أقيم في النادي العسكري المركزي – المنارة، حفل استقبال وافتتاح المؤتمر الإقليمي الثامن بعنوان: “دعم الاستقرار والتنمية في الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط”، والذي ينظمه مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبمشاركة شخصيات وطنية ودبلوماسية وعسكرية، وباحثين وأكاديميين من لبنان وبلدان عربية وإقليمية ودولية ومن منظمات مختلفة.
حضر الاحتفال ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، ممثل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري النائب قاسم هاشم، ممثل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وزير الاتصالات النائب جمال الجراح، قائد الجيش العماد جوزاف عون، إلى جانب فعاليات المؤتمر وحشد من المدعوين.
رفول
وألقى الوزير رفول كلمة بالمناسبة جاء فيها: “إن المنطقة العربية الغنية بثرواتها وطاقاتها ومواردها تعيش أسوأ مراحلها: حروب واقتتال وإرهاب وتدمير ممنهج للمجتمع والدولة.
إن هذا الواقع المؤلم الذي نعيشه منذ سنوات يدفعنا إلى التحرك بجدية للنهوض بمنطقتنا من الدرك الذي وصلت إليه إلى مرحلة متقدمة من الازدهار، ولا سبيل إلى ذلك سوى: بالمحافطة على التنوع المجتمعي عبر تعزيز الوحدة الوطنية التي تعتبر العمود الفقري للاستقرار المستدام لحماية لبنان من أزمات مدفوعة من الخارج، أو التهويل عليه باعتداءات عسكرية لسلب حقوقنا النفطية من مياهنا البحرية. إنّ قوة لبنان تكمن في قوة أبنائه واتحادهم لصون الاستقرار، وهو البلد العربي الوحيد الذي هزم الإرهاب بقوة جيشه الباسل وشعبه المقاوم، وهزم إسرائيل، فانهارت مقولة “لبنان قوي بضعفه” إلى الفخر بنهج وطني قاده وأرساه فخامة الرئيس العماد ميشال عون، وهو “لبنان القوي”، الذي لا يتنازل لا عن حق ولا عن أرض، لأن كرامتنا أثمن، وجبيننا سيبقى مرفوعا، كجبالنا العاصية وأرزنا الشامخ”.
اضاف:”على المنطقة العربية أن تحذو النهج اللبناني بتحصين الوحدة الوطنية داخل كل دولة، ما يجعلها قوية من كل تدخل وتخريب. ذلك أن المس بالوحدة الوطنية عرض الاستقرار للخطر، وما يحصل في محيطنا العربي من تهجير ونزوح يضيف علينا مشكلة خطيرة تضرب الأمن المجتمعي والاقتصادي والأمني، حيث يطالب لبنان بعودة النازحين السوريين الى ديارهم بشكل آمن وبكرامة كي لا يكونوا عرضة للاستغلال من أية جهة أو منطقة إرهابية، وكي يبنوا وطنهم من جديد. وتبقى التنمية التحدي الحقيقي الذي أطلقه فخامة الرئيس عون في المؤتمر الاقتصادي لتحويل اقتصادنا من ريعي الى إنتاجي، وذلك بتطوير الزراعة والصناعة، ما يؤمن النمو الحقيقي لا المزيف، بخلق فرص العمل وتحفيز الاستثمار وإرساء العدالة الاجتماعية وتطوير البنى التحتية والتكنولوجيا الحديثة، كي نكون في مصاف الدول المتقدمة، كوننا أبناء حضارة عريقة وتاريخ أنتج الحرف والعلوم مكسبا للإنسانية جمعاء.
لقد بقي لبنان بمنأى عن التأثير السلبي لما سمي بـ “الربيع العربي” لإدراك قياداته، وعلى رأسها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث لنا شرف تمثيله، لماهية وجود وطننا كقيمة في التعايش السلمي بين مكوناته، ونموذجا للانفتاح والتنوع يقتدى به كنقيض للأحادية التي جسدتها التنظيمات الارهابية وإسرائيل”.
وقال:”ان الثورات العربية قد انبثقت من رحم شرائح اجتماعية مهمشة، ومن الشباب الذي انبرى في الساحات العامة مدافعا عن حريته وكرامته ولقمة عيشه، يؤكد لنا بالتجربة أهمية معادلة “الاستقرار والتنمية” حيث يجب أن تكون المنطقة العربية متقدمة، تماما بحجم ثرواتها، ولبنان مع فخامة الرئيس عون يجهد بتوفير الأمن والازدهار.
فحرر الجرود وحمى الأمن ويعمل على محاربة الفساد بتعيين الأكفاء في المواقع، وطور قانون الانتخاب للتمثيل العادل، ما يطور الديموقراطية ويسير بها قدما فضلا على أنه بات اليوم في عداد الدول النفطية وهذا ما سيزيده قوة ومناعة”.
قائد الجيش
من جهته، ألقى قائد الجيش كلمة قال فيها: “يحظى الجيش اللبناني هذا العام، وللمرة الثامنة على التوالي، بشرف استضافة حلقة جديدة ضمن سلسلة حلقات المؤتمر الإقليمي الخاص بالشرق الأوسط، الذي يلتئم بحضور ألمع المفكرين والباحثين في لبنان والمنطقة والعالم، لتسليط الضوء على الاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط، في وقت تتجاذبه رياح الفتن والأزمات ولا تزال آفاق الحلول السياسية ضبابية.
شاءت الأقدار أن تكون هذه المنطقة عقدة مواصلات جغرافية، وساحة تتصادم فيها الإديولوجيات والتناقضات الفكرية والمصالح الدولية إلى حدّ بات يبدو معه عنوان “الاستقرار والتنمية” مطلبا صعب المنال.
وإذا كان غبار الحرب ما زال متصاعدا في منطقتنا، فحري بنا أن نبحث في سبل التنمية والاستقرار إلى جانب مسعانا الدائم لمجابهة الأخطار المتفلّتة من حولنا، وإنه لمن الضروري أن تتعاون اليد التي تضرب الإرهاب وتدمره مع اليد التي تبني وتزرع، بل إن التنمية المستدامة، بما تتضمنه من محو آثار الفقر والجهل والبطالة، قد تكون أكثر فعالية من السلاح التقليدي في مقارعة الإرهاب”.
اضاف:”|لقد عاهدت المؤسسة العسكرية أبناء وطنها على صون الاستقرار، وهو إنجاز ثمين لم يستمر إلا بما زرعه أفراد هذه المؤسسة من دمائهم الزكية وأرواحهم الطاهرة. لذا فإننا كلبنانيين، وتحديدا كعسكريين، مدركون لموقع الاستقرار في بنيان الوطن: إنه الركن الثابت الذي تشيد عليه المجتمعات والحضارات، فلنضع نصب أعيننا هذا الهدف النبيل، ولنتعاون في اجتراح الحلول والوسائل الكفيلة بتحقيقها.
لقد بدرت من العدو الإسرائيلي في الآونة الأخيرة كما تعلمون عدة تهديدات وممارسات خطيرة تطال حق لبنان الثابت في ثروته النفطية وتحديدا تلك الواقعة في البلوك رقم “9”، بالإضافة إلى محاولته إقامة جدار عازل على الحدود الجنوبية قد يمر في أراض لبنانية. وإنني من على هذا المنبر أؤكد مجددا اليوم رفضنا القاطع إقدام العدو الاسرائيلي على المس بسيادة لبنان وبحقه المقدس في استثمار جميع موارده الاقتصادية، ولن يوفر الجيش وسيلة متاحة للتصدي لأي عدوان إسرائيلي، مهما كلفه ذلك من أثمان وتضحيات.
وبموازاة هذا الاستعداد، فإن الجيش سيكون حازما في إنهاء أي محاولة داخلية لزعزعة السلم الأهلي، وإثارة غبار الفتنة، ولن يسمح إطلاقا بعودة عقارب الساعة إلى الوراء، وبتحول الاختلاف السياسي الذي هو من صلب نظامنا الديموقراطي إلى فوضى يسعى إليها البعض لنسف الانجازات الوطنية الكبرى التي تحققت على أيدي اللبنانيين، وعلى أيدي شهدائنا وجنودنا الأبطال في أكثر من موقعة ومعركة مفصلية.
إن رسالة لبنان هي رسالة العيش المشترك والانفتاح والحوار بين الثقافات، وهي رسالة نبتغي تعميمها عبر هذا المؤتمر كما كان الحال مع سابقاته، عساها تكون نقطة مضيئة في الظلام الدامس الذي يلف عدة بلدان من المنطقة، وتسهم في رفع المعاناة عن العديد من الدول المجاورة، التي لا تزال ترزح تحت وطأة الأزمات والأحداث المتوالية”.
وختم:” أتوجه بخالص الشكر إلى فخامة رئيس الجمهورية الذي شرفنا برعايته للمؤتمر، وإلى مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية الذي تولى تنظيم المؤتمر، كما أحيي السادة المشاركين، متمنيا للجميع التوفيق والوصول إلى نتائج مثمرة تعود بالخير على لبنان والمنطقة”.
أبي فراج
وكان رئيس اللجنة العامة للمؤتمر العميد الركن فادي أبي فراج، قد ألقى كلمة الافتتاح عرض فيها برنامج المؤتمر وفعالياته وأهميته على صعيد منطقة الشرق الأوسط.