع الاقتصادي في لبنان صعب جدّاً على الرجل وعلى المرأة وعلى المجتمع اللبناني ككلّ، في حال لم يتمّ تدارك الأمر بسرعة.
ولكن كلّنا أمل بأننا سنمرّر هذه المرحلة العصيبة بتضافر جهود اللبنانيين في ما بينهم ومع قوى الانتشار اللبناني ومع الدول الشقيقة والصديقة”.