على الحافة بين الأمل والفراغ، يسير مركب التشاور الانتخابي بخطى متسارعة غير متسرّعة خشية الانزلاق عن سكة التوافق المنشود على صيغة القانون العتيد. وكما في كل سباق مع الوقت تتفاوت التقديرات وتحتدم المراهنات حول ما ستحمله أمتاره الأخيرة من نتائج، لا تزال بورصة التوقعات حيال مآل السباق الانتخابي متأرجحة صعوداً وهبوطاً مع دخوله مضمار الربع الساعة الأخير وفق توقيت الخامس عشر من أيار، ليسود «التفاؤم» حيناً و«التشاؤل» أحياناً ربطاً بما يرشح من معلومات ومعطيات عن آخر المستجدات على ساحة الاجتماعات والقنوات المفتوحة بين مختلف الأطراف، وحتى انجلاء الخيط الأبيض من الأسود في فضاء القانون الانتخابي يبقى الترقب سيّد الموقف وتبقى الأزمة معلّقة على حبل مشدود يترنح بين ضفتي الانفراج والانفجار.
وفي آخر المعلومات الانتخابية، كشفت مصادر المجتمعين في وزارة الخارجية أمس لـ«المستقبل» أنّ الاجتماع الذي جمع الوزير جبران باسيل والنائبين جورج عدوان وغازي العريضي إلى جانب كل من مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء، نادر الحريري، ومعاون الأمين العام لـ«حزب الله»، حسين الخليل، تخلله نقاش صريح وواضح أدلى فيه كل فريق بدلوه الانتخابي ووضع طرحه على الطاولة في محاولة لحصر نقاط الاختلاف الجوهرية بين مختلف هذه الطروحات أملاً بالتوصل إلى تصور وطني موحّد يبدد الهواجس المختلفة ويحقق مبدأ حُسن التمثيل.
لكن، وفي حين لفتت مصادر أخرى إلى كون البحث يتركز حول ثلاث صيغ انتخابية، صيغتين للمشروع التأهيلي وأخرى تقوم على مشروع «المجلسين النيابي والشيوخ» الذي لا تزال حظوظه مرتفعة حتى الساعة، عادت فتصاعدت خلال ساعات المساء أجواء تشاؤمية من عين التينة نقلها زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«المستقبل» وعبّروا فيها عن تطورات دارماتيكية دفعت بري إلى «تعليق مشاركة الوزير علي حسن خليل في اجتماع وزارة الخارجية وسائر الاجتماعات الانتخابية التشاورية حتى إشعار آخر».
وفي التفاصيل، روى زوار بري أنه «وبعدما كان قد تلقى أجواء إيجابية من كل من رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس الوزراء سعد الحريري حيال مشروع قانونه الرامي إلى إنشاء مجلس شيوخ مقابل انتخاب مجلس نيابي وفق النظام النسبي، عاد فتفاجأ بتبلغه من خليل أنّ باسيل أرسل إليه «فاكس» أمس يتضمن مشروعاً مغايراً لإنشاء مجلس للشيوخ ينسف فيه معظم صلاحيات المجلس النيابي ويجيّرها لصالح هذا المجلس». وعلى الأثر، يضيف الزوار أنّ بري انتفض ممتعضاً وقال: «شو عم نلعب هيدا مش شغل»، ليوعز في ضوء ذلك إلى وزير المالية بتعليق مشاركته في الاجتماعات التشاورية، مضيفاً: «يريدون اللعب على حافة الهاوية أنا حاضر، يريدون تطيير مجلس النواب والحكومة فليكن ولنذهب إلى مؤتمر تأسيسي حتى وإن كنتُ شخصياً غير راغب فيه».
ولاحقاً، علمت «المستقبل» أنّ العريضي زار عين التينة موفداً من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط وأعلم بري أنّ «الحزب التقدمي الاشتراكي» أبلغ كل الأفرقاء موقفه «الرافض لكل المشاريع الانتخابية المطروحة، مع التشديد على اعتبار السبيل الوحيد المؤدي إلى تفادي الفراغ التشريعي يكمن في إجراء الانتخابات النيابية وفق القانون النافذ في حال عدم التوصل إلى قانون توافقي بديل».
وكان رئيس «التيار الوطني الحر» قد صعّد أمس من حدة موقفه الانتخابي قائلاً خلال حفل غداء للتيار: «وضعنا أكثر من عشرين قانوناً على الطاولة فلا يمكن ألا يتم اعتماد واحد منها، إلا إذا كان الهدف هو التمديد»، وأردف: «تحمّلنا سنتين ونصف السنة من الفراغ حتى تعود الميثاقية إلى موقع الرئاسة، وهذه الميثاقية لا تكتمل فقط في الحكومة بل أيضا في المجلس النيابي»، ليختم متوجهاً إلى كوادر تياره: «كونوا جاهزين بقانون أو بلا قانون، بالتصويت في صندوق الاقتراع أو بالنزول إلى الشارع، ليس هناك تمديد بل قانون انتخابي جديد».