نظمت رابطة اكاديميي الاعلام في لبنان، قبل ظهر اليوم، بالتعاون مع الجامعة اللبنانية الاميركية، المؤتمر الاكاديمي الاول، في حرم الجامعة في بيروت،
برعاية وزير الاعلام ملحم الرياشي وحضوره. كما حضر العميد الركن ايلي اسطفان ممثلا وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” السيدة لور سليمان، مدير الدراسات والمنشورات اللبنانية خضر ماجد، مستشار وزير الاعلام اندريه قصاص، رئيس الجامعة اللبنانية الاميركية الدكتور جوزف جبرا، الى جانب عدد من عمداء واساتذة وطلاب الجامعة وشخصيات اعلامية وفكرية واجتماعية واكاديمية.
جبرا
بعد النشيد الوطني، ألقى جبرا كلمة أشار فيها الى “ان اللبنانيين لعبوا عبر التاريخ دورا مهما في تقوية حرية التعبير والرأي، حيث في العام 1610 ادخلوا في مار قزحيا اول مطبوعة الى لبنان، ليتبعها في العام 1743 ادخال مطبوعة اخرى”.
واكد ان “لبنان كان مدافعا عن حرية الرأي والتعبير ليس فقط هنا، بل في المنطقة”، مشيرا الى “دور اللبنانيين في الاعلام المطبوع في مصر وخصوصا في صحيفة الاهرام”.
واشار الى انه “في منتصف الخمسينيات نظم أول معرض للكتاب في لبنان ضم مئات المطبوعات التي طبعت في لبنان ومئات الاف الطباعة في بيروت”.
وقال جبرا: “حرية التعبير تساعدنا على تحقيق انسانيتنا، وهي المؤسسة لكل حقوق الانسان التي لا يمكن الدفاع عنها سوى من خلال حرية التعبير والرأي التي تؤسس الى التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي”.
ورأى “ان الاعلاميين هم سر الحقيقة”، وقال: “اننا محظوظون بان يكون في وزارة الاعلام وزير كملحم رياشي الذي يؤمن بضرورة ارتباط الاعلام بحرية التعبير والرأي، وفتح المجال للجيل الثاني من الاعلاميين الذين يبحثون عن الحقيقة الفعلية، وهو أبدى استعداده فورا لحضور هذا المؤتمر لاطلاق هذا الحدث، وانشاء رابطة الاكاديميين الاعلاميين”.
فلحة
ثم تحدث الدكتور فلحة، فقال: “أردنا هذا المؤتمر الذي يعقد بمبادرة من وزير الاعلام، استطعنا خلاله ان نجمع بين الاعلاميين والاداريين والتقنيين في اول لقاء علمي يمكن ان يؤسس للمستقبل ويكون بمقام الاعلام الذي نشهده في لبنان”.
اضاف: “لا شي اكثر ايجابية من السعي الى إنجاز أعمال مجدية نافعة يمكن ان تقع في متناول المعرفة الانسانية والإحاطة بعناية بقضايا الاعلام كافة وبدراية أوضاعه بدءا من الأنظمة والقوانين ومدى انطباق الواقع عليها ومدى الانسجام والتناغم بينهما”.
ورأى ان “الممارسة الإعلامية اليومية بل اللحظوية أظهرت التباين الحاصل بين النص والتطبيق، والذي غالبا ما يأتي الاول، اذا ما وجد، استجابة للتفاهم التسووي المعتمد كسياسة تشريعية ناتجة عن طبيعة النظام السياسي اللبناني، في حين ان الثاني أي التطبيق تفرضه الى الثقل السياسي التطورات التقنية المذهلة وهي عوامل خارجية بالمقام الاول، نظرا لانفتاح الأفق المعرفي وتعدد وسائله على ثقافات متنوعة متقاربة ومتباعدة في آن معا، أطاحت بالحدود وانتهكت الخصوصية المجتمعية من خلال تلاقح حتمي بين الوافد المعرفي الهائل وبين الثقافات المحلية التي غدت أضعف من ان تصد هذا الدفق الغزير من سيل المعلومات والمضامين المعرفية التي تجاوزت عوامل الوقت والجهد ويسر الوصول اليها حتى طغى الجانب الكمي المعرفي على الجانب النوعي، ما جعل العقل البشري امام محنة من التلبك الفكري وارباك حقيقي في السنوات العشرين او الثلاثين الماضية لم تشهده البشرية منذ ان دون الانسان أحداثها إشارة أو رسما او كتابة او مشافهة”.
وتابع: “ان أزمة الأنظمة الإعلامية تتأتى من قصورها المستدام في رعاية العمل الإعلامي الحديث الذي يشهد تحولات متسارعة لا يمكن للقوانين ان تواكبها حتى في الأنظمة المتقدمة على المستويين التشريعي والتقني، اذ نحن امام صراع مذهل بين مسارين غير متوازنين: الاول: تقني علمي جوهره السرعة، والثاني تشريعي عقدته البطء في التشريع وسن الأنظمة الراعية اذا وجدت أساسا. وخير دليل الاعلام الالكتروني، أو الإعلام الحديث الذي بات يشكل عماد اقتصاد المعرفة، حيث تغير بشكل ملحوظ دور الاعلام ووظيفته وأصبح اعلاما تفاعليا قلص من مساحة الكم، أي عدد العاملين لصالح النوع أي الفرد وقدراته المعرفية على المستوى التقني، مما قرب المحتوى من المحتوي”.
اضاف: “الامر الثاني، المناهج التعليمية والتربوية، ومدى مواكبتها للحداثة الإعلامية، وتطوراتها التي لا تستكين، لانها قائمة على مقاس العقل البشري، الذي لا تحده حدود، وهذا مبعثه المنطقي عدم وجود القدرة الوافية في تلبية ميدان العمل، فينقلب الى اغراق مشبع من البطالة، نظرا الى افتقار، أقله الى التخطيط الاستراتيجي الذي يشكل الأساس الصلب لأي عمل ناجح ومثمر، بمعنى اخر يجب تنظيم حركة الخريجين السنوية بما يتناسب والطاقة الاستيعابية لسوق العمل ومحاولة إيجاد فرص عمل”.
واردف: “الامر الأخير ويتمحور حول العاملين في الاعلام، حيث ان معالجة هذه القضية تشكل المحور الأساسي للحرية وتبعد الارتهان المادي وتستدعي النظر في مبحثين جادين، الاول إيجاد التشريعات التى تضمن الشروط المادية والاجتماعية والصحية اللائقة للعاملين في حقل الاعلام أنى كانت طبيعة عملهم، والثاني نهاية الخدمة لمهنة لا تنتهي مع مرور الزمن او العمر، وإسقاط هذه العوامل هو ضرب حتمي لعمل المؤسسات الإعلامية”.
وقال فلحة: “أردنا هذا الموتمر، ان يتوسل المنفعة الصحيحة لصالح الاعلام على المستويات المختلفة، من خلال الوفرة العلمية والعملية لدى المشاركين، وهي تتلاقى بين التجربة المؤسساتية الأكاديمية، والمؤسسات العاملة فعليا، وبين الوزارة كدور جامع منظم بعيدا عن الرقابة او الصورة النمطية ذات الصيت الملتبس التى تطغى على مخيلاتنا لنكون معا تجربة تشاركية في إنجاز اعمال مشتركة، لا يغيب احد عنها او يغيب من الأطراف والجهات المعنية، لاننا امام أزمة بنيوية وجودية، تتعلق بالإعلام اللبناني، تتعدى مساحة الحرية وهامش الرقابة، وتتجاوز المكان المحلي الى ما بعد الحدود”.
وأكد “اننا بحاجة ملحة الى حلول فعلية وعملية بعيدة عن محاولات الارتجال، والتي غالبا ما كانت تحصل تحت ضغط الحدث الذي يفرض تحركا تنظيميا او تشريعيا، كالذي شهدناه منتصف تسعينيات القرن الماضي عند تنظيم الاعلام المرئي والمسموع والذي توقفت عنده ساعة الزمن، حيث لا تعديل ولا تطوير حتى يومنا هذا، حتى غدونا معزولين عن العالم لجهة انشاء بنية قانونية وتشريعية تواكب التطور التقني وتكون أرضية صالحة، يستطيع الاعلام الحديث ان يعمل في إطارها. وهذا ما لم يحصل بالرغم من ان تكنولوجيا المعرفة والمعلومات، سادت في لبنان وفرضت ذاتها من خلال المواقع الالكترونية التي نشأت بفعل التطور، ومواكبة العصر، وغياب التنظيم التشريعي الذي يحفظ عملها ويرعاه وهذا ما يجب أن نسعى اليه، وقد نكون في مؤتمرنا هذا، قد أسهمنا بإضاءات ضرورية من خلال مشاركة أكاديميين وقانونيين وإعلاميين وتقنيين في حلقات نقاش علمية، نأمل ان تأخذ طريقها العملي والتنفيذي المرن، المبني على قاعدة المتابعة والاستمرارية، ولا تقتصر على موسمية الحدث، او ردة الفعل والتي لا يستقيم شأنها بلا تآزر بناء وتعاون بين الاطراف التي أشرنا اليها آنفا”.
ابو زيد
وتحدثت الدكتورة ميرنا ابو زيد، باسم رابطة اكاديمي الاعلام في لبنان، فأشارت الى “ان لقاءاتنا انطلقت منذ نحو عام بمبادرة من معالي وزير الاعلام ملحم الرياشي، حين دعانا جميعا، مسؤولي كليات ومعاهد واقسام الاعلام في مؤسسات التعليم العالي في لبنان، للتباحث في شؤون القطاع ودور الاكاديميين في مقاربتها ووضع رؤية لمستقبل المهنة. أما محرك الدعوة فكان السقطات المهنية والاخلاقية التي وقع ويقع فيها بعض الاعلام والتي دفعت بالوزير الرياشي، الذي يجمع الصفات الاكاديمية والاعلامية والسياسية، الى التحرك في اتجاه اهل القطاع للنهوض به. ومن هذه اللقاءات التشاورية انبثقت لجنة متابعة عملت على تأسيس الرابطة”.
ولفتت الى “ان الرابطة ستكون منصة للتعاون والتواصل بين مختلف كليات الاعلام في لبنان ومنتدى لتبادل الخبرات والافكار وللنقاش في قضايا الاعلام والتواصل. فتعالوا نعمل معا، لان المطلوب كثير والتحدي كبير”.
وتابعت: “يقال ان خطأ الطبيب يسقط تحت الارض، وخطأ المهندس يقع على الارض، أما اخطاؤنا نحن الاكاديميين فتسير على الارض وأبعد من ذلك في ما يخصنا نحن اساتذة علوم الاعلام والتواصل، اخطاؤنا تؤثر في الغير وفي مسار الامور على الارض، فدعونا نتيقظ لما نحن فاعلون ونتعاون من اجل غد افضل لنا جميعا”.
وأشارت الى ان “أهداف الرابطة تتلخص في رفع مستوى الاعلام اللبناني من حيث المعرفة والمؤهلات والاخلاق وتثبيت موقع لبنان كنموذج للتربية والتعليم والتدريب والابحاث في علوم الاعلام والتواصل في المنطقة العربية”. وقالت: “تتركز أولوياتنا على المحاور الملحة الاتية:
اولا: تحديث وتطوير البرامج الجامعية وضمان جودة التعليم الاكاديمي بالتعاون مع مختلف الوسائل الاعلامية وبالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم العالي.
ثانيا: تطوير البحث العلمي الاعلامي وتنمية المؤهلات البحثية لدى الطلاب بالاضافة الى تنظيم النشاط البحثي المشترك على المستوى الوطني عبر توفير التمويل وتحفيز النشر.
ثالثا: العمل على نشر التربية الاعلامية لدى مختلف شرائح المجتمع عبر تطوير المناهج الدراسية في المدارس والجامعات وفي أوساط المجتمع المدني وبواسطة مختلف الوسائل الاعلامية.
رابعا: تشجيع روح الابتكار والابداع لدى طلابنا عبر تبني ودعم المبادرات الرائدة في مجال الاعلام والتواصل مهنيا وبحثيا وتأمين التمويل والتسويق لها.
خامسا: الدفع باتجاه استعادة دور لبنان الريادي في انتاج المادة الاعلامية المتميزة والتي تحمل قيمة مضافة معرفية، ثقافية اخلاقية، جمالية، وتقنية.
سادسا: وهو الاهم اعادة ارساء القيم الاخلاقية في صلب العمل الاعلامي وفي طليعتها القيمة الانسانية، اليوم اكثر من اي وقت يتضح دور الاعلام كخدمة عامة، ففي خضم فوضى الهواة والمواطن الصحافي والتسارع الزمني لم يعد الخبر الحاجة الاولى للمواطنين كما لم يعد حكرا على الصحافيين المهنيين، الاساس اليوم هو مساعدة الجمهور في فهم مسار الامور وفي تقديم رؤية نقدية للقضايا المطروحة والخروج من القولبة والابتعاد عن الاثارة والتشويق”.
الرياشي
ثم تحدث الوزير الرياشي، فقال: “أنا اليوم مسرور جدا لانني بينكم ولان هناك خبرا ورخصة رسمية لرابطة اكاديميي الاعلام في لبنان لتنشط في المجالات المحققة لها، كما انني مسرور لاننا وعلى الرغم من اننا نسبح في عكس التيار، الا اننا نعود الى النبع حيث نتعلم ونتخرج حيث تصنع الافكار وتكون المسؤوليات على عاتق الاساتذة الكبار في علم الاعلام وعلوم التواصل”.
اضاف: “هناك تصنع الافكار والاجيال والانسان، وهناك نتعلم التحقق من المعلومات، وهناك قد نتعلم ايضا كيفية تضليل الرأي العام، لاننا نتخرج قادة للرأي تحمينا الموضوعية والحقيقة ويحمينا ايماننا القوي بالحرية المقدسة وحرية الرأي وحرية المعتقد، لاننا قادة رأي لهذا المجتمع الذي يبحث دائما عن كيفية حماية تنوعه وتعدده في مساره الطويل والاليم في وطن الاحلام”.
وتابع: “رابطة اكاديميي الاعلام كانت فكرة واصبحت حقيقة، اليوم تقع عليها مسؤولية كبيرة جدا، وقبل هذه الرابطة سعينا الى تأسيس اندية الاعلام والتواصل في المدارس وتعاونا مع المدارس الكاثوليكية ومع حوالي 190 الف طالب، واليوم نسعى الى اتفاقية مماثلة مع المدارس الرسمية واي مدارس خاصة ترغب للتعاون مع وزارة الاعلام لهذه الغاية”.
ولفت الى “ان وزارة الاعلام لن تبقى وزارة اعلام، سيصبح لها هيكلية جديدة هي تحت الدرس في مركز الابحاث والتوجيه في مجلس الخدمة المدنية، لانتقالها في الشكل والمضمون الى وزارة التواصل والحوار، ولن يكون من بين موظيفها الجدد الا من طلاب الاعلام ومن اكاديمية الاعلام في لبنان”.
وقال: “وزارة الاعلام لم تدع الى الخوف منها ولا الى القمع ولا الى اي سلطة قمعية. وهي ليس لها القدرة على ذلك ولا ارغب في تطبيق هذه القوانين على الاطلاق، ويعرف من يعرفني انني لم احب هذه القوانين واريدها ان تعدل بالشكل والمضمون”.
اضاف: “وزارة الاعلام هي شريكة اساسية لرابطة الاكاديميين ومكاتبها مفتوحة لهذه الرابطة كشريك معاون ومساعد لا شريك قمعيا ولا شريك سلطويا ولا شريك فارضا، وذلك للتأكيد على اهمية ودور الاكاديميات في تخريج الطلاب والدفعة الجديدة من الاخلاق الاعلامية التي نفتقدها للاسف في بعض الاحيان، الا اننا نصر عليها للتأكد من اهمية حضور لبنان في بيئته العربية والعالم، لان الدور الاعلامي اللبناني هو دور اساسي”.
وتابع: “بين أندية التواصل والحوار وبين رابطة الاكاديميين الاعلاميين، يبقى هناك المشروع الاكثر اهمية وهو نقابة المحررين الجديدة التي انجزناها في مجلس الوزراء واصبحت على طاولة رئيس الجمهورية والحكومة، لكي تتحول الى المجلس النيابي وتصبح نقابة تؤمن الحصانة النقابية للاعلاميين والمحررين، حتى لا يؤخذوا غدرا او جرا الى المحاكم او اي مكان اخر من دون اذن نقابتهم، نقابة تحمي وتحصن حقوق الاعلاميين وتؤمن الطبابة المهنية وتؤمن اصول التعاقد وصندوق التعاضد وكذلك صندوق التقاعد، نقابة تحمي هؤلاء وتحمي حقوقهم لانهم كما هم قادة للرأي العام، هم حاجة اساسية لهذا الرأي ولصناعته ولحاجة هذا المجتمع ولبنائه”.
وقال: “كنا يوما في العصر النووي في منتصف القرن العشرين، أما مع بدايات القرن الحادي والعشرين فنحن في عصر الاعلام والتواصل بامتياز كبير”.
وختم:” استهل هذه المناسبة واقول، لان هذا اليوم هو يوم مميز لنا جميعا كلبنانيين وعرب ومسيحيين ومسلمين في العالم، اننا نقف مع القدس ومع أزمة المقدسين وأزمة كل الاديان وكل انسان ينظر الى قلب هذا العالم وكأن الانسان صنع على صورة الله. الى هذه الدرجة تصل اهمية هذه المدينة، من اهمية هؤلاء الاطفال الذين في يوم من الايام تشردوا وضاعوا في كل اصقاع الارض وضاعت معهم الحقيقة، مسؤوليتنا اليوم كاعلام ان نحمي هذه الحقيقة ونحرسها برموش العيون كما نحرس الحرية لان حقيقة القدس هي حقيقة كل المشرق بكل اديانه وطوائفه وتعدده وحرياته”.
ودعا رياشي الحضور الى الوقوف ورفع اليد اليمنى “تحية لابناء الشعب الفلسطيني وتحية للقدس والتصفيق لارادة الشعب الفلسطيني البطل في الصمود والمقاومة”.