عقد رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الاولى من بعد ظهر اليوم مؤتمراً صحفياً في عين التينة حضره عدد من وزراء ونواب كتلة التنمية و التحرير ونقيبا الصحافة والمحررين عوني الكعكي و الياس عون وعدد من اعضاء النقابتين ورئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ ومدير عام وزارة الإعلام حسان فلحة ومديرة الوكالة الوطنية للإعلام لور سليمان وحشد كبير من رؤساء التحرير ورجال الصحافة والأعلام المحلي و العربي والأجنبي.
وإستهل الرئيس بري مؤتمره الصحافي مرحباً بالحضور “ولأكثر الأصدقاء واقل الأعدقاء” .
وقال: في اليومين الاخيرين نشهد ضجة كبيرة لأن رئيس المجلس النيابي حدد جلسة في 5 حزيران، هجمة كبيرة بشكل نسوا فيها عدوان 5 حزيران الاسرائيلي. ويكاد هذا الموضوع يخيم على هذه الذكرى وغيرها وهو القول بأن الرئيس بري خالف الدستور، وكلام من هذا القبيل. طبعاً سأقول بعض الامور وبصراحة واقعية .
أولاً بالشكل: اليوم كان يفترض ان تكون جلسة مجلس النواب في هذا الوقت، وطبعا لم نصل الى إتفاق على قانون الإنتخاب وخشية من ان يحصل تمديد حرصنا على عقد الجلسة اذا ما كان هناك قانون انتخاب. وصلت الى يوم الجمعة مساء ولم يكن هناك تباشير خير حول قانون جديد، وانا لا استطيع ان اثبّت الجلسة الا قبل 48 ساعة حسب الاصول في النطام الداخلي. طبعا عندها اجريت اتصالا بفخامة رئيس الجمهورية واطلعته على هذا الامر. كما عقدت اجتماعا مع النائب جورج عدوان ووافقت على قانون الدوائر الخمسة عشر بعد ان كنت ارفض هذه الصيغة ، وذلك في محاولة لتقريب وجهات النظر وتقدمنا بكذا وكذا. وقد رحب الاستاذ عدوان بهذا الموقف مبدياً اغتباطه لهذا التطور. وقلت له انه بالنسبة للدورة الاستثنائية انا لن اؤجل الآن الجلسة المقررة الاثنين (29 أيار) الا اذا جرى فتح الدورة، ولا بد من تعليق الجلسة. وبعد شرح هذه الامور قال لي نعم اتكلنا على الله وسأتكلم مع الرئيس سعد الحريري في هذا الموضوع. وبادرت انا للإتصال بالرئيس الحريري وقلت له انني تكلمت مع فخامة الرئيس كذا وكذا وسيتصل بك واتمنى ان يأتيني مرسوم فتح الدورة الاستثنائية اليوم قبل الغد. وقال لي الرئيس الحريري هل اقوم بصياغة المرسوم واوقعه وارسله الى رئاسة الجمهورية ؟ فقلت له لا، فلتتشاور مع فخامة الرئيس اولا فاذا قال لك نعم ترسله عند ذلك، وهذا ما حصل. ثم ارسل الرئيس الحريري عند التاسعة مساء خبراً يفيد انه ارسل مشروع المرسوم الى فخامة الرئيس، ولم يصلني المرسوم ليلا او صباحا وحتى ظهر يوم السبت لم يصلني اصبحنا في مهلة الثماني والاربعين ساعة. وفي الاساس كان لدي ثلاثة طروحات لموضوع الجلسة :
– الطرح الاول هو الدورة الاستثنائية ، فخير البر عاجله وهذا اسهل الامور .
– الطرح الثاني ، وفقاً لنص الدستور ان يوقع الاكثرية المطلقة من مجلس النواب وفقاً للمادة 33 من الدستور ، عندها على الحكومة والسلطة التنفيذية ان تفتح دورة استثنائية .
– الطرح الثالث سأضطر ان اقوله . في الاساس دستوريا هل يحق لرئيس مجلس النواب ان يدعو الى جلسة من دون فتح دورة استثنائية سواء بمرسوم او بعد توقيع الاكثرية المطلقة وصدور المرسوم ؟ الجواب لا . ولكن انا لجأت الى الطرح الاول ولكي لا اخلق مشكلاً بالطلب الثاني نتيجة الوعد بالطلب الاول لجأت الى الطرح الثالث الذي كنت لا اريد ان اقوله وهو ما يلي : لماذا لم يتم توقيع مرسوم فتح الدورة الاسثنائية الآن ؟ العلم عند الله . ما فهمته من الرئيس عون والرئيس الحريري ايضا ان المرسوم على الطريق ، فاذا كان الذي يشاع هو ان هذا هو في سبيل الضغط على المجلس النيابي لكي يقر قانون الانتخاب ، فان المجلس النيابي حاول ويحاول ولم يتوقف . وللتذكير لمن يحب التذكر فإن الحوار الوطني الذي دعوت له في عين التينة كان له جدول اعمال، وقلنا لهم على قياس الدوحة فالنتفق على موضوع قانون الإنتخاب ونبدأ بالترتيب بإنتخاب رئيس الجمهورية ولو سمعوا مني لما كنا وصلنا الى هذا الوضع. ” قللّو جدي كان يعدّل الميلي، فقللّو كان يعدّلها قبل ما تميل”، كنا عدلناها قبل ان تميل هكذا. هذا الكلام لا ينطبق على المجلس النيابي، فلا احد يستطيع ان يفرض شيئاً على المجلس إلا الشعب اللبناني فقط لا غير.
ما هو الموضوع الذي وجدت نفسي ملزماً باللجوء إليه؟ اريد ان اشير الى المادة 59 من الدستور، ففخامة الرئيس مشكوراً إستعملها لأول مرة منذ الإستقلال، فقد أستعملت سابقاً في زمن الإنتداب، واستعملت في لبنان و فرنسا. وهي تنص حرفياً على ما يلي: “لرئيس الجمهورية تأجيل إنعقاد المجلس الى امد لا يتجاوز شهراً واحداً وليس له ان يفعل ذلك مرتين في العقد الواحد”. ومن قراءة الدستور اللبناني لاسيما المواد التي لها علاقة بإنعقاد المجلس و الدورات و غير ذلك، وفي ضوء دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة الذي استوحينا من مواده الدستور اللبناني يتبين ما يلي:
اولاً: الفقه و اللغة والقانون لا يوجد معنى واحداً لكلمة تأجيل إلا تأخير مدته، فعندما نأجل موعداً فإن ذلك يعني ان هناك موعداً اخر. إن معنى كلمة تأجيل هو تأخير، فإذا ما انقضت هذه المدة المأجلة يعود للمجلس النيابي للإنعقاد فيستمر المجلس بالإنعقاد حكماً لتعويض الفترة التي أجلت. بمعنى ان هذا دينٌ تبقى للمجلس قائمة دائماً بدليل اولاً انه لو اراد المشترع الدستوري تقصير مدة الإنعقاد لإستعمل كلمة إختصار او الإنتهاء او التقصير او او الى اخره.
ثانياً: في فرنسا تطورت النصوص الدستورية بإتجاه التأكيد على ان دور الإنعقاد هو حق دستوري لا يجوز إلغائه او تقصير مدته. عندما يرد نص بالدستور عندها لا تستطيع ان تقصر مدته او تنقصه إلا بموجب نص دستوري اخر. وفي بداية الجمهورية الثالثة استشهد بالعالم بيير اوجيه الذي يذكر في كتابه “الوسيط في القانون السياسي و الإنتخابي و البرلماني” واقعتين: الاولى عام 1899 و الثانية عام 1901، في المرة الاولى كان البرلمان في دورته العادية وانتخب برلمان جديد في فرنسا قبل إنتهاء الدورة ب 15 يوم، ومع انه برلمان جديد اعتبر ان لديه في ذمة السابق خمسة عشرة يوماً، وإنعقد من دون دورة إستثنائية ومن دوء شيئ واكمل الخمسة عشرة يوماً. فإذا كان بالإمكان لبرلمان جديد ان يكمل السابق دون حاجة لمرسوم إستثنائي فالأحرى يحق للبرلمان القائم الذي لا يزال قائماً حتى الآن ان يكمل هذه المدة ويستفيد منها. وقد تطورت هذه الحالة في فرنسا مع إنتهاء ولاية المجلس النيابي السادس في 31 ايار 1898 حيث اكملها المجلس السابع. اما الثانية فتؤكد ان المدة الدستورية للإنعقاد 5 اشهر وفي لبنان نحن ايضاً 5 اشهر لأننا نأخذ من نفس القانون. نحن نبدأ العقد العادي الاول في النصف الثاني من اذار الى نهاية ايار اي شهرين و نصف الشهر و نبدأ من الصف الثاني من تشرين الاول العقد الثاني و ينتهى في نهاية العام اي شهرين و نصف ايضاً و المجموع خمسة اشهر. فلا يحق للسلطة التنفيذية ان تختصرها بمرسوم، بينما هي حق دستوري، بمعنى ان البرلمان يستمر لإنها دوراته المحددة.
وقد اخذ في لبنان من الدورة العادية الدستورية شهرٌ، لذا سمحت لنفسي بكل بساطة وبعد ان حاولت بالامر الاسهل ان اعين الجلسة تلافياً لأي اشكال مع فخامة الرئيس الذي اقدر و احترم، ولكن كلانا على ما اعتقد لا نبيع ولا نشتري وسأحاول بكل جهدي ويعرف الجميع مدى التعاون الذي احرص عليه الإبتعاد عن الستين و التمديد والفراغ الذي هو غير وارد لا عندي ولا عند غيري، وايضاً عن كل ما هو طائفي او مذهبي في قانون إنتخاب اي قانون إنتخاب على الإطلاق. والدليل هو اني بعد رفض لقانون ال15 دائرة، الذي سمى بقانون بكركي و في الحقيقة هو احد سنابل الوزير مروان شربل في حكومة الرئيس ميقاتي، عدت و اخذت المبادرة انا شخصياً وإتصلت بالاستاذ جورج عدوان الذي اعاده وقلت له انني اقبل به، وبالتالي فإن احدى الصحف التي احترمها و اقدرها ذكرت اليوم ان نبيه بري يرفض بسبب اصوات جزين، لا فجزين موجودة ومازالت “بعدها لحالها”. على كل حال رغم القبول بدأت الشروط وكان الشرط الاول هل ستكون المناصفة مؤكدة فأجبنا نعم بالتأكيد وقلنا انه حتى لو اقتضى ان يوضع نص دستوري فلا مانع لدينا ففي لبنان لا يوجد عدٌّ، هناك نصفٌ مسيحيون و نصفٌ مسلمون، وإذا كان هناك من لديه نية غير ذلك علماً انه لا يوجد، عليهم ان ينظروا ما يجري في المنطقة لان ما يجري يجعلنا نتمسك اكثر بالمسيحيين. وقالوا لنا انه يوجد صوت تفضيلي مع العلم ان الدوائر زادت واصبحت 15 وكثير منها اصبح عبارة عن اقضية فقط ولم يعد له قيمة هذا الموضوع اي الصوت التفضيلي، ومع ذلك فإن هذا لا يشكل مانعاً للقانون مع العلم ان لا ضرورة له ابداً شرط ان ينحصر بالطائفة او بالمذهب.
ثالثاً: اما موضوع نقل النواب، فهذا امر مرفوض اصلاً شكلاً واساساً، فإذا كنا نستطيع ان نقوم بتوزيع اكثر للنواب فإن ذلك من الافضل للبنان. اما نقل النواب فهو فرزٌ مقلد لمشاريع التقسيم القائمة في المنطقة. واكثر من ذلك اقول ان هذا الامر سيصبح اذا ما سرنا به باباً ومنفذاً لطوائف اخرى من اجل المطالبة به ايضاً، فالشيعي مثلاً سيطالب بنقل هذا المقعد او ذاك و هنا لا اقصد كما قالوا بيروت، فكل الناس موجودة في بيروت وبيروت هي دائماً قلعة لبنان التي تعطي الوطن. وايضاً يأتي الدرزي واي طائفة اخرى و تطالب بنقل مقاعد، فإذا دخلنا في مثل هذا الموضوع لا نستطيع ان نخرج منه. لذلك علينا ان نشطب هذا الموضوع من القاموس.
رابعاً: هذا الكلام الذي اتفقت بشأنه مع الاستاذ جورج عدوان، وعلى كلٍ انا بإنتظار القرار النهائي لكتلة التغيير و الإصلاح لمتابعة النقاش حول نقطتين لم نتطرق لهما مع الاستاذ عدوان بإنتظار موقف الكتلة هما: العتبة الوطنية و طريقة احتساب المقاعد. حتى ذلك التاريخ وإن شاءالله يكون في 5 حزيران القانون جاهز ونترك الامور للمجلس النيابي.
اسئلة واجوبة
وسئل: عندما تتكلم عن فتح ابواب مجلس النواب مستنداً الى تفسيرات وامثلة الا تكون تدفع بإتجاه رفع السقف و تهاجم رئيس الجمهورية؟
اجاب: بالطبع لا، اولاً تأكدي تماماً ان فخامة رئيس الجمهورية حريصاً على الدستور مثلما انا حريص عليه لا بل قد يكون اكثر. هذا نص دستوري ليس له علاقة بالصلاحيات ، يحكمنا دائماً الدستور . رحم الله امرىء عرف حدّه فوقف عنده. يحكمنا الحد الذي هو الدستور والكتاب .
ورداً على سؤال قال : كنت حريص دائماً على الترحيب ان يحصل اي نشاط او شيء في الساحة امام المجلس او حتى في باحة المجلس. وفي ذات يوم مع الاسف الشديد في زمن الرئيس الشهيد رفيق الحريري حصلت اساءة كبيرة من بعض المعتصمين في الخارج، ومنذ ذلك التاريخ اتخذت قراراً بأن تكون النشاطات والاعتصامات والتحركات في ساحة رياض الصلح مع الترحيب بأي وفد ينبسق عنها بالمجيء الى المجلس ليطرح ما عنده .
ورداً على سؤال قال : اليوم اوردت جريدة النهار ، التي انتسب اليها كقارئ، انني اقف ضد قانون ال 15 لان القانون يبعد اصوات الشيعة عن اصوات المسيحين في جزين. هذا غير صحيح فطول عمرها جزين لحالها والان بالعكس زاد عليها اصوات الشيعة في صيدا.
ورداً على سؤال قال : ليس المطلوب ان ننتظر الى اليوم الاخير فالانتظار الى اخر يوم هو خطر كبير لماذا؟ لانه لا سمح الله وصلنا الى 19 حزيران من دون استعمال المادة 59 ودعا فخامته للانتخاب وهذا حقه علينا ان نأخذ بالتفسير الذي يعتبر كأن الفراغ محل حل المجلس. فاذا لسبب ما لا سمح الله امر ما في لبنان اوقف الانتخابات ماذا نفعل؟ نذهب الى مصيبة حقيقية. بينما اذا كان يوجد فرصة اسبوع او اسبوعين فبامكان المجلس وفقاً للدستور ان يعود لمتابعة الامور المتبقية وبعد اسبوع يستطيع رئيس المجلس ان يدعو الى جلسة وتقر حلاً بأن الإنتخابات مثلاُ بعد شهر او شهرين.
ورداً على سؤال حول التمديد لسنة قال الرئيس بري: لا، ليس من الضروري التمديد لسنة فاللبناني ليس بحاجة لان يتعلم من احد فهو يستطيع ان يتعلم بسرعة (الامور المتعلقة بالقانون الجديد) وبكل سهولة بعد ثلاثة او اربعة اشهر وتجري الإنتخابات.
سئل: اذا لم يحصل الإتفاق بسبب موضوع نقل المقاعد هل سيبقى موعد 5 حزيران قائماً لم ستدعو الى جلسة ثانية؟
اجاب: اذا فتح فخامة الرئيس دورة استثنائية فإنني اوفر الوقت الذي لي لما بعد واذا لا فسأدعو الى جلسة اخرى. واذا حصل اصرار على هذه النقطة (نقل المقاعد) لا اسير بالقانون.
ورداً على سؤال عما اذا كان ما نشهده من كلام لرئيس الجمهورية ولك هو على طريقة اشتدي يا ازمة تنفرجي، اجاب: لما تصرون على خلق مشكلة بيني و بين فخامة الرئيس؟ لمعلوماتكم انه خلال الاتصال الذي اجريته مع فخامته قلت له ان هناك محاولات مضنية للإيقاع بيني و بينك. ما كان قبل الإنتخابات هو غير ما بعدها، وهذا الكلام إتفقت انا وفخامة الرئيس عليه بعد الإنتخابات مباشرةً في المجلس النيابي.
من جهة ثانية إستقبل الرئيس بري بعد ظهر اليوم في عين التينة الوفد الذي كلفه بزيارة الولايات المتحدة الأميركية ويضم: النائبين ياسين جابر و محمد قباني و المستشار الإعلامي للرئيس بري علي حمدان و السفير انطوان شديد.
وقد اطلع من الوفد على المحادثات التي اجراها مع عدد كبير من المسؤولين الأميركيين حول الإجراءات المالية التي جرى الحديث عنها من قبل الإدارة الأميركية.