غداة الكلام البيّن والمباشر لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والذي حسم فيه وجهة الحكومة التي يرأس إزاء ملف النازحين برفض أي تواصل حول عودتهم مع حكومة نظام كان وراء تهجيرهم، وبدل أن يتلقف دعاة هذا التواصل مبادرة الحريري إلى طرح إقامة مناطق سورية حدودية آمنة تتيح عودة النازحين إلى أرض وطنهم تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة، واصل «سفراء» نظام الأسد ممن يمتطون «طروادة» الغيرة على الضحية لكسر عزلة الجلاّد، محاولاتهم اليائسة خلال الساعات الأخيرة لإحداث خرق في المركب الوطني يتيح تعويم الأسد وإغراق البلد، مسطّرين سلسلة «تعاميم إخبارية» جديدة ومواقف حزبية ضاغطة باتجاه توريط الدولة اللبنانية في أزمة متشعبة الأبعاد أخلاقياً وإنسانياً وأممياً، غير أنّ الحريصين على إعلاء المصلحة الوطنية بقوا متشبثين في المقابل بدفة النأي بلبنان عن أتون الصراعات والحسابات الإقليمية ورفض أي تجاوز لسيادة القرار الوطني إزاء أي من الملفات الداخلية. ومن هنا كان تشديد مدير الإعلام في الصرح البطريركي المحامي وليد غياض أمس لـ«المستقبل» على أنّ بكركي تعتبر ملف النازحين «شأناً داخلياً يعود القرار فيه إلى الدولة اللبنانية لا لسفراء وأحزاب».
وعمّا يُثار حول مسألة التفاوض من عدمه مع الحكومة السورية بشأن عودة النازحين، لفت غياض إلى أنّ بكركي تنظر إلى هذه المسألة باعتبارها «أمراً خاضعاً فقط لتقدير الحكومة اللبنانية وما تتخذه من قرار بشأنه يكون هو المناسب»، مع التشديد على أنّ «ملف عودة النازحين وإن كان ملفاً مشتركاً لكنه يبقى شأناً لبنانياً داخلياً تقرر الدولة اللبنانية كيفية بتّه وليس سفير من هنا أو حزب من هناك»، معبّراً عن آمال الصرح البطريركي «بنجاح العهد والحكومة في تأمين تطلعات الناس وتحقيق النهضة الاقتصادية المأمولة وألا تتحول القضايا الخارجية إلى مسائل خلافية في الداخل، سيما وأنّ لبنان لا يُحكم إلا بالتفاهم ولا يستطيع أي طرف فيه أن يفرض رأيه على الآخر».
وفي السياق الوطني عينه، حرصت مصادر بعبدا على تأكيد أولوية النهوض بالدولة ومؤسساتها وإعلاء مصلحة المواطن بمختلف محاورها المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية والبيئية فوق أي مصلحة أخرى، مشيرةً لـ«المستقبل» إلى أنّ إنجاز ملف التعيينات سيُستكمل في سبيل تعزيز انتظام دورة العمل المؤسساتي المُنتج، وسيُصار إلى إقرار دفعة تعيينات جديدة على طاولة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل أو الذي يليه.
وعن ملف النازحين، نفت المصادر أن يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد كلّف أي «موفد رئاسي» التفاوض مع الدولة السورية حول عودتهم، وقالت: «فخامة الرئيس لم يكلف أحداً وهو لا يزال يدرس هذه القضية بدقة وعناية لتحديد المخرج الأنسب لها».