يطوي الأسبوع ساعاته الأخيرة على إعادة الأولوية للملفات الخلافية الشائكة ذات الطبيعة الإقليمية – الدولية، كملف النازحين السوريين، وما أثاره من تباينات في مواقف المسؤولين من كيفية المقاربة لجهة عودة هؤلاء إلى بلادهم: عبر تنسيق بين الدولتين أو الحكومتين اللبنانية والسورية، أم عبر رعاية الأمم المتحدة التي تتولى التنسيق مع نظام الرئيس بشار الأسد، على أن تكون المخيمات المقترحة داخل الاراضي السورية بضمانات دولية، وفقاً لما اقترحه الرئيس سعد الحريري أمس الاول.
وقبل هذا الملف البالغ التعقيد وبعده تتداول الأوساط السياسية، استناداً إلى معلومات أمنية ان مسألة «تحرير جرود عرسال» باتت مسألة ساعات، بتقدير جهات سياسية وحزبية.
وتحديد المواعيد، على هذا النحو، يثير سلسلة أسئلة في مقدمها: ما الصلة بين «الكلام الاعلامي» عن عملية عسكرية في جرود عرسال والتحضيرات التي بدأت لإعداد ملفات زيارة الوفد الحكومي – النقدي – العسكري – الوزاري إلى الولايات المتحدة الأميركية برئاسة الرئيس سعد الحريري، والذي سيرافقه الوزير جبران باسيل، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي طمأن الى سلامة الوضعين المالي والنقدي، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي طمأن إلى إمساك الجيش والقوى الأمنية بالأمن، وأخد زمام المبادرة في ملاحقة وتفكيك الخلايا الإرهابية، أياً كان مصدرها.
وفي هذا الإطار، أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بعد اجتماع عقد في سراي صيدا مع الفصائل الفلسطينية اننا اتفقنا مع الفصائل الفلسطينية أن ما بعد تسليم الارهابي خالد السيّد ليس كما قبله، معلناً انه بعد إنهاء الملفات الأمنية ننتقل إلى الملفات السياسية.
في هذا الوقت، سعى الفريق الحقوقي المتعاطف مع النازحين السوريين إلى مواصلة حملته على الجيش اللبناني، ومحاولات تصوير لبنان كدولة بوليسية.
وفي آخر فصول المعلومات أن المحامية داليا شحادة عن أهالي الموقوفين السوريين، الذين قضى بعض ابنائهم، حصلت على اذن قضائي من قاضي العجلة في البقاع، بالحصول على عينات من الجثث، واجراء الفحوصات للتثبت من اسباب الوفاة.
وذكرت شحادة انها تعرّضت لضغط لتسليم العينات التي تمّ أخذها من الجثث قبل اجراء الفحوصات، وتم تسليم العينات للجيش بناء على اتصال من مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، الذي اعتبر ان الجهة القضائية المخولة منح اذن للحصول على العينات هي مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر.
أزمة النزوح السوري
وبانتظار انعقاد جلسة الحكومة الأسبوع المقبل، والمرجح أن تتم في السراي الكبير، وتوزيع جدول اعمالها اليوم، والذي يتوقع أن يخلو من تعيينات في المراكز الادارية الشاغرة، بسبب غياب التوافق على شيء بهذا الخصوص، قبل حسم مسألة الالية التي تعتبر في نظر كثيرين غير دستورية.
وبانتظار عودة الرئيس نبيه برّي من اجازته خارج البلاد، لتحريك عجلة المجلس النيابي، والبدء بإقرار مشاريع القوانين المحالة إليه، وأبرزها الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، بقيت أزمة النزوح السوري واجهة الاهتمامات الرسمية والتجاذبات السياسية، نظراً للانقسام السياسي حولها، من دون أن تتبين لها مخارج في سياق المعالجات الكثيرة والنظريات المتضاربة، خصوصاً بعد أن تأكد ان لا صحة لوضع الملف في عهدة رئيس الجمهورية، وانه لم يتم تكليف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بأي مهمة للتواصل مع دمشق في موضوع عودة النازحين، وهو شخصياً لم يشأ أن ينفي او ان يُؤكّد ذلك، لافتاً الى ان هذا الحديث هو بتصرف السلطة السياسية، وانه مستعد للتحرّك عند صدور التوجيهات بذلك.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة ان اي اطار لمعالجة ملف النازحين لم يتحدد بعد، وان اي جهة لم تكلف باجراء اي تواصل مع السلطات السورية في هذا الشأن.
وكشفت انه في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء طلب بعض الوزراء من الرئيس ميشال عون ان يتولى هذا الملف، فوافق لاختصار النقاش، لكن ذلك لا يعني ان الملف بات في عهدة رئاسة الجمهورية، مع انه مسؤول عن سائر ملفات الدولة.
الا ان المعلومات المتوافرة لـ «اللواء» تفيد ان الرئيس الحريري دعا اللجنة الوزارية الخاصة بملف النازحين السوريين الى اجتماع سيعقد الثلاثاء المقبل للبحث بالملف من زاويته السياسية، اي الزاوية المتصلة بتوفير ضمانات دولية، والمعطيات التي يجب ان تتأمن للعودة الآمنة لهؤلاء النازحين، من خلال التنسيق مع الامم المتحدة.
ويفترض ان يبحث الاجتماع الذي سيعقد عند الخامسة والنصف من عصر الثلاثاء، في ورقة عمل سبق لوزير الخارجية جبران باسيل ان سلمها لرئاسة الحكومة في 5 نيسان الماضي، وهي عبارة عن استراتيجية وخطة تنفيذية لحل معضلة النازحين، بدءا من وقف النزوح الذي لا يزال قائما حتى اليوم.
وفي ورقة باسيل تنبيه الى ان سياسات دولية ما تزال تدعو الى اندماج النازحين في اماكن وجودهم ما يحتم تطبيقا تدريجياً لخطوات عكسية تؤدي الى تشجيع السوريين للعودة الى بلدهم، والتمهيد لهذه العودة بطريقة مطابقة مع الالتزامات الدولية.
ولان الامر بات يتطلب وضع خطة شاملة، فقد اقترحت الورقة، مجموعة خطوات، من ابرزها: رفض توطين النازحين واللاجئين، والتأكيد على ان الحل المستدام والوحيد لازمة النزوح هو في عودة السوريين الآمنة الى المناطق الممكنة داخل سوريا، والعمل مع الجهات المعنية لتهيئة ظروف هذه العودة، من دون ان تتحدث عن التنسيق مع الحكومة السورية، وتغيير المقاربة في التعاطي مع المجتمع الدولي لفرض ضرورة حماية وتحصين المجتمع الدولي لفرض ضرورة حماية وتحصين المجتمع المضيف، عملا بمبدأ تقاسم المسؤوليات المكرس في القانون الدولي، واشتراط تقديم المساعدات المباشرة للسلطات الرسمية اللبنانية مقابل قبول دخول مساعدات مباشرة الى النازحين على قاعدة متساوية، وفق التجربة الاردنية.
وفي المعلومات ان ورقة باسيل لا تتعارض الا في بعض التفاصيل والنظرة الى التعامل مع الامم المتحدة مع الورقة التي اعدها وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، والتي لم تقر في اللجنة الوزارية بسبب اعتراضات من اكثر من طرف على غير نقطة، بحسب ما اوضح لـ «اللواء»، لافتا إلى أن مسألة عودة النازحين مسألة معقدة لانها تتعلق بأكثر من طرف اقليمي ودولي وبتوفير الضمانات للعودة الامنة لهم، مشيرا الى ان ما يمكن ان يقبله النظام قد لا تقبله فصائل المعارضة او اي جهة اقليمية او دولية ممن يسيطر على الارض.
واكد المرعبي ان الجهة الوحيدة المخولة متابعة ملف العودة هي الامم المتحدة وهي تقوم بما عليها من اتصالات، لكن يفترض ان يتم تحديد المناطق الآمنة اولا وسبل العودة وتوفير سلامة العائدين لانهم اصلا هربوا من الموت الذي يلاحقهم من كل الجهات، لافتا الى ان الملف يتحرك وهو غير مجمد، لكن المزايدات والتعطيل الحاصل من بعض الاطراف هي التي تعطل التوصل الى نتيجة.
تنسيق مستقبلي قواتي
وفي السياق، لفت الانتباه زيارة وزير الثقافة غطاس خوري لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، موفدا من الرئيس الحريري، والتي أدرجتها مصادر «القوات» في اطار تكثيف التنسيق بين المستقبل والقوات لمعالجة ازمة عودة النازحين، ومن اجل وضع تصور مشترك ينطلق من المقاربة التي قدمتها القوات، في هذا الشأن ووافق عليها تيار المستقبل.
ولفتت هذه المصادر الى ان المقاربة القواتية تقوم على مبدأ اساسي يقضي بأن تتخذ الحكومة قرارا سياديا بعودة النازحين على ان تبلغ الامم المتحدة بذلك والطلب منها ومن المنظمات الدولية الاخرى التعاون لترجمة هذا القرار على الارض، مشيرة الى ان هذه المقاربة اسقطت اي محاولة لاعادة تعويم النظام السوري والتنسيق بين الحكومتين، انطلاقا مما اشار اليه الرئيس الحريري وهو اننا لا يمكننا ان نسلم الجلاد ضحيته، بحسب ما قال الوزير خوري بعد لقاء جعجع.
ومن جهته، اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب عقاب صقر ان للاجئي السوري حقوقا دولية وحقوقا اخوية علينا، واصفا الحديث عن التنسيق مع الاسد لاعادة النازحين الى سوريا «بالمضحك»، متسائلاً: «كيف يمكنني ان انسق واعيد النازح الى جلاده»؟
وقال في حديث لتلفزيون «المستقبل» انه يمكن اعادة النازح بوساطة اممية وبمظلة عربية لكن التواصل مع حكومة الاسد يعني انني أنفذ اعدام جماعي بالنازحين السوريين.
وفي موقف لافت، اعرب صقر عن اعتقاده بأن هناك خطأ حصل من قبل الجيش اللبناني في عرسال، وهذا الخطأ يتحمل مسؤوليته من قام به أفراد أو ضباطاً، وليس الجيش، داعياً إلى ان يكون هناك تحقيق شفاف مستقل للوصول إلى الحقيقة في ما حصل في عرسال وما بعد عرسال.
إلى ذلك، توقعت مصادر مطلعة ان يعاد طرح موضوع آلية التعيينات في أقرب فرصة ممكنة بعد أن يعمد الرئيس سعد الحريري إلى دراسة الخيار الواجب اعتماده لا سيما بعد أن برز اتجاهان في مجلس الوزراء الأول يقوم على اعتماد الآلية المعتمدة أي أن تمر الطلبات عبر اللجنة اما الثاني فيقوم على تعليق العمل بها فيقدم كل وزير اقتراحه، مؤكدة أن الكل متفق على أهمية تحريك هذا الملف سريعاً.
جنبلاط يدعم محفوض
نقابياً، تحولت انتخابات نقابة المعلمين في المدارس الخاصة الى متاهات سياسية من التحالفات. فبعد لائحة احزاب السلطة برئاسة المعلم العوني رودولف عبود، والمدعوم من المستقبل وحركة «امل» والتيار الوطني الحر وحزب الله والقوات اللبنانية، اعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، دعمه للائحة غير المكتملة التي شكلها نقيب المعلمين الحالي نعمة محفوض مدعومة من حزب الكتائب واللواء اشرف ريفي..