توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس القبرصي نيكوس انستاسيادس على توحيد الجهود من أجل مكافحة الارهاب، مشددين على أهمية التعاون الثنائي المتعدد الوجوه وبين المؤسسات المختصة في البلدين وفي المحافل الدولية.
وشجع عون، من جهته، على رفع مستوى التعاون بين البلدين في مجالات النفط والغاز وتعزيز الحوار والتعاون المثمر في مجال الطاقة بينهما، مؤكدا ضرورة تحرير شروط دخول المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية إلى الأسواق القبرصية ودراسة إمكان التعاون في تصدير المنتجات اللبنانية عبر النقل البحري. وأكد ضرورة أن يكون أمن لبنان من أهم المسائل على أجندة سياسة الاتحاد الأوروبي، مجددا تأييد لبنان للمفاوضات الجارية تحت رعاية الأمم المتحدة للتوصل إلى حلول سلمية تضمن وحدة الأراضي القبرصية.
من جهته، أكد الرئيس القبرصي مواصلة قبرص وقوفها الى جانب لبنان والتزامها الشراكة معه ومواصلة تعزيزها وإغنائها، مشددا على سبل دفع العلاقات الثنائية الى الامام وتعزيزها بين الاتحاد الاوروبي ولبنان.
وإذ ثمن استضافة لبنان النازحين السوريين، فإنه أكد أن قبرص ستواصل مساعدته على رفع هذه التحديات على المستوى الثنائي ومن خلال قنوات الاتحاد الاوروبي، معربا عن تطلعه الى أن يستضيف في قبرص اول اجتماع ثلاثي مع اليونان على مستوى رؤساء الدول او الحكومات المزمع عقده قبل نهاية العام الجاري.
مواقف الرئيسين عون وانستاسيادس جاءت خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي أعقب محادثاتهما الموسعة في القصر الجمهوري قبل ظهر اليوم.
الاستقبال الرسمي
وكان الرئيس القبرصي الذي وصل وقرينته السيدة اندري الى بيروت مساء امس في مستهل زيارة رسمية تستمر حتى الاربعاء المقبل، قد وصل الى القصر الجمهوري في بعبدا عند الساعة الحادية عشرة والدقيقة العشرين قبل الظهر حيث استقبله الرئيس عون عند مدخل البهو الداخلي قبل ان تقام له مراسم الاستقبال الرسمي ويتوجها الى المنصة الرئيسية. وبعد عزف النشيد الوطني القبرصي ورفع العلم القبرصي، عزف النشيد الوطني اللبناني قبل ان يحيي الرئيس الضيف العلم اللبناني. ثم عرض الرئيسان عون وانستاسيادس حرس الشرف، وصافح الرئيس الضيف الشخصيات اللبنانية المستقبلة وهم: وزراء الخارجية والمغترين جبران باسيل، الصناعة حسين الحاج حسن، شؤون مكافحة الفساد- رئيس بعثة الشرف الوزير المرافق نقولا تويني، السياحة اواديس كدانيان، الطاقة والمياه سيزار ابي خليل، الاقتصاد والتجارة رائد خوري، سفير لبنان لدى قبرص يوسف صدقة، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، المستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية السيدة ميراي عون الهاشم، المساعدة الخاصة لرئيس الجمهورية، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية السيدة كلودين عون روكز، الامين العام لوزارة الخارجية والمغتربين السفير شربل وهبة، المستشار الاعلامي لرئيس الجمهورية جان عزيز، مدير مكتب رئيس الجمهورية العميد ميلاد طنوس، مدير الإعلام في القصر الجمهوري رفيق شلالا.
ثم صافح عون أعضاء الوفد القبرصي المرافق وهم: وزير الخارجية ايوانيس كاسوليديس، ووزير الطاقة والتجارة والصناعة والسياحة يورغوس لاكوتريبيس، والناطق باسم الحكومة القبرصية ومدير الشؤون الديبلوماسية السفير نيكوس كريستودوليديس، وسفيرة قبرص لدى لبنان كريستينا رافتي، ونائبة مدير المكتب الديبلوماسي للرئيس السيدة ماريا هادجيتيودوسيو، والديبلوماسيان من وزارة الخارجية سيفاغ افيديسيان وديونيسيس ديونيسيو.
المحادثات
بعد ذلك، توجه عون وانستاسيادس الى صالون السفراء حيث عقدا لقاء ثنائيا انضم اليهما في نهايته اعضاء الوفدين في محادثات موسعة تناولت مختلف المواضيع ذات الاهتمام المشترك. وقد أكد عون أهمية التنسيق لمواجهة الارهاب لافتا الى الاعباء التي رتبها على لبنان، وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري. كما ركز على ضرورة تعزيز علاقات التعاون بين البلدين في المجالات كافة، لافتا الى ضرورة قيام تواصل دائم بين الوزراء المعنيين في كلا البلدين لجعل العلاقات اللبنانية- القبرصية أكثر وثوقا. وشدد عون على ان لبنان يدعو الى عودة النازحين السوريين الى بلادهم عندما تكون هذه “العودة آمنة” ولم يوافق على اعتماد عبارة “العودة الطوعية”.
من جهته، عبر الرئيس القبرصي عن سعادته لوجوده في لبنان مع الوفد المرافق، مؤكدا الرغبة في اعطاء العلاقات اللبنانية-القبرصية المزيد من التقدم والتفاعل في المجالات كافة. واعرب عن اعتقاده بان لبنان بقيادة الرئيس عون الحكيمة سوف يتمكن من تخطي الصعاب ورفع التحديات الملقاة على عاتقه وذلك بدعم من المجتمع الدولي. كما عبر عن الثقة بالجيش اللبناني وعن استعداد بلاده لتقديم المزيد من المساعدات العسكرية الضرورية. واقترح عقد لقاء بين لبنان وقبرص واليونان للبحث في القضايا المشتركة وفي مجالات التعاون في الصناعة والتجارة والسياحة والزراعة وتبادل الخبرات. وفيما حيا الرئيس القبرصي ما يقدمه لبنان لمساعدة النازحين السوريين، فانه اعرب عن استعداد بلاده للمساعدة في هذا المجال. كذلك اشار الى ان قبرص تتطلع الى امكانية المساعدة في ايجاد حل لمشكلة الشرق الاوسط من خلال دعم قرارات الامم المتحدة ذات الصلة. وعرض الرئيس الضيف للمراحل التي قطعتها الاتصالات من اجل معالجة قضية احتلال قسم من الاراضي القبرصية وتلك القائمة مع الامم المتحدة لهذه الغاية.
وخلال المداولات مع اعضاء الجانبين اللبناني والقبرصي، تقرر ان يلتقي الوزراء اللبنانيون مع نظرائهم القبارصة للبحث في التفاصيل في ما خص المواضيع التي اثيرت خلال المحادثات لا سيما في مجالات التجارة والاقتصاد والطاقة. وقد رحب لبنان بالاجتماع الثلاثي المقترح عقده في قبرص للبحث في مختلف مجالات التعاون.
وفي ختام المحادثات، وجه الرئيس القبرصي دعوة الى عون لزيارة قبرص فشكره رئيس الجمهورية واعدا بتلبية الدعوة والاتفاق على موعدها عبر القنوات الديبلوماسية.
المؤتمر الصحافي
وبعد انتهاء المحادثات، انتقل عون وانستاسيادس الى صالون 22 تشرين الثاني حيث عقدا مؤتمرا صحافيا استهله الرئيس عون بالكلمة الآتية:
“سررت اليوم بلقائكم في مستهل الزيارة الرسمية التي تقومون بها الى لبنان، البلد الجار الذي تربطه بقبرص علاقات تاريخية وثقافية طيبة لم يعترها أي خلل على مر العصور، بل على العكس، فنحن لا ننسى احتضان قبرص للكثير من العائلات اللبنانية خلال فترات الحرب المؤلمة التي مرت على وطننا.
لقائي اليوم مع فخامة الرئيس هو مناسبة للبحث في كيفية تطوير العلاقات بين بلدينا بما يخدم مصالحنا المشتركة وتطلعات شعبينا.
وفي هذا الاطار نثمن التعاون السياسي الثنائي القائم بين لبنان وقبرص، ونشجع حكومتي بلدينا على رفع مستوى التعاون في مجالات النفط والغاز ونشدد على ضرورة تعزيز الحوار والتعاون المثمر في مجال الطاقة بين الدولتين، وفق مبادئ القانون الدولي ومعاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار.
وفي السياق الاقتصادي أيضا، أكدت لفخامته ضرورة تحرير شروط دخول المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية إلى الأسواق القبرصية ودراسة إمكان التعاون في تصدير المنتجات اللبنانية عبر النقل البحري.
وتطرقنا خلال اللقاء الى الوضع العام في المنطقة والعالم حيث يضرب الإرهاب في كل الاتجاهات، واتفقنا على توحيد الجهود من أجل مكافحته، وشددنا على أهمية التعاون الثنائي بين المؤسسات المختصة في بلدينا وفي المحافل الدولية المتخصصة، وعلى تبادل المعلومات بصورة منتظمة، كما لفت نظر فخامته الى ضرورة أن يكون أمن لبنان من أهم المسائل على أجندة سياسة الاتحاد الأوروبي.
وأغتنم المناسبة اليوم لأوجه الشكر الى الدولة الصديقة قبرص على المساعدات العسكرية التي تقدمها للجيش اللبناني.
وتوقفنا عند المسألة القبرصية فعبرت لفخامته عن تأييد لبنان للمفاوضات الجارية تحت رعاية الأمم المتحدة، للتوصل إلى حلول سلمية تضمن وحدة الأراضي القبرصية وعن أسفنا لتعثر تلك المفاوضات، مع تأكيد دعمنا لوحدة الأراضي القبرصيةوضرورة إيجاد تسوية تضمن الاستقرار في قبرص بجميع مكونات مجتمعها.
وتطرقنا أيضا خلال اللقاء الى مبادرة قبرص حول محاربة تهريب الآثار والقطع الأثرية من الشرق الأوسط إلى أوروبا والتي أعلنت عنها أثناء مؤتمر رودس الثاني للأمن والاستقرار، فأكدت دعم لبنان المطلق لهذه المبادرة واستعداده للعمل وفقها”.
وختم: “إني إذ أغتنم فرصة لقائنا اليوم لأشيد بمتانة العلاقات بين بلدينا وشعبينا متمنيا لها أن تتطور وتتعزز في مختلف القطاعات والمجالات، أجدد ترحيبي بكم وبالسيدة الأولى والوفد المرافق، وآمل أن تمضوا وقتا طيبا في ربوع لبنان”.
كلمة الرئيس القبرصي
ورد انستاسيادس بالكلمة الآتية: “أود أن أعرب عن تقديري الخالص لكلماتكم الطيبة ولحرارة الحفاوة التي خصصتموني بها واعضاء الوفد المرافق. يسرني انني التقيت اليوم صديقا وجارا عزيزا جدا.
إن علاقاتنا تتخطى حدود القرب الجغرافي: انها متجذرة بعمق في الروابط الوطيدة بين الشعبين اللبناني والقبرصي وهي تعود الى ايام الفينيقيين. لقد اظهر كلا الشعبين القبرصي واللبناني صمودهما في الشدائد التي مرت علينا خلال تاريخنا الطويل.
خلال الاضطرابات، قدمت قبرص ملجأ مضيافا وآمنا للبنانيين الذين انشأوا جالية نابضة وناشطة في قبرص التي اصبحت اليوم بيتهم الثاني.
ان قبرص، حكومة وشعبا، تثمن عاليا شراكتنا، وهي شراكة نحن ملتزمون مواصلة تعزيزها وإغنائها بغية توطيد الروابط أكثر فأكثر بعد بين حكومتينا وشعبينا.
عقدنا اليوم اجتماعا بناء ومثمرا مع الرئيس عون. تحدثنا في عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، مشددين على سبل دفع علاقاتنا الثنائية الى الامام أكثر فأكثر، مع تطوير آليات تضافر الجهود في المنطقة وتعزيز العلاقات بين الاتحاد الاوروبي ولبنان.
إن التطورات الحاصلة في منطقتنا تزيد من اهمية تعاوننا في عدد من المجالات – بما فيها السياسة والاقتصاد والامن. لقد شددنا، الرئيس عون وانا، على اهمية التعاون المتعدد الوجوه وبحثنا في سبل توطيده، بهدف تعزيز رؤيتنا المشتركة والتوصل الى السلام والاستقرار في منطقتنا.
إن لبنان وقبرص يشعران كلاهما بتأثير الاضطرابات التي تعصف بمنطقتنا. انني أثمن كرم لبنان باستضافته حوالي مليون ونصف مليون لاجئ سوري. اننا نعي جيدا التحديات التي يواجهها لبنان، كما نفهم وقعها على المجتمعات المحلية. دعوني أؤكد لكم ان قبرص ستواصل مساعدة لبنان على رفع هذه التحديات على المستوى الثنائي ومن خلال قنوات الاتحاد الاوروبي.
في سياق تعاوننا، وكمؤشر على ارادتنا الصلبة بتقديم المزيد من الدعم للبنان، انني اتطلع لأستضيف في قبرص أول اجتماع ثلاثي على مستوى رؤساء الدول او الحكومات، المزمع عقده قبل نهاية العام 2017.
اضافة الى ذلك، خلال مداولاتنا، تسنت لي فرصة وضع الرئيس عون في صورة آخر المستجدات على صعيد المفاوضات المتعلقة بالمسألة القبرصية، بعد الاجتماع الذي عقدناه في الرابع من حزيران مع امين عام الامم المتحدة والزعيم القبرصي – التركي.
خلال الاجتماع الذي عقد في نيويورك، توافقنا على انه قبل اعادة الدعوة الى المؤتمر حول قبرص الذي حدد موعده في الثامن والعشرين من حزيران، سوف يتواصل المستشار الخاص لأمين عام الامم المتحدة مع جميع المشاركين لإعداد وثيقة مشتركة حول الأمن والضمانات.
من خلال هذه الوثيقة، نتوقع ان تكون المباحثات المتعلقة بهذا الفصل منظمة، مركزة وموجهة نحو تحقيق النتائج، والا تكون تكرارا لخطابات المؤتمر الذي انعقد في 12 كانون الثاني.
نأمل ان تنخرط تركيا أخيرا في هذه العملية بطريقة بناءة وأن تطرح مواقف تسمح بإحراز تقدم.
إن موقع قبرص كعضو في الاتحاد الاوروبي يعطي افضل ضمانة. لا يمكن تصور ان دولة عضوا في الاتحاد الاوروبي لديها وجود عسكري وللمفارقة التاريخية لديها نظام ضمانات من قبل بلد ثالث”.
وختم: “لقد أظهر كلا الشعبين القبرصي واللبناني صمودهما في تجاوز الصعاب التي زرعها التاريخ على دربهما. إن زيارتي تعيد التأكيد على تصميمنا للعمل معا من اجل رفع التحديات التي تواجهنا ورسم مسار ثابت لمستقبل سلمي ومزدهر لبلدينا وللمنطقة على نطاق أوسع. أود ان أؤكد لكم ان قبرص ستواصل وقوفها الى جانب لبنان.
اتطلع الى استقبالكم في قبرص.
مرة اخرى، فخامة الرئيس، اود ان اشكركم على حسن الضيافة واللقاء المثمر الذي عقدناه”.
السجل الذهبي
وبعد المؤتمر الصحافي، وقع الرئيس القبرصي السجل الذهبي في البهو الداخلي، ودون الكلمة الآتية:
“إنه لشرف كبير ان ازور اليوم، وبكثير من الامتنان، قصر رئاسة الجمهورية في بعبدا. يرتبط قبرص ولبنان بعلاقات ثنائية ممتازة وباواصر تاريخية بين شعبينا اللذين يتقاسمان رؤية واحدة للسلام والاستقرار والرفاهية.
من جهتي، سابقى أتذكر دائما زيارتي هذه، كعلامة بارزة للصداقة وللتاريخ الذي يجمعنا”.
وعلى الأثر، انضمت اللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون والقبرصية الاولى السيدة اندري انستاسيادس الى رئيسي جمهورية البلدين في لقاء استمر عشر دقائق.
مأدبة غداء
وعند الواحدة ظهرا، أقام عون مأدبة غداء على شرف الرئيس الضيف وقرينته حضرها اللبنانية الاولى واعضاء الوفدين الرسميين اللبناني والقبرصي، وعميد السلك الديبلوماسي السفير البابوي المونسنيور غبريالي كاتشا وسفراء الدول الاوروبية وعميد السلك القنصلي جوزف حبيس وقنصل قبرص روجيه سماحة والوزير السابق موريس صحناوي ومديرة المراسم في وزارة الخارجية السفيرة ميرا ضاهر فيوليديس.
وعند الساعة الثانية بعد الظهر، غادر الرئيس القبرصي وقرينته قصر بعبدا الى مقر اقامتهما، حيث كان في وداعهما عند المدخل الرئيس عون والسيدة الاولى.
لقاء السيدتين عون وانستاسيادس
وكانت اللبنانية الاولى استقبلت السيدة القبرصية الاولى عند الساعة الثانية عشرة والنصف في القصر الجمهوري في بعبدا حيث رحبت بها وتمنت لها إقامة طيبة في ربوع لبنان، مشيرة الى ان زيارتها هذه تشكل فرصة لتبادل وجهات النظر والخبرات في مختلف المجالات، لاسيما على الصعيدين الاجتماعي والثقافي. واكدت السيدة عون على اهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان وقبرص اللذين تربطهما اواصر صداقة تاريخية، تتجسد بوجود جالية لبنانية كبيرة وفاعلة في قبرص.
من جهتها، شكرت السيدة اناستاسيادس للسيدة عون حسن استقبالها وضيافتها، معربة عن سعادتها لزيارة لبنان، ومشددة على ضرورة تعزيز الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين الصديقين”.