كتبت صحيفة “النهار ” تقول : لا تلغي الايجابيات التي تحققها زيارة الرئيس ميشال عون لدولة الكويت الأزمات التي يشهدها الداخل انطلاقاً من أزمة مرسوم الاقدمية وتردداتها في مجمل القطاعات، مروراً بتجدد كارثة النفايات، وصولا الى المشكلة التربوية المتفاقمة والتي تشهد اليوم انقساماً حاداً بين معلمين داعين الى اضراب وادارات تعتبر التعليم عاديا ولجان أهل تتحرك في اتجاهات مختلفة.
فقد أثمرت الخلوة التي جمعت أمس رئيس الجمهورية وأمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، في قصر البيان، اتفاقاً على تعزيز التعاون بين البلدين في كل المجالات. وأبلغ أمير الكويت عون انه أَعطى توجيهاته للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية لتحريك المساعدات الاقتصادية للبنان والاستجابة لحاجاته.
أمّا تربوياً، فلا جلسة لمجلس الوزراء غداً لأن رئيس الجمهورية في الكويت ورئيس الوزراء سعد الحريري في دافوس، وجلسة الخميس المقبل ستبحث حتماً في قانون الانتخاب بعد توقيع الرئيس عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في ظل خلاف بل خلافات حالية ومقبلة على عدد من الأمور التقنية والتنفيذية للقانون.
وبهذا تكون الجلسة الحكومية المخصصة للأزمة التربوية مؤجلة الى موعد غير محدد ومعها يتأكد أن الملف التربوي، بل الأزمة التربوية المستجدة، لم تستوِ على طاولة مجلس الوزراء على رغم الوعود المتكررة بتدخل الحكومة في تجنيب المجتمع اللبناني على كل مستوياته تداعيات هذه الأزمة. ادارات المدارس في مواجهة مأزق مالي وأزمة علائقية وتالياً تربوية، والمعلمون في معترك الواجب والحقوق والاضراب والمواجهة، وأهالي التلامذة في معاناة تدفعهم الى الهجرة أو عدم الانجاب، وتجعلهم في حال عداء مع المدارس والمعلمين.
والأزمة التربوية التي تستمر جمراً تحت الرماد، تشهد اليوم فصلاً جديداً من المواجهة في اضراب المعلمين الذي سبقه الأهل عصر أمس بمؤتمر صحافي أكد رفض الزيادة على الاقساط المدرسية.
وهكذا تتبدى الأزمة التربوية مسألة ثلاثية البعد وتستمر فصولاً.
* في الفصل الأول الاضراب الذي ينفذه الأساتذة في المدارس الخاصة اليوم، يعقبه إضراب آخر لثلاثة أيام في 5 و6 و7 شباط، قبل اعلان الاضراب المفتوح للمطالبة بتنفيذ القانون 46 القاضي بدفع زيادات على الرواتب واعطاء ست درجات اضافية للأساتذة في القطاع الخاص أسوة بزملائهم في المدارس الرسمية في ظل وحدة التشريع في القطاع التربوي في القطاعين الرسمي والخاص.
واذا كانت الزيادات على أنواعها باتت حقاً مكتسباً للاساتذة والمعلمين في ظل القانون الجديد، فإن امتناع ادارات مدارس عدة عن سدادها لعدم قدرتها على تحمل تلك الاعباء من دون فرض زيادات باهظة على الاقساط يرفضها الاهالي، جعل المعلمين والادارات في مواجهة غير مستحبة، وفي حال من الجفاء بدأت تتبدى فصولاً في العلاقات اليومية اذ يرى الاساتذة في الادارات مؤسسات ظالمة تسرُق حقوقها، في مقابل اعتبار ادارات كثيرة أن المعلمين باضرابهم انما يعملون ضد مصالح المؤسسات التربوية التي يعتاشون منها ويمارسون عليهم ضغوطاً لعدم التزام الاضراب. وحاولت ادارات اقتطاع أيام من عطلة الميلاد ورأس السنة لمعاقبة الاساتذة وتعويض أيام الاضراب.
وبرزت في هذا الاطار مشكلة جديدة تمثلت في دفع مدارس عدة الزيادات كاملة مع الدرجات، فيما اعتبرت أخرى أن الدرجات غير ملزمة وطلبت رأي هيئة التشريع والاستشارات. وهذا الأمر ولّد انقساماً إضافياً في المدارس، لكنه أعطى دفعاً للمعلمين للمطالبة بالدرجات التي يعتبر دفعها في مؤسسات اقراراً بهذا الحق.
* الفصل الثاني من المشكلة يكمن في اقتراب آخر كانون الثاني وهو الموعد الذي يحدده القانون الرقم 515 في مادته الثالثة لتقدم كل مدرسة خاصة الى مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية، نسخة من موازنتها السنوية موقّعة من مدير المدرسة ورئيس لجنة الأهل أو من مندوبي اللجنة في الهيئة المالية… وأي زيادة على الأقساط المدرسية ترتبط بتلك الموازنة المشروطة بموافقة لجنة الأهل عليها. وهذا البند يضع أيضاً ادارات المدارس في مواجهة لجان الأهل التي ترفض الزيادات على الأقسام وخصوصاً بعد التلويح بأن الزيادات ستراوح بين مليون ليرة حداً أدنى وثلاثة ملايين في عدد من المدارس ما يعني تكبيد ذوي التلامذة أعباء إضافية.
* الفصل الثالث: الوعود التي تلقاها مسؤولو المدارس من رئيس الجمهورية بالنظر في كيفية تسديد الرواتب الجديدة مع الدرجات الست، واعتبارهم أن الرئيس منفتح على اقتراحهم مساهمة الدولة في أقساط التلامذة واعتبار التعليم منفعة عامة تستدعي مشاركة الدولة في تحمل أعبائها.
وكان وزير التربية مروان حمادة دعا الى لجنة تربوية جمعته مع ادارات المدارس ونقابة الملعمين ولجان الأهل لتقريب وجهات النظر، لكنها لم تبلغ أي نتيجة عملية، وتلاها اعلان حمادة أن الدولة غير قادرة على دفع مبالغ مالية في ظل العجز الذي تعانيه في الموازنة.
والوعود التي سمعها مسؤولو المدارس، أو وعدوا أنفسهم بها، أرجأت المشكلة الى حين، وينتظر هؤلاء وعداً بعقد جلسة حكومية مخصصة لملف التربية والاقساط والزيادات وقدموا اقتراحاً أن يتم تقسيط الدرجات الست على ثلاث سنوات في الحد الادنى، لأن اضطرار المدارس الى دفعها مرة واحدة سيضطر مدارس كثيرة الى الاقفال في نهاية السنة الدراسية الجارية.
وتشير أرقام اتحاذ المؤسسات التربوية الخاصة الى نحو 100 مدرسة مرشحة للاقفال وخصوصاً في المناطق البعيدة نسبياً عن العاصمة والمدن الكبرى وتلك التي لا يتجاوز عدد تلامذتها الـ500، ولا سيما منها المدارس الخاصة المجانية التي لا تدفع الدولة لها مستحقاتها الا متأخرة سنوات