رعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري عصر اليوم في السراي الحكومي الاجتماع التشاوري الوزاري الأول للاستراتيجية الوطنية لمنع التطرف العنيف في حضور الوزراء: مروان حمادة، غازي زعيتر، محمد فنيش، جان أوغاسبيان، نهاد المشنوق، ملحم رياشي، أفيديس كدانيان، سيزار أبي خليل، أيمن شقير، جمال الجراح، معين المرعبي، غطاس خوري، نقولا تويني، طارق الخطيب وعناية عز الدين، والمنسقة العامة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ ومجموعات العمل الوزارية المختصة وممثلين عن عدد من الوزارات والقوى الامنية والعسكرية.
وقدمت المنسقة الوطنية للاستراتيجية الوطنية لمنع التطرف العنيف روبينا أبو زينب منهجية العمل والمنطلقات لإعداد الاستراتيجية التي هي استراتيجية حكومية مجتمعية توافقت على منطلقاتها الوزارات مجتمعة، خلال الأعمال التحضيرية للاستراتيجية.
وعرفت ابو زينب استراتيجية مفهوم “التطرف العنيف بأنه إشاعة الكراهية الفردية والاجتماعية التي قد تؤدي إلى العنف المجتمعي، وهو رفض التنوع وعدم قبول الآخر، واستخدام العنف كوسيلة للتعبير والتأثير، كما أنه سلوك يهدد القيم المجتمعية الناظمة للاستقرار الاجتماعي.
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى استعادة الثقة، بين أفراد المجتمع فيما بينهم وبين المجتمع والدولة، وتعزيز المواطنة وتحقيق العدالة الاجتماعية ورصد التحول الاجتماعي وأثره على التطرف العنيف.
وتتوزع الاستراتيجية على تسعة محاور، الأول: الحوار ومنع نشوب النزاعات، الثاني: تعزيز الحكم الرشيد، الثالث: العدالة وحقوق الإنسان وسيادة القانون، الرابع: التنمية المدنية وإشراك المجتمعات المحلية، الخامس: المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، السادس: التعليم وتنمية المهارات، السابع: التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل، الثامن: التواصل الاستراتيجي والمعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي والمحور التاسع: تمكين الشباب.
كاغ
ثم تحدث كاغ فقالت:”اود ان اعود الى عشر سنوات مضت حيث لم نكن لنتصور اننا نتحدث عن استراتيجية للوقاية من التطرف العنيف، وبالتالي نحن نعيش تحولا عالميا وبعض الظواهر ليست بالجديدة ونعرف ذلك من خلال قطاع الامن، حيث ان اجراءات محاربة ومكافحة الارهاب موجودة .نفهم كيفية مكافحة الارهاب والاجراءات الموجودة وكيف نضبط ذلك، لكن الاصعب بالنسبة لنا على المستوى العالمي في الغرب كما هو الامر في الشمال والجنوب هو الوقاية ,اي كيف نمنع هذه الافكار من التغلغل في عقول الناس. فالشباب مثلا الذين يسافرون من هولندا،اكانوا من اصول مغربية او غيرها فما الذي يستولي على عقولهم لكي يذهبوا الى سوريا؟ يجب ان نفهم ذلك وهذا امر اساسي لكي نحد من التطرف العنيف والامر يتعلق بالقيم المشتركة والمجتمعات ودراسة الفرد بشكل استثنائي. يمكننا ان نقوم بالكثير من الدراسات وفي الغرب هناك الكثير من الدول بدأت تهتم بهذا الموضوع الجديد الذي يشكل مصدر دخل للكثيرين، لكن لبنان يتعايش مع الواقع اليوم ويتعامل مع الوقاية من هذا التطرف بشكل يومي ومكافحة الارهاب وانتم مثال حي على ذلك في الواقع”.
اضافت:” ربما تفضلون ان تكونوا مثالا اخر ، لكن لبنان بحد ذاته يتضمن مجتمعا مبنيا على التسامح والشمولية وفهم الاخر والاقرار بالتنوع والاعتراف باهميته، وهذا أمر بدأنا نفقده في الكثير من الدول الغربية. وهذه الميزة لا يمكن ان نترجمها في كل الاستراتيجيات ولكنها مهمة على مستوى الحديث السياسي لكي نقاوم اللغة الشعبوية، ونكافح الطائفية واقصاء الاخر بدل من احتوائه، فلبنان بلد يضم كل المواطنين في كل الاوقات، وهذا نموذج لا بد وان نحافظ عليه في المنطقة، ولا بد ان نراعي خصوصيات النزاعات في اي استراتيجية والاهداف تبقى على حالها، وسترون ذلك في الكثير من الاوراق الاخرى”.
وتابعت :”الهدف يبقى التوصل الى مجتمع يشمل كل المواطنين والحفاظ على قيم السلام والامن والالتصاق الاجتماعي والانصاف ويمكننا ان نتحدث كذلك عن العدالة الاجتماعية لكن الانصاف يعني ان يكون لكل فرد حصة من الثروة العامة، حيث يمكن للناس ان يتنافسوا على قدم المساواة في كل جوانب المجتمع.احيانا نميل الى التركيز على الالية وهي قد تكون بسيطة تتعلق بالقضاء على الفقر وامور واضحة، لكن هذا لا يرتبط فقط بالوقاية من التطرف العنيف، بل يرتبط ايضا بالتعليم لجهة بناء قطاع تعليمي جيد وخلق فرص العمل لكل فرد، و الثقافة ايضا، وانا انظر الان الى معالي وزير الاعلام واقول له : معالي الوزير ان مبادرتكم بالنسبة للترويج لثقافة التواصل حول التسامح ستكون برأيي امرا اساسيا في اطار اي نهج لمقاربة موضوع الوقاية من التطرف العنيف اضافة الى سيادة القانون والحكومة الرشيدة”.
وختمت قائلة: “معا يجب ان نكافح الصورة النمطية وهذا امر اساسي كما لا بد ان نكافح كراهية الاخر اينما وجدت ، ففي الغرب تتخذ اشكالا محددة، ولكنني اعتقد ان الوقاية من التطرف العنيف هو الحل ويمر كذلك بمكافحة كراهية الاسلام، وليس كل فقير يصبح متطرفا وليس كل مهتم بدينه يصبح اصوليا. فالاحصاءات موجودة وعلى الرغم من وجود ارقام قليلة من اشخاص خطيرين يقوضون قيمنا المشتركة وانسانيتنا التي نتشارك فيها جميعا، اعتقد ان هذه الاستراتيجية هامة جدا وليست فقط اوراق مفهومية، وامل ان نتمكن بقيادة الرئيس الحريري من ان نرى جميعا ان هذه الاستراتيجية هي فعلا موجودة لخدمة لبنان والحفاظ عليه وعلى امنه”.
كلمة الرئيس الحريري
بعدها تحدث الرئيس الحريري فقال:”اردت ان يكون هناك تنسيق وطني كامل بين كل الوزارات بالاضافة الى التشاور بين افرقاء المجتمع اللبناني وبالتكامل والتعاون مع المنظمات الدولية والدول المانحة التي نحترم شراكتها ودورها.انا اؤكد ان هذا التنسيق واهميته اوصلنا الى ما وصلنا اليه من نتائج اليوم ، وبالنسبة للتطرف العنيف الذي نحاربه جميعا وكذلك يحاربه معظم اللبنانيين، ولكن لا يكفي ان نحاربه على طريقة محاربة النار بالنار ، لانه في نهاية المطاف يجب ان نعرف لماذا وكيف وما الذي اوصلنا الى ما وصلنا اليه، واهمية هذا الاجتماع هو ان نفهم ونعرف ونتعلم من الاخرين ونعلم الاخرين، كيف وصلنا الى هنا وما الذي نواجهه، و كيف يمكن لشخص في السادسة عشر من عمره ، كان انسانا عاديا وفجأة من خلال الانترنيت او التلفزيون او افكار اواصدقاء اوصل نفسه الى مكان لم يعد يقبل فيه الحوار مع الطرف الاخر ولم يعد يتقبل الافكار المنفتحة واخذ الامور بيده الى طريق العنف”.
اضاف ” مشكلتنا في لبنان اننا نتحدث عن محاربة التطرف ولكن نقول دائما اننا سنحاربه بالحديد، ولكن برايي انه يجب علينا كحكومة وكمجتمع ان لا نحارب هذا الموضوع فقط بمنطق الحديد، بل ايضا من خلال الفكر والعلم ومحاربة الفقر. ففي افريقيا اليوم فقر اكثر من لبنان, ولكننا لا نجد هذا النوع من القتال او العنف لماذا؟ هذا سؤال يجب ان نسأل انفسنا عنه؟ قد يكون ذلك بسبب المنطقة التي نعيش فيها او كل الامور الاخرى التي تؤثر على شبابنا وبالتالي كيف استطاعت هذه المجموعات من الوصول الى بعض شبابنا واستدراجهم الى هذه المراحل.لذلك، فان انطلاق هذا المشروع والتعاون بين كل الوزارات والادارات هو امر اساسي لنعرف كيفية محاربة هذا النوع من التطرف وكيف تتلاقى كافة الوزارات في هذه المواضيع على اساس ان نعمل بشكل علمي “.
وتابع: هناك طريق سهل، واخر صعب ولكن قيمنا الانسانية تتطلب منا ان نختار الطريق الصعب لايجاد الحلول لانهاء هذه الآفة من مجتمعاتنا ومن وطننا لانه في اخر المطاف لبنان هو رسالة يجب ان نكمل فيها وليس في عهدنا او عهد هذه الحكومة سنسمح بان تحرق هذه الرسالة بسبب هذا النوع من التطرف.البعض ينظر الى هذا المشروع وكأن الوصول اليه امر مثالي ولكن هذا غير صحيح، فيجب ان لا يكون لدينا في لبنان اشخاص يكون لديهم تفكير عنفي. يجب ان نحارب هذه الظاهرة بشكل علمي وانساني. المعالجة الامنية نسير بها جميعا ولا احد يعطل هذا الامر، ولكن يجب ان نتوجه الى صلب المشكلة ونحلها وهذا هو الاساس”.
وختم قائلا:”اشكر السيدة كاغ على وجودها ومعالي الوزراء والادارات التابعة لهم والسيدة روبينا على انجاز هذا العمل الكبير وهذه خطوة اولى، هناك خطوات اخرى يجب ان ننجزها وباستطاعتنا انجازها ولا يظن احد انه لا يمكننا ذلك وسط الاحتقانات والفتن التي تثار كل يوم في البلد. نحن معجزة في هذه المنطقة، استطعنا ان نحافظ على بلدنا والان يجب ان نثبت هذه المعجزة ونجعل لبنان البلد الذي يتعلم منه الاخرون، بالطريقة التي تعاملنا بها مع كل التحديات، وانا متاكد ان كل دول العالم تحترم لبنان على طريقة عمله واكرر القول اننا نريد ان نصل بوزارة الشباب والرياضة لتكون وزارة سيادية وسنصل لذلك باذن الله”.