الازمات تتوالد الواحدة تلو الاخرى، والتصعيد يستمر في المواقف منذراً باللاعودة وبفشل محاولات التسوية والقبول الرضائي بضبضبة الملفات المختلف عليها. ولكن في عزّ الازمات الداخلية برز تطور جديد يضع الدولة كلها أمام تحد بارز، في مواجهة اللاجئين الفلسطينيين، في ظل قرار لافت للولايات المتحدة بدفع جزء من مساهمتها في موازنة وكالة الامم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم “الاونروا” مشترطة عدم صرفه في مخيمات لبنان وسوريا. هذا القرار لم يجد تفسيراً له في لبنان، ولم يثر ردات الفعل الكافية باعتباره مدخلاً الى توطين هؤلاء حيث يقيمون، وهو جزء من خطة تقضي بقضم الخدمات تباعاً وصولاً الى قطعها نهائياً. وأصدر رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنه بيانا اعتبر فيه “أن اشتراط الإدارة الاميركية صرف المبلغ المسدَّد من جانبها في الاردن والضفة والقطاع فقط ، وحرمان اللاجئين في كل من لبنان وسوريا منه ، يعتبر مؤشراً خطيراً جداً للاستخفاف باستقرار لبنان وأمنه ومصير اللاجئين فيه، من مدخل التضييق عليهم وعلى الحكومة اللبنانية. كما أنه عملية تمييز مرفوضة بين اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم”.
وقال “إن القرار الاميركي ينعكس على تقديمات الوكالة التعليمية والصحية والحياتية ومساعداتها الغذائية للفئات الأكثر فقراً في المخيمات والتجمعات الفلسطينية . وإن إلقاء هذا العبء على لبنان الذي يعاني توترات سياسية وأوضاعاً اقتصادية متردية سيقود إلى تعزيز مناخات التطرف الأمر الذي ينعكس على الدول المضيفة وقد يتوسع نحو سواها”.
وتظهر ارقام صادرة عن “الاونروا” في كانون الاول 2016 أنها تقدم مساعدات لـ 450 ألف لاجىء في لبنان، في حين أصدرت لجنة الحوار أخيراً احصاء سكانياً أشار الى وجود 174 الف لاجئ فقط في لبنان. واذا كانت الوحدة الداخلية مطلوبة لمواجهة هذا الملف الشائك والذي تتبدى فصوله تباعاً، فانها تبدو معرضة للاهتزاز أكثر، اذ يذهب فريقا النزاع، أي الرئاستان الاولى والثانية، الى التصلب أكثر فأكثر، وخصوصاً مع طرح ملفات شائكة وغير متفق عليها سترتد حكما على التضامن الوزاري. ذلك أنه سيكون اليوم على جدول أعمال مجلس الوزراء مشروع قانون معجل ادخال تعديلات على قانون الانتخاب لتمديد مهلة تسجيل المغتربين الى 15 شباط المقبل، والذي قدمه الوزير جبران باسيل، الامر الذي سيفتح الباب امام مجموعة كبيرة من التعديلات كما قال وزير المال علي حسن خليل محذراً من نيات تأجيل الانتخابات لأن الوقت بات ضيقا لاجراء أي تعديل.
واسترعت الانتباه امس مواقف كل من الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، اذ حذّر الاول من دير مار انطونيوس في بعبدا، من ان “المساس بسلطتنا أمر غير مقبول”، مؤكداً “أننا نحترم كل السلطات كما ينص الدستور والقوانين ولا نريد ان نخاصم أحداً، بل على العكس، نريد ان يبقى البلد مستقراً وآمناً”. ورأى ان “لا قيمة للمؤسسات من دون دستور وقوانين، لانها تكون غير خاضعة لمراجع بل للفوضى، وعلى الجميع ان يفهموا ذلك”، لافتا الى ان “لا غالب ولا مغلوب أمام القضاء، لانه ينطق بالحق”.
وقد اراد عون قطع الطريق على اقتراح لبري بالعودة الى مجلس النواب في ملف اعطاء اقدمية لعدد من الضباط، مؤكداً تمسكه بالقضاء. وأوحى الثاني من طهران التي عاد منها ليل أمس، بأنه والسيد حسن نصرالله جسدان في قلب واحد، في رسالة مبطنة الى بعبدا، بانه و”حزب الله” متفقان على رؤية واحدة للافكار المطروحة وخصوصا تلك التي تتحدث عن صلاحيات الرئاسة الاولى والتي تهدف الى العودة الى ما قبل اتفاق الطائف.