اللقاء الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وجمع فيه رؤساء الكتل النيابية الممثلين في الحكومة ان دل على شيء فعلى الانتقال من مرحلة الى اخرى ان على صعيد العمل السياسي بعدما دفن قانون الستين الذي شكل نقطة ارتكاز للخلاف بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري حيث استعمل كلاهما ما يملك من اسلحة ليصلا اخيراً الى مقولة لا غالب ولا مغلوب بعد حرب عض الاصابع بينهما وضعت اوزارها على كسب عون القانون الانتخابي القائم على النسبية والذي يعتبر من باكورة انجازات عهده في مقابل فوز بري بالتجديد للمجلس النيابي لمدة 11 شهراً، واذا كان الرجلان يختلفان في مقاربة الامور باختلاف اساليبهما الا انهما يتوافقان من حيث المبدأ على اعتماد النسبية في صناديق الاقتراع وفق الاوساط المواكبة للمجريات المتسارعة والمليئة بالمفاجآت.
ولعل ابرز ما في معالم المرحلة انتقال بري من معركة الورقة البيضاء التي خاضها ابان جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى فتح صفحة بيضاء مع عون منهياً «الجهاد الاكبر» الذي اعلنه من جنيف في وجه عون قبل ان يبصر عهده النور، ما سيعطي دفعاً للامور لجهة فتح سلسلة من الاستحقاقات المتراكمة على طاولة المجلس النيابي اثر المرسوم الجمهوري الذي وصل ما بين العقد الاستثنائي انطلاقاً من 20 الجاري وصولاً الى 16 تشرين الاول والعقد العادي حيث يعوّل العهد على الدفع باتجاه تحقيق ما تبقى من بنود «الطائف» اضافة الى اقرار الموازنة وفك اسر سلسلة الرتب والرواتب التي باتت اشبه ما تكون بحكاية «ابريق الزيت».
وتضيف الاوساط ان اولى بشائر الانتقال من «معركة الورقة البيضاء» الى فتح صفحة بيضاء بين العهد واخصامه تكمن في تلبية النائب سليمان فرنجية للدعوة الموجهة اليه لحضور لقاء بعبدا ما يعني اصلاح ذات البين بينه وبين سيد العهد الذي كان ينزله منزلة ابنه في وقت كان فرنجية يفضل ان ينزله منزلة صهره جبران باسيل المسؤول الاول والاخير وفق مقربين من «تيار المردة» عن البرودة الجليدية التي ضربت طريق بنشعي – بعبدا وقطعتها منذ زيارة فرنجية للرابية اثر ترشيحه من قبل الرئيس سعد الحريري لرئاسة الدولة، وصولاً الى معركة الورقة البيضاء والتي كانت نتيجتها مقاطعة فرنجية للعهد ورفضه لزيارة القصر الجمهوري الا اذا وجهت الدعوة اليه حتى انه لم يهنئ عون كما تقتضي الاعراف المتبعة.
وتشير الاوساط الى ان تلبية فرنجية للدعوة ستؤدي بالنتيجة الى مصافحة عون مقدمة للمصالحة المرتقبة بين «تيار المردة» و«التيار الوطني الحر» في مرحلة بالغة الدقة بين الطرفين اللذين يتحضران لخوض الانتخابات النيابية حيث تشكل دائرة زغرتا – بشري – الكورة – البترون مسرحاً لام المعارك على الساحة المسيحية كونها تجمع الحلفاء المسيحيين من احزاب وتيارات الى جانب خصومهم من اهل البيت من تيارات ومستقلين، وسط غموض كثيف في لعبة التحالفات حيث سيلعب الصوت التفضيلي دور اللغم داخل اللائحة الواحدة بحيث يتنافس الكل مع الكل ما يؤكد ان الاختلاف سيكون السيد الاول بين الحلفاء والاخصام في آن معاً.
وتقول الاوساط ان تلبية فرنجية للدعوة تأتي في بعض مضامينها ارضاء لرغبة بري الذي يعتبر فرنجية ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط يرتبطان معه بحلف مقدّس، اما غياب الاخير عن المشاركة في اللقاء فيعود الى ارتباطه بموعد لزيارة موسكو ولقاء وزير الخارجية الروسي سيرغيه لافروف لاستطلاع ابرة البوصلة في المجريات السورية لا سيما وان معارك درعا والجنوب الغربي السوري اي السويداء والقنيطرة تعني الكثير لجنبلاط كونها المنطقة التي تشكل الثقل الدرزي في سوريا والمنطقة خصوصاً وان «وثيقة حوران» تقض المضجع الجنبلاطي في لعبة الامم حيث تزول كيانات وتطير انظمة ويلعب الخطر الوجودي دوره على صعيد الاقليات.
صحيفة الديار
اسكندر شاهين